كيف يمكن أن تشكل الانتهازية خطراً على رسالة شركتك

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع خروجنا من الأزمة التي سببتها جائحة فيروس كورونا، من الواضح أن الشركات المتعطشة لجني الأموال ستتجه إلى اقتناص أي فرصة متاحة أمامها. ولكن كن حذراً؛ ففي هذا الطريق يكمن الخراب والدمار. فأنت بالتأكيد لا ترغب في التعرض للإفلاس في الوقت الذي بدأت فيه الأعمال في التحسن. ولذلك فقد حان الوقت لتوضيح رسالة شركتك استعداداً لفترة الانتعاش التي تنتظرنا.

لنأخذ على سبيل المثال ما حدث لشركة “ماين سيرف” (اسم مستعار)، التي تقدم خدمات التعدين بالاستعانة بمصادر خارجية في أستراليا وتمتلك فروعاً في جميع أنحاء البلاد. كما أنها تقدم المشورة بشأن بيع وشراء الممتلكات وجدوى المشاريع والمشكلات الجيوتقنية واستدامة أعمال التعدين وإنهائها. تُعد “ماين سيرف” الأكثر ابتكاراً في هذا المجال، حيث تضع معايير الجودة لقطاع التعدين الذي يدر مليارات الدولارات في أستراليا.

ولكن في عام 2019 تعرضت الشركة بشكل غير متوقع لانهيار حاد في الأرباح. وقد استدعاني جمال، الرئيس التنفيذي للشركة، لمساعدتهم على فهم السبب. وبعد قضاء يوم مع فريق القيادة، أصبح من الواضح أن استراتيجية الشركة قد فتحت المجال بشدة أمام انتهاز الفرص. لنقل بصراحة أن الشركة كانت:

تطارد أي عميل. أبعدت “ماين سيرف” العديد من المنافسين الكبار الذين حاولوا دخول السوق الأسترالية. ونتيجة لذلك نمت الشركة وازدادت تكاليفها الأساسية. وقد تطلب ذلك تحويل التركيز من العملاء الصغار إلى العملاء الأكبر حجماً. ولكن على مستوى الوحدات، لا يزال هناك ميل إلى ملاحقة الأعمال الأكثر ملاءمة للمنافسين الذين يستهدفون المشاريع الأصغر حجماً. فقد أخبرني جمال: “عندما تبدأ العام وليس لديك الكثير من الأعمال المحجوزة، فإنك تتجه إلى البحث عن أعمال”. وللأسف وضع ذلك “ماين سيرف” في مواجهة الشركات المحلية الأصغر حجماً ذات النفقات العامة المنخفضة.

تقدم أي خدمة. العملاء بارعون في تشتيت تركيز أي شركة، بقولهم على سبيل المثال: “هل يمكنكم فعل ذلك لأجلي؟ أو هل تقدمون هذه الخدمة؟”. ويفعل الموظفون الشيء نفسه أيضاً باقتراح الخدمات التي يمكن للشركة تقديمها للعملاء. وقد كان الموظفون هم مَن اقترحوا عام 2018 توسيع خدمات الشركة لتشمل تقديم تدريب متخصص في المجال لعلماء الجيولوجيا وعلماء المعادن والمتخصصين في العلوم الجيولوجية. وعلى الرغم من أن هذا بدا كأنه طريقة سهلة لتحقيق مكاسب مالية، تعرضت “ماين سيرف” لمنافسة شرسة من الشركات التي تُقدم تدريباً متخصصاً والمؤسسات التي تقدم هذه الخدمات مجاناً كالهيئات الحكومية وموردي المنتجات.

تُعيِّن أي شخص. تمثل تكاليف العمالة ما يزيد على 60% من إجمالي نفقات “ماين سيرف”. وفي عام 2018، أعطى جمال مدراء الفروع حرية العمل والاختيار لزيادة عدد الموظفين من خلال تعيين الخريجين الجدد. ولكن كما وصف جمال الأمر: “لقد أسأنا تقدير الوقت الذي يستغرقه استقدام الخريجين الجدد”. وبدلاً من تعزيز قدرات الشركة كما كان يأمل، فإن قلة خبرة الخريجين جعلتهم غير منتجين. كما أن إدارة العملية صرفت تركيز المدراء الميدانيين عن تطوير الأعمال. جرى تسريح العديد من الخريجين منذ ذلك الحين، إلا أن هذا القرار أثّر بشدة على النتائج المالية لعام 2019.

لماذا فعلوا ذلك؟

عندما واجهت جمال بتحليلي لما حدث، اعترف قائلاً: “لقد اكتشفت الخطأ الذي ارتكبناه؛ فقد تعاملنا مع الأمر من خلال إعداد قائمة بجميع المشكلات والأشياء التي يتعين علينا فعلها ثم عملنا بشكل عكسي لملاءمتها مع الاستراتيجية!”.

والمشكلة الأساسية هنا هي “أعددنا قائمة بجميع مشكلاتنا”. حيث إن الاستراتيجية لا تبدأ بإعداد قائمة، ولكن باختيار المشكلات بشكل واضح، وهو قرار يتعلق “بطبيعة عملنا والخدمات التي نقدمها”. فالمشكلات المالية التي تواجهها “ماين سيرف” ناتجة عن فشلها في اتخاذ هذا القرار.

دعونا نلقي نظرة على رسالة الشركة التي شاركها جمال معي: “أعمالنا في “ماين سيرف” قائمة على بناء علاقات جيدة مع العملاء، ولذلك فنحن ملتزمون بالتواصل المفتوح والمستمر. وموظفونا ليسوا مؤهلين مهنياً وذوي خبرة فنية فحسب، ولكنهم أيضاً شغوفون للغاية بمجال التعدين. يمكن أن تساعدك شركة “ماين سيرف” على التخطيط لمشروعك وتنسيقه وتنفيذه”.

هذه الرسالة أسوأ من الرسائل الغامضة لأنها عامة للغاية. فقد تطرقت بالكاد إلى قطاع التعدين وبالتأكيد لم تحدد مكانة “ماين سيرف” أو تخصصها الضيق داخله. والأسوأ من ذلك أنها فشلت تماماً في تقديم إجابات عن الأسئلة الثلاثة الأساسية لأي رسالة شركة: مَن هم عملاؤنا؟ ما هي مجموعة الخدمات التي نود أن نقدمها؟ ما هو مستوى الخدمة؟ فإذا قارنا أحد فنادق “هيلتون” بأي فندق محلي، سنجد أن كلاهما يوفر أماكن للإقامة، ولكن لديهما عملاء مختلفين للغاية ويقدمان لهم مجموعة مختلفة من الخدمات بمعايير مختلفة من الجودة، التي يجب أن تنعكس جميعها في رسالة الشركة.

هذه هي رسالة شركة “ماين سيرف” بعد إعادة صياغتها بكلمات أقل ولكن مع توجيه التركيز بشكل أفضل بكثير: “نقدم في “ماين سيرف” خدمات جيوتقنية متكاملة تماماً وواسعة النطاق إلى شركات التعدين العالمية وفق أعلى المعايير المعمول بها في القطاع”.

لا تحدد رسالة الشركة الواضحة نوع الخدمات التي تقدمها فحسب ولكن أيضاً الخدمات التي لا تقدمها. وإعداد رسالة كتلك لشركتك سيساعدها على الخروج من هذه الجائحة أقوى مما كانت.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .