دليل هارفارد بزنس ريفيو لتقديم الثناء في العمل

5 دقائق

ملخص: إن نتائج البحوث والدراسات واضحة وضوح الشمس، إذ إن الإعراب عن الامتنان مفيد لك وللشخص الذي تُعرب عن امتنانك له ولفريقك أيضاً. لكن كيف تُعرب عن امتنانك في العمل؟ وكيف يمكنك أن تشكر زملاءك بطريقة هادفة؟ تقدّم المؤلفة إيمي غالو في هذه المقالة أفضل النصائح حول تقديم الشكر جمعتها من أرشيف “هارفارد بزنس ريفيو”.

 

جميعنا نرغب في العمل ضمن مكان يتصف فيه الموظفون بالتهذيب والتفهّم واللطف، وإعرابك عن تقديرك لزملائك هو جزء مهم من بناء ذلك النوع من الثقافة. لكن كيف تُقدم شكرك على نحو صحيح؟ وما هي أفضل طريقة للتعبير عن امتنانك؟ وما هي بالضبط فوائد تقديم الشكر في العمل؟

لحسن الحظ، هذا موضوع غطته “هارفارد بزنس ريفيو” بما فيه الكفاية، إذ نُشرت على مر السنين عشرات المقالات حول البحوث التي بيّنت أهمية تقدير الآخرين و”الإعراب عن الامتنان” لهم، لا سيما أولئك الذين يعملون في فريقك. وتعمّقتُ في البحث في الأرشيف لأقدّم لكم بعض أفضل النصائح.

لماذا يجب أن تُعرب عن امتنانك؟

إن البحوث والدراسات واضحة كل الوضوح في هذا الشأن؛ الامتنان مفيد لك، فهو يحسن من رفاهتك ويقلل حدة توترك ويعزز قدرتك على التحمل، كما أنه يجعلك أكثر صبراً (وهي سمة نحتاج إليها كثيراً هذه الأيام!)

وينطوي الامتنان على مزايا لمن هم حولنا أيضاً، ذلك لأنه يجعلنا زملاء عمل أفضل. وقد أظهرت الدراسات “أنه عندما يشعر الموظفون بالامتنان، يكونون على استعداد لتكريس مزيد من الجهد لمساعدة الآخرين في أن يكونوا مخلصين حتى لو على حساب أنفسهم، وتقسيم الأرباح بالتساوي مع الشركاء بدلاً من الطمع في كسب مزيد من المال لأنفسهم”، وجاء ذلك بحسب الأستاذ الجامعي ديفيد ديستينو، الذي يدرس دور المشاعر في توجيه قراراتنا وسلوكاتنا.

كما أن إخبار زميلك أنك تشعر بالامتنان تجاهه يزيد من استعداده للمساعدة لأنه سيشعر حينها بالتقدير. وأجرت فرانشيسكا جينو وآدم غرانت سلسلة من الدراسات حول هذا الموضوع، بما في ذلك دراسة تلقى فيها المشاركون الذين قاموا بتحرير الخطاب التعريفي للطلاب إما رسالة محايدة منهم يُبلغونهم فيها بتلقي الملاحظات التي قدّموها لهم أو ملاحظة امتنان يُعربون فيها عن شكرهم وتقديرهم لجهودهم. وعندما التمس الطلاب مساعدة المشاركين مرة أخرى، كان احتمال أن يُقدم أولئك الذين حصلوا على رسالة شكر على المساعدة الضعف مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوا أي شكر. بمعنى آخر، عندما لم يتلق المشاركون أي شكر، انخفضت فرص تقديمهم المساعدة مرة ثانية في المستقبل إلى النصف.

وقد يكون للشعور بالامتنان تأثير إيجابي أيضاً على الثقافة التي تعمل فيها. وفي واحدة من النتائج المفضلة لدي حول الامتنان، تبين أن الامتنان يقلل من سوء المعاملة في مكان العمل. حيث طُلب من المشاركين في تلك الدراسة كتابة يوميات عملهم لمدة أسبوعين، ومن ثم تم فرزهم عشوائياً في إحدى مجموعتين. شُجعت المجموعة الأولى على كتابة الأمور التي يشعرون بالامتنان لها، كالأشخاص والمشاريع، في حين تلقّت المجموعة الأخرى تعليمات بتأريخ أيامهم فقط. أبلغ المشاركون في المجموعة الأولى “عن قدرة كبيرة على ضبط النفس، ووفقاً لزملائهم في العمل، كانت نسبة انخراطهم في سلوكات فظة، واحتمال تناقلهم الإشاعات والشعور بالإقصاء في العمل أقل”.

إن الشعور بالامتنان والتعبير عنه مهم في الأوقات التي يشعر فيها الأفراد بالتوتر، ذلك لأن شعورهم بالتوتر قد يدفعهم إلى معاملة من حولهم معاملة سيئة. وقد شعر معظمنا بالاحتراق الوظيفي والارتباك بالفعل حول أهمية أعمالنا خلال سنواتنا السابقة التي سادت فيها حالة من الاضطراب والقلق.

وبالتالي، حان الوقت لتظهر لزملائك أنك تقدرهم، ولكن كيف؟

كيفية الإعراب عن الامتنان

إن الكلمات التي تنتقيها والأسلوب الذي تتبعه في الحديث معهم هو أمر في غاية الأهمية. وتُعتبر عبارات “الشكر” البسيطة مجرد بداية، ولكن بما أننا دائماً ما نختتم كل بريد إلكتروني بتلك الكلمات، فمن المحتمل أن يكون تأثيرها تضاءل. لذلك، يجب عليك أن تكون محدداً بشأن ما تشعر بالامتنان له، وأن تشرح سبب اعتباره مهماً بالنسبة لك وأن تشير إلى الأمور التي تقدرّها في الشخص الآخر.

متى يجب أن تعرب عن امتنانك لشخص ما؟ الإجابة باختصار هي: “الآن”؛ أي يجب أن تشكره بعد الإجراء الذي أسفر عن ذلك التأثير الإيجابي فيك مباشرة، لكن لم يفت الأوان بعد. (ومع ذلك، تجنّب تقديم الشكر على الدوام لئلا تصبح تلك الكلمات متوقعة ورتيبة ولا معنى لها).

يمكنك بالطبع إرسال رسالة عبر “سلاك” أو البريد إلكتروني أو رسالة نصية. وأقدّر شخصياً تلك الأشكال من التواصل لأني أعددت مجلداً في بريدي الإلكتروني أحتفظ فيه بالمجاملات أو ملاحظات الشكر (وألجأ إليه عندما أمر بيوم سيئ). وقد ترغب أيضاً في التفكير في إرسال ملاحظة مكتوبة بخط اليد تدل على أنك بذلت جهداً إضافياً لمشاركة ما يدور في ذهنك. ويمكنك حتى الاتصال عبر هاتفك أو إجراء مكالمة فيديو تقدم فيها شكرك، على الرغم من أن ذلك النهج يضع المستلم تحت ضغط التفاعل مع امتنانك على الفور.

وبغض النظر عن الوسيلة التي تختارها، اقض بضع لحظات في التفكير فيما تشعر بالامتنان له وأثر أفعال الآخرين عليك، إذ سيتيح لك التفكير في ذلك أن تكون محدداً.

ويقدم كريستوفر ليتلفيلد، الخبير في مجال تقدير الموظفين بعض الطرق لافتتاح رسالتك:

كنت أفكر في مشروعنا الأخير خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأدركت أنني لم أشكرك على جهودك.

كنا مشغولين للغاية مؤخراً لدرجة أنني لم أجد الوقت الكافي للتعبير عن امتناني وتقديري لعملك الرائع.

يمكنك حتى أن تقول: كنت أفكر خلال العطلة في الأشخاص الذين ساعدوني على تجاوز صعاب هذا العام، وتبادرت إلى ذهني على الفور.

ويشارك ليتلفيلد أيضاً مثالاً عن أحاديث الامتنان:

أعلم أنك كنت شجاعاً بما يكفي لتقدم لي ملاحظات صادقة بعد عرضي التقديمي الأخير. وأريد أن أعرب عن امتناني لقيامك بذلك.

واذكر سبب شعورك بالامتنان.

دائماً ما ألتمس تقييمات من الآخرين وأتلقى الرد نفسه: “لقد قمت بعمل رائع”. لكن ملاحظاتك ساعدتني على إعادة التفكير في عرضي التقديمي ومنحتني إجراءات عملية للعمل عليها. وذلك هو بالضبط ما أنا بحاجة إلى تحسينه.

لكن لا تكتفي بذلك القدر فقط، إذ توضح عالمة النفس الاجتماعية هايدي غرانت، أننا في تلك اللحظات نميل إلى الحديث عن أنفسنا عندما يكون كل ما يجب علينا التفكير فيه هو الشخص الآخر. لذلك لا تشرح أثر أفعاله عليك فقط: كأن تقول “جعلتني أشعر بالراحة…” أو “شعرت بالسعادة…”، بل امدحه أيضاً، واذكر الجمل التي تبدأ بـ “لقد قدمتَ لي ملاحظات خارجة عن المألوف…” أو “أنت بارع حقاً في…” أو “يوضح ذلك مدى حسك بالمسؤولية…” حتى يتمكن من التفكير في نفسه على نحو إيجابي ويشعر بالتفهم والتقدير.

وإذا كنت مديراً، فحاول أن تعبّر عن امتنانك لمرؤوسيك المباشرين وأن تشجع الآخرين على القيام بذلك أيضاً. بمعنى آخر، كن مثالاً يُحتذى به. على سبيل المثال، خصص وقتاً تمنح فيه كل عضو من أعضاء فريقك عبارات شكر صادقة وشخصية على جهودهم هذا العام. أو التق معهم في وقت ومكان محددين (بشكل شخصي أو افتراضي) لتُعرب لهم عن مدى امتنانك. قد يشعر بعض الموظفين بعدم الارتياح عند التعبير عن امتنانهم بشكل لفظي، لذلك فكّر في إعداد قناة امتنان عبر برنامج “سلاك” مخصصة للموظفين يُعربون فيها عن امتنان بعضهم لبعضهم. يمكنك أيضاً بدء اجتماعاتك بلقاءات الامتنان التي تتيح فيها لأعضاء الفريق التعبير عن شيء واحد يشعرون بالامتنان له.

نمارس عادة سنوية في “هارفارد بزنس ريفيو” تدعى “يوم الحلوى”ً، حيث نحظى بذلك اليوم بفرصة كتابة مذكرة شكر لأحد زملائنا ونحصل على القرطاسية لكتابتها أيضاً. وأرى العديد من مذكرات السنوات السابقة معروضة على مكاتب زملائي بالفعل.

ولا أعتقد أن ثمة وقت أفضل لأداء تلك الممارسات من اليوم؛ أي بعد عام صعب مررنا به جميعاً. لذلك، انطلق وابدأ الآن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .