اجعل سقف خدمة الزبائن لديك مرتفعاً

13 دقيقة
shutterstock.com/Black Salmon
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع هورست شولتز، الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق كابيلا (Capella Hotel Group)، ومؤلف كتاب “الامتياز هو الرابح: دليل واقعي لتصبح الأفضل في عالم تسوده التنازلات” (Excellence Wins: A No-Nonsense Guide to Becoming the Best in a World of Compromise).

كان هورست شولتز الشريك في تأسيس شركة فنادق ريتز كارلتون (Ritz-Carlton Hotel)، قد بدأ العمل كمساعد نادل ينظف منافض السجائر قبل أن يشق طريقه عبر بعض أفضل الفنادق في العالم إلى أن أصبح الرئيس التنفيذي للعمليات في فنادق ريتز كارلتون، وأصبح بعد ذلك الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق كابيلا (Capella Hotel Group). وهو يحدثنا اليوم عن مبادئ خدمة الزبائن الممتازة التي ينسب نجاحه إليها، ويشرح لنا كيف تنطبق على جميع الشركات.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج “إتش بي آر آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

هناك أمر نراه في جميع أنواع المتاجر والمطارات والفنادق يتمنى ضيفنا اليوم زواله، وهو مكتب خدمة الزبائن. تعلمون تماماً ما أتحدث عنه، ذاك المكتب أو الركن الذي تعلوه لافتة، حيث يجب عليك الانتظار في الطابور ومن ثم شرح كل ما حدث معك كي تحصل أخيراً على حل لمشكلتك.

يعتقد ضيفنا أن هذا المكتب يرسل الرسالة الخاطئة، ليس للزبائن فحسب وإنما للموظفين أيضاً، فهو يقول بصمت إنه ليس على الموظفين محاولة حل مشكلات الزبائن أو التعامل مع شكاويهم لأن قسم خدمة الزبائن سوف يتولى الأمر، فهذه هي وظيفته.

ولكن، يؤمن ضيفنا بشدة أن هذه وظيفة الجميع. وهو الأجدر بمعرفة ذلك، فقد بدأ هورست شولتز مسيرته المهنية الطويلة في قطاع الخدمة كمساعد نادل في مطعم أحد الفنادق، وشق طريقه إلى أن أصبح شريكاً في تأسيس شركة فنادق ريتز كارلتون والرئيس التنفيذي للعمليات فيها، واستلم فيما بعد منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق كابيلا.

وينسب شولتز كل هذا النجاح إلى السعي للكمال وعدم القبول بمستوى “لا بأس” على الإطلاق. ويقول إن مبادئ خدمة الزبائن الممتازة لا تنطبق على الفنادق الفاخرة فحسب، بل يمكنها أن تؤدي إلى النجاح في جميع الشركات. ألف شولتز مؤخراً كتاب “الامتياز هو الرابح: دليل واقعي لتصبح الأفضل في عالم تسوده التنازلات”. وسينضم إلينا الآن. شكراً لك يا هورست على حضورك إلى البرنامج.

هورست شولتز: يسعدني وجودي هنا.

كيرت نيكيش: ربما كانت رحلتك في قطاع الفنادق غير متوقعة، نظراً لنشأتك في قرية صغيرة في ألمانيا لم يكن فيها أي فندق، وكان أهلها يحتقرون العمل في الفنادق. هل هذا صحيح؟

هورست شولتز: صحيح. هذه عقلية المدن الألمانية الصغيرة، يجب أن تعمل في وظيفة حقيقية. لو أخبرت والديّ أني أريد أن أصبح مهندساً لرقصا فرحاً، فهذا يشرف العائلة، وهو عمل مهم.

أو حتى أي عمل كان، نجار أو بنّاء أسقف، كانت تحظى هذه الأعمال بالاحترام. ولكن عندما أخبرتهما وأنا في الحادية عشر من عمري أني أريد العمل في قطاع الفنادق، لم يعتبرا هذا العمل محترماً. وفي الحقيقة، لم يأخذا كلامي على محمل الجد في البداية، ولكني كنت مصراً عليه، حتى أني تسببت لجدي بإحراج كبير. حاول والديّ إقناعي بالعدول عن قراري، ولكني كنت مهووساً به نوعاً ما.

ولا أعلم السبب. لا بد أني قرأت شيئاً عن الفنادق، لأنه كما قلت لم يكن هناك أي فندق في قريتي، لم أزر فندقاً قط. وبعد ذلك أخذ والدي يفكران بطريقة لأبدأ مساراً مهنياً، وفي الرابعة عشرة من عمري غادرت المنزل وبدأت العمل في أفضل فندق في المنطقة، ولكنه كان يبعد عن المنزل 100 كيلومتر للأسف. في ذاك الوقت كانت هذه مسافة كبيرة جداً.

كيرت نيكيش: في أي عام كان ذلك؟

هورست شولتز: تركت المنزل في الرابعة عشرة من عمري، أي في عام 1954. لقد أثر ذلك في شكل حياتي بحق، إذ كان رئيس الندل رجلاً راقياً استثنائياً، وقد أثر في حياتي بحق عندما بدأت العمل، فقد قال لنا في أول يوم من العمل في المطعم: “من الآن فصاعداً، عندما تأتون إلى العمل كل صباح، ليس مجرد العمل هو هدفكم”.

“بل يجب عليكم تحقيق الامتياز”. بصراحة، لم أفهم كلامه حينئذ، فقد كنت أعمل في غسيل الصحون وتنظيف منافض السجائر، أين الامتياز في ذلك؟ ولكنه كان يصر على ذلك، وأثر به على حياتي بحق.

كيرت نيكيش: من المثير للاهتمام حقاً الاستماع إلى جذور ثقافتك فيما يخص خدمة الزبائن، وبالنسبة للبعض، يبدو ذاك العالم في ذاك النوع من الفنادق وكأنه في زمن آخر، ولربما كان قديماً بالياً بالنسبة لهم.

ولكنك على كل حال تابعت العمل إلى أن أنشأت شركات وعلامات تجارية رائدة حديثة جداً من خلال تجاربك الأولى هذه. بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يسمعون كلامك هذا ويعتبرونه من زمن آخر، ومن عصر آخر، ما هو العامل المشترك بين كل ذلك؟

هورست شولتز: الأمر الذي لم يتغير هو أن جميع الزبائن يرغبون في الحصول على الاهتمام والرعاية، سواء كان في فندق أو في متجر أحذية، ذلك لم يتغير، ولن يتغير في الحقيقة.

يرغب جميع الزبائن في الشعور بأنهم يحظون بما يجب من الاحترام والتكريم والاهتمام، وأن يحصلوا على النصح اللازم، وغير ذلك. وذلك لن يتغير. قد تنشأ لحظة التعامل بين الزبون والموظف عبر الهاتف أو الإنترنت، ولكنها لن تتغير، يجب أن تكون دائماً عبارة عن استجابة مترافقة بالاحترام والكفاءة، وما إلى ذلك.

كيرت نيكيش: أنشأت شركة فنادق ريتز كارلتون عندما كان كثير من الفنادق الفاخرة مستقلاً، وربما كانت هذه الفنادق موجودة في بعض المدن فقط، أو ربما في مدينة واحدة. أيهما يتمتع بأهمية أكبر بالنسبة لنجاح شركة ريتز كارلتون، تحديد المكانة التنافسية وإنشاء شبكة علامة تجارية عالمية، أم قدرتك على الحفاظ على ثقافة محددة فيما يخص خدمة العملاء في جميع الفنادق؟

هورست شولتز: في الحقيقة، كلاهما. كنت أحلم في إنشاء أرقى شركة فنادق في العالم، وأدركت أنه من أجل تحقيق هذا الحلم، ليس علي أن أنافس فنادق حياة (Hyatt) وهيلتون وشيراتون وذا ويستن، وإنما يجب أن أصل إلى مستوى أعلى منها وأن أجذب أفضل زبائنها إلى فندقي.

وكي أجعله عالمياً، وجب علي الحرص على وجود عمليات تمكنني من نقل ما نفعله من فندق إلى آخر، وليس نقل الاسم فحسب. فالاسم ليس علامة تجارية، وإنما عندما يقطع الاسم وعداً، ويفي بهذا الوعد في أي مكان في العالم، عندئذ يكون هذا الاسم علامة تجارية.

وأنا أردت إنشاء علامة تجارية، فأنشأنا عمليات امتياز كافية يمكننا تنفيذها أينما كنا، في شنغهاي أو هاواي أو ألمانيا أو كوريا، وحرصنا على أن تكون رائدة هناك. ولحسن الحظ كانت هذه العمليات ناجحة، وكنا الرواد في كل مكان نفتح فيه فندقاً.

كيرت نيكيش: قرأت أنك كنت تذهب إلى كل واحد من فنادقك عند افتتاحه وتدرب الموظفين بنفسك، هل هذا صحيح؟

هورست شولتز: نعم، صحيح. كانت هذه طريقتنا في نقل العقلية والفلسفة من فندق إلى آخر، في أول 55 فندق ريتز كارلتون، كنت موجوداً أثناء الافتتاح لأدرب الموظفين وأدلهم على هويتنا، وأطلب منهم الانضمام إلي، لا الحضور إلى العمل فحسب. أردت أن ينضموا إلى غايتنا، فمنح الغاية للموظفين هو برأيي واجب كل مؤسسة. لم أرد أن يشغلوا وظائف فحسب، بل أردت أن ينضموا إلينا في أحلامنا.

كيرت نيكيش: كيف فعلت ذلك؟ أعني، ما هي الغاية التي أخبرتهم عنها؟

هورست شولتز: أخبرتهم بكل وضوح أن هذا هو حلمي، وأننا نبني معاً أرقى شركة فنادق وأرقى مؤسسة خدمات في العالم. ثم أخبرتهم عن دافعي في هذه الأحلام، أخبرتهم أن دافعي في كل هذا هو أن أحظى بالاحترام.

وكي يحظوا به هم أيضاً، وأن دافعي يهدف إلى نمونا، وإلى حصولهم على الفرص وأن يتم تكريمهم بطريقة ما، ويهدف إلى أن نجني أرباحاً أكبر كي يجنوا هم أيضاً أرباحاً أكبر. بعبارة أخرى، دعوتهم كي ينضموا إلى غاية، وأخبرتهم عن دافع تلك الغاية وربطت دوافعهم بدافع المؤسسة.

كيرت نيكيش: أريد الدخول إلى تفاصيل بعض العمليات التي ذكرتها للتو، لأني أعتقد أن دفع الموظفين للانضمام إلى رسالتك هو أمر قد يكون مختلفاً تماماً عن تقديم خدمة ذات مستوى أعلى وأداء العمل على نحو أفضل من أي أحد آخر، أي تحقيق الامتياز.

هورست شولتز: أجل، بالضبط. كل شيء هو عبارة عن عملية. كانت غايتنا ببساطة أن نتبع عمليات اختيار فريدة، لا أن نقوم بعملية توظيف فحسب كما تفعل معظم الشركات، توظيف، لا ليست عملية توظيف، بل عملية اختيار للموظفين. ولأجل هذه العملية، حددنا الكفاءات الأساسية التي نحتاج إليها في كل فئة من الوظائف، بدءاً من المدير العام وصولاً إلى عامل غسيل الصحون.

والعملية التالية هي ما نسميه التوجيه، وهي اليوم الأول من العمل لكل موظف. فاليوم الأول يوم هام، إذ يكون الموظفون متنبهين، ويصغون بإمعان إلى ما تقوله لهم، ونحن لا ندفع الموظف في يومه الأول إلى تعلم وظيفته.

بل نشرح له عن هويتنا، وندعوه للمشاركة. ندعوه للتفكير مثلنا، فنقول: لا تعمل لدينا، بل انضم إلينا، وكن جزءاً من شيء مهم. وفي اليوم التالي ليوم التوجيه، أي اليوم الثاني للموظف، نخبره أننا نحدد إحدى وعشرين نقطة لعملنا، وإذا تمكنا من تنفيذ هذه النقاط التي تتفوق بأهميتها على المنافسة، أنا واثق أننا سنكون الأفضل في العالم.

وبعد ذلك، نبدأ بتعليمه أعمال وظيفته. وبعد ذلك، نعلّم هذه النقاط الواحدة والعشرين لجميع الموظفين ونتحدث عن نقطة منها كل يوم مراراً وتكراراً، لأن هذه النقاط الواحدة والعشرين ستجعلنا نتفوق على المنافسة. لذلك ليس بإمكانهم الذهاب إلى العمل، بل يجب عليهم الاستماع إلى نقطة اليوم.

فلنقل أن نقطة اليوم هي النقطة الحادية عشر: إذا تلقيت شكوى فيجب أن تحمل مسؤولية معالجتها. تتم مناقشة هذه النقطة في كل قسم وكل فندق حول العالم. إذا تلقيت شكوى فيجب أن تحمل مسؤولية معالجتها. ولذلك، أقول مرة أخرى، كل موظف مخول للتعامل مع المشكلات والحلول.

كيرت نيكيش: قد تبدو هذه النقطة عن تحمل مسؤولية أي مشكلة متعارضة مع العمليات في بعض الشركات، أليس كذلك؟ ففي بعض الشركات يكون لديك وظيفة معينة ويجب عليك إنجاز عملك ضمن مجالك ودورك، وترك الأمور التي تعتبر أعلى من تصنيفك الوظيفي أو أدنى منه للآخرين. لماذا لا تحب ذلك؟

هورست شولتز: لأن دراساتنا وضحت ما يريده الموظفون عندما يقولون أنهم يشعرون أنهم في المنزل الذي ينتمون إليه، فهذا ما نسمعه منهم طوال الوقت، وأردت أن أعرف ما يعنيه ذلك. وعاد أخصائي التحليلات المحوسبة وقال أن الموظف لا يريد أن يشعر أنه في المنزل الذي ينتمي إليه، بل يريد أن يشعر وكأنه في بيت أمه المحفور في ذاكرته اللاواعية. ما الذي كان يحدث في بيت الأم؟ عندما تحدث مشكلة ما وأنت طفل صغير، وتقول: أمي، هناك مشكلة كبيرة. ماذا تقول أمك؟

كيرت نيكيش: تقول أنها حلت المشكلة.

هورست شولتز: بل تقول: تعال إلي، سأحضنك. لن تقول الأم: اتصل بالمدير. وما أن عرفت ذلك، كان علي أن أمنح كل موظف القوة وأعلمه كيف يتعامل مع هذا الأمر.

كيرت نيكيش: ذكرتني كلمة “امنحه القوة” بحقيقة أنك سمحت لجميع الموظفين بلا استثناء بالتصرف بمبلغ يصل إلى ألفي دولار من أجل معالجة أي مشكلة يواجهها أحد النزلاء. يبدو هذا الأمر ضرباً من الجنون بالنسبة للبعض، صحيح؟ هلا شرحت لنا وجهة نظرك فيما يخص هذا الأمر؟

هورست شولتز: صدقني، عندما طرحت هذه الفكرة اعتبرها الجميع ضرباً من الجنون، بمن فيهم نائب رئيس شركتنا. الجميع، وذلك يشمل مالكي فنادقنا الذين هددوا بمقاضاتي. قالوا: أتريد أن ينفق مساعد النادل ألفي دولار؟ لا، أريد ألا يخسر مساعد النادل زبوناً، بل أن يحافظ عليه.

كنت أعرف أن القيمة المحتملة لبقاء الزبون تساوي مئتي ألف دولار، كما كنت أعرف أن الزبون يرغب برؤية استجابة فورية لشكواه، وأعرف أيضاً أنه من الناحية الإحصائية، هناك ثلاثة أنواع من الزبائن، هناك الزبون الغاضب الذي يصبح إرهابياً يهاجم شركتك، وهناك الزبون الراضي، الذي سيذهب إلى جارك عندما يقدم له عرضاً أفضل، وهناك الزبون المخلص.

وأنا أريد أن أحظى بالفرصة الملائمة وأن أفعل كل ما بوسعي كي أحول الزبون الإرهابي إلى زبون مخلص وسفير للمؤسسة. وأؤكد لك، إذا دخلت إلى مطعم وقدمت شكوى صغيرة، فقال لك مساعد النادل: “سأدفع ثمن وجبة فطورك، فأنا أشعر باستياء شديد إزاء ما حدث”، أؤكد لك أنك ستصبح زبوناً مخلصاً بعد أن كنت غاضباً.

وكنت مدركاً لذلك. كما كنت أعرف أنه ليس هناك أي موظف سينفق ألفي دولار. ولم يحدث ذلك سوى مرة أو اثنتين في المؤسسة كلها.

كيرت نيكيش: أعرف أن البعض سيسمعون هذا الكلام ويفكرون أنه لن ينجح إلا في سلسلة فنادق رفيعة المستوى أو في أماكن يمكنها تحمل هذه النفقات وتتمتع بدخل قادر على دعم كفاءات رفيعة المستوى. أو أنه ينجح في هذا النوع من صناعة الخدمة، وليس في مطاعم الوجبات السريعة ولا في شركة يقع مقرها في أحد طوابق بناء على الناصية، ليس في شركتي. ماذا تقول لهم؟

هورست شولتز: هذا رد فعل تقليدي، هذا هو رد الفعل الرديء الذي نراه عادة. أولاً، لقد عملت مع عدة شركات وقدمت الاستشارات لها، وهي تعمل في شرائح مختلفة تماماً من السوق، وتلاقي هذه الفلسفة نجاحاً باهراً فيها.

لأن الجميع يرغبون بأن يعاملهم الآخرون باحترام ويراعوا كرامتهم، ولا فرق بين شراء وجبة سريعة أو إقامة في فندق فاخر، أو الإقامة في نزل ذو أسعار اقتصادية، لا فرق. فأنت تريد أن تعامَل باحترام. ويجب أن نعبر لك عن ذلك بالكلمات، وهو لن يكلفنا فلساً.

كيرت نيكيش: وماذا عن الكفاءة؟ قد يعتقد البعض أنه من غير المجدي أن يتعطل الموظف عن عمله كي يعالج مشكلة ما، وأن هذه ليست الطريقة الأفضل لإدارة لأعمال. يعتقدون أنه في قطاع أو مكان آخر، لا يمكن أن يكون جميع الموظفين في غاية التنبه للزبائن لأن عليهم التركيز على ما يفعلونه، ولأن هذا عمل شخص معين.

هورست شولتز: وما هي قيمة سمعتك كمؤسسة؟ هذا أيضاً سؤال يطرح. ما هي قيمة زبون واحد؟ وما هي قيمة سمعتك؟ في أي نوع من الأعمال التجارية، سواء كانت متجراً للأجهزة أو للأحذية أو محلاً للحلاقة، يجب أن يبقى الحفاظ على الزبون على رأس الأعمال المهمة. يجب أن يحظى الزبون المخلص على الأولوية. لأن تكلفة الحفاظ على الزبون المخلص أقل من تكلفة الحصول على زبون جديد على أي حال.

وثاني عمل مهم في المؤسسة العظيمة هو الحصول على زبائن جدد، وغالباً ما تتمكن من ذلك عن طريق زبائنك السعداء بالفعل. أما ثالث الأعمال المهمة فهو الحصول على أكبر قدر ممكن من أموال الزبون. لكن، انتبه، يتم ذلك عن طريق منحه القيمة، هذا ما أعنيه. ورابع الأعمال المهمة هو أن تقوم بعملك مهما كان بكفاءة، فالكفاءة بلا شك هي جزء من أي مؤسسة. ولكن أؤكد لك أن الحفاظ على الزبون عن طريق تقديم خدمة جيدة له هو أكثر فعالية من الحصول على زبائن جدد عن طريق الترويج والدعاية.

كيرت نيكيش: أود طرح سؤال آخر من باب التعمق في النقاش أكثر، سيقول البعض أن هناك موظفين لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة لهذه الوظائف، فبعضهم لا يملكون مهارات التواصل اللازمة، لا يتمتعون بمهارات التعامل مع الآخرين، ولا يمكنهم التعامل مع كل هذه الأمور، أو لا يمكن الوثوق بهم،

كما أنه يبدو أمراً مستفزاً بالنسبة للبعض أيضاً. ماذا تقول لمن يقولون ذلك؟ لا بد أنك واجهت هذا الرأي من قبل.

هورست شولتز: هذا أمر مؤسف، وأنا واثق ألّا أحد يغادر بيته صباحاً ويذهب إلى عمله بنية أن يكون موظفاً سيئاً، لا أحد يفعل ذلك، ولم يفعل ذلك أحد قط.

ولكن ما الفرق بين المؤسسات التي يكون موظفوها لطفاء ويقومون بالعمل المناسب، والمؤسسات الأخرى؟ إنها القيادة. القيادة بكل بساطة. هذا هو الفرق بين الإدارة والقيادة، فالمدراء يتبعون أسلوب الإرغام على العمل، والإرغام، بما فيه إرغام الموظفين على القيام بأعمال معينة، غير قادر على جعل الموظفين يتبعون الأسلوب والسلوك المناسبين،

إلا أن القيادة قادرة على ذلك. فالقيادة تنشئ بيئة حيث يرغب الموظفون بالقيام بالعمل، دون أن يكونوا مرغمين عليه، وإنما راغبين بالقيام بالعمل لأنهم انضموا إلى رسالة وغاية.

تعلم أن الجميع يتحدثون عن جيل الألفية اليوم، ما المختلف لدى جيل الألفية؟ المختلف هو أنهم يقولون: “ما الذي سأجنيه من هذا العمل؟”. وهذا ما كنا نقوله، إلا أننا كنا نخشى طرح السؤال.

ولذلك يجب على القيادة إخبار الموظفين بما سيجنونه. في الحقيقة، نقول في اليوم الأول: “هذا ما سنجنيه إذا حققنا الهدف الفلاني”. أجرى آدم سميث دراسة في كتابه، ليس كتاب “ثروة الأمم” (Wealth of Nations)، بل الكتاب الذي ألفه بعده عن الإنسان، وتوصل فيها إلى أن الموظفين لا يمكنهم الشعور بالانتماء بوجود الأوامر والتوجيهات، ومع ذلك، ماذا نفعل؟ تستمر الإدارة في إصدار الأوامر والتوجيهات. قال آدم سميث أن الموظفين لا يشعرون بالانتماء إلا مع الهدف والحافز، وهي الأمور التي أنادي بها، امنح موظفيك هدفاً، امنحهم سبباً مقنعاً، وادفعهم للانضمام إلى الحلم.

كيرت نيكيش: أتساءل عن رأيك بالتغيرات التي طرأت مؤخراً على قطاع الفنادق والخدمات، لأننا إذا نظرنا إلى تجربتك في فندق ريتز كارلتون في ثمانينيات القرن الماضي مثلاً، سنجدها مختلفة تماماً عن مفهوم الرفاهية لدينا اليوم، ما رأيك بالتطور الحالي للامتياز في خدمة الزبائن؟

هورست شولتز: عندما أنشأنا شركة ريتز كارلتون، كان مفهوم الامتياز والرفاهية يتمثل في الثريات الفخمة والرخام واللوحات الثمينة الأصلية والسجاد الشرقي الفاخر وما إلى ذلك، ولكن تغير ذلك الآن، إذ تتمثل الرفاهية اليوم بالعمل “على طريقتي”، بالاهتمام المخصص ذي الطابع الشخصي بدرجة كبيرة.

كيرت نيكيش: هلّا أعطيتنا مثالاً عن ذلك؟ في غرفة فندق مثلاً.

هورست شولتز: أجل، مثلاً، ترغب في الإقامة في طابق مرتفع مثلاً، وتحب كعك الشوكولاتة، وما أن أعرف ذلك، أضعك بصورة تلقائية في غرفة في طابق مرتفع وأرسل لك كعك الشوكولاتة، أو ألبي لك أي رغبة شخصية معينة أخرى. مثلاً، أعرف أنك تحب تسليم الغرفة عند الساعة الثالثة، لذلك أقوم تلقائياً بتمديد وقت تسليم غرفتك إلى الساعة الثالثة،

هذه الأمور التي يمكن تخصيصها، وعندما أراك أناديك باسمك. هذا هو التعامل ذو الطابع الشخصي، ويمكن تنفيذه حتى في مطاعم الوجبات السريعة، ويجب أن يعرف الجميع ذلك، بمن فيهم مطاعم الوجبات السريعة. فلنقل أني دخلت وطلبت الوجبة المميزة في المطعم، طلبت شطيرة البرغر المميزة، مثلاً، أتفهم ما أعنيه؟

قد يدخل شخص من جيل الألفية، ويطلب الشطيرة المميزة مع شريحتي مخلل ونصف شريحة طماطم، هذا طلب مخصص. وسيحدث ذلك أكثر فأكثر، أي أن التخصيص هو الرفاهية بالنسبة للزبون اليوم.

ولذلك، في الشركات ذات المستوى الرفيع من الرفاهية مثل شركتي، نتصل بالزبون بعد أن يحجز غرفة لدينا. وعلى فرض أننا في فرع سنغافورة، نقول له: “ما هدف زيارتك لسنغافورة؟ هل تريد أن نعدّ لك شيئاً معيناً؟ هل تتبع نظاماً غذائياً معيناً؟ هل تعاني حساسية ما؟ هل تود أن نؤمن لك حجزاً ما، هل تفضل نوعاً معيناً من المطاعم؟ ما الذي تريدني أن أفعله لك حتى قبل أن تصل إلى سنغافورة؟”. وبذلك، أخصص رحلتك وزيارتك إلى سنغافورة.

كيرت نيكيش: سؤال أخير، بدأت مسيرتك المهنية مع تلك الثريات والسجادات الشرقية الكبيرة.

هورست شولتز: نعم.

كيرت نيكيش: عندما تنظر إلى ماضيك، إلى بداية عملك في غسل الصحون ثم مساعد نادل ثم نادل، هذه الوظائف من المستوى الأدنى، ما هو الدرس الذي تعلمته في تلك الأعمال والذي ما زلت تحمله معك اليوم، والذي تعتبره درساً عظيماً لكل المدراء والقادة؟

هورست شولتز: لقد غيرت تلك الأعمال حياتي، غيّرها مشرف الندل الذي قال لي: “لا تأتِ إلى العمل بهدف العمل، بل تعال كي تحقق الامتياز”. وبعد ذلك بعدة أعوام، كنت قد عملت في أعظم الفنادق في أوروبا، وفي فندق هيلتون في سان فرانسيسكو، وخططت للعودة بعد عام أو عام ونصف إلى أوربا، ولكن كنت آمل بالحصول على ترقية.

كنت أعلم أني أفضل نادل في الفندق، ولذلك سأحصل على الترقية التي أريدها. فقد أصبحت نادلاً في خدمة الغرف، ثم مشرفاً على خدمة الغرف، ثم كان هناك شاغر ولكني لم أحصل على الترقية. تألمت كثيراً وجرح كبريائي. ولكني بعد ثلاثة أشهر اعترفت أن الشاب الذي حصل على الترقية كان أجدر بها، كان أجدر بها مني.

فهو لم يأت في بعض الأيام متأخراً خمس دقائق، مثلي، ولم يكن متعباً دائماً مثلي، وأنا لم أكن آتي إلى العمل متعباً فحسب، بل كان بإمكانك رؤية أني متعب من مسافة 100 متر. عندما كان رئيسي يقول لي: “يمكنك القيام بهذا العمل” كنت أقول له: “لماذا أنا؟ لماذا لا تكلف الشاب الآخر به؟”

وما أن اعترفت بذلك، عدت للتحدث مع مشرف الندل القديم. على الرغم من أنه كان قد توفي، إلا أني عدت وتحدثت إليه، وطلبت منه أن يسامحني، لأني ذهبت إلى العمل بهدف العمل، وليس تحقيق الامتياز، ووعدته ألا يتكرر ذلك ثانية.

لماذا تفعل ذلك بنفسك، تعمل كما يعمل كرسي؟ لماذا لا تحقق الامتياز؟ ما هو إلا قرار، وما أن تتخذ هذا القرار يجب أن تعمل على تحقيقه يوماً بعد يوم وأن تستمر في اتخاذه. وعندها سوف يصبح قيّماً أكثر، ويصبح مرضياً أكثر، وسيصبح عملك وقتاً تمضيه في تحديد هويتك، وأنت أول من سوف يراها ويسعد بها، أنت.

كيرت نيكيش: شكراً جزيلاً لحضورك إلى البرنامج والتحدث معنا عن كل ذلك، هورست.

هورست شولتز: شكراً لك. سعيد بوجودي معكم.

كيرت نيكيش: كان ذلك هورست شولتز، الشريك في تأسيس شركة فنادق ريتز كارلتون ومؤلف كتاب “الامتياز هو الرابح: دليل واقعي لتصبح الأفضل في عالم تسوده التنازلات”

هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي. وقدم لنا الدعم الفني روب إيكارت. أما مدير الإنتاج الصوتي لدينا فهو آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج “إتش بي آر آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .