كيف نجحت الإدارة الحكيمة للأزمة في نيوجيرسي في تخفيف الآثار السلبية لعاصفة ساندي؟

3 دقائق
أزمة نيوجرسي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل وصول عاصفة “ساندي” إلى اليابسة، كان حاكم ولاية نيوجرسي كريس كريستي (Chris Christie)، يهاجم بشدة الرئيس باراك أوباما (Barack Obama)، ويشكك بكفاءته القيادية، وذلك في خطابه الرئيس الذي ألقاه في مؤتمر الحزب الجمهوري. وبالمقابل كان الرئيس أوباما يهاجم مواقف القادة الجمهوريين في سياق حملته الانتخابية الهادفة إلى إعادة انتخابه. غير أن الأزمات تقرّب بين المتصارعين وتدفع إلى تشكيل شراكات غريبة، وهذا ما حدث هذا الأسبوع، حيث شهدنا هذين القطبين المتخاصمين يجولان معاً لتفقد الأضرار ومواساة أهالي الضحايا ويشكر كل منهما الطرف الآخر علناً على قيادته ودعمه. فكيف تمت إدارة أزمة نيوجرسي خلال تلك الفترة؟

في أعقاب العاصفة، سخر المنتقدون من هذه الصحبة الغريبة بين الرئيس والحاكم. غير أن تجاوز الاختلافات يعد سلوكاً ناضجاً وضرورياً افتقرنا إليه في العديد من الأزمات الخطيرة والعامة جداً التي أثرت على الحكومة وقطاع الأعمال.

الدروس المستفادة من أزمة نيوجرسي

لا شك أن الأزمات تمثل اختباراً للقادة وتضعهم على المحك. ولقد أثبت كل من أوباما وكريستي كفاءتهما القيادية من خلال أربعة أمور فعلاها لتخفيف الآثار السلبية للعاصفة “ساندي”، وهي أمور لم ينتبه إليها قادة كثر في مواجهة الأزمات:

1- التواصل في الوقت الحقيقي

أثناء العاصفة كان الرئيس يتصل بحكام الولايات المتضررة والقادة الرسميين لتأكيد دعم إدارته وللاستفسار عما يحتاجونه. كما تواصل مع الشعب الأميركي وعمل على ضمان اطلاعه على أحدث المعلومات حول الإسعافات الأولية المقدمة، وعدد موظفي “وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية” (Federal Emergenc Management Agency)، المنتشرين على الأرض، ومكان وكيفية تقديم طلبات تعويض الأضرار، وغيرها من معلومات كانت في الماضي تتأخر كثيراً لتصل إلى من يحتاجها. قارن ذلك مع أعقاب إعصار “كاترينا” عندما بقي الآلاف عالقين لأكثر من خمسة أيام، فيما كان المسؤولون الفيدراليون وفي الولايات وعلى المستوى المحلي يتخاصمون حول الصلاحيات القضائية وتدابير الاستجابة والموارد – أو انظر إلى الاستجابة الضعيفة للقادة اليابانيين في أعقاب إعصار تسونامي وما نتج عنه من كارثة نووية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين القيادة بإيثار في أوقات الأزمات؟

2- إجراء تقييم مباشر للآثار السلبية

من خلال التجوال على بعض المناطق المنكوبة الأكثر تضرراً، تمكّن الرئيس والحاكم من معاينة حجم الكارثة والخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها شخصياً. ولا شك أن التقارير المكتوبة التي تُرفع للقادة لا يمكن أن تكون بديلاً ملائماً للمعاينات المباشرة. تصور كم كانت معالجة ولاية بنسلفانيا لأزمة الاعتداء الجنسي ستبدو مختلفة لو أن كبار القادة بادروا للقاء الضحايا والتعاطف معهم!

3- تحديد ما يتوقعه القادة من قوة العمل وإبلاغها به بوضوح تام

لقد وجه الرئيس موظفي الإدارة الفيدرالية لإعادة الاتصال بجميع المتصلين الذين لم يُرد عليهم في غضون 15 دقيقة من اتصالهم الأول. كما وجههم بإيجاد السبل الكفيلة للموافقة على جميع طلبات المساعدة بدلاً من رفضها وقول “نعم” بدلاً من “لا”، مع أن الرفض هو الجواب الأسهل لأن القبول يعني بذل أقصى الجهود الممكنة. إن إصدار توجيهات واضحة كهذه يعد ضرورياً جداً في أي نظام بيروقراطي ضخم – كالحكومات والشركات والمؤسسات الأكاديمية. فبعد مرور عقود من الزمن من انفجار مكوك الفضاء “تشالنجر”، لا يزال يطارد المختصين هاجس معرفة ما إذا كان بالإمكان تفادي تلك المأساة من خلال آليات تواصل أكثر وضوحاً.

اقرأ أيضاً: كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة؟

4- تحديد الأولويات بين المطالب المتضاربة

تأمّل الإجراءات المطلوبة من الرئيس والحاكم قبل الانتخابات الرئاسية بأسبوع واحد. فالمنافسة في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية تجعل من كيفية استثمار كل ساعة منها عاملاً حاسماً. ومطلوب بقوة من المرشحين ونوابهم أن يتسابقوا لزيارة الولايات المتأرجحة في التصويت. وما من شك أن كل فريق كان يضغط على مرشحه لكي يبذل كل ما بوسعه لتحقيق مكاسب حزبية. بيد أن كلاً من الرئيس والحاكم قد اختارا التركيز عن قصد ووعي على أعمال الإغاثة، وبفعلهما هذا أظهرا تعاوناً وتعاضداً فيما بينهما لمصلحة الأمة كلها التي كانت في تلك اللحظات العصيبة بحاجة ماسة لأن يتصرف قادتها بحكمة ونضوج. قارن ذلك مع ما فعله توني هايوارد (Tony Hayward)، الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم (بي بي) في حادثة التسرب النفطي، عندما ركز جل اهتمامه على إلقاء اللوم على الآخرين وتبرئة ذمته بدلاً من إغلاق البئر وإيقاف التسرب.

اقرأ أيضاً: كيف تعاملت الشركات الصينية مع أزمة كورونا والدروس المستفادة

وفي نهاية الحديث عن أزمة نيوجرسي الشهيرة، لقد كان جواب الحاكم كريستي على أولئك الذين انتقدوه على شكره العلني والصريح للرئيس على الدعم الذي قدمه، لافتاً ومعبراً عن شخصيته حين قال: “إذا كنتم تظنون في هذه اللحظة أنني أكترث بأي حال من الأحوال بالسياسات الرئاسية، فأنتم لا تعرفونني”. إن ما يحتاجه بلدنا الآن هو هذه الاستجابة واعتمادها منهجاً عاماً على نطاق البلاد لإخراجها من حالة الجمود التي تسيطر عليها، لا أن يكون مجرد حدث فردي للتعاون الاستثنائي والمؤقت بين الطرفين.

اقرأ أيضاً: كيف يتمكن الزوجان العاملان من أداء مهامهما الوظيفية أثناء أزمة فيروس كورونا؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .