قضية شركة “آبل” مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي معقدة وشائكة للغاية

9 دقائق
قضية شركة "آبل" مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبدو أنّ الرئيس التنفيذي لشركة “آبل”، تيم كوك، يستشيط غضباً. فإنّ رسالته المفتوحة إلى زبائن الشركة – التي انتقد فيها الحكم القضائي الذي يُلزم شركة “آبل” (بموجب قانون صادر قبل 227 عاماً) بكتابة شفرة للمساعدة في فتح هاتف يعتبر جزءاً من التحقيقات بشأن أعمال إرهابية – قد أدخلت مواقع الإنترنت المهتمة بالتصريحات المثيرة في حالة النشاط الأكبر. واستناداً إلى الطرف المستفيد من القضية، فإنه إما أن الحكومة الأميركية تريد وضع سابقة قضائية تتيح لها الحصول على المفاتيح الأساسية للدخول إلى جميع هواتفنا، أو أن شركة “آبل” تساند الإرهابيين لأنها لن تساعد مكتب التحقيقات  الفيدرالي الأميركي في تحقيقاته بشأنهم.

الخبايا المحيطة بقضية “آبل” ومكتب التحقيقات الفيدرالي

وكما هو الحال دائماً، فإن الآراء المثيرة للجدل تخضع للمغالاة بشأنها وتفقد الكثير من الوضوح والطابع المعقد في التصوير الدرامي لها، لكن من محاسن الصُدف، أنه قبل أسبوعين من نشر تيم كوك رسالته على الملأ، نُشر تقرير يشير إلى الخبايا المحيطة بهذه المسألة والطابع المعقد لها. وجاء التقرير بعنوان “لا داعي للذعر: إحراز تقدم فيما يتعلق بالسجال بشأن التخفي عن المراقبة الرقمية” (Don’t Panic: Making Progress on the Going Dark Debate). ونشر التقرير في مركز “بيركمان” للإنترنت والمجتمع (Berkman Center for Internet and Society) بجامعة “هارفارد”، وكتبه كل من مؤسس المركز، جوناثان زيترين، وخبير أمن المعلومات وتشفيرها بروس شنيير، والأستاذة الجامعية وخبيرة النظام السياسي للأمن السيبراني بمعهد ورسيستر للعلوم التطبيقية (WPI)، سوزان لانداو. وعبارة “التخفي عن المراقبة الرقمية” (Going dark) هي مصطلح تستخدمه عادة دوائر إنفاذ القانون لوصف كيف يجعل التشفير المحسّن والتام الاتصالات الرقمية محصنة ضد مراقبتها أو استعادتها في التحقيقات. وقد حذّر كتّاب التقرير من أن هذا الاتجاه يشكل عائقاً أمام المعلومات الاستخباراتية، ويهدد الأمن، نظراً لأنه يُهيئ قنوات آمنة للأشرار. وتستحق قراءة التقرير بالكامل الوقت الذي تقضيه فيها، لكن في هذا المقال نستعرض خلاصة النتائج التي توصلوا إليها بشأن التهديد الذي يمثله التخفي عن المراقبة الرقمية.

“على الرغم من عدم إجماعنا على حجم هذه المشكلة، أو الحل السياسي الذي من شأنه تحقيق أكبر قدر من التوازن، إلا أننا أخذنا تحذيرات مكتب التحقيقات الفيدرالي على محملها الظاهر، المتمثل في أنّ إجراء أنواع محددة من المراقبة قد أضحى، إلى حد ما، أكثر صعوبة في ضوء التغيّرات التقنية. لكننا تساءلنا عما إذا كان التعبير المجازي “التخفي من المراقبة الرقمية” يصف بدقة هذه الحالة. هل نتّجه في الواقع إلى مستقبل تكون فيه قدرتنا على مراقبة المجرمين والأشرار مستحيلة فعلياً؟ نحن لا نعتقد ذلك، ونقول إن الاتصالات في المستقبل لن يطغى عليها التخفي التام عن المراقبة الرقمية، كما لن تكون متاحة للاطلاع عليها”.

يقول كتّاب التقرير إن بعض البيانات سوف تبقى مشفرة، وستكون الأشكال الأخرى من المراقبة ممكنة، وأن العوامل السوقية سوف تمنع الشركات من تشفير شبكات الاتصالات بالكامل. غير أنهم يقرّون أيضاً أن التكنولوجيا ستجعل التحقيقات أكثر صعوبة؛ فإذا اقتضت العوامل السوقية، على سبيل المثال، أن يطلب الزبائن تشفيراً تاماً، فإن هذا سوف يتيح للجميع – بما في ذلك الأشرار – استخداماً أكثر أماناً وخصوصية لشبكات الاتصالات.

وينشر المؤلفون، في إطار هذا التقرير، تعليقات شخصية حول الموضوع في مدونة “لوفير” (Lawfare)، التي كوّنت فيها العديد من التدوينات، منذ أن انتشرت قصة شركة “آبل” مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، إحدى أكثر الأفكار المتوفرة مغزى بشأن السجال القائم. وسوف يتيح لك قضاء بعض الوقت في تصفح هذه المدونة الاطلاع على رؤية شاملة بدرجة كبيرة عن هذه القضايا. ولتبدأ بقراءة تدوينة “التفسير الدقيق للوضع الراهن” (the precise explanation of the situation at hand)، التي كتبها بوبي شيزني، أستاذ كرسي تشارلز فرانسيس في القانون بجامعة “تكساس” (University of Texas)، والتي ذكر فيها

“يتمثل الوضع الراهن في التالي: بحوزة مكتب التحقيقات الفيدرالي هاتف “آيفون 5 سي” (iPhone 5C) الذي استخدمه سيد رضوان فاروق، وكذلك أمراً قضائياً يأذن له بتفتيش هذا الهاتف. وتبدو الأمور طيبة حتى الآن. غير أن الهاتف محمي برمز للدخول، ولا يمكن لمكتب التحقيقات الفيدرالي المخاطرة باستخدام حل القوة العمياء (أي إيجاد تركيبات من الرموز إلى أن يتوصل إلى التركيبة الصحيحة لرمز الدخول)، لأنه من الممكن أن تكون خاصية الحذف التلقائي في الهاتف مفعّلة (أي أن يحذف الهاتف جميع البيانات المخزنة على القرص الصلب بعد عشر محاولات فاشلة لإدخال رمز الدخول). ودفع هذا الأمر وزارة العدل الأميركية إلى التقدم بطلب بموجب “قانون إصدار جميع الأوامر القضائية اللازمة” (All Writs Act) لإلزام شركة “آبل” بتقديم “المساعدة التقنية” المطلوبة ضمن مساعي تنفيذ الأمر القضائي. وطلبت وزارة العدل من القضاة، على وجه الخصوص، إصدار أمر لشركة “آبل” بإنشاء حل برمجي مخصص يمكن تثبيته في ذاكرة الوصول العشوائي لهاتف الإرهابي سيد رضوان على وجه التحديد، رغم إغلاقه برمز للدخول، وذلك لـ: (1) وقف خاصية الحذف التلقائي المشار إليها. (2) إفساح المجال لتنفيذ حل القوة العمياء إلكترونياً (وبالتالي بسرعة فائقة) بدلاً من تنفيذه يدوياً”.

وسيركز جانب كبير من الجدل خلال الأسابيع المقبلة على قانون إصدار جميع الأوامر القضائية اللازمة، وهو تشريع تم إقراره في عام 1789، ويعني بصورة أساسية أنه يجب على الشركات مساعدة جهات إنفاذ القانون في التحقيقات التي تأمر بها المحاكم. وقد ساهم عُمر القانون ومطاطيته على حد سواء في وضعه في صميم هذا السجال. وفيما يلي الصعوبة المتعلقة بقانون إصدار الأوامر القضائية اللازمة حسبما يراها هيرب لين، كبير علماء الأبحاث في السياسات والأمن السيبرانيَيْن بمركز الأمن والتعاون الدوليَيْن (Center for International Security and Cooperation) وزميل أبحاث بمعهد هوفر (Hoover Institution)، وكلا المركزين يتبعان “جامعة ستانفورد” (Stanford University).

“أولاً، أنا لا يقلقني، بصفة خاصة، أن تأريخ هذا القانون يعود إلى القرن الثامن عشر، وهي المسألة التي ركز عليها الكثيرون من المتعاطفين مع شركة “آبل”. لأنه ما من سبب يجعل قانوناً عتيقاً، بحد ذاته، غير ذي صلة أو لا يمكن تطبيقه. ومن الناحية الأخرى، فإن ما يُقلقني هو أن تفسير القانون الذي يقبله القضاة على ما يبدو يعني أن هذا القانون يمكن استخدامه لإلزام أي طرف من القطاع الخاص بإنفاق الموارد – التي تشمل الوقت والأشخاص والأموال – لخدمة مصالح الدولة. وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الحدود المفروضة على نطاق تطبيق هذا القانون؟ هل يمكن للحكومة، مثلاً، استخدام هذا التشريع لتطلب مني بناء سجن لأجلها؟ وفي الممارسة العملية، فإن القيود المفروضة على تطبيق القانون على ما يبدو محددة حسبما يرى القضاة أنه أمر معقول. وأنا لست مطمئناً لهذا الاستنتاج، وأفضّل أن أطّلع على إيضاحات تشريعية حياله”.

التحديات في قضية شركة آبل

وهناك تحدٍ شائك آخر يتمثل في أن الحكومة يُمكن أن تخوض مواجهة ضد الآراء السياسية المعتدلة بشأن حرية التعبير. وقد كتب أندرو كين وودز، الأستاذ المساعد في القانون “بكلية كنتاكي الجامعية” (University of Kentucky College) وخريج القانون من “جامعة هارفارد” أن “الشفرة وجه من وجوه التعبير”.

وتتطلب آلية تبديل القفل، اللازمة في هذه الحالة، من مهندسي شركة “آبل” الجلوس أمام كمبيوتر والبدء بالكتابة. وهذا الفعل، كما أدركتْ المحاكم منذ وقت طويل، يمثل نوعاً من أنواع التعبير. ففي مجموعة الدعاوى القضائية التي رفعها برنستين ضد وزارة العدل الأميركية، قدّمت مؤسسة الحدود الإلكترونية (Electronic Frontier Foundation) براهين ناجحة على أن ديفيد برنستين، الذي كان حينئذٍ طالب دراسات عليا في جامعة “بيركلي” (Berkeley)، لديه حق محمي بموجب الدستور في نشر شفرته المصدرية، رغم مساعي الحكومة إلى منعها. (وقد كان من المناسب تماماً أن الشفرة كانت خاصة ببرنامج تشفير كانت الحكومة تحاول وقفه استناداً إلى نظرية أن برامج التشفير تعتبر من العتاد الحربي الخاضع للضوابط المفروضة على الصادرات). وإذا كانت الشفرة وجهاً من وجوه التعبير، وألزمت الحكومة شركة “آبل” بكتابة الشفرة، فسيبدو الأمر، وكأن الحكومة تُرغم شركة “آبل” على التعبير. ولا يحل هذا الأمر القضية، بطبيعة الحال، إلا أنه يفتح آفاقاً جديدة للسجال، وهي آفاق لم تلق الاهتمام بالقدر الكافي”.

ولا يتفادى هذا التحليل طرح الأسئلة على شركة “آبل” أيضاً، فهو يحلل نهجها وحججها في هذه القضية على حد سواء. وقد صدر أحد أقسى الانتقادات لشركة “آبل” من مديرة تحرير مدونة “لوفير”، سوزان هينيسي، ورئيس تحرير المدونة، بنيامين ويتس. حيث استهلا تحليلهما بهجوم عنيف على شركة “آبل” كان على النحو التالي

“ملاحظة إلى شركة “آبل”: كمسألة عامة في مجال الاتصالات الاستراتيجية، فإن استخدام كلمة “لكن” بعد عبارة “نحن لا نتعاطف مع الإرهابيين” يعني، بشكل عام، أنكم أخذتم منحى بعيداً عن المسار الذي تلتمسونه حتى إذا أقحمتم بعض الجُمل بينهما”.

ولا تتوانى لهجة الكاتبين في القسوة على شركة “آبل”. فيقولان إن شركة “آبل” “تمارس العبث في هذه القضية”، والموقف العام للشركة فيها يمثل نوعاً من الهراء لتشجيع الذات. وأوضحا بصورة جلية أنه

“بعيداً عن” التجاوز غير المسبوق” الذي انطوى عليه بيان شركة “آبل”، بالنظر إلى حالة عدم التيقن من القانون والمخاطر المرتبطة بالقضية موضوع السجال، سيكون الأمر بالنسبة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل أقرب إلى الخروج عن قواعد الممارسة إذا لم يستكشفا بالكامل أبعاد التزام شركة “آبل” بمساعدة الحكومة في تنفيذ الأمر القضائي في إحدى القضايا الرئيسة المتعلقة بتنظيم داعش”.

وما ذكره الكاتبان صحيح. إذ لك أن تتخيل وزارة العدل وهي تائهة فعلياً، لأن شركة خاصة لا تود المساعدة في أحد التحقيقات. فهل سيؤيد المواطنون ذلك؟ ويقول الكاتبان إن” شركة “آبل” قد هندست هذه المشكلة وأنها فعلتْ ذلك عن عمد”. بأن اختارت إدراج خاصية التشفير التام في هواتفها “على الرغم من التحذيرات المتكررة التي أصدرتها الحكومة بأن من شأن هذا الخيار أن يسبب مشكلات جوهرية لجهات إنفاذ القانون ومحققي الأمن القومي وأمن المواطنين”. ويبدو أن الكاتبيْن يقولان إن شركة “آبل” قد كان لها مطلق الحرية في القيام بما فعلته، لكن ادعاء الغضب والاندهاش من حدوث الوضع بهذه الطريقة ينم عن جهل متعمد.

ويستشهد كل من هينيسي وويتس بالعديد من القضايا الأخرى التي طلبت فيها جهات إنفاذ القانون من شركة “آبل” المساعدة، وبالعشرات من القضايا التي التزمت فيها شركة “آبل” بتقديم المساعدة في التحقيقات. ويخلصان في نهاية المطاف إلى أن شركة “آبل” “تحاول استغلال مواقفها المختلفة في شتى المحافل لرسم دائرة من الحصانة لنفسها، وهي نوع من أنواع الثغرات القانونية التي تمنع أي أحد من إرغامها علي القيام بأي شيء”.

وفي تدوينة أخرى منفصلة، تنصُب سوزان هينيسي كميناً بلاغياً لشركة “آبل”. فإن إحدى الحجج التي استخدمتها شركة “آبل” ذريعة لتبرير عدم التعاون في إحدى قضايا المخدرات الفيدرالية كانت تتمثل في الضرر المحتمل أن يلحق بعلامتها التجارية ويتسبب في فقدانها ثقة زبائنها. وحسبما تشير سوزان هينيسي، فإنه:

“تدفع شركة “آبل”، في هذه القضية، بأن التزامها بأمر المحكمة يلحق الضرر بسمعتها. وبعبارة أخرى، فإن الالتزام الواسع والثابت ’ببذل كل ما في وسعنا لبناء عالم أكثر سلامة وأمناً لزبائننا‘ لا يمتد ليشمل مساعدة السلطات الفيدرالية، التي حصلت على أمر تفتيش لا جدال في أنه يمتثل إلى التكليفات القانونية، وهو التحقيق في قضية تاجر مخدرات”. وبطبيعة الحال، فإن شركة “آبل” لا تجرؤ على الادعاء صراحةً أن التزامها بالإجراءات القانونية سوف يتسبب في المساس بسمعتها. وبدلاً عن ذلك، فإن شركة “آبل” تدّعي أن التزامها بأمر المحكمة في غياب ’السند القانوني الواضح‘ من شأنه تهديد علاقة الثقة بينها وبين زبائنها. غير أن هذا يشرح لُبّ الادعاء الذي تطرحه شركة “آبل”، وهو أن أمر التفتيش الذي أصدره قاضٍ فيدرالي – في ظروف اعتبرتها شركة “آبل” كافية في 70 مرة سابقة على الأقل – ليس فحسب لا يرتقي إلى أن يكون ’سنداً قانونياً واضحاً‘، بل أنه أبعد ما يكون عن السند القانوني الواضح الذي سيقوّض الالتزام به مصداقية شركة “أبل”.

قضية أخرى حول شركة آبل

وتوخياً للتبسيط، فقد أثيرت قضية أخرى في مدونة “لوفير” وفي أماكن أخرى على حد سواء، وهي أنه لمَ لا تقوم شركة “آبل” بإنشاء الشفرة واستخدامها ومن ثم التخلص منها؟ ولا شك في أنه سينتج عن ذلك مخاطر جديدة. إذ حالما يتم إنشاء الشفرة فسيظهر أشخاص لديهم الإلمام بكيفية إنشائها. لكن من غير الواضح ما إذا كان أمر المحكمة يعني أن شركة “آبل” ستضطر إلى إنشاء هذه الشفرة على أجهزة أخرى غير كمبيوتر واحد في مقرها، أو أن أكثر من بضع أشخاص فحسب سوف يتعين أن يشتركوا في إنشاء الشفرة وفي التخلص منها.

وقد أخبرني إيرا ونكلير، وهو خبير في التجسس الرقمي والأمن السيبراني، سابقاً في الأسبوع الذي أدرك فيه الجدل بشأن وضع سابقة قضائية، أن هذه الملابسات الخاصة تستدعي قدراً أكبر من الدراسة المتأنية. ويقول ونكلير إن القيام بذلك يعني أنه “إذا نشرت شركة “آبل” هذه الشفرة التي أنشأتها لهذه المهمة المحددة بطريقة أو بأخرى، أو فقدت السيطرة على سريتها، فإنها تعرّض زبائنها جميعاً للخطر. ولستُ أفهم كيف يمكن أن تتسرب الشفرة يوماً من شركة “آبل”. هل يقولون إنهم لا يثقون في أنفسهم بأنهم سيكونون قادرين على حماية الشفرة؟”.

ولا يتعلق المفهوم الذي يكتسبه المرء من هذا السجال كله بالتوصل إلى جانب صائب وجانب مخطئ، أو رابحين وخاسرين، بل يتعلق بالأحرى بالشروع في إحدى أهم السجالات العامة بشأن الأدوار التي تؤديها التكنولوجيا وشركات التكنولوجيا في مجتمع يلتزم بحماية مواطنيه من الإرهاب والمهددات الأخرى. وما من إجابات ستكون سهلة بهذا الشأن. والكلمة الأخيرة في هذا السياق تعود إلى زيترين، الذي يقول إن تقرير “لا داعي للذعر: إحراز تقدم فيما يتعلق بالسجال بشأن التخفي عن المراقبة الرقمية” والمناقشات مثل تلك التي تحيط بشركة “أبل” في الوقت الراهن “ما هي إلا بداية، ويوجد الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل أن يداهمنا المستقبل”. ويقول زيترين، في إفادته الشخصية بشأن هذا التقرير، التي اختار لها عنواناً مناسباً هو “الأخبار الطيبة والأخبار المزعجة: نحن لن نتخفى عن المراقبة الرقمية” (The Good News and the Troubling News: We’re Not Going Dark) إن “تسمية ’التخفي عن المراقبة الرقمية‘ هي فقط بسبب أن الحالة الأمنية آخِذة في فقدان شيء كانت تمتلك لماماً سبيل الدخول إليه، وليس بسبب فقدان وسائل الحصول على معلومات مفيدة على حين غرة”. ويقول:

“يُعتبر فقدان وسيلة، وليس عدم امتلاكها مطلقاً منذ البداية، بلا شك تهديداً بالغاً لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي والمسؤولين الآخرين المضطلعين بمسؤولية حماية الأمن؛ فهُم يتساءلون: إذا كان بحوزتنا أمر قضائي أو أي سند قانوني آخر، فلماذا يُحظر علينا الحصول على المعلومات التي كان الوصول إليها متاحاً في السابق؟ وأجدني متعاطفاً مع فكرة أن مقدار ما يمكن أن تدركه الحكومة عنّا ينبغي ألا يعتمد على المطاردات الدائمة بين التدابير والتدابير المضادة التقنية… غير أن الأمر يعتبر خطوة كبرى – بل إنه قفزة – بأن نمضي إلى ما هو أبعد من المطالبات القانونية بالحصول على المعلومات التي بحوزة إحدى الشركات، وما هو أبعد من استغلال الوسائل التقنية للكشف عما كان سيبقى، بخلاف ذلك، مخفياً، إلى المتطلبات المتعلقة بالكيفية التي يجب نشر التكنولوجيا بها منذ البداية”.

ويطلق زيترين على هذه القفزة “الخطوة الطائشة”، مقتبساً عبارة قاضي المحكمة العليا، فرانكفورتر، الذي قال إنه ليس من الضروري أن “تحرق منزلك رأساً على عقب لتشوي خروفاً”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .