امنع الثقافة المسمومة في مؤسستك من التأثير على فريقك

5 دقائق
منع الثقافة المسمومة في الشركة

أحياناً يتصرف حتى المدراء أصحاب النوايا الحسنة بطرق يخجلون منها. خذ سامي على سبيل المثال الذي كان يحاول منع الثقافة المسمومة في الشركة. يُعرف سامي بفكاهته غير المنضبطة بعض الشيء والمهينة إلى حد ما، وتُعتبر بمثابة إحدى نقاط قوته. إنه يستطيع إضحاك الجميع. ولكنه أخبرني أنه يشعر بالإحراج في كل مرة يسخر فيها من شخص آخر. وهو يشمئز من حقيقة أن تصرفه يتعارض بشكل مباشر مع قيمه الشخصية. ومع هذا فإنه يواصل ذلك. ثم هناك سوزان التي يمدحونها لقدرتها على اختيار الشخص "المناسب" للوظيفة. وتشعر سوزان في أعماق قلبها بالخجل من نفسها. وهي تعلم أنها اختارت في أغلب الأحيان الشخص "المقبول" بدلاً من الشخص المناسب. وذلك يعني في مؤسستها، على مستوى معين، أنه رجل أبيض.

لماذا يقوم أشخاص بأعمال تنافي قيمهم بهذا الشكل؟

بحكم تجربتي، فإن الأمر لا يتعلق كثيراً بأخطاء الفرد الشخصية (مع أنني أعتقد أنه يوجد القليل جداً من القادة الجيدين جداً في مؤسساتنا، وعدد كبير جداً تحت المعدل أو فظيعين بصدق)، وله علاقة أكبر بالثقافة التي يعمل فيها هؤلاء القادة.

الثقافة هي دافع قوي جداً للفكر والسلوك الإنساني. وهي تخبرنا بما هو مقدس ومدنس، صحيح وخاطئ، جيد وسيئ. وهي تخلق سياجاً يحافظ على انتظامنا ويتأكد من قيامنا بالتفكير والتعبير عن رأينا والتصرف الصحيح. و"الصحيح" هو ما يتفق مع القبيلة التي ننتمي إليها. أما اليوم فمؤسساتنا هي قبائلنا. إنها مهمة جداً بالنسبة لنا، وقوية للغاية، حتى إنّ قواعد ثقافتنا التنظيمية تلقي بظلالها في أحوال كثيرة على قيم الثقافات الأخرى التي ننتمي إليها ومعاييرها؛ سواء القيم الوطنية أم المجتمعية أم الأسرية. وهذا ليس سيئاً بالضرورة إلا لو كانت المؤسسة التي ننتمي إليها تمتلك ثقافة مسمومة.

قوة وعلامات الثقافة المسمومة

إذا كنت تتساءل فيما إذا كانت ثقافتك التنظيمية غير صحية، فإليك بعض العلامات التي لاحظتها في الشركات التي قمت بدراستها.

الضغط للتغطية

يعبر إجراء "التغطية"عن إخفاء جوانب من شخصيتك أو هويتك أو التقليل من شأنها للانسجام في مكان العمل. وقد بيّن بحث كينجي يوشينو وكريستي سميث أنّ التغطية تؤثر على أغلبية الموظفين في مكان العمل، وأنّ الموظفين يحاولون التغطية على أي شيء، مثل العرق أو الديانة أو المذهب أو الطائفة. وللتغطية آثار خطيرة وسلبية بالنسبة للأشخاص الذين يشعرون أنهم لا يستطيعون تكريس أنفسهم بالكامل للعمل. وعلاوة على ذلك، إذا كان يوجد قيم أو سلوكيات مهمة تجبرنا ثقافتنا على التقليل من شأنها أو إلغائها بالكامل، أشياء مثل احترام الأشخاص الآخرين أو الإيمان بالجدارة والإنصاف أو التعاطف، فإنّ الموظفين الذين يعملون لدينا سيعانون أيضاً.

المنافسة الشديدة

قام كل من جينيفر بيردال وبيتر غليك وماريان كوبر بدراسة ما أسموه "منافسات الذكورة" في شركات تتمحور فيها المعايير (للرجال و النساء على حد سواء) حول الحاجة المستمرة لإثبات براعة الشخص ودافعيته للفوز والحرص على وضع العمل على رأس الأولويات في الحياة. وفي هذه الشركات يُسمح بالتنمر، وأحياناً يلقي الأمر تشجيعاً، ويرتقي القادة الذين يتصفون بالسلوكيات السامة في العمل. وتعتبر المكائد أسلوباً شائعاً. وتطغي حالات المرض والإنهاك الشديد والتصرفات اللا أخلاقية، ولا يشعر الموظفون بالأمان. اليقظة المستمرة والخوف والنشاط المطلوب للبقاء في هذه الشركات؛ كل ذلك يُفضي إلى ذكاء منقوص وضعف في عملية اتخاذ القرارات، ما يلقي بظلال سلبية على صافي المبيعات.

اقرأ أيضاً: كيف تمنع الغيرة من تسميم ثقافة فريقك؟

الضغط لتأدية أعمال إضافية

بالنسبة للأسباب المتعلقة بالحالة النفسية الشخصية (وانعدام الأمن)، والضغوط من المؤسسات عالية الأداء، وعالمنا الذي يجعل العمل يلازمنا من خلال التكنولوجيا، يمكن أن يقوم كثيرون منا بالعمل من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، وهذا موجود فعلاً، حتى إذا عملنا في شركات يحظى الموظفون والتعاون فيها بالتقدير. تتطور ثقافة العمل الإضافي بشكل خبيث، حيث تبدو تلك الدفعة الإضافية في مشروع كبير منطقية في ذلك الوقت، ونبقى للعمل حتى ساعات متأخرة. أو تتحول القليل من رسائل البريد الإلكتروني في أيام عطلة نهاية الأسبوع شيئاً فشيئاً إلى يوم عمل كامل. ثم يحدث ذلك مراراً وتكراراً، حتى أننا نستيقظ في منتصف الليل نتيجة القلق أو لتفقد هواتفنا. وعندما يكون هذا متوقعاً في العمل، نتصرف في أحوال كثيرة بطرق مخالفة لقيمنا ونعلق في دائرة عدم السعادة والإبداع المنقوص والإنتاجية المنخفضة.

لكن ماذا نستطيع أن نفعل حقاً بشأن الثقافة؟

لا تعتبر الثقافات التي تجبرنا على التضحية بأفضل صورة لنا جيدة لنا أو لمؤسساتنا. ولكن دعنا نواجه الأمر: ربما لن تكون قادراً لوحدك على تغيير ثقافة مؤسستك بأكملها. إلا أنّ ما بإمكانك فعله هو تولي زمام المسؤولية لخلق ثقافة مصغرة لها صدى حيث تحظى أنت بمعظم الفرص للنجاح: على مستوى فريقك. قد يكون من السهل القيام بهذه الأمور عندما تتولى قيادة الفريق، إلا أنه ليس من المهم أن تكون في مركز قوة. وإليك كيفية القيام بذلك:

ابدأ بنفسك

يسهل "نسيان" الاهتمام بأنفسنا لأنّ الثقافات المسمومة تستنزف طاقتنا ومرونتنا. لذا "ضع قناع الأكسجين الخاص بك أولاً"، ثم حدّد ما تحتاجه أنت حتى تتحلى بأكبر قدر من الكفاءة والسعادة في العمل. أيّ قيمك خرجت من المعادلة، وأدّت إلى شعورك بالتصادم مع نفسك أو مع شركتك؟ كيف هي صحتك؟ متى كانت آخر مرة فكرت فيها بشكل جدّي بشأن مستقبلك، مع أخذ مسارك المهني وحياتك بعين الاعتبار؟ سيؤدي التفكير في هذه الطبيعة، وخصوصاً إذا أشركت الآخرين في الأمر، إلى وضوح حول نوع الأجواء والبيئة التي تريدها وتحتاجها في العمل.

اقرأ أيضاً: الرئيس التنفيذي لشركة تراغر يروي تجربته حول اجتثاث الثقافة السامة

أصلِح العلاقات

أعِد خطة لإصلاح علاقات العمل التي ساءت أحوالها أو تلك التي تستنزف العواطف. من السهل أن تصبح شخصاً يتذمر وينتقد على الدوام، لأن الثقافات غير الوظيفية تقودنا غالباً إلى التصرف بطرق تؤذي بالعلاقات. ولتحسين الثقافة من حولك، تحكم بهذه المواقف؛ وتحمل المسؤولية عن موقفك وأفعالك. حاول أن تسأل نفسك "هل كنت قاسياً على زملائي خلال الأشهر القليلة الماضية؟" أو "هل يراني الموظفون كشخص يشتكون إليه من رئيسهم أو مشروعهم أو شركتهم؟ هل أعزّز التشاؤم بدلاً من الأمل؟". كن صادقاً لكن لا تقسو على نفسك كثيراً أيضاً.

ثم تعامل مع المشاكل الموجودة مع شخص أو أكثر من المقربين منك. تريث قليلاً، واستعد لاستخدام ذكائك العاطفي، وحدد وقتاً للحديث؛ ويُفضّل أن يكون ذلك خارج عملك أو على الأقل دون موعد محدد في نهاية وقتكم معاً. تتمثل إحدى الطرق لبدء هذه المحادثة في قيامك بالحديث حول نفسك وما تفكر فيه والتغيير الذي ترغب بإجرائه وأمنياتك في العمل. ويكون من المناسب الاعتذار أحياناً. يمكن لصدقك وسرعة تأثرك أن يمهدا الطريق لمحادثة مثمرة وتغييرات على كلا الجانبين، حيث إنّ زميلك مثلك قد لا يكون فخوراً جداً بدوره في العلاقة.

شكّل ائتلافاً

بمجرد إنجازك للعمل الأساسي، يأتي الوقت للموافقة على إجراء تغييرات دائمة على ثقافة فريقك. قم بمساعدة من موظف أو اثنين آخرين (ربما يكون بينهما رئيسك) بتخطيط سلسلة من الاجتماعات يمتلك فيها الموظفون فرصة للحديث حول ما يهمهم في العمل وما يريدونه وما يحتاجونه. اتخذ خطوات مدروسة لإبراز القيم المشتركة وقوانين المشاركة المشتركة لتوجيه سلوكيات الجميع. دون هذا في مدونة السلوك الخاصة بالفريق. ومع ذلك تذكّر بينما تعيش في خضم ثقافة جديدة أنّ الأشياء لن تتغير بين عشية وضحاها. العادات القديمة لا تموت بسهولة، وضغط ثقافة شركتك على نحو عام لا يزال حقيقياً جداً. فبينما تحمّلون أنفسكم المسؤولية عن بناء ثقافة مصغرة لها صدى، سيكون عليك أيضاً أن تكون صابراً وداعماً ومستعداً للمغفرة لنفسك وللآخرين.

من السهل جداً إلقاء اللوم على ثقافة الشركة غير الوظيفية لسوء سلوكنا. ولكن ليس عليك الخضوع للسمية التي تحدد ملامح مؤسستك. تستطيع القيام بشيء ما من خلال استخدام مهارات الذكاء العاطفي لديك واختيار التصرف بطرق يمكنك أن تكون فخوراً بها لمنع الثقافة المسمومة في الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي