قمت خلال السنوات السابقة بتدريب عدد كبير من فرق الإدارة التنفيذية خلال العديد من المراحل المفصلية في حياة الشركات، وشاهدت كيف تصل العديد من هذه الفرق إلى طريق مسدود مع مديري التسويق في شركاتها. وأرى أن هناك دروساً يمكن تعلمها من خلال معرفة سبب إقالة العديد من مديري التسويق، ويمكن أن تكون هذه الدروس مفيدة لأي مسؤول تنفيذي يحاول التنقل بين عالم الأعمال المترابط ترابطاً جذرياً في وقتنا الحالي.
اقرأ أيضاً: الترويج للعلامات التجارية في عصر شبكات التواصل الاجتماعي
على الرغم من أن دور مدير التسويق آخذ في التطور والتوسع، يبدو أن أفراد الفرق التنفيذية ما زالوا يرون أن مدير التسويق يجب أن يتمتع بخبرة في كل جانب من جوانب دوره. في معظم الحالات، تكون هذه وصفة للفشل؛ فالنجاح يأتي بالأحرى من اتباع دور الوسيط لنمو الشركة، والعوامل الأربعة المهمة لهذا النمو هي:
العلامة التجارية: هذا هو الدور التقليدي لمدير التسويق، فهو مهندس استراتيجية العلامة التجارية، وهو الذي يحدد وضع الشركة في السوق، وبالنسبة للمنافسة. مدير التسويق هو المسؤول عن الإبداع، وهو من يضع خارطة الطريق: أين تكون العلامة التجارية، وإلى أين تتجه، وكيف ستتحرك في هذا الاتجاه.
تسويق المنتج: لهذا الغرض، يسحب مدير التسويق جميع التحليلات والتصورات من كل الموارد المخصصة لخدمة العملاء في الشركة؛ للدعم والمشاركة في تطوير حلول محددة مع الشركة صاحبة المنتج.
البيانات والتحليلات: هذه كفاءة سريعة الظهور، وهي متناقضة في بعض الأحيان مع الدور التقليدي لمدير التسويق المبدع. ويُعد هذا الدور أكثر صرامة، وأكثر تركيزاً على الأرقام، وعلى مصادر البيانات، التي لم يكن الكثير منها موجوداً قبل بضع سنوات.
دعم المبيعات: لا يكون هذا الدور في بعض الأحيان من اختصاص مدير التسويق على الإطلاق، بل يشغله ويقوده فريق المبيعات فقط. يُقاس هذا الجانب من خلال جذب العملاء المحتملين، ودعم إدارة التسويق الميداني، التي بدورها تدعم إدارة المبيعات وتمكنّها. في العديد من الحالات، يكون العجز عن دعم عمليات البيع بنجاح هو سبب فشل مدير التسويق. وهذا بسبب الحقيقة البسيطة التي تفيد بأن الإيرادات والمبيعات تفوز دائماً. في بعض الأمثلة، تتجاهل إدارةُ المبيعات إدارةَ التسويق تماماً وتتولى المهمة؛ تاركةً مسؤولية علامة الشركة التجارية فقط لمدير التسويق.
عند مواجهة المطالب المتطورة لهذا المنصب، يتشبث العديد من مديري التسويق بالشيء الوحيد الذي يعرفونه جيداً. وفي كثير من الأحيان، يكون هذا ابتكاراً مشتركاً مع الرئيس التنفيذي الذي وظفهم. على سبيل المثال، عندما يستدعي الأمر تحديث العلامة التجارية، سيسعى الرئيس التنفيذي للشركة إلى الاستعانة بمدير تسويق من علامة تجارية كبيرة. وبعد إتمام عملية مكلفة لإعادة تشغيل العلامة التجارية، يكتشف الجميع أن مدير التسويق ما زال يروج لفكرة "أموال أكثر لعلامة تجارية أكبر". ويحدث هذا بالضبط عندما تشير ضغوط السوق إلى أن مدير التسويق يجب أن يتحول إلى دعم المبيعات وتسويق المنتجات.
رأيت أيضاً مديري تسويق كانوا مميزين في جذب العملاء المحتملين، لكنهم كانوا ضعفاءفي تحقيق نقلة نوعية في تبني العلامة التجارية. وفي بعض الحالات عندما يكون لدى الرئيس التنفيذي للشركة فكرة مختلفة عما يؤمنون به؛ فإن العديد من مديري التسويق لا يرغبون بمعارضته ويتجنبون التصعيد داخل الفريق التنفيذي، ويقولون ما يود الرئيس التنفيذي سماعه، لإنهم يخشون من مواجهة المتاعب. شهدت أيضاً في كثير من الأحيان صراعاً بين مدير التسويق والرئيس التنفيذي للشركة، لا سيما في المؤسسات التي يقودها المؤسسون، حيث تكون العلامة التجارية -في جوهرها- جزءاً من صورة الرئيس التنفيذي عن نفسه.
كيفية التغلب على تحديات مدراء التسويق
ما الذي يمكن أن نتعلمه من تتبع النمط الخاص بأسباب فصل مديري التسويق من وظائفهم؟ أنا أرى أربعة دروس مهمة:
1- التعرف على مسؤولياتك:
ربما تفضل استهلاك وقتك وطاقتك في جانب أو اثنين من الجوانب المذكورة في توصيفك الوظيفي -الجوانب التي تشعر أنك جيد فيها بصفة خاصة. ومع ذلك، أنت مسؤول عن كل هذه الجوانب. هذا يعني أنك لا بد أن تتعلم تذليل الصعاب الخاصة بجميع هذه الجوانب المهمة وتنظيمها، وليس من الضروري أن تنجزها بنفسك. فعلى الأرجح، إذا كنت تحاول تحقيق كل هذه القدرات بنفسك، فسيكون هذا هو سبب سقوطك. ليس عليك أن تتولى كل القيادة والتوجيه في كل هذه الجوانب؛ فمن خلال التنسيق الجيد ستأتي الحلول من الآخرين. ربما يكون هذا مزعجاً قليلاً، هذا يتوقف على مدى غرورك. لكن صديقاً لي اعتاد أن يقول إن في لعبة الغولف لا أحد يرسم الصور على بطاقة النتائج. وذلك لأن الكيفية التي وصلتَ بها إلى هناك ليست مهمة، بل الأهم هو أنك وصلت إلى هناك.
2- بناء فريق داعم لعملك:
إذن، من سيكون في فريقك وداعميك؟ ليس ما نقصده الأفراد الذين يعملون تحت إدارتك. في الواقع، إذا كنت رئيساً تنفيذياً عصرياً للتسويق، فقد يشمل "فريقك" (التنصيص متعمد) الرئيس التنفيذي للمنتجات، ورئيس قسم المبيعات ودعم المبيعات، والرئيس التنفيذي للاستراتيجية، والمسؤولين عن البيانات والتحليلات، والأفراد الأكثر إبداعاً في الشركة، الذين لديهم إحساس بالعلامة التجارية، وبالطبع الرئيس التنفيذي للشركة نفسه.
اقرأ أيضاً: تعرف على الاستراتيجية الأفضل للتسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
لا يعتمد نجاحك الفعلي بوصفك مسؤولاً تنفيذياً على مرؤوسيك المباشرين، بل يعتمد على قدرتك على بناء "فريقك"، ومن ثم قيادته دون سلطة رسمية وسيطرة، وذلك من أجل تجاوز تحديات مدراء التسويق المستمرة.
لديّ أكثر من صديق يعمل مديراً للتسويق، ممن تُعد وظائفهم على المحك. إحداهم بارعة للغاية في جذب العملاء المحتملين ودعم التسويق الميداني، وقد تكون فعالة في تحليل البيانات. لكنها غير كفء في الاشتراك في تطوير حلول واستراتيجيات مبتكرة للمنتجات. لن تكون هذه نقطة ضعف كارثية إذا كانت قادرة على التعاون مع الرئيس التنفيذي للمنتجات لأداء هذا الجزء من دورها. يقع الكثير من المسؤولين التنفيذيين في هذا الموقف، غير مدركين أن ما ينقصهم ليس المهارات الضرورية، بل القدرة على التعاون مع زملائهم في المناصب التنفيذية العليا الذين يتمتعون بهذه المهارات ويمكنهم سد هذه الفجوة.
3- عدم رؤية أي حدود من أجل تجاوز تحديات مدراء التسويق بطريقة صحيحة:
أعمل مع العديد من الشركات التي فيها مسؤول تنفيذي أو أكثر يسعى باستمرار إلى زيادة سلطته وسيطرته. غالباً ما يشعر هؤلاء الأشخاص بالإحباط من خلال الاصطدام بحدود الوظيفة. إليكم ما أقوله لهم: ليس هناك "حدود" لنمو أي إدارة، داخل أو خارج الشركة! لا توجد حدود للمبتكرين الجريئين والمؤثرين، أي الأشخاص الذين يمكنهم رؤية الإمكانات الكبيرة، وتجنيد المواهب، والتنقل بين الشبكات لإنجاز الأمور. لا يوجد سوى رغبتك في إشراك الأفراد الذين سينفذون أقوى الحلول داخل مؤسستك وخارج قاعدة العملاء. هذا هو تعريف تخطيط المنظمة للمستقبل.
4- التغلب على الديناميات داخل فريقك:
رأيت في كثير من الأحيان مديرين ورؤساء للتسويقق يفشلون، ثم يلقون اللوم على الديناميات داخل الفريق التنفيذي. لقد درّبنا العديد من إدارات المبيعات خلال التحولات، ووجدنا أنفسنا لا محالة نتوسط في المفاوضات لدى رئيس قسم المبيعات، أو رئيس قسم المنتجات، أو رئيس قسم التسويق، أو آخرين لا يمكنون مندوبي المبيعات من تقديم حلول رائعة. لا يهم من تظن أنه يعترض طريقك بصفتك قائداً للنمو؛ فوظيفتك هي تسهيل التحول والانتقال النوعي.
إذن ماذا يحدث إذا كان الرئيس التنفيذي للشركة، أو رئيس قسم المبيعات، أو الرئيس التنفيذي للمنتجات؛ يعترضون طريقك؟ لا أهتم. آسف لكوني محبِطاً، لكن هذا لا ينفي مسؤوليتك. تظل وظيفتك كما هي، وما زال هؤلاء الأشخاص أعضاء فريقك. واعلم أن لديك مزيجاً من الأفراد داخل إدارتك ممن يحتاجون إلى درجات متفاوتة من التدريب والمجاملة والتشجيع. وما زالت وظيفتك هي تجنيد زملائك وإشراكهم -دون سلطة- والعمل مع الرئيس التنفيذي لشركتك حتى يتحقق النمو الذي يتطلبه منصبك ورؤيتك.
اقرأ أيضاً: أسباب فشل مؤشر صافي نقاط الترويج
بالتأكيد، من الأسهل أن تسترخي وتلقي اللوم على الآخرين، كأن تقول: "إنها شخصية المؤسس التي تعترض الطريق"، أو "إنه غرور رئيس قسم المبيعات وعدم اهتمامه بالتعاون في العمل". لنكن صادقين، هذا ترف. تغلبْ على نفسك، وسلْها عما يمكنك فعله. كيف يمكنك الوصول إلى أعضاء فريقك وتجنيدهم بمروءة وثقة؛ للمشاركة في تقديم حل رائع؟ كيف يمكنك القيادة؟
بالتأكيد، يمكنك أن تكون محقاً، ولكن يمكن أيضاً فصلك من وظيفتك. فقط اسأل مديري التسويق الذين فُصِلوا من وظائفهم حتى الآن هذا العام من أجل معرفة كيفية مقاومة تحديات مدراء التسويق المستمرة.
اقرأ أيضاً: أفضل طرق التسويق للمنتجات على منصات التواصل الاجتماعي لرواد الأعمال الشباب