مجالس الإدارة لا يمكنها انتظار الرؤساء التنفيذيين لإعطاء الأولوية للتغيير الرقمي

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل يرغب مجلس إدارتك في أن يكون قوة دافعة في رقمنة الشركة، أم أنك تكتفي بالجلوس والمراقبة بينما تُحدث الشركات الرقمية المنشأ تحولاً في الصناعات الواحدة تلو الأخرى؟ يجب أن تعترف مجالس الإدارة بالقوى التي لا تُقهر على الساحة وأن تدفع رؤساءها التنفيذيين إلى إعادة اكتشاف الشركة بينما لا تزال لديهم الموارد اللازمة للقيام بذلك، وقبل أن يتعرضوا لضغوط من الناشطين الذين تتضح لديهم ضرورة الرقمنة.

إذ تعرضت شركة “بروكتر آند غامبل”، في يوليو/تموز من العام 2017، إلى هجوم من المساهم الناشط نيلسون بيلتز، الذي كانت شركته “ترايان بارتنرز” (Trian Partners) تمتلك حصة في الشركة تبلغ 3.3 مليار دولار. وبعد أن لاحظ تناقص الحصة السوقية للشركة في 41 دولة من مجموع 60 دولة حول العالم والنمو الضعيف للأرباح مقارنة مع الشركات النظيرة، طلب بيلتز الحصول على مقعد في مجلس الإدارة بحجة أنه يمكن أن يساعد في معالجة المشكلات الكامنة. وشرح في مقابلة مع قناة “سي إن بي سي” جرت في 17 يوليو/تموز من ذات العام ما اعتبره الأسباب الجذرية لهذه المشكلات، التي على رأسها الثقافة الانعزالية للشركة التي كانت بطيئة في الاستجابة لتهديدات المنافسين التقليديين، ولتهديدات المنافسين الرقميين الآن. وكانت العلامة التجارية لشفرات الحلاقة “جيليت” التي تنتجها شركة بروكتر آند غامبل خير مثال على ذلك؛ إذ فقدت حصتها في السوق بشكل مضطرد واضطرت إلى خفض الأسعار عندما ظهر الوافدان الجديدان شركتا “دولار شيف كلوب” (Dollar Shave Club) و”هاريز” (Harry’s) على الساحة التنافسية.

ورفضت شركة بروكتر آند غامبل طلب بيلتز الحصول على مقعد في مجلس إدارة الشركة، وبدأت معركة بالوكالة. بيد أن الشركة لم تتجاهل الحقيقة الدامغة المتمثلة في أن العالم الرقمي كان يؤثر على أنشطتها. وكما أوجز بيلتز: “يجب أن تواكب التطورات”.

وفيما يلي خمسة تدابير يمكن أن تتخذها مجالس الإدارة لمساعدة الرؤساء التنفيذيين على القفز فوق الفجوة الرقمية.

الحصول على مستوى عال في فهم كيفية تأثير الرقمنة على الشركة. إذ يتعين على أعضاء مجالس الإدارة فهم أساسيات ما يعنيه تحويل شركة راسخة إلى شركة رقمية. اقتطع وقتاً من جدول أعمال مجلس الإدارة لإجراء مناقشات أساسية ينبغي أن يكون الرئيس التنفيذي فيها جاهزاً لتوضيح ما الذي يمكن أن تُلحق به الجهات الفاعلة في مجال عملك أو خارجه الضرر بالشركة، ومدى السرعة التي يمكن أن يتدهور بها النشاط الرئيس للشركة إذا استمرت في المسار الحالي. وينبغي أن يُسفر هذا عن تشاطر الشعور بالطابع المُلح للمشكلة. وفي حال لم يحدث ذلك، فاستعن بجهات خارجية، أي أشخاص من الصناعات الأخرى أو الأوساط الأكاديمية أو المحللين الأمنيين، لشرح ما يرونه يلوح في الأفق.

وعندما شعر أعضاء مجلس إدارة شركة “سينجتيل” (Singtel)، عملاق الاتصالات في سنغافورة ، بأن المهددات المزعزعة تمثل تحدياً للخدمات في صميم صناعة الاتصالات التقليدية، كانوا يعلمون أنه يتعين عليهم تعلّم المزيد من أجل تكوين وجهة نظر مستنيرة بشأن كيفية تأقلم الشركة مع هذه المهددات. وقضى مجلس إدارة الشركة بأكمله أسبوعاً في منطقة وادي السيليكون يتعلم كل شاردة وواردة عن المشهد التقني. وأعقبوا ذلك بزيارات إلى شركات أخرى ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) والعلامة التجارية نيويورك كوريدور لإجراء مناقشات متعمقة مع قطاعات متعددة من قادة الصناعة. وأسفر هذا الاطّلاع عن “لحظة تبصُّر” عندما أدرك مجلس الإدارة أن شركة سينجتيل لم تعد شركة اتصالات تقليدية. وكان لا بد من إعادة تعريفها بصفتها جهة فاعلة في خدمات الإنترنت المحمول، ما يعني، من بين أمور أخرى، إعادة هندسة شبكاتها والانتقال من نموذج تسعير الاتصالات الصوتية والمراسلة إلى نموذج تسعير يرتكز على البيانات. ولم يتساهل مجلس الإدارة فحسب إزاء تحركات الرئيس التنفيذي الجريئة، بل دعمها بالكامل وكان مستعداً للضغط على الرئيس التنفيذي إذا كان بطيئاً للغاية في العمل.
تأكد من امتلاكك الرئيس التنفيذي المناسب. تصعد الشركات وتنهار بسبب رؤسائها التنفيذيين إلى حد كبير. ويتعيّن على مجالس الإدارة معرفة أن رئيسها التنفيذي لا يفوّت فرصة التحول نحو الرقمنة. وينبغي أن تكشف هذه المناقشات المبكرة ما إذا كان الرئيس التنفيذي يقاوم التغيير أو يستمتع به. وذكّر نفسك أن بعض القادة ينظرون إلى هذا المنعطف الحرج بصفته فرصة لتشكيل مساحة السوق بطريقة جديدة والارتقاء إلى آفاق جديدة. هل تكشف أفعال الرئيس التنفيذي عن قناعاته؟ تُعد التحديات المرتبطة بخوض التحول الرقمي كبيرة. ويتعين على مجلس الإدارة التمييز بين العقبات التي يجري التصدي لها وبين ما هو مجرد أعذار.

ويشتكي الرؤساء التنفيذيون من أنهم لا يعرفون من أين يحصلون على المواهب، أو أنهم لا يجدون شركة استشارية يمكنها أن تقودهم خلال عملية التحول من بدايتها إلى نهايتها، أو أنه يتعين عليهم استيفاء متطلبات بورصة “وول ستريت”، أو أنهم لا يعرفون كيفية تبنّي التغيير. وتُعد هذه الصعوبات حقيقية، لكن يجب التغلب عليها. وفي حال لم يستطع الرئيس التنفيذي حلها، فعليك أن تطرح السؤال التالي: هل ما زال هذا هو الرئيس التنفيذي المناسب؟ إذ إن ما جعل القائد ناجحاً في الماضي لن يكون هو نفسه ما سيجعله ناجحاً في المستقبل.

شجِّع الرئيس التنفيذي على الاستعانة بأي خبرة يحتاجها لإعادة التصور بشأن كيفية إعادة بناء الشركة حول منصة رقمية. حيث يمضي الاتجاه الواضح صوب تلبية احتياجات الزبائن من الأفراد من خلال استخدام المنصات الرقمية التي تتضمن الخوارزميات والذكاء الاصطناعي وترتبط بالشركاء في بيئة العمل المتكاملة. وينبغي أن يكون بوسع الرئيس التنفيذي تصوّر التفاصيل المتعلقة بكيفية نجاح نموذج المنصة وشرحها، والقدرات الجديدة التي سيلزم الشركة بناؤها  والوقت الذي سيستغرقه ذلك، والكيفية التي ستتغير بها بيئة العمل المتكاملة، والمراحل البارزة التي ستبيّن أن خطة الانتقال تمضي على المسار الصحيح. إذ استحق بعض الرؤساء التنفيذيين تقلُّد مناصبهم من خلال تحسين الشركات القائمة وخفض التكاليف. ويمكن أن يجدوا صعوبة في تخيّل النمو الهائل الذي يمكن أن تحققه منصة رقمية. لذا، ينبغي أن تعرف مجالس الإدارة الرئيس التنفيذي بشكل كاف للتعرف على هذا القيد واقتراح سبل لفتح مجال أرحب له. وربما يتطلب الأمر بعض التغييرات في الفريق الأعلى أو مزيجاً مختلفاً من الأشخاص الذين يعملون مع الرئيس التنفيذي، بما في ذلك بعض الأشخاص الصغار نسبياً وبعض الأشخاص القادمين من شركات رقمية المنشأ، لإفساح سعة الخيال.

الاستعداد للدفاع عن الرئيس التنفيذي ضد ردود الفعل من داخل الشركة وخارجها ومن دوائر الاستثمار. ينطوي عبور الفجوة الرقمية على تغيير الطريقة التي تحقق بها الشركات الأرباح. وفي حين يمكن للشركات الناشئة الرقمية إقناع المستثمرين بإرجاء الحصول على أرباح الأسهم، إلا أن الشركات الراسخة تعاني أكثر في إيصال هذه الرسالة للمستثمرين الذين اعتادوا على نمو الأرباح وأرباح الأسهم. وتعد أفضل المواهب في الخوارزميات والمنصات والذكاء الاصطناعي نادرة ومكلفة، لذا فإن الشركات التي تنتقل إلى شركات رقمية يمكن أن تتوقع ارتفاع تكاليف التشغيل بسبب ارتفاع الرواتب. وينبغي أن يساعد مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي في الاستعداد لنشر القصة بالخارج.

ولن يكون بعض المساهمين سعداء في حال انخفضت الأرباح بشكل مؤقت. كما ينبغي لمجلس الإدارة التواصل معهم لتوضيح أن المراحل البارزة في المدى القصير يجري رصدها والوفاء بها، وأنها تدعم الخطة. ويمكن أن يضطر المجلس أيضاً إلى إعادة التفكير في فلسفة الأجور، لأن جميع الرؤساء التنفيذيين وفرقهم يستجيبون لمؤشرات الأداء الرئيسة. وتنطوي هذه العملية الجديدة على مخاطر يجب مراعاتها في الحوافز. إذ يمكن أن يُسفر تحقيق وفورات في التكاليف، على سبيل المثال، عن تثبيط همة الرئيس التنفيذي في توظيف الخبرات اللازمة.

الحذر من التردد. من المحتمل أن يكون بعض رؤساء مجلس الإدارات أكثر استشرافاً في التفكير من غيرهم. وعندما تزداد الضغوط، كما هو الحال خلال رحلة عبور الفجوة الرقمية، يمكن أن يشعر البعض بعدم الارتياح حيال الخطة والرئيس التنفيذي، أحدهما أو كليهما. وينبغي لمجلس الإدارة تناول هذه المخاوف في الجلسة التنفيذية، وعلى الرئيس أو المدير الرئيس إبرازها. وينبغي أن تقوم مجالس الإدراة بصورة منتظمة بتقييم مكوناتها وتجديدها على أي حال. إذ إن مقاومة واقع الرقمنة هي سبب وجيه للتعجيل بالتغيير.

وشئنا أم أبينا، فقد أصبحت الرقمنة واقعاً. وستأخذ الشركات التي تبدأ عاجلاً التغيير صوب الرقمنة زمام المبادرة. وينبغي أن تضطلع مجالس الإدارة بمسؤوليتها في العبور بشركاتها فوق الفجوة الرقمية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .