ماذا تفعل للحفاظ على إنتاجية فريقك في حالات عدم اليقين؟

7 دقائق
الحفاظ على الإنتاجية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يشعر الجميع بعدم الارتياح تجاه عدم اليقين. وسواء تعلق الأمر بالاضطرابات السياسية أو بإعادة هيكلة الشركة، فمن المرجح أن يتشتت الموظفون الذين يساورهم القلق على مستقبلهم ويكونوا غير منتجين. فماذا يجب على المدير فعله في مثل هذه الحالة من أجل الحفاظ على الإنتاجية لدى الفريق؟ وكيف تحافظ على تركيز الموظفين تساعدهم كذلك على التعامل مع المشاعر التي تنتج عن الغموض والتغيير؟

رأي الخبراء حول كيفية الحفاظ على الإنتاجية

يشعر معظمنا عند مواجهة عدم اليقين بالضيق والقلق وبأنه يرزح تحت عبء ثقيل. وكما يوضح ريتش فيرنانديز (Rich Fernandez)، وهو من مؤسسي “ويسدوم لابز” (Wisdom Labs) وخبير في المرونة: “نمتلك تشريحاً عصبياً يوجهنا نحو التوتر في الأوقات المشحونة بشدة”. ما يدخلنا في دورة غير صحية، وكما تقول سوزان ديفيد (Susan David)، وهي مؤسسة معهد التدريب في مستشفى “ماكلين”، ومؤلفة كتاب “المرونة العاطفية” (Emotional Agility)، “من أعراض التشتت أن نزداد تشتتاً، ثم نشعر بالمزيد من القلق”. وبالنسبة للفريق، يمكن لتلك المشاعر، وما ينتج عنها من تأثير على الإنتاجية، أن تكون أمراً معدياً. إذ توضح سوزان: “نلتقط المشاعر بتلقائية ونبدأ بالإحساس بها أو محاكاتها بأنفسنا”. ولمساعدة الموظفين في الحفاظ على تركيزهم رغم ما يدور حولهم في العالم أو المكتب، يؤمن فيرنانديز بما يسمى “الإدارة المتعاطفة”، حيث “تسعى إلى فهم الطريقة التي يمكن أن تساعد الموظفين أو تفيدهم من خلالها، بينما تُوازِن الحاجةَ للحفاظ على استمرارهم في تأدية مهامهم”. وفيما يلي بعض الطرق العملية لتحقيق ذلك.

اعتنِ بنفسك أولاً

ستكون لديك قدرة أكبر على مساندة فريقك وتقديم نموذج للتحلي بالمرونة عند إقرارك وتعاملك مع أي توتر أو قلق تشعر به. فابدأ بتكريس الوقت لفهم ما تشعر به. إذ تقول سوزان “عليك بتسمية مشاعرك، ثم اجعل بينك وبينها مسافة حتى تستطيع أن تتخذ قراراً واعياً يتعلق بكيفية التصرف بشكل يتفق مع قيمك. ثم اسأل نفسك: هل ينبغي أن أكون في هذا الموقف؟ ما هو أهم شيء بالنسبة لي؟ فعلى سبيل المثال، “إذا كان التعاون من بين قيمك الأساسية، فعليك أن تسأل نفسك، كيف يمكنني مساعدة الموظفين كي يشعروا بأنهم جزء من الفريق؟”.

اقرأ أيضاً: استراتيجية تساعد فريقك على إنجاز ما هو أكثر من الوفاء بالمواعيد النهائية للمهام

سلم بوجود عدم اليقين

لا تواصل العمل كالمعتاد إذا أحسست أن موظفيك قلقون بشأن مستقبل البلاد أو بشأن مؤسستك أو وظائفهم. إذ يقول فيرنانديز: “تلك التجارب صادقة للغاية ولا يمكن تجاهلها أو إنكارها أو قهرها”. وحتى إذا كانت نيتك هي الحفاظ على تركيز الموظفين، يُعتبر كبت مشاعرك أو توقع قيام الموظفين بأمر مماثل أمراً خطيراً. حيث يبدأ الشعور بعدم الارتياح تجاه التعبير عن المشاعر أو القلق يسيطر على الأفراد، “ثم تبدأ أنت في تلقي تأثير ارتدادي”، على حد قول سوزان. وبدلاً من ذلك، عليك معالجة المسألة بطريقة مباشرة. حيث يمكن الإقرار بأن الأمور تبدو فوضوية وغير متوقعة في الوقت الحالي. وفي الوقت نفسه، ينبغي عليك أن تواسيهم لدرجة معينة، فينبغي أن تتجنب “نشر الإحباط”، حيث تعلق في دوامة سلبية. وعليك الإقرار بمشاعر الناس، ثم كما تقول سوزان: “انتقل للحديث عن رغبتك في التصرف كفريق”.

شجع على التعاطف الذاتي من أجل الحفاظ على الإنتاجية

ربما ينظر بعض أفراد فريقك حولهم ويتعجبون من كيفية تماسك زملائهم بينما لا يقدرون هم على النوم ولا على أن يكونوا منتجين. شجعهم على التحلي بقدر من التعاطف الذاتي مع الإقرار بأن التوتر أمر طبيعي، وأنه استجابة فسيولوجية للشعور بفقدان السيطرة على الأمور أو للشعور بالتهديد. إذ تقول سوزان: “ساعد الموظفين على إدراك أن التغيير يمكن أن يؤدي إلى قصور في الفعالية، وإلى إنهاك عقولنا وأجسادنا. وإذا أحسست بالتوتر، فعليك أن تقر بذلك، أو تحدّث عن بعض المواقف التي شعرت فيها بالقلق، وذلك حتى يشعروا بأنهم ليسوا وحدهم.

اقرأ أيضاً: مجرد سماعك لتنبيه من هاتفك يضرّ بإنتاجيتك

اسأل الموظفين عن الأشياء التي يحتاجونها

تحدث مع الموظفين، كل على حدة، ودعهم يصفون ما يمرون به. حيث يقول فيرنانديز: “عليك أن تُجري بعض “الأحاديث الخاصة بتبني وجهات النظر من خلال وضع نفسك في موقفهم”. وعليك أن “تفهم جيداً ما يفكرون يشعرون به، حتى إن كنت لا توافقهم الرأي أو لا تشعر بالمشاعر ذاتها”. إذ يشكل هذا التعاطف أساساً للثقة حتى تتمكن من التحول إلى وضعية حل المشكلة. كما يقترح فرنانديز أن تقول: “يبدو لي أننا نمر بوقت عصيب. ما هو أكثر شيء يمكن أن يساعدنا في الوقت الحالي؟ لنفكر في الأمر معاً، لأنني أرغب في المساعدة والتأكد من إنجازكم لعملكم”. ربما كان الموظفون في حاجة إلى بعض التوجيه فيما يتعلق بتقليل التشتيت، أو إلى النصح فيما يتعلق بتحديد أولويات عملهم، أو إلى قدر أكبر من المرونة.

ركز على الأشياء التي تخضع بالفعل لتوجيهك

أوضح البحث أنه حتى الطقوس الصغيرة يمكن أن تقلل من التوتر وتحسن الأداء، شأنها شأن التقدم التدريجي نحو الأهداف المحددة بصورة واضحة. وبمقدورك أيضاً أن تمنح الأفراد قدراً أكبر من المرونة في تحديد جدول أعمالهم، طالما كنت “تشجعهم على التخطيط المسبق والاتفاق على أن تظل توقعات الأداء على حالها”، كما يؤكد فيرنانديز. وتوصي سوزان هي الأُخرى بالعودة إلى القيم. حيث توضح أنه حتى “عندما يُنزع قدر كبير من السلطة والاختيارات، يظل بمقدور المرء اختيار من يريد أن يكون”. ومن ثم، ساعد الموظفين على تحديد الأمور التي تُعد مهمة بالنسبة لهم. وتستطيع القيام بذلك مع الفريق بأكمله بأن تقول لهم: “كيف نتصرف خلال تلك الأوقات؟ كيف نرغب في أن يتعامل كل منا مع الآخر؟” وعلى سبيل المثال، ربما يتفق أعضاء الفريق على رغبتهم في الاستمرار بتقديم منتج جيد لعملائك بينما يكنّون الاحترام لبعضهم البعض ويتعاملون بود فيما بينهم. وتقول سوزان: “إن ذلك يساعد الفريق على أن يظلوا متماسكين عندما تعيد التأكيد والتشديد على الإحساس المشترك بالهدف”.

اقرأ أيضاً: نصائح عن الإنتاجية للناس الذين يكرهون نصائح الإنتاجية

شجع على العناية بالذات واجعل من نفسك نموذجاً لذلك

يعد النوم والتمارين الرياضية والغذاء السليم من الأشياء التي ثبت أنها تقضي على التوتر وتعزز الإنتاجية. إذ تقول سوزان: “شجع أعضاء فريقك على العناية بأنفسهم”. وعلى سبيل المثال، إذا أخبرتك إحدى الموظفات أنها تأخذ هاتفها معها إلى الفراش كي تطالع البريد الإلكتروني للعمل أو الأخبار، فربما اقترحت عليها تركه في غرفة أُخرى. وإذا رأيت الموظفين يتصفحون “تويتر” أو يتناقلون الشائعات حول إعادة الهيكلة خلال استراحة الغذاء، فربما كان عليك أن تدعوهم إلى التريض بدلاً من ذلك. علماً أنه ليس من اختصاصات المدير أن يُملي هذه السلوكيات على الموظفين، ولكن لا بأس من تقديم النصح، لا سيما وإن كان ذلك من منطلق خبرتك وعلمك بالأشياء التي حققت نجاحاً معك. ويقول فيرنانديز، تساعد تمارين التنفس الواعي على تخفيف القلق وزيادة التركيز. وعلى الرغم من أنه يبدو أمراً محرجاً أن تذكر موظفيك بممارسة تمارين الشهيق والزفير، لكن بإمكانك مشاركتهم الأبحاث ودلالاتها إلى فوائد هذه التمارين.

مبادئ لا تُنسى في سبيل الحفاظ على الإنتاجية

الضرورات:

  • اجعل التوتر أمراً طبيعياً، فهو استجابة فسيولوجية شائعة لعدم اليقين.
  • زد من إحساس الموظفين بالسيطرة على تصرفاتهم وجدول عملهم.
  • شجع الموظفين على العناية بأنفسهم من خلال النوم والغذاء والتمارين الرياضية السليمة.

المحظورات:

  • لا تتجاهل إحساسك بالقلق ومخاوفك.
  • لا تتجاهل مشاعر الموظفين.
  • لا تسمح لعدم اليقين بأن يكون عذراً لعدم إتمام العمل

دراسة حالة رقم 1 حول الحفاظ على الإنتاجية لدى الفريق: التحدث عن المخاوف علانية والمرونة مع الموظفين

كانت جان بروس (Jan Bruce)، الرئيسة التنفيذية لمنصة التدريب الافتراضي “ميكويليبريام” (meQuilibrium) وأحد مؤسسيها، وهي المنصة التي تساعد الناس على تحقيق قدرة أكبر من المرونة، تلاحظ في الفترة التي سبقت الانتخابات الأميركية وكذلك في أعقابها، تزايد مستويات القلق لدى الكثير من موظفيها البالغ عددهم 41 موظفاً. إذ تقول: “كان الموظفون يتحدثون عن الانتخابات ويعبّرون عن قلقهم. وكان بعضهم قلقاً تجاه مشاكل شخصية، كعدم القدرة على سداد القروض الطلابية أو تجديد تأشيراتهم، بينما يشعر آخرون بالقلق تجاه الشركة وكيف ستؤثر التغييرات السياسة في قدرتها على تعيين موظفين من خارج البلاد”. وتضيف قائلة: “لقد كان الجو مشحوناً بالتوتر بكل تأكيد. فالناس لا يحبون عدم اليقين. وهذا أمر منطقي، فنحن مجبولون على توقع حدوث النتائج السلبية والمخيفة”.

بالنظر إلى مجال عمل الشركة، كانت جان تعرف ما ينبغي عليها فعله. أولاً، تأكدت من أن جميع الموظفين يشعرون بالراحة في الحديث عمّا يمرون به. حيث تقول جان: “حتى قبل إجراء الانتخابات، هيأنا جواً عاماً في مقر العمل، حيث نسمح بالحديث عن السياسة ونشجع على ذلك. وكان بمقدور الموظفين الإقرار بما يشعرون، ومعالجة الأمر مع زملائهم، ثم الانتقال بعد ذلك لإتمام المهام المنوطة بهم”.

ونتيجة لتمكن الموظفين من التعبير عن مخاوفهم، كان بمقدور جان وغيرها من المدراء في “ميكويليبريام” المساعدة في وضع استراتيجية لكيفية معالجة تلك المخاوف. فتقول جان: “أعتقد أنه غالباً ما يتم تضخيم المخاوف مع ميل الموظفين للمبالغة. فقد يقولون إننا لن نستطيع توظيف أي شخص بسبب التغييرات التي ستطرأ على التأشيرات الخارجية، ولكن 5% فقط من موظفينا هم أصحاب تلك التأشيرات”. كما تحدثوا صراحة عن المخاطر التي تتعرض لها الشركة. “لم نتكتم على تلك المخاوف، حتى وإن كانت النتائج في العادة لا تأتي على الفور بالدرجة نفسها أو لم تكن جذرية بالقدر الذي يخشونه”. ومع طرح المسألة للمناقشة، كان بمقدورهم الانتقال إلى وضعية حل المشكلة والتحدث عن كيفية حماية أنفسهم ضد تلك المخاطر.

وأمسى الكثير من الموظفين أكثر انخراطاً في عالم السياسة بعد الانتخابات، وعملت جان لمنحهم السيطرة على جدول عملهم كي يتمكنوا من فعل ذلك. “ووجدنا منذ بضعة أسابيع أن الموظفين يغادرون المكتب للذهاب إلى التظاهرات أو المسيرات. بالنسبة لنا، يبدو ذلك أشبه بالذهاب إلى موعد طبيب الأسنان. فنحن لا نؤيد موقفاً سياسياً معيناً، نحن فقط نمنح الحرية للموظفين ليفعلوا ما هو مهم بالنسبة لهم”.

وعلى الرغم من تصريح جان بأن الوقت الحالي يُعد وقتاً مضطرباً بالنسبة لعالم السياسة في الولايات المتحدة، فإن منهجها ليس محدداً بتلك الفترة: “إن الشفافية والدعم الاجتماعي والمرونة تُعد جزءاً من قيمناً، بغض النظر عما يحدث في العالم”.

دراسة حالة 2: امنح الموظفين شعوراً بالأمل وستتمكن من الحفاظ على الإنتاجية

كانت ناعومي هاردي (Naomi Hardy) مديرة إقليمية للموارد البشرية في شركة للطاقة خلال عملية اندماج تسعة كيانات مختلفة. وكان ذلك الوقت عصيباً بالنسبة لمعظم الموظفين، لا سيما موظف يعمل جيولوجياً كان يكابد نتيجة اضطراب إعادة الهيكلة. إذ تقول ناعومي: “تخطَّى ميزانية المشروعات مراراً وتكراراً”. وبما أنه كان من أصحاب الأداء القوي في الماضي “أصابت الحيرة الإدارة العليا وشعر الموظف بالاضطراب”.

عندما بدأت ناعومي في التحدث إليه، اكتشفت أن “التغييرات التي تحدث في الشركة وعدم اليقين والشائعات التي لا تنقطع كانت تصيبه بالقلق. ونتيجة لذلك، افتقد إلى التركيز، وصار ما كان ينهيه في ساعة واحدة يستغرق أربع أو ست ساعات. فلم يعد ببساطة يمتلك القدرة على التركيز”.

وفي الحقيقة، ساعدت ناعومي الجيولوجي في التركيز على الأشياء التي كانت تحت توجيهه. وذكَّرته أنه بغض النظر عمّا سيحدث في الشركة، فإنه يمتلك الكثير من نقاط القوة إضافة إلى قائمة مذهلة من الإنجازات. ثم قامت بتدريبه على “تحسين نفسه وعلى التعلم خلال تلك الفترة وجعل نفسه ذا قيمة، سواء تم الاستغناء عنه أم لا”، بل وشجعته أيضاَ على التعرف على الشركات المنافسة، و”التي سترحب بانضمامه إلى فريقها، إذا دعت الحاجة إلى ذلك”. وفي الوقت نفسه، أكدت أهمية إدارة مشاريعه بصورة أكثر فعالية والوفاء باحتياجات عملائه.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تعزيز إنتاجية فريقك؟

لقد أثمرت جهودها الرامية إلى زيادة إحساسه بالفعالية وبالأمل. وعاد إلى سابق عهده بالنسبة لميزانية مشاريعه ومواعيد الانتهاء منها. إذ تقول ناعومي: “لقد تمكن من رؤية مستقبل له، بغض النظر عن مستقبل الشركة”. وعلى الرغم من تسريحه في نهاية المطاف، فإنه سرعان ما حصل على وظيفة لدى شركة منافسة واستطاع أيضاً الحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .