كيف نبتكر المستقبل؟

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نحن بحاجة إلى أكثر من مجرد أفكار كبيرة أو كلمات زاخرة بالقوة أو رؤية فائقة الوضوح كي نصنع المستقبل. نحن نحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى أن نكون قادرين على التخلي عن الماضي وتركه وراء ظهرنا.

إن عدم تفحص القواعد كما وُضِعت سابقاً ليس أمراً ثانوياً؛ بل تترتب عليه تكلفة باهظة. وهو يوقف عجلة التقدم. إنه أيضاً هزيمة للأشخاص الذين لديهم أفكار جديدة غير مسبوقة. وهو يعزز المصالح الراسخة.

فعندما يقبل المجتمع بممارسات القرن العشرين وطرقه وأساليبه وإجراءاته ويعتمد عليها في تصوره للقرن الحادي والعشرين، فإن الفشل في هذه الحالة يكون حتمياً. وبغية دراسة أفكار جديدة، يتعين عليك أن تكون جاهزاً للتخلي عن الأفكار التي فات أوانها ولم تعد نافعة.

وقد سبق لي أن فكرت في الشيء الذي نواجهه جميعاً وهو كيفية التعامل مع التغيير. وهنا لا أتحدث عن أي تغيير عادي، وإنما عن التغيير بالمطلق. فحياتك المهنية وشركتك (إذا كان لديك شركة) والقطاع الذي تعمل فيه كلها تتكيف مع التغيير. وإلى جانب هذا التأقلم تبرز الفرصة لطرح الأسئلة حول المقاربات الجديدة التي يجب تبنّيها، وماذا ينبغي فعله بالأطر والأفكار الحالية القائمة. وفي هذه الحقبة الاجتماعية، أي في وقت أصبح فيه البشر المتصلون مع بعضهم بعضاً قادرين على القيام بأمور لم يكن من الممكن سابقاً أن تقوم بها إلا منظمات كبيرة، فإن الكثير من الأشياء التي كانت تنفع ذات يوم، لم تعد تنفع مطلقاً.

أعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى “طريقة” أفضل لابتكار الأفكار. فلا يكفي أن تكون لدينا الفكرة الفضلى، أو العبارة التي تجعل فكرة ما تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم. بل إن ما نحتاجه هو وسيلة لجعل الأفكار قوية بما يكفي لدفع العالم إلى الأمام. ولا يمكن لأي إنسان أن يفعل ذلك بمفرده

ولإيجاد طريقة للمضي إلى الأمام نحو المستقبل، دعونا نستكشف ما قام به إيريك ليو، مؤسس “جامعة المواطن” (Citizen University)، التي تدير برامج مصمّمة للمساعدة في بناء مهارات المواطنة الفعالة، وكيف يعمل على مبادرته:

أولاً، يجب أن يكون لأعضاء أي مجموعة تنضم إلى البرنامج غرض مشترك يتجاوز مصالحهم الخاصة. ليس استراتيجيات مشتركة، وإنما غرض مشترك، وبوجود استراتيجيات عديدة مختلفة ربما (ومتعارضة على الأغلب) لتحقيق ذلك الغرض. هذا هو سبب جذب “جامعة المواطن” قادة من حركة “موف أون دوت أورج” (MoveOn.org) ومن “حزب الشاي” (tea party). لقد اختاروا التجمع معاً لأنهم في الوقت نفسه قادة وناشطون مهتمون بإعادة إحياء الديمقراطية وفق مقاربة شاملة للجميع من القاعدة إلى القمة.

ثانياً، يتوافق المشاركون الأفراد على البناء على أفكار بعضهم البعض. ليس كمناصرين أو نقاد، ولكن وفق شكل يمكن أن نسمّيه “المعارضين الأوفياء”: بمعنى أن يكون المرء قادراً على القول: “إليكم الأشياء الخاطئة، ولماذا أعتقد ذلك، وطريقة ممكنة لجعل الفكرة أفضل”.

ثالثاً، وهي النقطة التي تشكل أساس النقطتين السابقتين، يشمل من يدعون إلى عقد الاجتماعات كل شخص بوسعه المشاركة في المحادثة. فلسماع فكرة جديدة واعدة، يتعين عليك أن تستمع إلى أنماط عديدة من الناس الذين يمتلكون تاريخاً مختلفاً وتجارب متباينة، بحيث تشكل حداثة هذه الأفكار تحدياً بالنسبة لك.

من الصعب معرفة ما إذا كان إيرك وفكرة “جامعة المواطن” ستحققان الهدف الذي انطلقا في تحقيقه، وهو إعادة إحياء المواطنة في الولايات المتحدة. فنحن بحاجة إلى سنوات كي نتبين إلى أين ستؤول الأمور في تلك القصة. لكن مقاربتهم تشابه المقاربات الناجحة التي اعتمدتها فرق الابتكار في مختلف الشركات. إنها “الطريقة الجديدة”، وهي عبارة عن طريقة تعاونية تحاول تغيير شكل الأفكار لتصبح أفضل، وأقوى، وتتحول في نهاية المطاف إلى واقع ملموس.

دعونا نبتكر المستقبل، لسنا بحاجة إلى المزيد من الأفكار أو كلمات أفضل، أو رؤى توجيهية لصنع المستقبل، بل نحتاج إلى تحدي المعتقدات الشائعة والمصالح الراسخة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .