هل شركتك مستعدة لحماية سمعتها من التزييف العميق؟

4 دقائق

بعد الغضب الشعبي العارم الذي اجتاح العالم بسبب انتهاك أشهر منصات التواصل الاجتماعي خصوصية مستخدميها وبسبب عجزها أو عدم رغبتها في التعامل مع المحتوى المضلل، ويبدو أن شركتي "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي تبذل جهوداً حقيقية لمواجهة الأخبار المزيفة. في الواقع، قد تكون المنشورات الخادعة التي يبثها الجناة في روسيا أو في أي مكان آخر هي أبسط مشاكلنا. فما يلوح في الأفق لن يؤثر فقط على الانتخابات في بلداننا، بل سيؤثر أيضاً على قدرتنا في الوثوق بكل ما نراه ونسمعه.

إن المعلومات الخاطئة التي يقلق الناس بشأنها اليوم، مثل القصص الإخبارية المصطنعة أو نظريات المؤامرة، ليست سوى الأعراض الأولى لما يمكن أن يصبح انتشاراً حقيقياً للوباء. فما سنشهده في المرحلة القادمة هو عمليات "تزييف عميق" عبر برنامج "ديب فيك" - أي تزوير واقعي لأشخاص يظهرون وهم يتحدثون أو يفعلون أشياء لم تحدث في الواقع أصلاً. هذا المستقبل المخيف هو أحد الآثار الجانبية للتقدم في تقنية الذكاء الاصطناعي التي مكّنت الباحثين من التلاعب بالصوت والفيديو وحتى التلاعب في مقاطع فيديو البث المباشر.

قد تكون النتيجة النهائية لهذا الواقع الذي تم التلاعب فيه أن الناس لم يعودوا يصدقون ما يسمعونه من زعيم عالمي أو أحد المشاهير أو رئيس تنفيذي. قد يؤدي ذلك إلى "اللامبالاة الحقيقية" عند صعوبة تمييز الحقيقة عن الأكاذيب، لدرجة أننا قد نتوقف عن تجربتها والوثوق بكل شيء تقريباً ما عدا ما يأتينا مستقبلاً من دائرة صغيرة من الأصدقاء الموثوقين أو أفراد العائلة فقط، فيما يشبه الوضع القائم في منطقة نزاع وليس في دولة ذات اقتصاد حديث. حاول تحديد العوامل التي أفضت إلى ذلك خلال المكالمة الخاصة بأرباحك الفصلية أو عبر خطاب متلفز.

أحد السيناريوهات الواضحة التي قد تواجهها بعض الشركات في المستقبل غير البعيد، هو فيديو مزيف لرئيسها التنفيذي يدلي بتعليقات عنصرية أو غير أخلاقية، أو يرشو أحد السياسيين. وقد يتسبب فيديو مشابه عن إنفاق الشركات في أضرار مماثلة.

تخيل مقطع فيديو يبدو أصلياً لرئيس تنفيذي يقول إن شركته ستتبرع بمبلغ 100 مليون دولار لإطعام الأطفال الذين يتضورون جوعاً. سيترك هذا الإعلان المفاجئ، الذي لم يحدث في الواقع، الشركة أمام خيار صعب: أن تمضي قدماً في التبرع أو تعلن رسمياً عن عدم الاكتراث ​​بهؤلاء الأطفال الجياع.

عندما يتصدى قادة الشركات مع مسألة كيفية إثبات أن شيئاً ما حقيقي (أو غير حقيقي)، فسيحتاجون إلى الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة التي تساعدهم في التقدم على الأشرار بخطوة. وسيتعين عليهم فعل ذلك بسرعة. فلا يمكن أن تظل الشركة متقدمةً على المتلاعبين من ذوي العزيمة والخبرة التقنية، إذا كان لديها دورة مشتريات سنوية اعتيادية.

من الخطوات الحاسمة التي يجب أن تتخذها منصات التواصل الاجتماعي هي دمج عملية كشف التزوير الآني في جميع منتجاتها، وبناء أنظمة يمكنها التكيف مع التقدم التقني، لكن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، وحين تتطور، كن على يقين أن الأشرار سيطورون طرقاً لإلحاق الهزيمة بها.

قد يكون من الممكن أيضاً تطوير برنامج يمكنه وضع طابع زمني لملفات الصوت والصورة، وإظهار تاريخ إنشائها وكيفية التلاعب بها، ولكن الاعتماد على قطاع التكنولوجيا للتصدي السريع للتحديات المجتمعية هكذا دون مساءلة الجهات التنظيمية والمستخدمين لم يُجدِ نفعاً في الماضي.

إذا نظرنا إلى مسوّقي الشركات والقائمين بالاتصال فيها باعتبارهم الأشخاص الذين يمدون المنصات بالأموال التي هي شريان حياتها، فسنجدهم في وضع قوي للدفع باتجاه تحرك أسرع. في العام الماضي، انتزعت شركة "بروكتر آند غامبل" مبلغ 140 مليون دولار أميركي من نفقات الإعلانات الرقمية، ويرجع ذلك جزئياً إلى مخاوف متعلقة بسلامة العلامة التجارية نشأت عند وضع إعلاناتها بجوار محتوى مشكوك فيه.

يمكنك الرهان على هذا الأمر الذي نال اهتمام شركات التواصل الاجتماعي، لكنه نجح فقط لأن "بروكتر آند غامبل" كانت على استعداد لدعم كلامها بالفعل. ومن المرجح أن تتخذ المنصات تدابير استباقية إذا علمت أن التقاعس سيضر بأرباحها. لقد ساعد ضغط الصناعة هذا في دفع "يوتيوب"، على سبيل المثال، إلى إعادة تقييم سياسات المحتوى الخاصة به وزيادة استثماراته زيادة كبيرة في الوساطة البشرية.

غالباً ما تُشكّل القطاعات الصناعية تحالفات للتأثير على الحكومة فيما يخص التشريعات المؤثرة على مصالحها التجارية. ومع بدء بعض الشركات التكنولوجية الكبرى في منافسة الحكومات في الانتشار والقوة، يمكن استخدام النموذج نفسه هنا، وذلك باستخدام التهديد بفقد إيرادات الإعلانات. قد تجد هذه التحالفات أنه من المفيد الدخول في شراكة مع مجموعات المستهلكين والمنظمات غير الحكومية لتضخيم رسالتهم. لن يكون دفع هذه المنصات إلى التعامل بجدية مع مستقبل المعلومات المضللة أمراً جيداً للشركات فقط ولكن أيضاً للمجتمع ككل.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات أن تدرج التزييف العميق وغيره من تقنيات تشويه الواقع في عملية التخطيط لسيناريوهات الأزمة. ستتطلب حماية السمعة في هذا العالم الجديد إضافة طبقة جديدة إلى استراتيجيات الاستجابة السريعة واستراتيجيات الاتصالات للشركة. يجب أن يكون المسؤولون التنفيذيون على استعداد لتوصيل الحقائق سريعاً وتصحيح الأكاذيب قبل انتشارها.

يجب أن يتأكد القائمون على التواصل من امتلاكهم للأدوات المناسبة التي تُمكّنهم من التعامل مع أزمة تلاعب واقعي سريعة التطور. تستخدم شركات جديدة التكنولوجيا وتقنيات الذكاء مفتوحة المصدر والتعهيد الجماعي لتمييز ما هو حقيقي عن غيره. قد يكمن مفتاح الكشف عن الأكاذيب في شخص يستخدم تقنية الموقع الجغرافي، أو يستخدم مدى اطلاعه ببساطة، ليكشف أن علامة الشارع التي تظهر في الفيديو المزيف ليست موجودة في الواقع في هذا المكان. وكما هو الحال مع أي أزمة، تعتبر أدوات تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي حاسمة عندما يتعلق الأمر بمتابعة انتشار المعلومات المضللة. يمكن لهذه الأدوات أن تساعد الرؤساء التنفيذيين على معرفة ما إذا كانت القصة تحقق انتشاراً، ثم تحدد الأشخاص الأكثر تأثيراً الناشرين لهذه المعلومات الخاطئة، سواء عن قصد أو عن غير قصد.

من الأهمية بمكان أن تتعلم الشركات الفردية فهم مخاطرها الخاصة وتخفيفها، لكن ذلك وحده لن يحميها. إن نظامنا الإعلامي يشبه لعبة يملك فيها المخادعون ميزة هائلة، وقد تخسر الشركة حتى لو "لعبت" بشكل مثالي. لهذا السبب، نحتاج إلى إصلاح قواعد اللعبة. يجب علينا جميعاً دعم الجهود المبذولة عبر الشركة وعبر الصناعة، وحتى عبر القطاع لقلب المعادلة. سيكون من واجب كل فرد له مصلحة في مجتمع يعتمد على الحقيقة أن يعمل مع الآخرين لضمان أن نستمر في تمييز الحقيقة من الخيال.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي