استبعاد مرشحين جيدين للوظائف بسبب الأسئلة الخاطئة

4 دقائق
استبعاد المرشحين للوظائف

كيف تُقرر استبعاد المرشحين للوظائف على الفور؟ علمت مباشرة من خلال نبرة صوت نائب الرئيس أنه لم يكن سعيداً. فقد تذمّر في وجهي فعلياً. كان نائب الرئيس قد انتهى للتو من مقابلة مرشح لوظيفة ما اسمه خليل، الذي أرسلته إليه، واتصل بي ليقول أنه سيرفضه.

وقبل ذلك بدقائق، اتصل بي خليل وتحدث بحماسة عن مدى روعة تلك المقابلة، حيث استمرت مقابلته لقرابة نصف يوم، التقى خلالها مع قادة مختلفين من عدة أقسام، بمن فيهم نائب الرئيس لقسم الهندسة الذي اجتمع به في نهاية ذلك اليوم. لقد ساعدت هذه الشركة في بناء استراتيجية "منصة رقمية" جديدة، وهذا هو السبب في محاولتي البحث عن مرشحين مناسبين للعمل عليها، واعتقدت أن خليل سيكون شخصاً مناسباً.

ولكن لنائب الرئيس وخليل آراء مختلفة إلى حد بعيد حول لقائهما. قال خليل إنه طرح أسئلة أكثر من المعتاد، وطلب معلومات تفصيلية ومحددة حول الاستراتيجية ساعدته على فهم تعقيدات التحدي الذي تواجهه الشركة. وقد شعر أنه أجرى حوارات ممتعة ومثمرة مع جميع من قابلوه. وفي المقابل، أخبرني نائب الرئيس أنه وجد أسئلة خليل "مزعجة للغاية".

وهذه ليست المرة الأولى التي أسمع فيها أحد القادة يصف مرشحاً مؤهلاً تماماً بأنه "شخص غير مناسب". غالباً ما يتم استبعاد المرشحين للوظائف لأنهم لا يناسبون قالباً محدداً، حيث وجدت إحدى الدراسات أن حوالي 75% من السير الذاتية لا تنجح باجتياز أنظمة تتبع المتقدمين للوظائف. وعندما ناقشت الموضوع بشكل أعمق مع نائب الرئيس، علمت أنه يعتقد أن خليل يمتلك الخبرة والمهارات المناسبة لكنه يرى أن أسئلته مزعجة. ثم أردف قائلاً: "طرح علينا قدراً كبيراً من الأسئلة التي لم يتوفر لدى الفريق إجابة عنها". إنّ تقييمه أن خليل كان "شخصاً غير مناسب" كان يعني به "أنا لا أريد أن أشعر بانعدام الراحة".

يتطلب الابتكار عدم المعرفة لفترة طويلة بما فيه الكفاية من أجل تعلم أشياء جديدة. كيف يمكنك صناعة شيء جديد إن لم يكن لديك قبول بعدم معرفة الإجابة؟ لا يصنع شخص واحد المستقبل، بل نشترك سوياً في صناعته. لا بد للقادة من بناء فرق يمكنها تحديد الأسئلة الصحيحة، ثم اكتشاف إجابات جديدة عنها.

أسئلة تحدد استبعاد المرشحين للوظائف

كان على نائب الرئيس أن يرحب بأسئلة خليل بدلاً من الانزعاج منها، وأن يقوم في المقابل بطرح أسئلة عليه. وهذه بالطبع هي قيمة المقابلة. يرغب صاحب العمل بالتعرف على مهارات المرشح وخبراته ذات الصلة. ويستخدم المرشح الجيد الأسئلة لفهم طبيعة وظيفته والتعرف على المدير والشركة لتقييم ما إذا كانت تلك هي الوظيفة المناسبة له. فيما يلي بعض أنواع الأسئلة التي كان من الممكن أن يطرحها نائب الرئيس، والأسئلة التي يجب أن تسألها لتجنب استبعاد المرشحين الممتازين بناءً على معايير خاطئة.

أسئلة تكشف عن القدرات، وليس عن الخبرة فحسب. هل تطرح أسئلة تتطرق إلى قدرات شخص ما أم أنك تسعى إلى الحصول على تأكيد معلومة أن أحدهم فعل نفس الشيء الذي قمت بتفحصه في السابق؟ قبل عدة سنوات، طلب مني أحد الزملاء مراجعة التوصيف الوظيفي لـ "خبير" في وسائل التواصل الاجتماعي. كان تويتر مستخدماً لنحو عام تقريباً في ذلك الوقت، وعندما نظرت إلى التوصيف، بدأت أضحك. أول سطر يقول "10 سنوات من الخبرة". نحن غالباً ما نستخدم أدوات قياس عقيمة لتحديد الإطار الزمني اللازم لقيام الموظف بما تمليه عليه واجباته الوظيفية. يكمن الجانب الإيجابي من السؤال عن سنوات الخبرة في الحصول على شخص قام بتنفيذ ما نحتاج إليه. أما الجانب السلبي لذلك السؤال فهو أننا نخاطر بتقييد ما يمكننا فعله مستقبلاً بتكرار ما تم بالفعل في الماضي بنجاح. وبدل السؤال "هل قمت بكذا أو كذا أو كذا؟"، تريد أن تسأل "كيف تود التعامل مع كذا أو كذا أو كذا؟". يساعدك هذا التغير في طبيعة الأسئلة على فهم قدرة شخص ما على التفكير معك.

ولسوء الحظ، فإن حوالي 77% من جميع الوظائف (66% في الولايات المتحدة و80% في العالم) تتطلب في هذه الآونة قدراً ضئيلاً من الإبداع أو القدرة على اتخاذ القرار أو إصدار أحكام مستقلة أو لا تتطلبها البتة. ولكنك إذا كنت تعمل على مسائل متعلقة بالابتكار، فإنك بحاجة إلى شخص يمكنه أن يفكر معك. وتستطيع زيادة فرص العثور على ذلك الشخص من خلال التركيز على القدرة بدلاً من الخبرة.

أسئلة تقيّم فيما إذا كان لديهم القدرة على المشاركة في الإبداع ضمن فريق. عندما أسأل الفرق التي عملت معها خلال السنوات العشر الماضية عن سبب فشل جهودها الاستراتيجية الرئيسة السابقة، نادراً ما يقولون إن الفرق لم تنسجم فيما بينهما. ولكنهم يقولون أن فرقهم كانت تعاني من فجوات تتمثل في أدوار لم يتم القيام بها وأنه لم تتوفر في أحد القدرة على التقدم وسدّ تلك الفجوات. ولأن العالم سريع التغير، فالعمل يتغير أيضاً ولا تستطيع الفرق البقاء في وظائفها المحددة مسبقاً. يجب على الفرق أن تعمل معاً في بيئة جديدة. يمكن أن تسأل أحد المرشحين "كيف ستتعامل مع وضع يتضح فيه وجود فجوة في فريقك؟". غالباً ما يُقال للأشخاص الذين تجري مقابلتهم أن يستخدموا "أنا" ليُنسب إليهم الفضل بإنجاز العمل، ولكن "نحن" هي على الأرجح صورة أكثر واقعية حول طريقة إنجاز العمل. ثم اتبِع ذلك بفهم كيفية شعورهم حول الوضع: هل شعروا بالسعادة لتحديد الفجوة؟ وهل هم قلقون من وجودها في المقام الأول؟ سيساعدك ذلك في معرفة فيما إذا كنت تتعامل مع أشخاص يعملون بروح الفريق أم يدّعون المعرفة بكل شيء. تريد أن تعثر على أشخاص يمكنهم العمل مع بعضهم وباستطاعتهم سدّ الفجوات بين الوظائف المحددة بشكل مسبق وذلك لإنجاز العمل.

أسئلة تكشف عن أنواع الأشياء التي يحبون القيام بها. إذا كنت تقوم بالتوظيف في مجال الابتكار، يجب أن تسأل حول ما يستطيع ذلك الشخص أن يضيفه من أشياء أصيلة إلى العمل. فالأفكار لا تأتي ولا تنمو من فراغ، إنما تنمو وتتطور من خلال وصل عناصر منفصلة سابقاً. ويساعدك تحديد اهتمامات الأشخاص في وضع أولئك الذين يمتلكون أساليب مختلفة ولكنهم يريدون الوصول إلى نفس الهدف معاً. ذلك النوع من الاتصال هو الذي يبدأ عنده الابتكار. ولكن على الأشخاص أن يكونوا متحدين حول هدف مشترك وأن يركزوا على شيء له معنى بالنسبة لهم. اسأل المرشحين "ما الذي وجدتموه مهماً بشأن ذلك المشروع؟ ما الذي يقوله ذلك النجاح بشكل خاص حول الأمور التي تهمك؟". يرغب الموظفون بتحقيق التوافق بين أهدافهم والمؤسسات التي يعملون من أجلها. وتكمن مهمتك كقائد في مواءمة ذلك الهدف حتى يستطيع الأشخاص المتباينون ظاهرياً أن يتعاونوا للمضي في نفس الاتجاه.

في أغلب الأحيان يقوم القادة باستبعاد المرشحين الممتازين لأنهم لا يفهمون كيفية تعيين أشخاص لحل المشاكل بطريقة إبداعية مشتركة. من السهل أن ننسى أنه ليس من وظيفة القائد معرفة كل الإجابات، بل تهيئة الظروف التي تساعد جميع أعضاء الفريق على التعلم والابتكار.

في نهاية المطاف، قام نائب الرئيس بتعيين خليل، وقاما بتحقيق الأهداف التي وضعاها معاً.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي