يشعر بعض الناس بصدمة كبيرة عندما يسمعون بمفهوم "العطلة السنوية المُنتجة"، فهي بنظرهم عبارة تنطوي على تناقض، فكيف يكون المرء في إجازته السنوية وتكون إجازته منتجة في الوقت نفسه؟ ولكن بما أنني كنت رائدة أعمال طوال السنوات العشر الماضية، فإذا ما كنت سآخذ إجازة سنوية أصلاً، فإنها يجب أن تكون منتجة – وإلا، من دون شبكة أمان توفرها لي الإجازة السنوية المدفوعة وزملاء عمل يغطّون عنّي في غيابي، فإنني سأضطر إلى مواصلة العمل. لا يعني هذا أنني لا آخذ إجازات سنوية طويلة وممتعة؛ فقد سبق وقمت برحلة لمدة شهر كامل إلى الهند كتبت مقالة عنها هنا في "هارفارد بزنس ريفيو". لكننا جميعاً لا نملك إلا مدة محدودة للعطل، لذلك يتعين علينا اختيار ما نفعله بحكمة. وفيما يلي أعرض عليكم كيف يمكن للمرء أن يأخذ إجازة منتجة ومنشطة في الوقت نفسه.
حدد النجاح منذ البداية
قد يطرح البعض السؤال التالي: "لماذا يتعيّن عليك أن تحدد عطلة ناجحة؟ أليس مجرد الاسترخاء وحده كافياً؟ ربما يكون الأمر كذلك. ولكن بصفتك مديراً تنفيذياً أو رائد أعمال، فإنك تمتلك على الأغلب مقاييس للنجاح في معظم المجالات الأخرى في حياتك. فأنت تعلم أهداف المبيعات التي يجب عليك تحقيقها، وحجم الأموال التي يتعيّن عليك جمعها لصالح الجمعية الخيرية التي تشغل فيها منصب عضو مجلس الإدارة، وقد يكون لديك أهداف للنجاح الشخصي أيضاً، كأن تتناول طعام العشاء مع أسرتك مساء كل يوم. ويصح هذا الأمر تحديداً إذا كانت عالقاً في الحالة الأميركية النموذجية التي تحصل فيها على إجازة سنوية مدفوعة لمدة أسبوعين فقط في السنة – والتي لا نأخذ معظمها بحسب بعض الدراسات – لذلك، من المفيد جداً أن نحدد ما هو النجاح في الإجازة، حتى لا ينتهي بنا المطاف بإضاعة وقتنا المحدود. قد يكون هدفك هو إعادة وصل ما انقطع في الأيام السابقة مع زوجتك (أو زوجك)، أو قضاء وقت مفيد مع أطفالك، أو تعويض ما فاتك في مجال مطالعة الكتب، أو البدء في برنامج جديد للياقة البدنية، أو إحراز التقدم في كتابة الرواية التي تعمل على تأليفها منذ مدة، أو حتى مجرد الاستلقاء والاسترخاء دون فعل أي شيء. أي من هذه الأهداف هو هدف قائم بذاته ويستحق الإنجاز، لكن يجب التعبير عن أهدافك بوضوح ومنذ البداية بحيث يمكنك ترتيبها بحسب أولويتها.
اختر وجهة تذهب إليها بحيث تؤدي لك وظيفة مزدوجة
قبل بضع سنوات من الآن، كنت مرتبطة بشخص كانت لديه رغبة عارمة في الذهاب إلى هاواي. وكان حلمه المثالي هو الجلوس في مقصورة في هاواي، حيث يطالع الكتب ويمارس هواياته في الرسم على شاطئ البحر. يبدو هذا عظيماً، ولكن في تلك اللحظة من حياتي المهنية، وكنت قد انتهيت للتو من تأليف كتابي الأول "كيف تعيد اكتشاف نفسك" (Reinventing You)، لم أكن بحاجة إلى رحلة استجمام هادئة – وإنما كنت بحاجة إلى التواصل مع الآخرين. لذلك ذهبنا إلى وجهته المفضلة الأخرى، باريس، والتي تمكّنت فيها من قضاء نصف يوم من الاجتماعات (من أصل إجازة سنوية تمتد لأسبوعين)، ما جعلنا نحصل على تخفيضات ضريبية على جزء من إجازتنا، ومكّنني من توقيع عقد للتدريس.
خصص بعض الوقت لإعادة إحياء عدد من العلاقات القديمة
من المستحيل فصل العلاقة بين "العمل" و"الحياة". فنحن نعاني كل يوم من سلبيات هذا الخيط الرفيع الذي يفصل بينهما، ولا سيما أن زملاءنا في العمل وزبائننا يفترضون أن بوسعهم الوصول إلينا على مدار 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع السبعة، بفضل هواتفنا الذكية. لكن يمكننا الاستفادة أيضاً من الجانب الإيجابي لهذه العلاقة الضبابية بين العمل والحياة من خلال بناء علاقات حقيقية ومفيدة وذات مغزى مع الأشخاص الذين نعرفهم بحكم العمل أثناء وجودنا بعيداً عن المكتب. لقد أمضيت ثلاثة أسابيع ونصف في السفر عبر البلاد، وإلقاء الخطب في المكتبات والشركات للترويج لكتابي الجديد. ولكن خلال الأوقات الفاصلة بين هذه الخطب، عملت على ملء مفكّرة مواعيدي بلقاءات لتناول العشاء أو احتساء القهوة مع الأصدقاء - وبكلمة "الأصدقاء" أعني غالباً معارفي الحاليين أو المحتملين في مجال العمل والذين استمتع بقضاء وقتي معهم. ففي الأسبوع الماضي وحده، تناولت العشاء مع مذيع استضافني في أحد برامجه، ومع مديري السابق الذي عملت معه قبل 15 عاماً وهو الآن يدير منظمة خيرية كبيرة، ومع إحدى السيدات التي تحدثت عنها في كتابي "كيف تتميّز" (Stand Out)، ومع صاحب شركة استضاف حفل إطلاق كتابي الأول في سان فرانسيسكو. لقد استمتعت بوقتي كثيراً، وبعثت الروح من جديد في علاقات كانت خاملة، وهي إحدى الاستراتيجيات الرامية إلى تحقيق الاستفادة القصوى من إجازتك السنوية.