صنفتُ في أيام الكلية بين أفضل عشر نساء في الغطس في الولايات المتحدة. وقد بلغت هذا المستوى ليس بسبب اجتهادي فقط - حيث كنت أتدرب يومياً لفترات تتراوح بين أربع إلى ست ساعات- ولكن بسبب مدربي القاسي للغاية الذي كان يقدم لي دوماً الدعم والنقد اللاذع معاً. وقد شرح لي في بداية علاقتنا الآلية التي سيكون عليها عملنا، فقال: "عندما أتوقف عن الصراخ عليك أن تبدئي في القلق". وقد فهمتُ حينها ما يعنيه: سوف يدفعني بشدة لأنه يؤمن بي.
لا تنفع دوماً استراتيجيات تدريب الرياضيين مع المدراء التنفيذيين الذين يحاولون إدارة الموظفين. ولكن عندما يتعلق الأمر بتوجيه النقد، أعتقد أن هناك بعض أفضل الممارسات التي يمكنهم الاستفادة منها. إذا استُخدم النقد بطريقة صحيحة، بإمكانه المساعدة على تحسين الأداء وتعزيز الثقة والاحترام والدفع نحو تحقيق الأهداف المشتركة. أما إذا استخدم بطريقة خاطئة فقد يكون ساماً للعلاقة.
كيف إذاً تزيد فرص تقبل موظفيك للنقد الذي توجهه إليهم وتجعلهم يرونه مفيداً ونابعاً من حسن نية بالشكل الذي يدفعهم للعمل بمقتضاه كما كنت أفعل مع مدرب الغطس؟ بناءً على تجربتي الرياضية معه وعلى عملي الحالي مدربة تنفيذية، وضعت أربعة مبادئ توجيهية:
أشرِك الشخص في حل محدد. غالباً ما يوجه المدراء النقد بمصطلحات عامة، تاركين المتلقي يخمن العلاج المتوقع.
في المقابل، يتميز المدربون الناجحين بالدقة الشديدة: "عدل رجلك اليسرى" أو "تأكد من رؤيتك لشجرة النخيل قبل أداء حركة الشقلبة" وهم يشجعون الرياضي على حل المشاكل معهم: "ما هو شعورك عند تلك الغطسة؟" أو "ما الذي كان بإمكانك فعله لتستقيم تلك الرجل أكثر أو لتبدأ بذلك الالتواء أبكر؟".
لهذا الأسلوب الفعالية نفسها في مكان العمل أيضاً. خذ، على سبيل المثال، رئيسة لمستشفى كبير تلقت عدداً من الشكاوى بخصوص مديرة جديدة كانت جافة في الاجتماعات وفشلت في الاستجابة سريعاً. بدلاً من توبيخ المرأة شارحة لها كيف عليها أن تتغير، شرحت المديرة الوضع وسألتها عمّا يمكن فعله قائلة: "من المهم أن تكوّني انطباعات أولى جيدة عن نفسك، لكنني سمعت أن بعض الناس يعتقدون أنك مقتضبة في حديثك ولا تلتفتين لطلبهم سريعاً، كيف يمكنك تعديل تصرفاتك لتغيير هذه التصورات؟"، اقترحت المديرة بعض الأفكار ونفذتها على الفور.
إشراك الموظفين في حل محدد يضمن صحة تنفيذه في المرة القادمة، ويوحي باحترام آرائهم ويبني ثقتهم.
اربط النقد بالشيء الأكثر أهمية للموظف. كان مدربي يعرف أنني أردت إسعاد والديّ. فقد قدما تضحيات كثيرة لأتمكن من تحقيق حلمي بأن أشارك يوماً ما في الأولمبياد. لذلك كان كل ما على المدرب قوله لأستعيد تركيزي عندما يشعر أنني أضيع الوقت في التدريبات: "هل تعتقدين أن ما تفعلينه الآن سيجعل والديك فخورين بك ويوصلك إلى الأولمبياد؟".
يمكن استخدام التكتيك نفسه مع الموظفين. لنأخذ على سبيل المثال، موظفة يهمها أن يحترمها زملائها لكنها عادة ما تتأخر 10 دقائق عن اجتماعات الموظفين الأسبوعية وغالباً ما تلقي باللوم في تأخيرها على جدولها المزدحم. يمكن للمدير ببساطة أن يلومها - إما بلطف "أرجو أن تجتهدي أكثر للوصول في الوقت" أو بقسوة "هل سنضطر إلى إحضار ساعة جديدة لك؟". لكن هناك استراتيجية أكثر فعالية كأن تقول لها مثلاً: "ألا تعتقدين أن وصولك متأخرة يؤثر على سمعتك بين زملائك؟
إذا تمكن الموظفون من فهم الرابط بين النقد والأشياء التي يهتمون بها شخصياً، فسيتقبلونه بصدر أرحب.
حافظ على حياد صوتك ولغة جسدك. يصيح المدربون في بعض الأحيان، لكن مدربي كان يصرخ علي بصوت عالٍ عبر المسبح حين أفسد قفزة سهلة. أحياناً يستطيع المدراء تحفيز موظفيهم برفع الصوت وبالإيماءات المعبِّرة أيضاً لإيصال رسالة مفادها "نستطيع تقديم أداء أفضل".
لكن نظرياً، النقد في مكان العمل أكثر فعالية بكثير عندما يُلقى بنبرة صوت واقعية وتعابير وجه مرتاحة ولغة جسد محايدة. كانت تلك هي الطريقة التي تحدثت بها رئيسة المستشفى إلى المديرة الجديدة. (وبهذه الطريقة أيضاً كنت أتناقش عادة مع مدربي حول كيفية التحسن).
توجيه النقد بعيداً عن العاطفة يوحي بأنه ليس إلا جزءاً من العمل.
خذ بالاعتبار التفضيلات الشخصية. كان مدربي يعرف أنني أحب سماع رأيه في كل غطسة، وكنت أفضل أن يكون رأيه مباشراً وفي صلب الموضوع حتى أفهم بوضوح ما يجب عليّ تغييره.
يفضل الموظفون كذلك الحصول على التقييمات بطريقة معينة. أعرف مديرة مبيعات إقليمية كانت ترافق كثيراً موظفي المبيعات عند قدوم الزبائن. وقد علمت بمرور الوقت أن هناك موظفين يحتاجون إلى نصيحة فورية منها حول التفاعل مع الزبائن، بينما يفضل آخرون أن تراقب يومهم الحافل لتخبرهم بتعليقاتها في صباح اليوم التالي في وقت الفطور.
سل موظفيك في مرحلة مبكرة، وقبل أن يبدؤوا فعل أي شيء يتطلب نقداً، كيف يفضلون تلقي تقييمك: هل توجهه لهم مباشرة أم تؤجل إبداء رأيك حتى وقت لاحق؟ هل يفضلون رأيك عبر البريد الإلكتروني أو بالتحدث وجهاً لوجه؟ وإن كانوا يفضلون الطريقة الأخيرة، فهل يجب أن تكون في مكان عملك أو مكان عملهم أو في بقعة محايدة؟
اكتشفت دراسة ستُنشر قريباً أجرتها "رابطة الإدارة الوطنية" وشركتي أن 98% من المدراء يرون أنه من المهم أن يكون الشخص منفتحاً ومتقبلاً للنقد، لكن قول هذا الكلام أسهل من تطبيقه. اتباع المدراء لهذه المبادئ الإرشادية سيزيد فرص أن يبلي الموظفون بلاءً حسناً في تقبّل النقد السلبي.