مشروع القانون الصحي المقترح من الحزب الجمهوري يعزز موقف أصحاب الشركات

7 دقائق

أقرت لجنة التعليم والقوى العاملة في مجلس النواب الأميركي في النصف الأول من مارس/آذار الماضي مشروع قانون من شأنه توسيع نطاق برامج "العافية" الصحية لتشمل الفحص الجيني للموظفين وأفراد عائلتهم وزيادة الغرامات المالية على من يختارون عدم المشاركة فيها؛ كما سيضع حداً للتضارب الحالي بين مختلف القوانين مثل قانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA) وقانون عدم التمييز على أساس المعلومات الوراثية (GINA).

ليس من الواضح إن كان أصحاب العمل سيرغبون في الاستفادة من موقع القوة الذي يحصلون عليه بفضل مشروع القانون هذا إزاء موظفيهم. لكنه يثير الكثير من المخاوف التي ينبغي عليهم أخذها في الاعتبار.

اقترحت مشروع قانون الحفاظ على العافية في مكان العمل (Preserving Workplace Wellness Programs Act) النائبة من كارولاينا الشمالية فرجينيا فوكس رئيسة لجنة التعليم والقوى العاملة التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري في المجلس. وبعد إقراره بأغلبية 22 صوتاً مقابل 17 صوتاً، بناء على التركيبة الحزبية للجنة، يفترض أن يُحال مشروع القانون إلى "لجنة الوسائل والطرق" التي تُعنى بمسائل الضرائب والرسوم في مجلس النواب. ويفترض أن تنظر لجنة مجلس الشيوخ المعنية بالصحة والتعليم والعمل والمعاشات التقاعدية قريباً في تشريع مماثل يُحتمل أن يُدرج ضمن قانون شامل لإلغاء واستبدال قانون الرعاية المعقولة الكلفة (Affordable Care Act ACA) قبل أن يُطرح على المجلس للتصويت. ولا يُرجح في مثل هذا القانون الشامل أن يثير هذا البند الكثير من النقاش، لذلك من المهم فهم فحواه الآن.

في ما يلي الأحكام الرئيسة لمشروع القانون:

يُسمح لأصحاب العمل بإجراء اختبارات جينية على موظفيهم وأسرهم كجزء من برامج العافية التشاركية (participatory wellness programs) وتغريم أولئك الذين يرفضون المشاركة. لا يُسمح لأصحاب العمل حالياً بإجراء فحص وراثي للأزواج والأطفال كجزء من برامج العافية. (يمكن فعل ذلك "طوعاً" مثلما تفعل شركة التأمين أتنا Aetna ولكن هناك بعض الالتباس حول ما يعنيه ذلك).

الشركات التي تعتمد نظام تأمين خاص بها (التي تنشئ صناديق خاصة بها لتغطية نفقات الموظفين وأسرهم الطبية وتستخدم شركات التأمين فقط لإدارتها، وفي حال كان لديها تأمين لسد الفجوة، لتغطية النفقات لدى نفاد أموالها) لن تطلع على النتائج الفردية بموجب قانون قابلية نقل التأمين الصحي والمساءلة (Health Insurance Portability and Accountability Act (HIPAA. ومع ذلك لا يضع هذا القانون أنظمة مرجعية لبائعي برامج العافية المستقلين. لذلك يمكنهم مشاركة معلومات الاختبار الجيني الفردي مع أصحاب العمل. وفي كلتا الحالتين، سوف يعرف أصحاب العمل من لم يوافق على إجراء الفحص وسيُسمح لهم بتغريم الموظفين غير الممتثلين. تصل نسبة الغرامة إلى 30% لغير المدخنين و50% للمدخنين، ولكن يمكن الآن مضاعفة هذه النسب المئوية على أساس تكلفة بوليصة الأسرة كاملة، بدلاً من الموظف الفرد. على سبيل المثال، إذا كانت كلفة تأمين الموظف 5,000 دولار وعائلته 10,000 دولار، يزيد الحد الأقصى البالغ 30% للغرامة من 1,500 دولار إلى 3,000 دولار.

قانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA) وقانون عدم التمييز على أساس المعلومات الوراثية (GINA) اللذان يحظران استخدام المعلومات الجينية والتاريخ الطبي للعائلة لدى التوظيف أو الفصل من العمل أو الاكتتاب في برنامج التأمين الصحي، لن يتم تطبيقهما على برامج العافية. وبالتالي، يمكن استخدام المعلومات الوراثية والتاريخ الطبي للأسرة في تقييم مخاطر تعرض الموظف مستقبلاً للمرض في إطار برنامج العافية.

سيكون بمقدور شركات التأمين وأصحاب العمل استخدام البيانات المجمعة لتحديد أولويات مبادرات الصحة والتكهن بتكاليف التأمين الصحي. يجب أن يسمح هذا بتوقع التكلفة بمزيد من الدقة. على سبيل المثال، قد ترغب إحدى الشركات التي تعتمد نظام تأمينها الخاص عندما تعلم أن موظفيها لديهم سمات وراثية معينة في أن تحصل على تأمين شامل أو العكس.

الدمج الحالي بين دورة الأخبارالمتسارعة التي تهيمن عليها غالباً مناقشة استبدال قانون الرعاية المعقولة الكلفة، والسرعة التي يمكن أن يصبح معها مشروع مقترح قانوناً تعني أن أصحاب العمل لديهم العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابات، بما في ذلك الأسئلة التالية.

هل يعني هذا أننا ملزمون بتقديم الاختبارات الجينية كمنفعة تحظى بالتغطية؟ لا. الاختبار الجيني كمنفعة مغطاة ليس موضوع القانون. التغطية لا تتأثر. سيتم تمويل الاختبارات الجينية المعنية كتكلفة إدارية، وليس كمطالبة نظامية بالنفقات الطبية، وستكون لصالح صاحب العمل وليس لفائدة العلاقة السرية بين الطبيب والمريض.

هل يعني هذا أن قانون عدم التمييز على أساس المعلومات الوراثية لم يعد يُطبق في مكان العمل؟ لا. سيواصل أصحاب العمل الالتزام بعدم التمييز على أساس المعلومات الوراثية لدى التوظيف أو الاكتتاب في التأمين، وهذا يعني أنه لا يمكنك تحصيل رسوم أكثر من شخص لأن لديه استعداداً جينياً معيناً. ينطبق هذا القانون فقط على الاختبار في سياق برامج العافية. حتى في هذه الحالة، ينطبق القانون فقط على المشاركة في الاختبار وليس على نتيجة الاختبار (انظر السؤال التالي).

هل يؤثر هذا على برامج العافية الصحية القائمة على النتائج، أو برامج العافية الصحية التشاركية، أو كليهما؟ تربط البرامج المستندة إلى النتائج، والمعروفة رسمياً باسم برامج العافية المشروطة بالنتائج الصحية، المكافآت المالية التي تسعى إلى تحقيق أهداف معينة مثل فقدان الوزن أو خفض الكوليسترول في الدم أو عدد خطوات السير يومياً.  إنّ البرامج التشاركية لا تتطلب نتائج محددة وإنما مجرد المشاركة في برامج صحية أو برامج التوعية. لذلك، فإنّ البرنامج القائم على النتائج قد يتطلب فقدان الوزن، في حين أن البرنامج التشاركي قد يتطلب المشاركة فقط في برنامج لانقاص الوزن.

سيؤثر مشروع القانون هذا فقط على البرامج التشاركية التي لا تزال تشكل الغالبية العظمى من البرامج.

ما هي تكلفة الفحص الجيني على صاحب العمل؟ طلبت شركة نيوتوبيا (Newtopia) وهي من البائعين القلائل لهذه الخدمة مؤخراً 500 دولار عن كل موظف. ومن المحتمل أن ينخفض ​​هذا الرقم مع تحسن تقنية الاختبارات الجينية ودخول المزيد من البائعين إلى السوق.

ما نوع الاختبارات الجينية المطلوبة؟ يجري التفكير في إجراء اختبارات الاستعداد للسمنة والسكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان.

هل يطلع الموظفون والأزواج على نتائج اختباراتهم الجينية؟ هذا غير مطلوب. على سبيل المثال، قد يؤدي اكتشاف جينة للسمنة لدى أحد إلى تقليل احتمال محاولته فقدان الوزن. في مثل هذا السيناريو، قد تحدث مشاركة النتائج مع الموظفين إرباكاً لديهم، إذ لا يُعرف سوى القليل عن الصلة بين الوراثة والوزن. لكنه أمر معقول بالتأكيد أن يرغب الموظفون في الاطلاع على نتائجهم. وكمسألة عملية، من غير المحتمل ألا يصرح صاحب العمل لشركة الاختبار بمشاركة النتائج مع الموظفين. تشارك نيوتوبيا النتائج مع الموظفين أملاً في أن يغيروا سلوكهم لدى معرفتهم أنهم يحملون جينات معينة.

ما هو الغرض من التشريع؟ الغرض الضيق هو إنهاء النزاع بين قانون الأميركيين ذوي الإعاقة وقانون عدم التمييز على أساس المعلومات الوراثية وقانون الرعاية المعقولة الكلفة لصالح أصحاب العمل. والغرض الأوسع، كما هو مذكور في ديباجة مشروع القانون، هو إعطاء أصحاب العمل قدراً أكبر من السلطة التقديرية في كيفية إدارتهم برامج العافية الصحية، وفي حالة توسيع نطاق بند الغرامات ليشمل من يعيلهم الموظف أو أفراد عائلته، نفوذاً أكبر حيال الموظفين.

هناك حجج تتصل بالصحة والادخار. يعتقد البعض أن الاختبارات الجينية توفر صورة أكثر دقة حول مخاطر الموظف الصحية من الفحوصات البيومترية الحالية التي تتضمن مقاييس الجسم والفحص البدني وتحاليل الدم واللياقة على سبيل المثال. ومن الحكمة تقليدياً القول إنه إذا تمكنت الشركة من إدارة مخاطر الموظف، ستتمكن من توفير المال. على سبيل المثال، عانى السكان المؤمن عليهم لدى الشركات التجارية من 158,895 نوبة قلبية، وأدخلت 126,710 حالة خاصة بداء السكري إلى المستشفى في عام 2014، وهي آخر سنة تتوفر فيها إحصاءات. كان ما يقرب من 55% من السكان (حوالي 175 مليون شخص) مؤمن عليهم لدى القطاع الخاص، وهذا يعني تسجيل 1,6 حدث صحي لكل 1000 شخص. وتقدر منظمة أبحاث تحسين الصحة (Health Enhancement Research Organizatio) تكلفة هذه الأحداث بمبلغ 22,500 دولار. وبالتالي، فإنّ الإنفاق الصحي لصاحب العمل يشمل 36 دولاراً لكل موظف سنوياً (PEPY) للنوبات القلبية وأحداث السكري التي يمكن التنبؤ بها من خلال الفحص الجيني. (ستقع أحداث السكري الأكثر تعقيداً لدى الموظفين المشخصين بالفعل، وبالتالي لن يحتاجوا للفحص الجيني).

يرأس رون غويتزل من شركة آي بي أم واتسون هيلث (IBM Watson Health) وكلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، مشروع الصحة (Health Project)، وهي مجموعة يمولها القطاع الخاص وتقيم برامج العافية وتمنح سنوياً جائزة تشارلز إيفيريت كوب (C. Everett Koop) لأفضلها. يقول غويتزل إنّ البرامج الحالية تقلل المخاطر بنسبة تصل إلى 2% في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات. على افتراض أنه محق، فقد تنخفض تكاليف الإصابة بالنوبات القلبية ومرض السكري بنسبة مماثلة، وهذا يوفر على أصحاب العمل 0.72 دولاراً عن كل موظف سنوياً في برنامج عافية تقليدي. إذا كانت الاختبارات الجينية فعالة بما يكفي لمضاعفة انخفاض المخاطر هذا، يمكن لأصحاب العمل توفير 1.44 دولاراً في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات.

هل هناك أي دليل على أنّ الاختبارات الجينية فعالة في مضاعفة فعالية برامج العافية (أي في تحسين الصحة أو خفض التكاليف)؟ هناك أدلة كثيرة على عدم فعاليتها. لم تظهر دراسة أجرتها شركة أتنا للتأمين أي تغيير ذي مغزى في عوامل الخطر بعد عام واحد بين المجموعات المعرضة للخطر التي عرضت أو لم تعرض عليها الاختبارات الجينية، باستخدام تجربة التحكم المعيارية العشوائية. لم يؤيد الخبراء في المجال الفكرة القائلة بفعالية الاختبارات الجينية في الكشف عن الاستعداد للإصابة بالأمراض المزمن، على الرغم من أنّ ذلك قد يتغير مع تحسن التكنولوجيا.

هناك أيضا بعض النقص في مصداقية نتائج الاختبار إذ تباينت التفسيرات في 22% من الأحيان، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة "علم الوراثة في الطب" (Genetics in Medicine).

لماذا قد يرغب صاحب العمل في إنفاق 500 دولار الآن لتوفير 1.44 دولار في وقت لاحق، خصوصاً بالنظر إلى عدم وجود أدلة على فعالية هذه البرامج؟ قد لا يفعلون، ولكن على الرغم من البيانات الإحصائية الاقتصادية الواردة أعلاه، يميل أصحاب العمل إلى تركيز جهود إدارة التكلفة على مرض السكري وأمراض القلب بسبب التصور الخاطئ بأن نسبة كبيرة جداً من نفقات صاحب العمل على الصحة يستهلكها عارضان صحيان يستدعيان الدخول إلى المستشفى في حين أنه يمكن نظرياً تجنبهما. تشير البيانات الحكومية بدلاً من ذلك إلى أن صاحب العمل النموذجي ينفق أموالاً أكثر في المستشفيات على الولادات والعوارض العضلية الهيكلية أكثر مما ينفق على مرض السكري أو النوبات القلبية التي توجد في أدنى القائمة. (ولكن كلفتهما ترتفع بصورة كبيرة جداً بعد التقاعد).

يدعم نمط الإنفاق هذا وجهة نظر مفادها أن طريقة توفير الأموال من خلال الاختبارات الجينية هي من خلال الاعتماد على الموظفين المستائين من تطفل الاختبار الرافضين للامتثال. لقد روجت شركة تبيع الاختبار عدم الامتثال كمصدر للوفورات من دون إجراء الاختبار الجيني.

إليك الطريقة التي يمكن أن يعمل بها ذلك. في بعض الحالات، مثل هذه الحالة التي شهدتها ولاية بنسلفانيا عام 2013، حيث احتج الموظفون على برنامج للعافية تضمن فرض غرامة مالية على إلغاء الاشتراك، تعلق الأمر بمجرد فرض غرامة بسيطة. في حالة ولاية بنسلفانيا، بقي المبلغ السنوي المحسوم للموظف كما هو، ولكن غُرم الموظفون الذين رفضوا الامتثال 1,200 دولار على مدار السنة. لنفترض أن غرامة مماثلة كانت موجودة الآن. من المحتمل أن لا يخضع العديد من الموظفين للاختبارات الجينية. عن كل من يرفض، سيوفر صاحب العمل 1,200 دولار بينما سيدفع 500 دولار لكل من يمتثل.

في الغالب، سيتحول أصحاب العمل إلى تقديم خطة تتضمن اقتطاع مبلغ كبير بمقدار 1,000 دولار سنوياً على سبيل المثال، مع تجنب أن تبدو وكأنها اقتطاع من الأجر عن طريق منح الموظفين فرصة كسب 1,000 دولار من خلال المشاركة في برنامج العافية. يمثل هذا على الورق "حافزاً". إذا امتنع الموظف عن الاختبار الجيني لن يحصل على الحافز لكن سيتم اقتطاع مبلغ أعلى من أجره.

ولتوضيح الأمر، كان متوسط ​​الغرامة/الحوافز في عام 2015 693 دولاراً. وبالتالي، جعل أصحاب العمل الكبار الموظفين يخاطرون بمبالغ أكبر.

هل يُحتمل أن يعارض الموظفون هذا؟ استناداً إلى "المعارضة الشديدة" لمجموعات الدفاع عن المستهلك والصحة والخصوصية، وفقاً لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، من الإنصاف القول إن رد فعل الموظفين سيكون سلبياً للغاية، على الرغم من أنه قد يكون من الصعب التمييز بين مشاعرهم بشأن برامج العافية بشكل عام ومشاعرهم إزاء الاختبارات الجينية بشكل خاص. ويمكن تكوين فكرة عن تلك المشاعر بمجرد إلقاء نظرة سريعة على التعليقات الواردة على مقال نشره موقع "ستات" (STAT) عن مشروع القانون (والذي كان من أوائل من تحدثوا عن الأمر) أو على مواقع إخبارية أخرى.

بالنظر إلى التكلفة ونقص الفعالية وردود فعل الموظفين المحتملة، لماذا قد يرغب أصحاب العمل في فعل ذلك؟ في رأيي، لن يفعلوا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي