كيف تتخلى عن التمسك بعقلية الوظيفة القديمة بعد الترقية؟

6 دقيقة
نمو القادة
فريق عمل مجلة هارفارد بزنس ريفيو/أنسبلاش

يتعلق نمو القادة بهويتهم بقدر ما يتعلق بمهاراتهم. عندما تتمسك بوظيفتك السابقة بعد ترقيتك إلى منصب قيادي وتتخذ قرارات يجب أن تكون من صلاحيات شخص آخر، فأنت تتمسك بالنسخة السابقة من نفسك التي استحقت الحصول على الترقية. لكي تنجح في منصبك الجديد، يجب أن تتخلى عن تلك الهوية و…

عندما تحصل على ترقية إلى منصب قيادي قد تصبح الحدود الفاصلة بين المنصب القديم والمنصب الجديد غير واضحة. لقد حصلت على الترقية بسبب تميزك في وظيفتك السابقة، ومن الطبيعي أن تشعر بعدم الارتياح عند ترك ذلك العمل، وقد يبدو ذلك كما لو أنك تتنازل عن جزء من هويتك المهنية. ولكن الترقية الحقيقية تتطلب الانتقال بطريقة مدروسة ومنظمة إلى مستوى جديد من القيادة، وليس أداء وظيفتين في الوقت نفسه.

فيما يلي 5 طرق لضمان إتمام عملية الانتقال وتمكين فريقك من تحمل مسؤولية العمل والمهام التي يجب أن تتخلى عنها.

1. توضيح نطاق عملك وصلاحياتك الجديدة

يعرف كبار القادة جيداً سبب ترقيتك والمهام التي تشرف على تنفيذها الآن، ولكن قد لا تعرفها أنت. خصص بعض الوقت لفهم نطاق صلاحياتك الجديدة والمهام التي يجب أن يتولى الآخرون تنفيذها.

حصلت إحدى عميلاتي، تدعى سوزان، على ترقية إلى منصب في الإدارة التنفيذية العليا عندما تقاعد مديرها. وقد توسعت مسؤولياتها لتشمل نطاقاً أوسع يضم القسم الذي كانت تعمل فيه. وبعد 6 أشهر، قدم لها الرئيس التنفيذي بعض الملاحظات الصريحة، على الرغم من تقدمها في السلم الوظيفي على مدار أكثر من عقد من الزمن وتلقيها الثناء باستمرار، فإنها لم تستطع تلبية التوقعات.

لم تكن المشكلة تتعلق بالجهود التي تبذلها، بل بالتركيز. فقد كانت لا تزال تؤدي بعض المهام من وظيفتها السابقة وتحضر الاجتماعات التي كان عليها تفويضها للآخرين، كما استمرت في اتخاذ القرارات التي كانت تقع ضمن نطاق صلاحيات خلفها في منصبها السابق. شعر مرؤوسوها المباشرون الجدد بأنها تمارس الإدارة التفصيلية، كما شعر الشخص الذي تولى منصبها السابق بالإحباط لأنها استمرت في التدخل في العمل الذي كان يفترض أن تنقله إليه بالكامل.

لو كانت أوضحت نطاق عملها الجديد عندما حصلت على الترقية رسمياً، لاستطاعت تجنب الارتباك والاستياء. لتحقيق ذلك، اطرح على مديرك الجديد 3 أسئلة أساسية:

  • ما هي القيمة التي تتوقع مني أن أضيفها في هذا المنصب الجديد؟
  • ما هي النتائج التي أتحمل مسؤولية تحقيقها؟
  • ما هي الاختلافات المتوقعة بين طريقتي في أداء مهام المنصب الجديد وطريقة من شغل المنصب قبلي؟

تساعدك هذه الأسئلة على تحديد المسار والجوانب التي يجب أن تركز عليها، وتوفر لك خطة انتقال واضحة تدعم نمو فريقك ونموك الشخصي على حد سواء.

2. تحديد تاريخ واضح للانتقال

يمكن أن يكون التخلي عن وظيفة سابقة صعباً، لا سيما في حال عدم تعيين شخص بديل أو إذا كان البديل يحتاج إلى وقت للتكيف مع ثقافة العمل وأولويات الشركة، ولكن تحديد تاريخ انتقال واضح ومحدد ضروري لمنعك من التشتت وتداخل الأدوار والاستمرار في التعامل مع المهام التي لم تعد ضمن نطاق مسؤولياتك.

حدد تاريخاً محدداً للانتقال بناء على احتياجات الشركة، مثل بداية الربع السنوي، أو بعد إعداد الموظف الجديد وتدريبه مدة تتراوح بين شهرين و3 أشهر، أو عند انتهاء مشروع كنت تقوده. عند حلول موعد الانتقال، تأكد من توضيح الخطط لمرؤوسيك المباشرين وأصحاب المصلحة السابقين والجدد من الأقسام المختلفة وزملائك. تتضمن عملية الانتقال السلس ونقل المهام المتعلقة بالاجتماعات تقديم الشخص الذي سيتولى العمل، والإشارة بوضوح إلى أنك ستتوقف عن الحضور من الآن فصاعداً. يعكس هذا الإجراء ثقتك في قدرة الشخص الجديد على القيادة ويضمن أن يعرف الآخرون إلى من يتوجهون لحل المسائل والحصول على المساعدة.

من المهم بالقدر نفسه توضيح نطاق عملك ومسؤولياتك الجديدة للزملاء الذين كانوا يعتمدون عليك في السابق. قد يؤدي تجاهل هذه الخطوة إلى استمرارهم في إرسال الطلبات إليك بحكم العادة، أو إرسال نسخ من الرسائل الإلكترونية التي لا تتطلب اهتمامك أو تدخلك، وقد تشعر بالرغبة في الرد بدافع الولاء للعلاقات القائمة أو لمعرفتك بالموضوع المطروح. يسهم توضيح الحدود بأسلوب لبق وحازم في الوقت نفسه في منع الارتباك أو الالتباس ويساعد الجميع على تحقيق النجاح.

3. صياغة رؤيتك القيادية الجديدة

قد يبدو الانتقال من التنفيذ العملي للمهام إلى القيادة على مستوى المؤسسة أمراً غير ملموس أو غير واضح. فأنت لم تعد تقيس النجاح من خلال إنجاز المشاريع أو حل المشكلات اليومية، بل من خلال تعزيز قدرة الآخرين على تحقيق النتائج والإسهام في تطوير الأهداف الاستراتيجية على المدى الطويل. عندما تبدأ بشرح دورك الجديد للآخرين وتوضيح طبيعة مسؤولياتك وصلاحياتك، احرص على صياغة رسالتك ورؤيتك القيادية التي تعكس القيمة الاستراتيجية التي تضيفها الآن للمؤسسة.

اكتب رؤيتك القيادية كما لو كنت تعرضها على زملائك. فكر في مستوى منصبك واستخدم أسلوب التعبير الذي يتناسب مع أقدميتك وموقعك القيادي. بصفتك قائداً رفيع المستوى، يتلخص دورك في توفير التوجيه والقيادة الفكرية لتعزيز قدرة الآخرين على أداء المهام، بدلاً من تنفيذها بنفسك. على سبيل المثال، يستطيع محلل الشركة الذي ينتقل إلى منصب رئيس الاستراتيجية الكلية صياغة رؤيته على النحو التالي: "يتمثل دوري في توجيه استراتيجية المؤسسة وتعزيز التوافق بين الأقسام المختلفة في عمليات الاندماج والاستحواذ، بالإضافة إلى تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية لضمان نجاح هذه العمليات وتوفير القيادة الفكرية بشأن المبادرات المؤسسية الرئيسية التي يمكن أن تؤثر في نمونا وتحولنا المستقبلي".

تسهم كتابة رؤيتك في توضيح نطاق تركيزك، وتساعدك على العمل بوصفك مشرفاً ووصياً على رؤية الشركة. انتقل أحد عملائي، يدعى رامي، من منصب نائب رئيس قسم التسويق إلى منصب الرئيس التنفيذي للتسويق. كتب رؤيته القيادية وأنشأ عرضاً تقديمياً يوضح فيه الإجراءات التي ينوي اتخاذها لإضافة القيمة في منصبه الجديد، ثم شاركه مع زملائه الجدد في القيادة لمواءمة التوقعات. وتحدث عن كيفية انتقاله من مهمة تشكيل صورة العلامة التجارية للشركة بوصفه نائباً للرئيس إلى ربط العلامة التجارية بالبيانات واحتياجات السوق لتعزيز نمو المؤسسة بصفته الرئيس التنفيذي للتسويق. وقد اختتم حديثه بالإشارة إلى أن القادة المسؤولين عن العلامة التجارية والتسويق وتجربة العملاء سيتخذون القرارات اليومية المتعلقة بفرقهم ويتحملون مسؤولية نتائجها، في حين سيتولى هو ضمان تركيز عملهم على النتائج والأهداف البعيدة المدى التي تسهم في نمو الشركة. هذه العملية ساعدت زملاءه الجدد على فهم القيمة الفريدة التي يقدمها وتحديد المهام التي لن يتولى مسؤوليتها بعد الآن، ونتيجة لذلك عرفوا متى يلجؤون إليه ومتى يتوجهون إلى فريقه. رسخت هذه العملية مكانته بوصفه قائداً استراتيجياً وعززت ثقة الآخرين بفريقه ومنحت مرؤوسيه المباشرين سلطة وصلاحيات أكبر.

4. إعادة توجيه الاستفسارات بطريقة مدروسة

تمثل مقاومة الرغبة في حل المشكلات التي يمكنك حسمها في دقائق التحدي الأصعب في عملية تولي منصب رفيع المستوى. فعندما يتواصل معك زملاؤك لطرح الأسئلة أو لاتخاذ قرارات مرتبطة بمسؤولياتك السابقة، يجب عليك توجيههم إلى الشخص المناسب بدلاً من التدخل المباشر. إن الاستمرار في الإجابة عن تلك الأسئلة يبقيك مرتبطاً بعملك السابق ويجعل زملاءك يتساءلون عما إذا كنت تدرك طبيعة دورك الجديد ونطاق مسؤولياتك، ويقوض صلاحيات فريقك.

لا تمثل إعادة توجيه الاستفسارات والطلبات تصرفاً غير لائق أو وقح؛ بل هي سلوك يعكس القيادة المسؤولة، بغض النظر عن عمق علاقتك بالشخص الذي يطرح الاستفسارات. إذا حاول شخص ما تجاوز المسؤول الجديد الذي تولى منصبك السابق، فيجب أن ترد بطريقة واضحة ومحترمة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "أقدر تواصلك معي، ولكن هذا القرار بيد محمود، وأنا أثق في حكمه". يسهم استخدام مثل هذه العبارات في رسم الحدود، ويشير إلى أنك تتوقع من الآخرين احترام البنية التنظيمية الجديدة لفريقك، كما أنه يساعد القادة الناشئين على تعزيز الثقة وترسيخ المصداقية في مناصبهم.

إذا لاحظت أن الأفراد يتجاوزون المسؤولين المباشرين أو التسلسل الهرمي للوصول إليك مباشرة، فعليك التفكير في السبب. هل يلاحظون وجود فجوات في آليات صناعة القرار؟ هل يفتقرون إلى الوضوح بشأن المسؤول عن كل مهمة أو قرار داخل الفريق أو المؤسسة؟ ناقش هذه المشكلات مع فريقك مباشرة حتى تتمكن من التراجع عن المشاركة والتدخل المباشر في التفاصيل دون القلق من حدوث فوضى أو تدهور العمل. تذكر أن ابتعادك عن التفاصيل الدقيقة يسمح للآخرين بالتقدم والنمو، كما أن تطوير الجيل القادم من القادة هو جزء مهم من وظيفتك الجديدة. يمكن أن يعرضك الاستمرار في تقديم المساعدة من دون إعادة توجيه الاستفسارات لمخاطر فقدان الموظفين الموهوبين الذين يشعرون بضعف تأثيرهم وصلاحياتهم. يتعلق التفويض بالثقة وضمان وجود القادة المناسبين في المحادثات الصحيحة والاجتماعات المهمة، وليس بمجرد إعادة توزيع أعباء العمل.

5. العمل مع مستشار أو موجه للتفكير

على الرغم من نواياك الحسنة، من الممكن أن تجد نفسك في بعض الأحيان تعود إلى عاداتك وممارساتك القديمة. حينئذ، يمكن أن يساعدك العمل مع شريك في التفكير، مثل خبير موثوق في مجال الموارد البشرية أو مدرب تنفيذي، على تعزيز وعيك الذاتي وتعديل عقليتك القيادية.

يعمل هذا الشريك على اختبار أسلوب تفكيرك، ويساعدك على اكتشاف النقاط المبهمة ويدفعك للتطور. يمكنه إرشادك للتفكير بعمق وطرح أسئلة مثل:

  • ما هي المهام أو المسؤوليات التي أخشى التخلي عنها؟
  • إذا لم أتخل عن هذه الأمور، فكيف سينعكس ذلك سلباً علي أو على فريقي؟
  • كيف أمارس القيادة الاستراتيجية في منصبي الجديد؟
  • كيف يمكنني تعزيز نفوذي وتأثيري دون سلطة أو سيطرة مباشرة على تفاصيل العمل؟

يعتمد نجاحك في هذا المنصب الجديد على الانتقال من تنفيذ المهام اليومية الواضحة إلى التعامل مع الغموض الاستراتيجي والتركيز على الأهداف الشاملة. يجب أن تجد القيمة من خلال توجيه الآخرين وتدريبهم والتأثير فيهم وتنميتهم، وليس من خلال أداء المهام بنفسك. بمجرد أن تفهم أن القيادة في منصبك الجديد تعتمد على التأثير لا على التنفيذ، يمكن أن يساعدك الشريك الفكري على تحسين نهجك وتصميم عادات تواصل جديدة وصياغة لغة وأسلوب تعبير يحددان الصلاحيات والحدود دون تنفير الزملاء.

يتعلق نمو القادة بهويتهم بقدر ما يتعلق بمهاراتهم. عندما تتمسك بوظيفتك السابقة وتتخذ قرارات يجب أن تكون من صلاحيات شخص آخر، فأنت تتمسك بالنسخة السابقة من نفسك التي استحقت الحصول على الترقية. لكي تنجح في منصبك الجديد، يجب أن تتخلى عن تلك الهوية وتتبنى هوية جديدة.

انظر إلى ترقيتك على أنها دعوة أو فرصة للقيادة بأسلوب مختلف. إذا واصلت تطبيق الممارسات التي ساعدتك على النجاح سابقاً، فإنك تحد من إمكاناتك وقدرة مؤسستك على النمو، ولكن إذا اخترت تطوير قدراتك القيادية، فيمكنك مضاعفة أثرك.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي