تقرير خاص

كيف تحقق الشركات أقصى استفادة من التكنولوجيا المؤسسية؟

8 دقيقة

ملخص: يمكن لقادة التكنولوجيا تحقيق قفزة هائلة في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء (مؤشر إبيتدا) تصل إلى 3 أضعاف من خلال الالتزام بستة مبادئ أساسية، مع التركيز على الإنفاق الذي يخلق قيمة حقيقية من التكنولوجيا المؤسسية في عصر الذكاء الاصطناعي الوكيل.

  • 1. تجديد معادلات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات وأرباحها
  • 2. تجديد المنصات التكنولوجية
  • 3. تجديد بيانات المؤسسة
  • 4. تجديد نموذج المواهب
  • 5. تجديد العلاقة مع الموردين
  • 6. تجديد استراتيجيات المخاطرة والمرونة

 

هل تقف الشركات على أعتاب ثورة في استخلاص القيمة من التكنولوجيا المؤسسية؟ الإجابة هي نعم، ولكن ذلك يقتصر على الشركات التي تستطيع توظيف الذكاء الاصطناعي لإعادة بناء أقسام التكنولوجيا المؤسسية من ناحية، والسعي وراء فرص تجارية جديدة من ناحية أخرى. فوفقاً لتحليلنا، يمكن لهذه الشركات أن تضاعف الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء على صعيد الاستثمارات التكنولوجية، ثلاث مرات.

قد يشكك الكثير من قادة التكنولوجيا بهذه الإمكانية، إذ تتطلب جهود التحديث التكنولوجي عادة استثمارات ضخمة عوائدها غير مضمونة. لكن النضج السريع للتطوير المعزز بالذكاء الاصطناعي وأنماط العمل القائمة على الذكاء الاصطناعي الوكيل قد يخلق معادلات جديدة ومجدية أكثر لإنفاق المؤسسات على التكنولوجيا المؤسسية والأرباح التي تجنيها منها خلال الأعوام الخمسة القادمة.

يستعد الذكاء الاصطناعي لإحداث تحول جذري في افتراضات راسخة منذ عقود حول ما يمكن للتكنولوجيا إنجازه والإطار الزمني اللازم له والتكلفة المترتبة عليه، والأهم من ذلك أنه سيخفض التكلفة الإجمالية لإضافة وظائف جديدة وسيعزز إنتاجية المطورين (انظر العمود الجانبي: "الذكاء الاصطناعي التوليدي يعزز إنتاجية المطورين"). تدخل الشركات هنا في دورة محمودة، حيث يؤدي تحسين الإنتاجية إلى إزالة معوقات الطاقة الاستيعابية وتعزيز القيمة التجارية في آن واحد. فارتفاع إنتاجية المطورين يحرر الموارد اللازمة لتحديث المنصات التكنولوجية وتنفيذ حلول تعزز نمو الأعمال، وتؤدي المنصات المحدثة بدورها إلى زيادة إنتاجية المطورين أكثر فيتقلص الدين الفني؛ والنتيجة هي تحقيق عائد أعلى من الاستثمار في التكنولوجيا المؤسسية ينمي الميزانيات المخصصة للتكنولوجيا ويخلق قيمة أعظم، وحينئذ تتجلى "مفارقة جيفونز".

 

الذكاء الاصطناعي التوليدي يعزز إنتاجية المطورين

قد يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي أول نقلة نوعية في إنتاجية المطورين منذ عقود، ما قد يتيح للشركات تحقيق قيمة غير مسبوقة من التكنولوجيا.

يتمثل عمل فرق الهندسة البرمجية في جمع متطلبات المستخدم وفحص قواعد الرموز البرمجية الحالية لفهم التبعيات ضمنها، وتصميم واجهات المستخدم وكتابة الرموز البرمجية وتصحيح الأخطاء فيها وضبطها لتحقيق قابلية التوسع والمرونة؛ وبإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي تسريع العمل في هذه المهام كافة.

كشفت دراسة حديثة لكلية هارفارد للأعمال، قيمت سلوك أكثر من 180,000 مطور على مدار عام، أن المطورين الذين استخدموا مساعد الذكاء الاصطناعي للترميز البرمجي ازداد تركيزهم على مهام البرمجة الأساسية، إذ خصصوا وقتاً أكثر بنحو 5% لأنشطة البرمجة بينما انخفض الوقت المخصص لأنشطة إدارة المشروعات بنسبة 10%. علاوة على ذلك، مكنت هذه الأداة المطورين من العمل باستقلالية أكبر وإجراء التجارب والاستكشاف، مثل الانخراط في مشروعات برمجة جديدة وتعلم لغات جديدة. كما لاحظت ماكنزي أن الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل تطوير المنتج تحقق قفزات هائلة في الإنتاجية.

للاستفادة الكاملة من الذكاء الاصطناعي في تعزيز قيمة التكنولوجيا المؤسسية، نحن بحاجة إلى تعاون وثيق جداً بين قادة الأقسام التجارية وقادة التكنولوجيا.

 

6 ضرورات لتحقيق قيمة من التكنولوجيا المؤسسية

ليس من السهل تحريك عجلة النمو هذه، فالأمر لا يقتصر على شراء بعض الأدوات أو زيادة الإنفاق على المنصات والمطورين (على الرغم من أن ذلك يتطلب استثماراً كبيراً ومستمراً). لنأخذ أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في البرمجة مثالاً، إذ تتطور جودة هذه الأدوات بسرعة هائلة، ما يفتح الباب لتحسينات جوهرية في إنتاجية المطورين. لكن حتى مع هذه الإمكانيات الواعدة، أظهر بحثنا أن معظم الشركات التي تستخدم أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي على نطاق واسع حققت تحسناً أقل من 10% في إنتاجية الفرق.

ليس من السهل تحريك عجلة النمو هذه، فالأمر لا يقتصر على شراء بعض الأدوات أو زيادة الإنفاق على المنصات والمطورين (على الرغم من أن ذلك يتطلب استثماراً كبيراً ومستمراً). لنأخذ أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في البرمجة مثالاً، إذ تتطور جودة هذه الأدوات بسرعة هائلة، ما يفتح الباب لتحسينات جوهرية في إنتاجية المطورين. لكن حتى مع هذه الإمكانيات الواعدة، أظهر بحثنا أن معظم الشركات التي تستخدم أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي على نطاق واسع حققت تحسناً أقل من 10% في إنتاجية الفرق.

لفهم متطلبات هذا التحول بطريقة أفضل، أجرينا مقابلات مع أكثر من 100 مسؤول تكنولوجي حول العالم، وبناء على تلك المناقشات وتحليل متعمق لعمل عملائنا، صغنا 6 مبادئ أساسية قادرة على تحويل التكنولوجيا المؤسسية وتحقيق قيمة كبيرة جداً للشركات. واللافت أن معظم قادة التكنولوجيا يجمعون على أهمية هذه المبادئ وخطواتها التنفيذية، غير أن قلة فقط هم من يطبقونها على نطاق واسع. ستصل الشركات التي تتبنى هذه المبادئ إلى موقع ريادي يحقق لها أعلى عائد على الاستثمار في التكنولوجيا المؤسسية.

 

1. تجديد معادلات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات وأرباحها

تشهد توقعات الشركات حول تكاليف التكنولوجيا المؤسسية وفوائدها تحولاً جذرياً، ما يستدعي عملية تحديث لتسريع وتيرة خلق القيمة. ففي حين تؤدي أدوات البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وطبقات الربط بين الأنظمة إلى انخفاض تكلفة إضافة الوظائف الجديدة وصيانة النظم الحالية، تبرز في المقابل تكاليف جديدة مرتبطة بتشغيل الذكاء الاصطناعي، مثل استخدامه في عمليات الاستدلال.

ستحتاج الشركات إلى تحديث طريقتها في إدارة الاستثمار بتكنولوجيا المعلومات. فمن خلال زيادة ميزانياتها الإجمالية بنسبة 4% سنوياً على مدى السنوات الأربع القادمة، وتوجيه المزيد من هذه التكاليف نحو الاستثمار في أدوات تكنولوجيا المعلومات لتحقيق الأتمتة على سبيل المثال، يمكن للشركات تعزيز إنتاجية فرق الهندسة على نحو ملحوظ وتخفيض تكاليف التشغيل. إذا طبقت الشركات هذا النموذج الاقتصادي الجديد على نماذج التشغيل الخاصة بمنتجاتها، ستتمكن من تحقيق قفزة هائلة في مؤشر إبيتدا من الاستثمار في التكنولوجيا المؤسسية، تصل إلى 3 أضعاف بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2025.

 

2. تجديد المنصات التكنولوجية

تستخدم الشركات المتقدمة الذكاء الاصطناعي للحد من الديون التقنية في حين تبني في الوقت نفسه منصات جديدة للذكاء الاصطناعي. تمهد هذه الجهود الطريق للتوسع في تطبيقات هذه التكنولوجيا؛ فعلى الرغم من الجهود الكبيرة في الماضي، لا تزال معظم الشركات تواجه صعوبات في التعامل مع الديون التقنية، وهي حلقة مفرغة ترفع التكاليف وتبطئ وتيرة الابتكار. للحد من هذه الديون، تبني بعض الشركات منصات البرمجة الذاتية الذكية "المنصات الوكيلة"، التي تتيح إعادة استخدام الرموز البرمجية بتكلفة شبه معدومة وتستخدم الذكاء الاصطناعي لتسريع معالجة الأنظمة الحالية وتحسين أدائها. ويشير بحثنا إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتيح الاستغناء عن الكثير من العمل اليدوي في تحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات، ما يؤدي إلى تسريع العمليات بنسبة 40-50% وخفض التكاليف بنسبة 40% مع تحسين جودة النتائج في الوقت نفسه.

 

3. تجديد بيانات المؤسسة

تستخدم الشركات الرائدة الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة بياناتها وبناء طبقات دلالية ورسوم بيانية معرفية، ما يمكنها من رفع قدراتها التحليلية وزيادة أرباحها. عندما تجدد الشركات بياناتها بهذه الأساليب، تصبح مؤهلة للاستفادة بالدرجة المثلى من الذكاء الاصطناعي، الذي صحيح أنه يستهلك كميات هائلة من البيانات، لكنه يخلق في المقابل فرصاً جديدة لاستخراج قيمة أكبر منها بطرق مبتكرة. ويمكن تحقيق هذه المكاسب من خلال الالتزام بجهود منهجية وموسعة لتحسين جودة البيانات وإنشاء إطار واضح لتتبع مصادرها وبناء منتجات معلوماتية متينة، مع الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لاستخلاص رؤى جديدة من البيانات غير المنظمة.

 

4. تجديد نموذج المواهب

أصبح بناء قدرات هندسية تتيح التعاون بين البشر ووكلاء الذكاء الاصطناعي ضرورة حاسمة. لذا بدأت الشركات الرائدة بإعادة تشكيل نماذج المواهب لتتلاءم مع متطلبات التعاون البشري- الآلي، ويستلزم هذا التحول تطويراً جذرياً للعمليات الهندسية من خلال تحديث أساليب العمل والاستثمار في الأتمتة والتنسيق الذكي، ما يمكن المهندسين من بناء أسراب من وكلاء الذكاء الاصطناعي وإدراتها، وإنشاء نماذج تلمذة مهنية بالتوازي مع ذلك، إذ ينقل المهندسون المخضرمون خبراتهم إلى هؤلاء الوكلاء لتصميم سير عمل ذكي يحقق أثراً ملموساً. للاستفادة بالدرجة القصوى، يجب أن تصمم الشركات مسار عمل يستثمر نقاط القوة في كل من البشر ووكلاء الذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل، ويعزز قدرتهم على التعاون المثمر.

 

5. تجديد العلاقة مع الموردين

يجب على قادة التكنولوجيا إعادة النظر في علاقاتهم مع الموردين لبناء منظومات تكنولوجية تدعم الذكاء الاصطناعي. ولمواجهة هذا التحوّل، يتعيّن على هؤلاء القادة فهم نقاط القوة التي يمتلكونها في مفاوضاتهم مع الموردين وكيفية توظيفها بفعالية.

لم تعد المعادلات التقليدية سائدة، فالأنماط الراسخة طويلاً، مثل التعهيد مقابل الاعتماد على الذات، وحلول البرمجيات كخدمة مقابل إنشاء البنى التحتية، تشهد جميعها تحولاً جذرياً وسريعاً بتأثير من الذكاء الاصطناعي.

بمقدور مسؤولي التكنولوجيا تقليل مخاطر التبعية للموردين من خلال فهم أثر الذكاء الاصطناعي في العلاقة بين المشترين والبائعين عبر مختلف المجالات التي تدخل فيها التكنولوجيا، بما فيها الأنظمة الدلالية وسير العمل ومنصات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية وتقديم الخدمات. فعلى سبيل المثال، يمكن للشركات الاستعاضة عن كثرة موردي حلول البرمجيات كخدمة بمسار العمل الذكي والبرمجة المفتوحة المصدر، ما يسمح لها بوضع بنود تصب في صالحها أكثر في عقودها مع مقدّمي خدمات التكنولوجيا. كما تحقق الشركات الرائدة قيمة أكبر من الإمكانات الجاهزة في حلولها التكنولوجية من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق مبتكرة.

 

6. تجديد استراتيجيات المخاطرة والمرونة

يستطيع قادة التكنولوجيا استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة الأمن بطرق جديدة، لكنه يطرح في الوقت نفسه مخاطر غير مسبوقة، وهذا يفرض على الشركات إعادة صياغة استراتيجيات التعامل مع المخاطر وتعزيز المرونة، سواء في استخدام الذكاء الاصطناعي أو مواجهة تحدياته. على سبيل المثال يمكن للشركات تعزيز مرونتها من خلال إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي للرقابة المستمرة. كما أن دمج تقييم المخاطر في سير العمل، سواء للموظفين أو وكلاء الذكاء الاصطناعي، يمكن الفرق من رصد الأخطاء مبكراً وصقل المنطق المتبع، وتحسين الأداء باستمرار. على الجانب الآخر، يمكن لقادة التكنولوجيا أيضاً بناء بيئات آمنة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال إعادة ابتكار نماذج تقييم مخاطر تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي وتدريبهم بهدف تعزيز توافقهم مع قيم المؤسسة.

 

كيف تحقق هذه الركائز الست نقلة في العائد على الاستثمار في التكنولوجيا؟

عندما تعيد الشركات ترتيب أولوياتها في توزيع الاستثمار التكنولوجي بين تطوير التطبيقات الموجهة لاحتياجات الأعمال واستثمارات تكنولوجيا المعلومات، فإنها تستطيع مضاعفة العائد على هذا الاستثمار. يؤدي توجيه استثمارات أكبر نحو تكنولوجيا المعلومات في المراحل الأولى (مثل التوسع في منصات الأتمتة والتنميط وأدواتهما)، مع تخفيض طفيف للإنفاق على التطبيقات الموجهة لاحتياجات الأعمال، إلى تحقيق عوائد أعلى في المستقبل. وسبب ذلك هو أن المطورين سيستخدمون أدوات تعزز إنتاجيتهم وتقلل أعمال الصيانة والإصلاح.

على الرغم من إلمام معظم الشركات بالمزايا النظرية للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، فإن القيمة الفعلية لهذه الاستثمارات لا تقاس بطريقة موثوقة. وانطلاقاً من خبرتنا التراكمية في التعامل مع الشركات الكبرى، وتحليلنا لسيناريوهات متعددة، درسنا الخيارات الاستثمارية التكنولوجية المختلفة المتاحة لقادة التكنولوجيا، وأثرها على العوائد الشاملة. ولتوضيح هذه التحليلات، أجرينا محاكاة لثلاثة سيناريوهات بناءً على ميزانية للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات تبلغ مليار دولار (كما هو موضح في الشكل 1).

في السيناريو الأول، يؤدي تخصيص 20% فقط من الاستثمار لتكنولوجيا المعلومات إلى دوامة سلبية: حيث ترتفع التكاليف التشغيلية تدريجياً، بينما تظل المكاسب المتحققة على مؤشر إبيتدا من الاستثمار التكنولوجي محدودة جداً.

أما في السيناريو الثاني، فيؤدي تحويل 40% من الاستثمار إلى تكنولوجيا المعلومات خلال الأعوام الثلاثة الأولى إلى خفض التكاليف التشغيلية وتعزيز إنتاجية الفرق الهندسية، وتحقيق مكاسب بأكثر من الضعفين على مؤشر إبيتدا بحلول العام الخامس مقارنةً بالسيناريو الأول، وذلك دون الحاجة إلى زيادة الميزانيات.

في السيناريو الثالث، نحقق النتائج الأكبر من خلال البدء بإنفاق أعلى بنسبة 4% من الأساس وتخصيص 33% من الاستثمار لتكنولوجيا المعلومات خلال السنوات الأربع الأولى وزيادة الميزانية الإجمالية بنسبة 4% سنوياً، ما يؤدي إلى استمرار خفض التكاليف على المدى الطويل وزيادة في المكاسب على مؤشر إبيتدا تتجاوز ثلاثة أضعاف مقارنة بالسيناريو الأول، بحلول العام الخامس.

تبرز هذه السيناريوهات القيمة الاستراتيجية للاستثمار في البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات، إذ يؤدي هذا التوجه إلى خفض كبير في وقت إطلاق المنتجات الجديدة وتكلفتها، وقفزة ملحوظة في إنتاجية الفرق الهندسية، ما ينعكس في النهاية على زيادة القيمة التي تحققها التكنولوجيا المؤسسية. وفي حين أن الشركات الرقمية الحديثة تسلم بهذه الحقيقة، لا تزال تكنولوجيا المعلومات تمثل للعديد من المؤسسات تكلفة يجب تقليصها، لا مصدراً لخلق القيمة المستقبلية.

تؤكد نتائج مقابلاتنا هذه الرؤية، حيث أظهرت أن معظم قادة التكنولوجيا يدركون أن الإدارة المثلى للاستثمار التكنولوجي يجب أن ترتكز على خلق القيمة وليس مجرد خفض التكاليف، لكن قليلون منهم نجحوا في تطبيق هذا النهج فعلياً عند إدارة المعادلة الاقتصادية للتكنولوجيا. كما أنهم لا يحصلون على الدعم الكافي من الإدارة العليا لتنفيذ هذا التحول الجوهري.

يتطلب تنفيذ الركائز الستة تعاوناً وثيقاً بين الأقسام التجارية والتكنولوجية.

على أرض الواقع، يخبرنا مسؤولو التكنولوجيا أنهم يتلقون توجيهات ومطالب مستمرة من سائر الفريق القيادي تؤدي لاتخاذ قرارات قصيرة الأجل وخيارات غير مثلى، ويكشف استطلاعنا أن 13% فقط من مسؤولي التكنولوجيا يرون أن زملاءهم في الأقسام التجارية يطبقون السلوكيات المطلوبة لتحقيق القيمة من الاستثمارات التكنولوجية في معظم الأوقات (انظر الشكل 2).

أمام الشركات فرصة لسد هذه الفجوة وتعزيز التعاون بين الأقسام التجارية والتكنولوجيا. ويبدأ ذلك من خلال تقديم الإدارة التنفيذية العليا دعماً قوياً للاستثمار طويل الأجل في التكنولوجيا، إذ يمكن لقادة الأقسام التجارية المساهمة بفعالية عبر تمويل الاستثمار في منصات تكنولوجيا المعلومات ودعم فرق التكنولوجيا في تخفيف المخاطر والمساعدة على تحديد المتطلبات الوظيفية للمنتجات وتمكين هذه الفرق من تبني أساليب عمل جديدة تتمحور حول الذكاء الاصطناعي.

في الجانب الآخر، يمكن لمسؤولي التكنولوجيا تعزيز مصداقيتهم من خلال الالتزام بتقديم منتجات تلبي المتطلبات الوظيفية المطلوبة في مواعيدها المحددة وضمن الميزانيات المقررة. كما يمكنهم كسب مزيد من الدعم لمبادرات التكنولوجيا المؤسسية عبر ترسيخ دورهم في صياغة استراتيجية الأعمال وتحقيقها.

يتطلب المسار المستقبلي جرأة من قادة الأقسام التجارية وقادة التكنولوجيا على حدٍ سواء، لكن الخيار أصبح واضحاً: إما الاستمرار في النهج الحالي والمخاطرة بالتأخر عن الركب، وإما اغتنام فرصة الذكاء الاصطناعي لتحويل التكنولوجيا المؤسسية من مركز تكلفة إلى مصدر للقيمة.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي