هل لدى موظفيك طقوس وعادات في العمل؟ انتبه لتأثيرها

1 دقيقة
العادات المؤسسية المعقدة
ميراج سي/غيتي إميدجيز

يبين الكثير من الأبحاث وجود فوائد لعادات فرق العمل، مثل تحسين الأداء وتحفيز الموظفين. مع ذلك، تنظر أغلبية الأدبيات الحالية في العادات المؤسسية البسيطة (مثل هتافات الفريق). استكشف الباحثون في دراسة جديدة تأثير العادات المؤسسية المعقدة، مثل حفلات الأعياد وفعاليات إعداد ال…

تشهد بيئات العمل جميعها اليوم عادات مؤسسية، بدءاً من الهتافات الصباحية اليومية السريعة وصولاً إلى الاحتفالات السنوية المخطط لها بعناية. تستهلك الشركات الكثير من الوقت والجهد والمال في خلق هذه العادات المشتركة والحفاظ عليها بهدف تعزيز الروابط الاجتماعية وإدماج الموظفين. تؤكد نتائج الأبحاث فعالية العادات المؤسسية، ويؤيد رواد الفكر تبنيها، ما يولد انطباعاً بأن آثارها في الموظفين وفرق العمل واضحة وإيجابية دائماً.

مع ذلك، تكمن المشكلة في أن هذا التمثيل المفرط الإيجابية للعادات المؤسسية لا يعكس الواقع دائماً. خذ، على سبيل المثال، حفلات العطل في الشركات؛ تبين الشهادات الشخصية أن انطباع الموظفين عن هذه العادات سلبي غالباً، بينما يرغب الكثير منهم في إلغائها تماماً. تشير انطباعات الموظفين هذه إلى أن تأثيرات طقوس مكان العمل ليست إيجابية دائماً كما اعتقد الكثيرون سابقاً.

اكتشفنا بعد فحص الأدبيات المنشورة أن أغلبية الأبحاث التي تسلط الضوء على الجوانب الإيجابية للعادات المؤسسية تركز على العادات البسيطة (مثل الهتافات الصباحية) وليس على العادات المعقدة (مثل حفلات الأعياد). لكن ما هو التأثير الفعلي للعادات المؤسسية في فريقك عندما تصبح أكثر تعقيداً واستهلاكاً للوقت؟

اكتشفنا في دراستنا التي سننشرها قريباً أن العادات المؤسسية المعقدة قد تعرض الموظفين لمجموعة من التجارب التي تؤثر في اندماجهم وسلوكهم. سنوضح في هذا المقال النتائج التي توصلنا إليها ونقدم قائمة مراجعة تساعد المؤسسات على تحقيق فوائد كبيرة من العادات المؤسسية، بالإضافة إلى التخطيط للتجارب التي قد تحرم بعض الموظفين من فوائد هذه الفعاليات ومعالجتها.

تفاصيل البحث

فحصنا في سلسلة من الدراسات ديناميات العادات المؤسسية المعقدة التي تستغرق فترات زمنية طويلة وتنطوي على تفاعلات اجتماعية واسعة النطاق، وهي تشمل حفلات الأعياد ومعتكفات بناء الفريق والاجتماعات السنوية واحتفالات توزيع الجوائز وفعاليات إعداد الموظفين الجدد والاحتفالات الخاصة بالشركة. طلبنا من الموظفين في إحدى الدراسات وصف ما يشعرون به في هذه الفعاليات، ولاحظنا أن العادات المؤسسية المعقدة تعزز تواصل الموظفين مع زملائهم وتحفز مشاعر إيجابية أكثر تجاه شركتهم، وهي نتائج تتوافق مع نتائج دراسات سابقة. مع ذلك، لاحظنا أيضاً أن هذه العادات المؤسسية قد تجعل الموظفين يشعرون بأنهم مستبعدون وغير صادقين وغير مقدرين وأنهم مضطرون لتقديم تضحية شخصية للالتزام بها.

أجرينا دراستين إضافيتين في الولايات المتحدة وألمانيا للنظر في أثر ردود الفعل الإيجابية والسلبية تجاه العادات المؤسسية المعقدة في اندماج الموظفين وسلوكهم. فحصنا في الدراستين آثار العادات المؤسسية المعقدة في الأسابيع والأشهر التالية للفعاليات، ولاحظنا أنه عندما أبلغ الموظفون عن ردود فعل إيجابية تجاه الفعالية (مثل التفاعل الاجتماعي الهادف مع الآخرين أو الحصول على التقدير من القادة لقاء عملهم)، ازداد اندماجهم وقدرتهم على التعاون مع زملائهم في العمل، وازداد تعبيرهم عن مشاعرهم الإيجابية تجاه المؤسسة، وتضاءلت احتمالات بحثهم عن وظائف جديدة، وهذه النتائج متوافقة مع نتائج أبحاث سابقة أيضاً. ولكن عندما خاض الموظفون عدداً أكبر من التجارب السلبية في الفعالية (استبعاد بعض من مجموعات الموظفين أو عدم الحصول على التقدير الكافي شخصياً)، زالت تلك الفوائد.

المغزى من هذه الدراسات واضح، وهو أن التجارب الإيجابية ضرورية لكي تؤدي العادات المؤسسية إلى نتائج إيجابية بفعالية، ولكنها ليست كافية وحدها. عند التخطيط لبناء عادة مؤسسية معقدة، مثل حفلات العطل السنوية، يقع التركيز غالباً على انتقاء الموقع المناسب وتقديم الوجبات اللذيذة وخلق الجو الممتع، وهذا مهم دون شك، لكن ما لا يقل أهمية هو ضمان الوقاية من التجارب السلبية (مثل مطالبة الموظفين بتقديم تضحيات شخصية للحضور وعدم تقديرهم بما يكفي)؛ وإلا فستخسر المؤسسة فوائد ما بذلته من وقت وطاقة ومال في بناء العادات المؤسسية.

قائمة مراجعة التخطيط لبناء العادات المؤسسية

كيف تضمن أن فعاليات العادات المؤسسية المعقدة التي تخطط لها تعزز فوائد تجارب الموظفين الإيجابية إلى الحد الأقصى مع الحد من التجارب السلبية الشائعة؟ أنشأنا استناداً إلى أبحاثنا قائمة بالإجراءات التي يجب اتخاذها وتلك التي يجب تجنبها لمساعدتك على التخطيط للفعاليات الناجحة التي تضمن تحقيق أقصى استفادة.

الإجراءات التي يجب اتخاذها

1. توفير الفرص لتعزيز النسيج الاجتماعي في الشركة.

نظرنا في الأسباب التي جعلت العديد من الموظفين الذين شملتهم دراساتنا يشعرون بدرجة أعلى من التواصل مع زملائهم بعد الفعاليات، ولاحظنا عاملين: أولاً، أعرب الموظفون عن أنهم يشعرون بالامتنان بصورة خاصة لأنهم تواصلوا مع الزملاء الذين لا يرونهم عادة، مثل الذين يعملون في ورديات مختلفة أو مواقع أخرى. ثانياً، استمتع الموظفون بالتحدث إلى زملائهم عن جوانب حياتهم غير المتعلقة بالعمل (أي الشخصية). ومن خلال منح الموظفين الفرصة في بداية الفعالية لتحية زملائهم الذين لم يلتقوهم منذ زمن والتواصل معهم، قبل بداية الأنشطة المنظمة الأخرى، يمكنهم  تجنب الحديث عن العمل وإحياء علاقاتهم والتحدث عن مسائل أخرى.

2. تقديم الامتيازات الهادفة.

أفاد الموظفون في دراستنا بأنهم يشعرون بالتقدير والمكافأة عندما تقدم لهم مؤسساتهم امتيازات إضافية هادفة في الفعاليات. يستطيع قادة المؤسسات توضيح تقديرهم للموظفين من خلال تقديم الطعام الجيد والهدايا البسيطة لكن المدروسة وإجراء الأنشطة الترفيهية. إذا احترت في تحديد الامتيازات الأنسب، فاتبع نهجاً قائماً على الأدلة. تحدثنا إلى قائد أجرى استقصاء وأطلع الموظفين على ميزانية الفعالية التي يخطط لها وقدم لهم خيارات لإنفاقها، ومنها تقديم وجبات الطعام الرسمية وإقامة أنشطة تفاعلية بدرجة عالية وتوفير الفرص للاختلاط غير الرسمي.

3. ضمان حيوية الفعالية.

يميل الموظفون الذين يشعرون بالنشاط بعد الفعاليات المؤسسية إلى الشعور بحافز أكبر تجاه العمل. احرص على العناية باختيار المتحدثين الملهمين الذين يعززون حيوية الفعالية وصياغة خطاباتهم والتحضير لها. إذا تمثلت العادة المؤسسية في فعالية إعداد الموظفين الجدد، ففكر في طرق لإشعال حماس الموظفين الجدد تجاه ما تقدمه شركتك لهم ومساعدتها لهم على النمو. لا تستهن أيضاً بقدرة الألعاب البسيطة على تحسين الحالة المزاجية، خاصة إذا كنت تمنح الجوائز. ذكر الموظفون عدة مرات أن ألعاب توزيع الجوائز بالقرعة كانت من النشاطات البارزة في الفعاليات.

4. خلق الجو الذي يبعث على الاسترخاء.

احرص على توفير المساحة والوقت اللذين يتيحان للموظفين الاسترخاء والاستمتاع بتجربتهم في الفعالية المؤسسية. إذا كانت تتمثل في احتفال بالعيد مثلاً، فاسمح للموظفين بالقدوم والمغادرة على حسب الرغبة أو الحضور فترة قصيرة فقط، ولا تخطط لفعالية مفرطة التنظيم لدرجة تجعلها تسبب التوتر أو تتطلب تحضيراً مسبقاً.

الإجراءات التي يجب تجنبها

1. إجبار الموظفين على تقديم التضحيات الشخصية.

قد تؤدي تفاصيل مثل توقيت الفعالية ومتطلباتها إلى جعل التجربة سلبية. على الرغم من أنك لن تتمكن من تجنب إزعاج الموظفين بشكل أو بآخر، فافعل ما تستطيع لتحديد جوانب العادات المؤسسية السابقة التي لاحظت أنها مزعجة وحاول الاستغناء عنها (مثل التوقيت أو اللباس أو بعد الموقع أو طلب إحضار أشياء محددة). فكر في طرق لتقليل الوقت والموارد التي يجب أن يستثمرها الموظفون، مثل تخصيص مواعيد للفعاليات ضمن ساعات العمل أو التعويض عن تكاليف النقل أو توفير رعاية الأطفال، حتى يتمكن الموظفون جميعهم من المشاركة براحة تامة.

2. المبالغة في الإنفاق.

قد ينظر الموظفون إلى الإنفاق المفرط على أنه تبذير ويرون أن إنفاق هذه الموارد في نشاط آخر أفضل. تجنب الفعاليات ذات التكاليف غير المبررة أو التي يمكن أن يعتقد الموظفون أنها مجرد تبذير، خاصة في فترات خفض التكاليف أو التسريح. في الوقت نفسه لا تبالغ في توفير التكاليف. تحدثنا إلى موظف أعرب عن أسفه لأن شركته أقامت حفلتها السنوية في موقف سيارات الشركة دون توفير مقاعد. حاول أن توازن بين الأنشطة الهادفة والفعالة من حيث التكلفة.

3. تقدير الموظفين في كل فرصة.

بينت نتائج بحثنا أن الموظفين الذين شعروا بعدم التقدير خلال الفعاليات المؤسسية دخلوا في حالة من الانفصال عن العمل بعدها لذلك اغتنم هذه الفعاليات لتقدير إنجازات الموظفين والتعبير عن امتنانك لإسهاماتهم. إذا كانت الفعالية هي حفل توزيع للجوائز، فيمكنك إعداد "لوحة امتنان" يستطيع الموظفون إضافة إسهامات زملائهم في الفريق إليها. وإذا كانت الفعالية اجتماعاً سنوياً، فيمكنك تخصيص وقت لشكر كل فريق على إنجازات محددة. يمكنك العمل مع الفريق القيادي لوضع خطة يحصل وفقها كل موظف على الشكر شخصياً من مدير تنفيذي واحد على الأقل. واحرص على الاعتراف بإسهامات وحدات العمل جميعها على العلن لكي تذكر الحضور بأن جهودهم وإنجازاتهم ملحوظة ومقدرة.

4. إفساح المجال ليبقى الموظفون على طبيعتهم.

يتفاعل الموظفون سلبياً مع الفعاليات المؤسسية التي تجعلهم يشعرون بأنهم مجبرون على إظهار الحماس "الزائف". اسمح للموظفين بالمشاركة بصدق دون أن تفرض عليهم المشاركة في الأنشطة التي قد تزعجهم أو تشعرهم بأن سلوكياتهم ومشاعرهم مصطنعة، يشمل ذلك إجبار الموظفين على الحضور في المقام الأول. اجعل الحضور اختيارياً إذا كان ذلك متاحاً، واحرص على أن يوضح القادة ذلك صراحة. هذا مهم جداً خاصة إذا أقمت العادات المؤسسية خلال الوقت الشخصي.

قيود البحث

على الرغم من أن بحثنا يوفر رؤى ثاقبة حول التأثيرات السلبية المحتملة للعادات المؤسسية المعقدة، فلا بد لنا من ذكر قيوده: أولاً، في حين أننا درسنا العادات المؤسسية المعقدة العامة، مثل حفلات الأعياد في مكان العمل وفعاليات بناء الفريق، لم يشمل بحثنا العادات المؤسسية الأخرى الفريدة أو المميزة، مثل تلك الخاصة ببعض القطاعات أو المؤسسات. قد تعرض هذه العادات المؤسسية الموظفين لتجارب إيجابية أو سلبية مميزة ومختلفة عما اكتشفناه في البحث. ثانياً، في حين أن البيانات التي استخدمناها شملت العديد من البلدان (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا)، فإن الاختلافات الثقافية المتعلقة بتصور العادات المؤسسية والانطباعات التي يأخذها الحضور عنها هي عامل يجب أخذه في الاعتبار. على سبيل المثال، قد تركز الثقافات المؤسسية (مثل السائدة في الهند وإندونيسيا) أكثر على تماسك المجموعة والشمول، ما قد يغير فعالية العادات المؤسسية مثل حفلات الأعياد أو معتكفات بناء الفريق وأثرها. قد يكون الموظفون في هذه الثقافات أكثر تكيفاً مع التجارب السلبية التي اكتشفناها مقارنة بالموظفين في الثقافات الفردية، مثل تلك التي شملتها دراساتنا.

تمثل العادات المؤسسية أدوات فعالة لتعزيز إدماج الموظفين وتحفيزهم على اتباع السلوكيات الإيجابية في مكان العمل، ولكن فقط إذا أعددتها على نحو مدروس؛ فعدم التخطيط لها جيداً قد يقوض فوائدها. تقدم قائمة المراجعة التي أنشأناها للقادة إطار عمل قائماً على الأدلة لبناء عادات مؤسسية أكثر فعالية. تستطيع المؤسسات تحويل فعالياتها إلى تجارب هادفة تعزز الإدماج الحقيقي من خلال التعامل المدروس مع تجربة العادات المؤسسية؛ أي زيادة تأثير عناصرها الإيجابية مثل التواصل الاجتماعي والتقدير الهادف مع خفض تأثير جوانبها السلبية مثل السلوك غير الصادق وتقديم التضحيات الشخصية.

 

   

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي