4 علامات تفضح من يستغلك في العمل تحت غطاء المجاملات

9 دقائق
الاستغلال
shutterstock.com/Tomas Knopp

تلقت روث رسالة إلكترونية من شخص تعرفه معرفة سطحية ولا تربطها به علاقة شخصية حقيقية، وكان مضمون الرسالة: "هل يمكنك أن تكتبي لي رسالة توصية؟ لأنني أريد التقدم إلى برنامج الدكتوراة في جامعتك السابقة". وما زاد الأمر سوءاً هو أن هذه الرسالة جاءت من شخص كان يطلب المساعدة دائماً دون أن يقدم أي خدمة في المقابل.

كلما تقدمت في مسيرتك المهنية، ازداد ظهورك أمام الآخرين، ما يؤدي إلى زيادة طلبات التواصل والتعاون والمساعدة الموجهة إليك. فجأة، يتواصل معك أشخاص انقطعت أخبارهم عنك منذ سنوات عديدة، وغالباً تكون هذه الطلبات على هيئة فرص، ولكنها في الحقيقة قد تستنزف وقتك وطاقتك ورأسمالك الاجتماعي.

تركز روث على دراسة حياة الأشخاص الناجحين وإنجازاتهم والتحدث عنهم، مثل الحاصلين على جائزة نوبل ورواد الفضاء وأبطال دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة. أما دوري، فهي مؤلفة ومتحدثة تناولت في كتابها الأخير "اللعبة الطويلة" (The Long Game) الاستراتيجيات الطويلة المدى، ويشمل ذلك بناء العلاقات الاستراتيجية. وعلى الرغم من تلقيهما طلبات مهذبة للتواصل من أشخاص لطيفين، فقد وصلتهما أيضاً طلبات تواصل تنتهك المبادئ الأساسية للمهنية.

في الواقع، تأتي الطلبات بسرعة وبكثرة، فمنذ عدة سنوات، أمضت دوري شهراً كاملاً في إحصاء الرسائل الإلكترونية الواردة إليها، واكتشفت أنها تتلقى نحو 69 طلباً أسبوعياً، ويتضمن ذلك طلبات التعارف إلى أشخاص آخرين وكتابة رسائل التوصية ومكالمات لطلب المشورة وغيرها. من السهل نسبياً رفض طلبات الأشخاص الغرباء التي تكون مرهقة وصعبة (على غرار الشخص الذي أرسل رسالة إلكترونية إلى روث)، ولكن من الصعب رفض طلبات الأشخاص الذين تربطك بهم علاقات قائمة ومستمرة.

لقد حددنا 4 علامات تحذيرية تشير إلى احتمالية استغلال بعض الأشخاص في شبكة علاقاتك لك، ومن المهم في مثل هذه الحالات إتقان مهارة التعامل مع هذا الأمر بأسلوب مدروس ولبق.

1. الطلب المستمر

نعرف جميعنا أشخاصاً في شبكة علاقاتنا يتواصلون معنا فقط عندما يحتاجون إلى مساعدتنا، مثل طلب التوصيات أو طلبات التعريف بأشخاص آخرين أو طلب خدمة مستعجلة تستغرق وقتاً طويلاً. إذا كنت تتلقى طلبات متكررة من شخص ما، فمن المفيد إنشاء معيار لكشف الاستغلال من أجل معرفة إذا كان هذا الشخص من النوع الذي يستفيد دائماً منك دون أن يقدم أي مقابل أو يبادلك العطاء. يمكنك أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة، مثل:

  • متى كانت آخر مرة تواصل فيها هذا الشخص معي دون أن يطلب شيئاً؟
  • هل أشعر بالاستنزاف أو الاستغلال بعد التفاعل معه؟
  • هل يبدو أنه يهتم بإمكاناتي والموارد التي أملكها أو شبكة معارفي أكثر من اهتمامه بي على المستوى الشخصي؟
  • هل يقدم وعوداً غير واضحة بتوفير المساعدة في المستقبل، ولكنه لا يلتزم بذلك؟

لا يمثل التوقف عن تقديم الخدمات لهؤلاء الأشخاص أو حتى تقليص التواصل معهم تصرفاً أنانياً، بل إنه وسيلة للحفاظ على وقتك وطاقتك.

2. المديح والمجاملات الزائفة

من الرائع تلقي الإطراءات حول ذكائنا ورؤيتنا الثاقبة وتفكيرنا العميق، لكن الأمر يصبح مزعجاً ويفقد قيمته عندما يتبين أن هذا المديح هو مجرد مقدمة لطلب خدمة ما. يمثل هذا التصرف نوعاً من التلاعب، فهو استغلال أو سوء استخدام لمبدأ المعاملة بالمثل، الذي وصفه عالم النفس والمؤلف روبرت تشالديني بأنه وسيلة للتأثير؛ إذ يمكن أن تقول في نفسك: "لقد كان هذا الشخص لطيفاً معي، وبالتالي، يجب علي أن أعامله بالمثل وأقدم له هذه الخدمة".

حاول تجنب هذه الاستجابة التلقائية، لأنها يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الطلبات في المستقبل. لذلك، اشكر الشخص الذي تواصل معك على كلماته الطيبة، ولا تتردد في رفض الطلب، فأنت لست ملزماً بتقديم أي خدمة لمجرد أنه أثنى عليك. يمكنك أن تقول: "أنا أركز على أولويات أخرى في الوقت الحالي"، أو "شكراً لك، لكن هذا لا يتوافق مع أهدافي".

3. تقديم طلبات التعاون غير المتكافئة التي تصب في مصلحة طرف واحد

يرغب بعض الأشخاص في اقتراح التعاون معك، مثل تأليف مقال مشترك أو المشاركة في عرض تقديمي في مؤتمر أو التعاون في استضافة ورشة عمل، ولكن إذا تعمقت في تفاصيل العرض، فستجد أنه أحادي الجانب ويصب في مصلحتهم فقط؛ إذ تعود الفائدة الكبرى عليهم وليس عليك. في مثل هذه الحالات، قد يكون الهدف الأساسي للشريك المحتمل هو ربط اسمه باسمك، على أمل تحقيق تأثير ممتد لعلاقته بك والاستفادة من سمعتك وعلامتك التجارية وشبكة علاقاتك المهنية.

من الضروري أن تدرك أن التعاون الحقيقي يتطلب أن يقدم كل شخص شيئاً فريداً وذا قيمة، وأن العمل الجماعي سيحقق نتيجة أفضل مما لو عمل كل شخص بمفرده. يمكنك إجراء اختبار حاسم وحقيقي لتقييم أهمية العمل التعاوني من خلال طرح هذه الأسئلة على نفسك:

  • هل ستكون الفوائد من هذا التعاون متكافئة بيني وبين الشريك؟
  • هل يتماشى هذا التعاون مع أهدافي وتوجهاتي الاستراتيجية في الوقت الحالي؟
  • هل يعتمد نجاح المشروع بطريقة غير متكافئة وبدرجة مفرطة على خبرتي وعلاقاتي وجمهوري؟

لا تتردد في رفض العرض، فالأصدقاء الحقيقيون سيحترمون قرارك إذا لم يكن العرض مناسباً لك.

4. استغلال اسمك

قد يعتقد بعض الأشخاص أن الارتباط بك سيعزز مصداقيتهم، فيبدؤون بذكر اسمك في الاجتماعات أو عبر الإنترنت دون موافقتك أو مشاركتك الفعلية في الأمر الذي يتحدثون عنه. تلقت دوري ذات مرة استفسارات عديدة من زملائها حول تجربتها في العمل مع مورد معين، الأمر الذي أثار استغرابها وحيرتها، لأنها لم تتعامل مع هذا الشخص من قبل. وقد تبين لها لاحقاً أن هذا الشخص استخدم تعليقاً إيجابياً كانت قد كتبته عن البودكاست الذي يقدمه على صفحة تحمل عنوان "شهادات العملاء"، ما أعطى انطباعاً للآخرين بوجود علاقة عمل بينهما.

يمكنك وضع حدود صارمة وواضحة وغير قابلة للنقاش لحماية سمعة علامتك التجارية من خلال معالجة هذه الأمور مباشرة. يمكنك أن تقول: "لاحظت ذكر اسمي وأعتقد أن ذلك قد يسبب سوء فهم لدى الآخرين حول طبيعة العلاقة المهنية بيننا، لذلك، أطلب إزالة هذه المعلومة"، أو اعتماداً على الموقف، يمكنك أن تقول: "إذا كنت تريد أن تذكر اسمي، فمن الأفضل أن تستشيرني قبل أن تفعل ذلك في المستقبل". من المفيد إنشاء تنبيه باسمك في محرك بحث جوجل لتتلقى إشعارات عندما يذكرك الآخرون في منشوراتهم.

كلما حققت نجاحاً أكبر في عملك، ازداد اهتمام الآخرين بك، ما يؤدي إلى زيادة تلقي طلبات غير مرغوب فيها للتواصل وطلب المساعدة. من خلال مراقبة هذه العلامات التحذيرية، يمكنك الحفاظ على ثقة شبكة علاقاتك ونزاهتها وحماية وقتك والحفاظ على علاقاتك المهمة. فالعلاقات الصحية والناجحة تعتمد على المنفعة المتبادلة والمعاملة بالمثل وليس على الاستغلال.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي