من التخطيط إلى العلاج: أفضل 100 استخدام للذكاء الاصطناعي عام 2025

9 دقيقة
الضجة حول الذكاء الاصطناعي
الرسم التوضيحي: أندريا أوسيني

قبل عام من الزمن، كتبتُ مقالاً نشرته في هارفارد بزنس ريفيو عن طرق استخدام البشر للذكاء الاصطناعي التوليدي. يبدو أن هذا المقال لاقى رواجاً كبيراً؛ إذ حظي بشعبية كبيرة واقتبس منه العديد من المؤلفين في المنشورات التي انتشرت على نطاق واسع، وشارك الكثيرون الرسم البياني الجميل المصاحب له على نطاق واسع. وقد توزّعت حالات الاستخدام بالتساوي تقريباً بين الاحتياجات الشخصية واحتياجات العمل.

منذئذ، ازدادت الضجة حول الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الضخمة؛ إذ تضاعف اهتمام المستخدمين وازداد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بمقدار هائل واتخذت الحكومات مواقف أوضح وأكثر تشدداً وارتفعت المخاطر إلى الحد الأقصى، إذ يرى البعض أن مستقبل البشرية أصبح على المحك.

شعرت أنا ومحررو موقع هارفارد بزنس ريفيو بالحاجة إلى تحديث بحثنا، فقد حدث الكثير خلال الأشهر الـ 12 الماضية؛ إذ أصبح بإمكاننا تصميم أدوات ذكاء اصطناعي قائمة على تكنولوجيا المحول المدرَّب لتوليد النصوص مخصصة لمجموعة أضيق من المتطلبات، وظهرت شركات جديدة مثل ديب سيك (DeepSeek) وغروك (Grok)، ما زاد كلاً من المنافسة والخيارات المتاحة في المجال، وشدّت شركة جوجل انتباه الملايين عندما أطلقت أول مرة مولّد المدونات الشخصية نوت بوك إل إم (NotebookLM)، بينما أطلقت شركة أوبن أيه آي (OpenAI) العديد من النماذج الجديدة التي تعد بأنها ستدمجها في واجهة واحدة موحدة، وقد ظهرت أيضاً تقنية التفكير المتسلسل التي تتيح للذكاء الاصطناعي توليد نتائج أعمق وإجابات أفضل ولكن على حساب السرعة، من خلال مشاركة خطوات التفكير الوسطى مع المستخدم قبل الوصول إلى الإجابة النهائية. كما تجعل الأوامر الصوتية التفاعلات المختلفة والأكثر تنوعاً ممكنة؛ فعلى سبيل المثال، تتيح لنا هذه الأوامر استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في أثناء القيادة، وقد انخفضت التكاليف بمقدار كبير مع اتساع نطاق الوصول على مدار السنة الأخيرة المليئة بالتطورات.

هدف هذا المقال المحدّث هو هدف المقال الأصلي نفسه؛ فعندما يلاحظ الناس أن الآخرين يستخدمون التكنولوجيا بطرق فعالة ومثمرة تمنحهم ميزات على غيرهم، سيحذون حذوهم؛ فحالات الاستخدام في العالم الحقيقي تغيّر السلوك الذي تعجز عن تغييره العلاقات العامة وقيادة الفكر والإبداعات التكنولوجية، كما أن التغيير يكون أكبر. لذلك، نأمل أن نزيد وعي الناس بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الإيجابية والمفيدة العديدة من خلال إبراز حالات الاستخدام المأخوذة من المحادثات على موقع ريديت (Reddit).

اعتمدت في هذا المقال المنهجية نفسها التي اعتمدتها العام الماضي، لكني بحثت في كمية أكبر من البيانات (بالنظر إلى توافر الكثير من البيانات التي يمكن البحث فيها) ولم آخذ سوى نتائج الأشهر الـ 12 الماضية. بحثت في المنتديات على الإنترنت (في موقعي ريديت وكورا (Quora))، بالإضافة إلى المقالات التي تضمنت تطبيقات صريحة ومحددة لهذه التكنولوجيا. مجدداً، عثرت على أغنى النتائج في موقع ريديت، ربما لأنه يخفي الهوية الحقيقية للمستخدمين. قرأت المنشورات في هذا الموقع بنفسي وأضفتُ كل منشور ذي صلة إلى حصيلة الفئة المحددة التي أبحث فيها. بعد عدة أيام، توصّلت إلى عدد حالات الاستخدام الجديدة المناسبة والاقتباسات الخاصة بكل حالة منها وقد بلغ عددها 100 حالة.

يسرد تقرير أهم 100 حالة استخدام للذكاء الاصطناعي التوليدي في 2025 أفضل 100 تطبيق عملي لهذه التكنولوجيا الآن، وهي حالات مصنفة وفقاً للفائدة المتصورة وحجم التأثير (اللذين قيّمهما الخبراء نوعياً). يتضمن التقرير اقتباساً واحداً أو عدة اقتباسات لكل حالة استخدام. كما قلت في مقال عام 2024، التقرير هو المكان الأمثل للتعرف على حالات الاستخدام هذه (لكن خذ في الاعتبار أنه تقرير خام وغير محرر، ما يعني أن قراءته ليست سهلة). ركّزت في المقال المحدّث على إضافة الاقتباسات المفيدة على نحو أوضح وأسرع.

النتائج والتوجّهات

أضفت 38 مدخلاً جديداً في قائمة أهم 100 حالة استخدام للذكاء الاصطناعي التوليدي الجديدة، ما أثبت صحة ما نعرفه بالفعل، وهو أن هذا المجال يشهد تغيرات كثيرة حالياً. سنتحدث فيما يلي عن أهم 10 حالات استخدام:

العلاج (سنتحدث أكثر عن هذا الموضوع أدناه) هو حالة الاستخدام الأعلى الجديدة. هناك حالتان أخريان ضمن أهم 5 حالات استخدام، هما "تنظيم حياتي" و"تحديد الغاية". تعكس هذه الاستخدامات الثلاثة الجهود المبذولة لتحقيق الذات، ما يشير إلى تحول في استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي من التطبيقات الفنية إلى التطبيقات الأكثر عاطفية خلال العام الماضي.

نظّمت حالات الاستخدام في 6 موضوعات أوسع، ولاحظت التغييرات التالية عن عام 2024:

أصبح "الدعم الشخصي والمهني" الآن الموضوع الأهم إلى حد بعيد، وحل محل موضوع "المساعدة الفنية واستكشاف الأخطاء وإصلاحها".

ما يفعله المستخدمون الآن

فيما يلي بعض حالات الاستخدام من أهم 100 حالة استخدام للذكاء الاصطناعي التوليدي لعام 2025، إلى جانب اقتباس لكل منها (يمكنك الاطلاع على القائمة الكاملة هنا). اخترت الأمثلة التي تقدم رؤى واضحة جداً حول طرق استخدام الناس لهذه التكنولوجيا.

  • العلاج/الرفقة (رقم 1). "في جنوب إفريقيا، حيث أعيش، لا نحصل على الرعاية الصحية النفسية إلا بالحد الأدنى؛ إذ إن هناك محللاً نفسياً واحداً لكل شخص من أصل 100 ألف شخص، وطبيباً نفسياً واحداً لكل شخص من أصل 300 ألف شخص. النماذج اللغوية الضخمة متاحة للجميع، وهي مفيدة في هذا السياق. لسوء الحظ، لن تهتم بأمن البيانات إذا كانت صحتك متدهورة، والبقاء على قيد الحياة هو أولويتك الأولى".
  • تنظيم حياتي (رقم 2). "طلبت من نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء جدول زمني لتنظيف المنزل وترتيبه قبل استقبال ضيوف مقيمين".
  • التعليم المعزز (رقم 4). "أنا أشارك في دورة تدريبية عبر الإنترنت لتعلّم تحليل البيانات بمفردي، وأستخدم تشات جي بي تي على أنه دليل دراسي لشرح بعض النقاط التي يتجاهلها القائمون على الدورة نوعاً ما، ثم أضيفها إلى ملاحظاتي. تساعدني هذه الطريقة على ترسيخ ما تعلّمته، وهي مفيدة جداً حتى الآن".
  • العيش بطريقة صحية أكثر (رقم 10). "بدأت مؤخراً حمية جديدة، وكان حساب كمية المغذيات الدقيقة باستخدام جداول بيانات 'مخططي الوجبات' على الإنترنت صعباً جداً. ما أفعله الآن هو أنني أطلب من الذكاء الاصطناعي وصفات الطعام بناءً على احتياجاتي المحددة من المغذيات الدقيقة لكل وجبة، وأشتري المكونات التي أحتاج إليها. بعد ذلك، أستخدم المقلاة الهوائية وآلة تحضير الأرز، وهذا سهل جداً".
  • إنشاء دليل للرحلات (رقم 24). "طلبت من تشات جي بي تي إعداد دليل رحلة شامل لقضاء العطلة يحتوي على العديد من التفاصيل، مثل أماكن الإقامة والمطاعم الريفية والأماكن الأهم التي يجب أن أزورها والمواقع المميزة غير الشهيرة. كما طلبت منه تقليل وقت القيادة قدر الإمكان. كانت النتيجة ممتازة".
  • الاعتراض على غرامة (رقم 83). "تلقيت إشعاراً بغرامة جزائية بسبب دخولي إلى ممر الحافلات. طالبني المجلس بمبلغ 80 جنيهاً إسترلينياً بسبب التوقف مدة 20 ثانية تقريباً أو أقل. طلبت من تشات جي بي تي كتابة استئناف وتلقيت هذا الصباح رسالة تفيد بإلغاء الغرامة. شكراً للذكاء الاصطناعي، لأني كنت سأدفع المال على الأرجح إذا اضطررت إلى كتابة خطاب استئناف طويل وممل بنفسي".

الغاية والمعنى

يستخدم عدد متزايد من الناس النماذج اللغوية الضخمة لتحديد الغاية في الحياة وتطوير النفس.

أصبح موضوع العلاج والرفقة حالة الاستخدام الأولى لنماذج الذكاء الاصطناعي، وهي تشمل حالتين متميزتين ولكنهما مترابطتان. ينطوي العلاج على الدعم والتوجيه المنظم لمعالجة المشكلات النفسية، بينما تشمل الرفقة التواصل الاجتماعي والعاطفي المستمر، ويتخذ طابعاً رومانسياً أحياناً. جمعتُ حالتي الاستخدام هاتين في حالة واحدة العام الماضي وهذا العام لأن كلاً منهما يلبي حاجة الإنسان الأساسية إلى التواصل والدعم العاطفي.

تحدّث العديد من الناشرين عن طرق مساعدة العلاج المعتمد على نموذج الذكاء الاصطناعي لهم على التعامل مع الحزن والصدمات. ظهرت 3 مزايا واضحة للعلاج المعتمد على الذكاء الاصطناعي، الأولى هي أنه متاح على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، والثانية هي أنه غير مكلف نسبياً (ومجاني في بعض الحالات)، والثالثة هي أنه يجنّب المستخدمين انتقادات الآخرين كما يحدث عند الخضوع للعلاج مع البشر. انتشرت ظاهرة استخدام الذكاء الاصطناعي للعلاج في الصين أيضاً. وعلى الرغم من أن الإمكانات الكاملة للعلاج المحوسب لا تزال موضع جدل حتى الآن، توفر الأبحاث الحديثة وجهة نظر مطمئنة؛ إذ إن التدخلات العلاجية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي أصبحت متطورة لدرجة أنه بات من الصعب تمييزها عن التدخلات العلاجية التي كتبها البشر.

يُقدّم الآن عدد متزايد من الخدمات المهنية جزئياً بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، العلاج والمشورة الطبية والاستشارات القانونية والضريبية وتطوير البرمجيات. هذا التحول جارٍ بالفعل في شركة إرنست آند يونغ (Ernst & Young)؛ إذ وضّح قائد التعلم والتطوير العالمي في الشركة، سايمون براون، أن المؤسسة تدرّب الموظفين على مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي حتى يتمكنوا من العمل مع مجموعة من الأنظمة الفاعلة المخصصة للقطاع التي تدعم أعمال الخدمات المهنية لنحو 400 ألف موظف، وهذا يشمل استخدام 150 وكيل ذكاء اصطناعي في المهام المتعلقة بالضرائب.

كان أهم مُدخل جديد في قائمة حالات الاستخدام هو "تنظيم حياتي"؛ إذ احتل المرتبة الثانية. تتعلق أغلبية هذه الحالات باستخدام الناس للنماذج ليزيدوا وعيهم بأهدافهم وتوجهاتهم الشخصية (مثل عاداتهم اليومية وقرارات السنة الجديدة ورؤاهم الذاتية) والتوصل إلى طرق بسيطة وسهلة لتنفيذها. يستخدم الناس الذكاء الاصطناعي التوليدي بهذه الطريقة في منازلهم عبر اشتراكات خاصة من خلال نماذج مثل تشات جي بي تي وكلود (Claude) وبيربليكسيتي (Perplexity) وفي أماكن العمل من خلال مايكروسوفت كوبايلوت (Microsoft Copilot) على نحو رئيسي. قال نائب رئيس الشركة للعمل الحديث وتطبيقات الأعمال في مايكروسوفت، جاريد سباتارو: "إحدى أهم حالات استخدام الذكاء الاصطناعي هي المساعد الشخصي في العمل. إذا كان النموذج يتمتع بالوصول إلى بيانات العمل جميعها، مثل رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات والملفات والاجتماعات، فسيوفر عليك الكثير من الجهد في العمل ويمكن أيضاً أن يؤدي دور شريك فكري قيّم جداً. يمكّن الذكاء الاصطناعي الموظفين من توفير الوقت وزيادة الإنتاجية والإبداعية".

المُدخل الجديد المهم الآخر هو "تحديد الغاية"؛ إذ إنه احتل المرتبة الثالثة. يظهر العديد من الاستخدامات على نحو متكرر في هذه الفئة، مثل تحديد القيم وتعريفها وتجاوز المعوقات واتخاذ خطوات للتطوير الشخصي (مثل الحصول على المشورة حول الإجراءات التي يجب اتخاذها وإعادة صياغة المشكلات والحصول على طرق للحفاظ على التركيز).

احتلت مدخلات أخرى مراتب أدنى في القائمة، وهي حالات يستخدم فيها الناس الذكاء الاصطناعي في الجوانب الإنسانية العاطفية. إذ يستخدم الناس الذكاء الاصطناعي لتعزيز ثقتهم بأنفسهم (في المرتبة 18) ولإجراء محادثات عميقة وهادفة (في المرتبة 29) وحتى لمحاولة التواصل مع المتوفين من خلال جعل النماذج تؤدي شخصياتهم (في المرتبة 33).

توقع معظم الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيثبت تفوقه وكفاءته في المجالات التقنية، وعلى الرغم من أنه يؤدي أداءً جيداً جداً في هذا المجال، فإن البحث الذي أجريته يبين أن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيداً بالقدر نفسه في الجوانب النفسية والعاطفية الفطرية.

التفكير المستقل

اختلف الكثيرون حول الفائدة الحقيقية من النماذج اللغوية الكبيرة فيما يتعلق بقدرتنا على التفكير. اعترف أحد المستخدمين صراحةً بأنه "أصبح مفرط الاعتماد" على الذكاء الاصطناعي، بينما قال آخر: "لا شك في أن اعتمادي على الذكاء الاصطناعي يزداد؛ إذ إني ألجأ إلى تشات جي بي تي لأداء المهام المقعدة بدلاً من التفكير فيها". من ناحية أخرى، اعترف الكثيرون أيضاً بقدرة هذه التكنولوجيا على تعزيز التعلم والتفكير واحتفوا بها؛ إذ قال أحدهم: "إذا لم تستخدم الذكاء الاصطناعي على أنه أداة للتعلم، فسيتوقف تقدمك المهني وتطورك وستصبح معرفتك محدودة".

تجلى هذا الخوف بوضوح فيما يتعلق بفئة الشباب؛ إذ أعرب العديدون عن مخاوفهم حول تأثير هذا الاعتماد في التعليم الجامعي (في المرتبة 23) بالنظر إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر الآن على توليد المقالات الجامعية العالية الجودة التي تعكس الموضوع المطلوب بدقة فورياً. يشعر الآباء بالقلق من تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في التطور التعليمي لأبنائهم الصغار السن (في المرتبة 41)؛ إذ إن النماذج اللغوية الضخمة قادرة على إتمام العديد من الواجبات في مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر بسرعة هائلة.

مع ذلك، قد يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي مفيداً في هذا المجال؛ إذ إنه يمكّننا من التفكير بعمق ووضوح أكثر مع الشعور بأمان أكبر. علّقت مستشارة الذكاء الاصطناعي في قائمة فورتشن 500، آلي ميلر، على حالات الاستخدام قائلة:

"نؤدي عملنا على النحو الأفضل عندما نشعر بالأمان النفسي، ولا أرى سبباً يجعل العمل مع الذكاء الاصطناعي استثناءً؛ فغياب الأحكام المسبقة والقدرة على الاستكشاف غير المحدود يجعلان هذه التكنولوجيا أرضاً خصبة لاستكشاف الأحلام وطرح الأسئلة التي قد تكون محرجة ومناقشة الأهداف غير الواضحة وغير المكتملة. الأهم هو ما تمثّله حالات الاستخدام هذه، وهو الانتقال إلى مستقبل يصبح فيه الانتقال من الأفكار الأولية إلى عمل ذي قيمة سهلاً وشبه فوري، سواءً كان تصميم موقع إلكتروني جديد أو تحقيق تحول جذري في الحياة الشخصية.

مستخدمون أكثر تطوراً

هناك عدة مؤشرات تبين أن مستخدمي الذكاء الاصطناعي حالياً اكتسبوا فهماً أعمق للذكاء الاصطناعي التوليدي وأصبحوا أكثر قدرة على التشكيك فيه وفي مصمميه ومنظومته.

أبرز الآراء التهكمية هي التي تتعلق بتصور أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُظهر درجة عالية من التحفظ الذي يراعي الاعتبارات السياسية. ربما كان هذا الميل أوضح خلال انتخابات عام 2024 في الولايات المتحدة؛ إذ قال أحد المستخدمين الذي فقد اهتمامه بهذه التكنولوجيا جرّاء ذلك: "ألغيت اشتراكي لهذا السبب. لا أريد دعم أداة تسهم في جعل البشر أكثر جبناً وتزمتاً".

تكلّم الكثيرون أيضاً عن خصوصية البيانات، وقابلوا الحماس المرتبط بانتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي بتحذيرات حول طرق استخدام شركات التكنولوجيا الكبرى للبيانات التي تجمعها. اعترض عدد كبير على طرق الاستخدام هذه، وفيما يلي منشور قاسٍ على موقع ريديت يلخّص هذه الاعتراضات بطريقة نموذجية:

فات الأوان؛ فمعلوماتي الشخصية أصبحت لدى الجميع، مصرفي وشركات بطاقات الائتمان وجوجل، وموقع بينغ وشركة تي موبيل كذلك، إضافة إلى طبيب الأسنان والطبيب العام. تشمل هذه المعلومات النصوص ورسائل البريد الإلكتروني ورسائل البريد الصوتي والتطبيقات والصور ومقاطع الفيديو وسجل المواقع وسجل التصفح وكلمات المرور المحفوظة وجهات الاتصال وجداول المواعيد وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي والتذكيرات وقوائم التسوق وطرق الدفع وبطاقات الولاء وعدد الخطوات التي أمشيها وبيانات النوم وإحصائيات استخدام الشاشة والتفضيلات في مواقع البث وحتى طلبات الطعام.

ما يثير السخرية هو أن إحدى الشكاوى الشائعة الأخرى هي أن النماذج اللغوية الضخمة لا تمتلك ما يكفي من المعلومات عن مستخدميها، لأنها لا تحتفظ بذاكرة كافية. قال أحد المستخدمين: "أعتقد أن فرض هذه القيود الصارمة فيما يتعلق بتخزين الذاكرة هو ضرب من الجنون".

كما هو متوقع، يبدو أن المستخدمين أصبحوا يفهمون آلية عمل النماذج اللغوية الضخمة على نحو أعمق في عام 2025. يبدو أن عدداً أكبر منهم يدرك الفكرة الأساسية التي تنص على أن الذكاء الاصطناعي سيفيد البشر فقط إذا وضّحوا غرضهم من استخدامه؛ إذ قال أحد المستخدمين: "لا شك في أن هذه التكنولوجيا لن تكون مفيدة إلا إذا علمنا غرض استخدامنا لها". كانت الأوامر النصية المذكورة أكثر جودة بكثير في عام 2025 (وساعد النموذج اللغوي الضخم غالباً على صياغتها)، كما يمكنك أن ترى في الأمثلة العديدة المدرجة في التقرير الكامل.

مع ذلك، تعج المنتديات العامة على الإنترنت بالآراء غير المتوازنة والمستقطبة؛ إذ يقول البعض إن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو "الاختراع الأروع، ولا أصدّق أن هناك أشخاصاً لا يستخدمونه"، بينما يصفه آخرون بأنه عديم الفائدة تماماً، قائلين: "لا أستطيع التفكير في أي فائدة يمكن أن تقدمها هذه التكنولوجيا"، أو: "لا يمكنني حتى التفكير في حالة استخدام واحدة غير خبيثة".

ماذا يخفي المستقبل؟

المنتديات على الإنترنت هي أرض خصبة للتكهنات الفارغة.

نصّت أغلبية التوقعات على أن مستقبل الذكاء الاصطناعي إما معتم جداً وإما مشرق جداً. ارتبطت إحدى التوقعات الشائعة والأكثر تفصيلاً بالرغبة في الاستغناء عن استخدام النماذج اللغوية الضخمة للحصول على المشورة والمعلومات واستخدامها لإنجاز المهام؛ أي إضفاء السلوك الفاعل عليها. على سبيل المثال، أراد أحد المستخدمين نموذجاً من شأنه إلغاء اشتراكه في منصة ما قبل أن تنتهي الفترة المجانية ويبدأ مطوروها بفرض رسوم عليه، بحسب تعبيره.

تنبأت في العام الماضي تنبؤاً صحيحاً، وإن كان بديهياً إلى حد ما، ينص على أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في التطور، وكذلك تطبيقاتنا له. أنا أتوقع الأمر نفسه الآن. أراكم عام 2026.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي