هل تشعر بالملل في العمل؟ جرّب هذه الطرق لاستعادة حماسك وشغفك

13 دقيقة
إعادة إشعال حماسك
كولدونوفا/ غيتي إميدجيز

أنت تؤدي عملك على نحو جيد؛ فأنت تعمل عن بُعد وتحقق أهدافك وتحافظ على سير العمل، لكن هذا الأداء الجيد لا يمنحك شعوراً حقيقياً بالرضا. يمكن أن يؤدي سوء إدارة الأداء وضعف الظهور المهني وتكرار المهام الروتينية وفرص النمو المحدودة إلى الشعور بالإحباط والركود والملل. ربما يكون لديك مدير لا يدرك قيمتك وإمكاناتك الحقيقية، أو قد تكون منشغلاً بإنجاز الكثير من المهام التي لا تثير اهتمامك.

في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، حيث تلوح عمليات تسريح العاملين في الأفق وتبدو فرص العمل نادرة، قد لا تبدو فكرة تغيير المسار الوظيفي خياراً واقعياً أو مرغوباً فيه. كما أن العمل عن بُعد قد يُقلص فرص إجراء المحادثات العفوية المتعلقة بالمسار الوظيفي، أو إنشاء شبكات علاقات طبيعية يمكن من خلالها الدردشة مع الآخرين ومراقبة سلوكهم وطريقة تعاملهم مع المهام واكتساب معرفة أو مهارات جديدة. إذا كنت لا تشعر بأن هناك ترقية تلوح في الأفق أو لا توجد فرصة واضحة للنمو في القريب العاجل، فكيف تحافظ على حماسك؟ وماذا يجب أن تفعل إذا شعرت بأن المستقبل لا يحمل أي تغييرات تثير حماسك؟

لكن الخبر الجيد هو أنك تستطيع التحكم في مسيرتك المهنية أكثر مما تعتقد. إليك 5 خطوات يمكنك اتباعها لإعادة إشعال حماسك في العمل، حتى لو كنت تعمل عن بُعد:

احرص على إنشاء مراجعة ذاتية موجزة ومصغّرة لأدائك.

إذا كنت تعمل في شركتك منذ فترة وخضعت لمراجعة أداء واحدة على الأقل، فهذا هو الوقت المناسب لمراجعتها والاطلاع على نتائجها. من خلال عملي في التدريب المهني، لاحظتُ أن معظم الناس يحتفظون بمراجعات أدائهم جانباً ولا يطّلعون عليها إلا عندما يحين موعد المراجعة التالية. وعلى الرغم من ذلك، فمن الممكن أن تحتوي المحادثات السابقة حول الأداء على مؤشرات تساعدك على تحديد الخطوات التي يمكنك اتخاذها الآن للاستثمار في نموك المهني. ما هي المواضيع التي وردت في آخر مراجعة لأدائك؟ ما هي نقاط قوتك الأساسية؟ ما هي الأهداف التي تحدّثت عنها ولكنك لم تعمل على تحقيقها؟ ما هي الملاحظات البنّاءة التي تلقيتها؟

يمكن أن تمثل الأهداف أو الاقتراحات التي وردت في مراجعتك الأخيرة نقطة انطلاق لوضع أهداف محددة وواضحة وقابلة للتنفيذ خلال الأشهر القليلة القادمة. 

يمكنك أيضاً مراجعة التغيرات التي طرأت على دورك الوظيفي أو على فريقك أو على الشركة منذ آخر مرة ناقشت فيها أداءك. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت شركتك قد غيّرت أولوياتها منذ آخر مراجعة، فحاول البحث عن كيفية تحسين أدائك لتلبية المتطلبات الجديدة.

في بعض الأحيان قد لا تمنحك ملاحظات مراجعة الأداء السابقة الرؤية الواضحة أو التوجيه المناسب الذي تحتاج إليه لتطوير نفسك أو للتقدم في مسارك المهني. لقد عملتُ على تدريب موظفين شعروا بأن تقييم مشرفيهم غير متناسب مع أدائهم، أو تلقّوا ملاحظات شديدة الغموض، أو أن الشخص الذي عمل على مراجعة أدائهم لم يعد يعمل مع الفريق. في هذه الحالات، يمكن أن يكون من المفيد إنشاء علاقات مع كبار القادة والزملاء الموثوقين الذين يمكنهم تقديم رؤى بنّاءة حول مجالات النمو والفرص المتاحة التي يمكنك استثمارها لتحسين وضعك والتقدم في مسيرتك المهنية. 

لا يقتصر إجراء مراجعة الأداء المصغّرة باستخدام المراجعات السابقة وملاحظات الزملاء الموثوقين على استعراض أدائك وإنجازاتك الماضية، بل يوفر لك ذلك فرصة لتقييم وضعك الحالي. فكر في الأشهر المقبلة (من 3 إلى 6 أشهر) واسأل نفسك: "ما هي الأهداف التي أرغب في تحقيقها؟".

ابحث عن مهمة متوسعة المجال.

عندما تبادر بالبحث عن مهمة متوسعة المجال، فمن المحتمل أن يرى مديرك أو زملاؤك في ذلك صفقة رابحة لكلا الطرفين. سيساعدك تولي مشروع يثير اهتمامك ويضعك أمام تحديات جديدة على تنمية مهاراتك وتعزيز مشاركتك وتجديد حماسك. كما يمكن أن يسهم ذلك في تعزيز مكانتك بوصفك شريكاً يتمتع بالتفكير الاستشرافي.

فكر في الأمور التي تركز عليها القيادة في الوقت الحالي. ما هي المبادرات أو الأولويات التي تحدثت عنها القيادة في الاجتماعات العامة أو اللقاءات الموسعة مع الموظفين؟ هل تستخدم شركتك فِرق عمل متعددة التخصصات لتنفيذ المبادرات الداخلية أو البرامج المجتمعية التي تستطيع المساهمة بها؟ حتى في بيئة العمل عن بُعد، قد تكون هناك فرص للتعاون بين الفرق أكثر مما تتصور.

ما هي الأهداف التي يسعى فريقك أو قسمك إلى تحقيقها في هذه السنة المالية؟ ما هي الفرص والمجالات التي تستطيع من خلالها تقديم الدعم أو إضافة قيمة حقيقية؟ بعد البحث عن الفرص المتاحة، اقترح الطرق المناسبة التي يمكنك من خلالها تقديم المساهمة الفعالة. أو إذا لم تستطع تحديد المجالات التي يمكنك إضافة أكبر قيمة فيها، فاسأل مديرك عما إذا كانت هناك أي مهمة يحتاج إلى مساعدتك في تنفيذها. قد يؤدي إبداء رغبتك في المساهمة إلى منحك فرصة لم تكن تتوقعها.

إذا كنت تشعر بالإحباط، فقد تجد صعوبة في استعادة الحماس على المدى القصير، لكنني أشجعك على النظر إلى الأمور من منظور أوسع والتفكير في الأهداف الكبيرة. فالبحث عن طرق جديدة لتقديم المساهمة سيعزز سيرتك الذاتية ويزيد من ظهورك المهني وفرص ملاحظتك عندما تتوافر فرصة للترقية. يمكن أن تساعدك المهمة المتوسعة المجال على اكتشاف اهتمامات جديدة واستخدام مهاراتك بطرق جديدة ومختلفة، بالإضافة إلى تعزيز ظهورك أمام القادة الآخرين أو صانعي القرار في شركتك. ستسهم هذه العوامل مجتمعة في تسريع نموك. بالإضافة إلى ذلك، ستتمكن من تقديم أمثلة ملموسة تُبرز روح المبادرة وكفاءتك القيادية وقدرتك على التكيف.

استكشف الفرص المتاحة لمتابعة عمل الآخرين والتعلم منهم.

إذا كنت تشعر بفقدان الإلهام والحماس في أداء مهامك اليومية، فحاول استكشاف كيفية تعامل الآخرين في مؤسستك مع مهامهم وأساليب إنجازها. لتحديد الفرص المحتملة، ركز على المشاريع أو الأدوار الوظيفية أو الأقسام التي تثير اهتمامك. لا تفكر فقط بالدور الوظيفي المثالي الذي ترغب في الوصول إليه، بل ركز على المهام والشراكات التي تمنحك طاقة وحماساً. 

استفسر عن إمكانية التواصل مع أحد زملائك. قد يتضمن ذلك الانضمام إلى اجتماع أو مراقبة أدائه للمهام الرئيسية من خلال خاصية مشاركة الشاشة في أثناء عمله. 

يروي المؤلف كيفن بيثون في كتابه "غير خطّي" (Nonlinear) كيفية حصوله على وظيفة في شركة نايكي (Nike) بصفة مخطط أعمال بعد حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كارنيغي ميلون (Carnegie Mellon). على الرغم من امتنانه وتقديره للحصول على هذه الفرصة، فقد أراد معرفة مزيد من المعلومات حول مجال تصميم المنتجات. لذلك، بدأ بإنشاء شبكة علاقات داخل شركة نايكي للتواصل مع الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال. أسفرت محادثته مع مدير تصميم الأحذية في شركة جوردان (Jordan)، دي واين إدواردز، إلى عقد اجتماعات بينهما في الساعة السادسة صباحاً قبل بدء الدوام الرسمي.

أسفرت هذه الاجتماعات عن حصول بيثون على فرصة ذهبية لتنفيذ مهمة متوسعة المجال، وهي أول تجربة له في مجال تصميم الأحذية.

يمكن أن تساعدك متابعة أحد زملائك في أثناء عمله على معرفة مزيد من المعلومات عن مؤسستك واكتساب مهارات جديدة وإنشاء علاقات مهنية، بالإضافة إلى الحصول على أفكار جديدة وإضفاء الحيوية والطاقة الضرورية على أسبوع العمل.

عزز مهاراتك من خلال مشاركة معرفتك وخبراتك.

من خلال مسيرتي المهنية، شاهدت كيف أن التواصل مع شخص لمشاركة عملك وخبراتك والإجابة عن أسئلته يمكن أن يحقق فوائد متعددة للطرفين.

للوهلة الأولى، قد يبدو أن التوجيه أو تقديم المشورة لشخص آخر أمر غير منطقي عندما تكون أنت من يسعى لتحقيق النمو الشخصي والتطور. لكن يمكن أن يكون ذلك طريقة رائعة لرد الجميل للآخرين. يوفر لك التوجيه أيضاً الفرصة لتعلم أشياء جديدة من وجهات نظر المتدرب نفسه. اسأل مديرك عما إذا كانت هناك فرص لتوجيه الموظفين المبتدئين، أو عبّر له عن استعدادك لقيادة دورة تدريبية. إذا كانت شركتك تقدم برنامج تدريب داخلي، فهل هناك طرق يمكنك من خلالها تقديم الدعم؟ يمكن أن تذكّرك مشاركة معرفتك مع الآخرين بحجم الإنجازات التي حققتها والخبرات التي اكتسبتها في مسيرتك المهنية، على الرغم من أنك قد لا تدرك قيمة هذه الإنجازات وتجد أنها أمر بديهي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدك تعليم مهارة ما لشخص آخر على كسر الملل الذي تشعر به لأنه يوفر لك فرصة لعرض مهاراتك وتطبيقها عملياً بطريقة جديدة. كما يمكن أن تمنحك مشاهدة التحول الذي تسهم في إحداثه لدى الآخرين شعوراً رائعاً بالرضا والإنجاز.

لا يتطلب التوجيه التزاماً طويل الأمد، فقد تكون محادثة واحدة كفيلة بإحداث أثر في المسيرة المهنية لشخص ما وتذكيرك بالإنجازات التي حققتها.

احرص على تحديد الإنجازات الصغيرة وتقديرها.

بوصفي مدربة مهنية، لاحظتُ خلال مسيرتي كيف يمكن أن يتباطأ تقدم الموظفين عندما يتجاهلون الإنجازات اليومية البسيطة التي تسهم مجتمعة في تعزيز نموهم. 

في العام الماضي، توليت مهمة متوسعة المجال لتطوير منصة فاير ميموز (Fire Memos)، التي تهدف إلى مساعدة الموظفين على تسجيل إنجازاتهم والاعتراف بها في الوقت الفعلي. إذا كنت تركز على الإنجازات الكبيرة فقط، فقد تغفل عن إدراك قيمة الإنجازات الصغيرة اليومية وأثرها. يستهين الكثير من الأشخاص بقيمة أعمالهم وأثر إنجازاتهم. لذلك، احرص على مراجعة التقدم الذي تحرزه في نهاية كل أسبوع وتدوين 3 إنجازات على الأقل، والتزم بإضافة مزيد من الإنجازات إلى تلك القائمة.

إذا التزمت بذلك، فستتمكن في نهاية كل شهر من توثيق عشرات الإنجازات التي يمكن أن تغفلها لولا هذه الممارسة. بمرور الوقت، ستصبح هذه المراجعات أو الملاحظات قصة قوية ومؤثرة توثّق إنجازاتك وتعكس نموك المستمر، حتى خلال المراحل التي قد تشعر فيها بأن مسيرتك المهنية تسير ببطء. ستسهم المواظبة على ممارسة هذه العادة في تسهيل الدفاع عن إنجازاتك عند اللزوم وستعزز وعيك بمساهماتك الحالية.

تذكّر أن فترات الركود يمكن أن توفر فرصاً لتعزيز النمو الشخصي والتطور. من الطبيعي أن تشعر بالملل في بعض مراحل العمل، لكن لا تسمح لهذا الشعور بأن يتحول إلى حالة من الركود التي توقف تقدمك.

تُمثل حياتك المهنية الاستثمار الشخصي الأهم والأكثر قيمة الذي ستقدمه في حياتك. لذلك، تقع على عاتقك مسؤولية المبادرة في اكتشاف الفرص التي تساعدك على التعلم والنمو والتطور.

في الواقع، يمكن أن تكون فترات الركود مقدمة لفرص جديدة ومثيرة؛ إذ يمكن أن تساعد على ظهور أفكار جديدة ومبتكرة أو اكتشاف أشياء تساعدك على تحقيق أداء أفضل أو استكشاف آفاق جديدة وأمور ترغب في تجربتها أو حتى تعزيز فهمك لذاتك. وبالتالي، يجب عليك اختيار كيفية التعامل مع هذه الفترات والاستفادة من التحديات الجديدة واكتشاف الجانب المشرق والإيجابي فيها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي