5 خطوات لاتخاذ قرارات أفضل بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي

8 دقيقة
انتشار الذكاء الاصطناعي

لقد أثار انتشار الذكاء الاصطناعي والتطور السريع له الحماسة بشأن قدرته على إحداث ثورة في عملية اتخاذ القرار في الشركات، من خلال استخدامه بدلاً من الموظفين المعرضين للخطأ، ولكن من السذاجة الاعتقاد أن جمع بيانات أكثر وإضافتها إلى خوارزميات أقوى كفيل وحده بجعل الشركات تتخذ القرارات الصحيحة وتخلق القيمة، ونحن نطلق على هذا الاعتقاد الخاطئ "النزعة إلى البيانات" (dataism).

لا تقتصر عملية اتخاذ القرارات على تجميع البيانات وتحليل الخوارزميات ببساطة، إذ تتضمن بالضرورة العديد من العناصر الدقيقة الإضافية، مثل اختيار مصادر البيانات الجديرة بالثقة واستخدام المخيلة لتصور الاحتمالات التي تتجاوز الحقائق المتاحة وتقدير جدوى الحلول، وهي مجالات يُظهر الإنسان فيها مزايا فطرية تفتقر إليها الآلات، وغالباً ما تتضمن قدرات غير مدركة وغير مصقولة.

لنأخذ مثلاً حالة شركتي كوداك وفوجي، فقد كانت كلتا الشركتين على دراية بالبيانات التي تشير إلى ثورة التصوير الفوتوغرافي الرقمي، وقيّمت الشركتان أيضاً هذا التحول وفقاً للهدفين نفسيهما وهما تعظيم النمو والربحية، وعلى الرغم من ذلك فقد توصلت كل منهما إلى قرارين مختلفين، فقد ضاعفت كوداك منتجاتها من الأجهزة التناظرية (التقليدية)، في حين أن فوجي نوّعت استثماراتها في التكنولوجيات الرقمية وتوسعت إلى أسواق أخرى مثل منتجات التجميل فكانت هذه الإجراءات بمجملها كافية لاستمرارها. حفزت البيانات نفسها شركة سوني لاتخاذ قرار آخر، فبوصفها شركة منافسة في السوق، رأت في ثورة التصوير الفوتوغرافي الرقمي فرصة يجب اغتنامها.

يؤكد هذا الاختلاف أن القرارات تعتمد على التفسير والسياق والإطار الاستراتيجي، وهي مجالات سيظل التقدير البشري حاسماً فيها.

نظرة شاملة على صناعة القرار

بناءً على خبرتنا في موضوع صناعة القرار ضمن الشركات والأدبيات التي تناولت علم اتخاذ القرار (على سبيل المثال في المجال العسكري، ومجال الرعاية الصحية، والبحث والتطوير)، فقد حددنا 8 جوانب غير البيانات والخوارزميات، تؤثر في معظم القرارات، وإن كانت غير مدركة في أغلب الأحيان، ويمكن فهمها من خلال مثال بسيط وهو شراء سيارة.

1. تحديد الهدف النهائي

يرمي كل قرار يتخذه الإنسان إلى تحقيق غاية نهائية، ومن المهم تحديد هذه الغاية لتحديد معيار النجاح. حينما يرغب الإنسان في شراء سيارة، فإن غايته قد تكون إظهار مكانته من خلال شراء سيارة فاخرة أو توفير وسيلة آمنة لنقل أطفاله من البيت إلى المدرسة ومن المدرسة إلى البيت.

تسعى الشركات أيضاً إلى تحقيق غايات نهائية، ومنها الازدهار الاقتصادي والمساهمة في بناء المجتمع وحماية البيئة. وتختلف هذه الغايات على نحو ملحوظ، لاختلاف القيم من شخص لآخر، وبالتالي لا يمكن الاستعانة بالذكاء الآلي لتحديدها.

2. صياغة الأهداف الفورية

يتطلب الوصول إلى الهدف النهائي غالباً اتخاذ قرارات أصغر فورية وملموسة، وفي مثال شراء السيارة، فإن الغاية النهائية قد تتمثل في شراء سيارة تلبي معايير أمان محددة، لكنك تريد أن يتوافق سعرها مع ميزانيتك أيضاً. قد يكون الهدف النهائي للشركة تحقيق نمو في المبيعات بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، لكنها يجب أن تتأكد أيضاً من أن تحسين نمو المبيعات على المدى القصير لن يؤثر في سمعة علامتها التجارية على المدى الطويل.

لا يمكن صياغة هذه القرارات بالاستناد إلى إلى البيانات والأدوات التحليلية وحدها، لأن الأمر يتطلب التوفيق بين التفضيلات الفردية والجماعية، ومن ثم فإن للإنسان دوراً مهماً في تحديد هذه الأهداف والموازنة بينها، وفي كثير من الأحيان يجب تحسينها من خلال التجارب المتكررة، إذ يحدد الإنسان رغباته الحقيقية غالباً خلال سعيه لتحقيق هدف ما ويعدّل نهجه بناء على ما يكتشفه من ميزات ومصادر جديدة للقيمة.

3. تحديد الخيارات الممكنة

بعد تحديد الأهداف يأتي دور تحديد الخيارات الممكنة. في حين أن البيانات ضرورية لهذه الخطوة، فإنها ليست كافية لأنها تركز على الأحداث الماضية، ولكن الإنسان غالباً ما يبني قراراته على الاستدلال بالواقع المضاد؛ أي السيناريوهات المحتملة والإجراءات التي تزيد فرصة حدوث السيناريوهات المواتية.

المخيلة البشرية مهمة لزيادة الخيارات الممكنة، على سبيل المثال إذا كانت الحاجة لشراء سيارة تقتصر على التنقل لمسافة قصيرة إلى العمل، فإن المشتري قد يفكر في احتمالات بديلة مثل استخدام النقل العام أو خدمة الرحلات المشتركة أو الدراجة الكهربائية.

تُبنى الشركات كلها على المخيلة، على سبيل المثال، تصور مؤسسو شركة إير بي إن بي (Airbnb) منصة يمكن لأصحاب المنازل من خلالها تأجير غرف القبو الفارغة، ما أدى إلى تغيير فكرة شركات الضيافة الرائدة المتمثلة في الحاجة إلى امتلاك أماكن الإقامة التي توفرها للعملاء، ولم تأتِ فكرة المنصة من تحليل بيانات شركات الضيافة الحالية، بل من إعمال الإنسان لمخيلته لتلبية الحاجة إلى السكن بأسعار معقولة.

4. اختيار مصادر البيانات

يمكنك استخدام البيانات ذات الصلة لتقييم خياراتك، لكن إنشاء البيانات في حد ذاته مهمة تتطلب تدخل الإنسان الذي يتمتع بالقدرة على التمييز، إذ يتضمن ذلك الجمع والتصنيف والانتقاء والتفسير والتصحيح.

يجب أن نتجنب التركيز على البيانات المتاحة أو التي يمكن الوصول إليها بسهولة، وفي مثال شراء السيارة، لا يمكن للمشتري الاعتماد على بيانات كفاءة استخدام الوقود التي توفرها الشركة المصنعة فقط، لأنها قد لا توضح الصورة الكاملة.

وإذا استعان المشتري بمراجعات مستقلة على أرض الواقع فسيتمكن من اتخاذ قرار مستنير أكثر. في مجال الأعمال، من السهل جداً على شركة ما أن تسأل عملاءها عن مستوى رضاهم عن العروض التي تقدمها لهم، وأن تحصل على معلومات إضافية من خلال سؤال عملاء الشركات الأخرى عن سبب اختيارهم لخدمات شركة منافسة أو سبب عدم اختيارهم لأي خدمة مطلقاً.

فضلاً عن ذلك، ليست كل المعلومات القيّمة قابلة للقياس، فهناك عوامل تختلف من شخص لآخر عند شراء سيارة مثلاً ومنها الراحة أو الجماليات أو تجربة القيادة، ونحن بحاجة إلى إيجاد مقاييس غير مباشرة لهذه العوامل أو الاستعانة بالخبرة المباشرة لفهمها فهماً أفضل. على سبيل المثال، ابتكرت شركة بروكتر آند غامبل (Procter & Gamble) العلامة التجارية لمنتجات التنظيف سويفر (Swiffer) بعد أن أجرت دراسات إثنوغرافية (مراقبة سلوك المستهلكين في منازلهم)، خلصت من خلالها إلى أن هناك رغبة في استخدام وسائل تنظيف مريحة أكثر، وهي معلومات لا يمكن استخلاصها من مجموعات البيانات الكمية الموجودة.

5. التحقق من مصداقية مصادر البيانات

تنتشر المعلومات المزيفة اليوم كالنار في الهشيم، لذلك، بات التحقق من مصداقية مصادر البيانات ضرورياً أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يعجز عنه الذكاء الاصطناعي، في حين أن بإمكان الإنسان تقييم سمعة الجهات التي توفر المعلومات وخبرتها ودوافعها أو تحيزاتها المحتملة.

على سبيل المثال، في عملية شراء السيارة، قد يثق المشتري بتوصيات الأصدقاء أو العائلة أكثر من إعلانات الشركات المصنعة. وفي عالم الأعمال، يضمن تقييم دوافع الجهات المختلفة التي تصدر البيانات ومصداقيتها اتخاذ القرارات بناءً على معلومات موثوقة.

6. اختيار خوارزمية لصناعة القرار

في حين أن العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي فعالة لمجموعة واسعة من التطبيقات فقد أظهرت الحسابات الرياضية أنه لا يمكن لأي خوارزمية تحسين أن تحل المشكلات كافة، وبالتالي يجب أن يحدد الإنسان أسلوب صناعة القرار الملائم لأهدافه.

في مثال السيارة، قد يستعين المشتري الذي يركز على التكلفة بأداة تحسب له التكاليف الإجمالية لامتلاك السيارة طوال عمرها الافتراضي، في حين أن المشتري الذي يعطي الأولوية للجماليات قد يتبع نهجاً مختلفاً تماماً، كما أن بعض المشترين قد لا يهتمون بالحسابات الدقيقة ويفضلون اتباع استراتيجيات إحصائية سريعة وغير مكلفة، في حين يفضل البعض الآخر إجراء عملية بحث شاملة.

7. تقييم القدرة التنافسية

عند شراء سيارة، قد يكتفي المشتري باختيار ما يلبي احتياجاته العملية، ما لم يكن يتنافس مع أقرانه على المكانة الاجتماعية. في عالم الأعمال، يُعد الحل مثالياً إذا كان يوفر ميزة تنافسية، فيصمد في مواجهة الإجراءات المحتملة التي تتخذها الشركات المنافسة استجابة له ويكون تقليده صعباً عليها، لذلك، فإن استخدام البيانات والخوارزميات نفسها التي يمكن للشركات المنافسة استخدامها لحل المشكلات التي تواجهها، لن يوفر لشركتك فرصاً فريدة أو ذات ميزة تنافسية، بل إن اعتماد إجراء عام لحل المشكلات يفقد الشركة هويتها.

يؤدي خبراء الاستراتيجية دوراً حيوياً في تقييم الآثار التنافسية للقرارات من خلال فهم دوافع الشركات المنافسة والمزايا التي تتمتع بها والعقليات والأنماط السلوكية التي تحكمها. على سبيل المثال، لم يرتكز نجاح شركة آبل عند إصدار هاتف آيفون على توفير التكنولوجيا الأكثر تقدماً فقط، إذ ركزت الشركة أيضاً على جمالية التصميم وسلاسة تجربة المستخدم والتكامل مع منظومة آبل ككل.

8. إدراج الاعتبارات الأخلاقية

قد لا تكون الحلول الممتازة من النواحي العملية والاقتصادية والتنافسية مقبولة أخلاقياً، فالبشر مسؤولون عن ضمان توافق القرارات التي يتخذونها مع المعايير الأخلاقية والقيم المجتمعية، ويتطلب هذا تطبيق نماذج ومبادئ التفكير الأخلاقي على السياق الشخصي والاجتماعي المحدد للقرار،وهي قدرة بشرية بامتياز.

في مثال شراء السيارة، قد يأخذ المشتري في الاعتبار الأثر البيئي لاختياره، فيشتري سيارة كهربائية بدلاً من سيارة تعمل بالوقود حتى إن كلفه ذلك أكثر.

قواعد جديدة لعملية صناعة القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يقع العديد من الجوانب المهمة في عملية صناعة القرار خارج نطاق البيانات والخوارزميات، والواقع هو أن انتشار أدوات أقوى ومجموعات بيانات أكبر سيجعل دور البشر في صناعة القرار أكثر تميزاً.

على الرغم من ذلك، فإن قدرات البشر مثل إصدار الأحكام الأخلاقية واستخدام المخيلة أو الحدس غالباً ما تكون غير مصقولة أو اندفاعية أو غير مدركة تماماً، لذلك للارتقاء بعمليات صناعة القرار وإضفاء التميز عليها، يجب على المؤسسات العمل بفعالية على توثيق المهارات المطلوبة وتعزيزها، وفيما يلي 5 خطوات ضرورية لتحقيق ذلك.

1. تجنب الاعتماد المطلق على البيانات

يجب أن يعي القادة أن صناعة القرارات الفعالة تتطلب أكثر من تحليل البيانات والتحسين باستخدام الخوارزميات، ولا يعني هذا الاستغناء عن أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنياته، بل يعني دمج الذكاء الاصطناعي في عملية أشمل، يقودها الإنسان. ثمة مجال ناشئ وهو تصميم برامج الذكاء الاصطناعي بحسب الطلب ونشرها، وينفّذ الإنسان هذه العملية باستخدام مخيلته وقدرته على تفسير البيانات إلى جانب الاستعانة بالموارد الحسابية والمعلوماتية للنماذج اللغوية الكبيرة، وهذا نهج واعد جداً لمستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي.

2. مشاركة المعنيين بفعالية في حل المشكلات

يمارس الطيارون الطيران اليدوي للحفاظ على مهاراتهم على الرغم من أن الطائرة مزودة بأنظمة الطيران الآلي، وبالمثل، يجب على قادة الشركات أن ينخرطوا بفعالية في الجوانب المرتبطة بقطاعاتهم ويفهموها فهماً عميقاً، لتجنب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي والحفاظ على المهارات المهمة لصناعة القرار. ويتطلب ذلك التعامل المباشر مع العملاء والموظفين والشركات المنافسة والجهات التنظيمية.

على سبيل المثال، تتبع شركة تويوتا فلسفة "جينشي جينبوتسو" (Genchi Genbutsu)، التي تعني "اذهب وانظر بنفسك"، وهي تشجع المدراء على إجراء زيارات ميدانية للمصانع لمراقبة العمليات مباشرة، وتساعدهم هذه الممارسة على تحديد أوجه القصور وتعزز فهمهم لسير العمل، وهو أمر لا يمكن للبيانات وحدها توفيره.

3. إبراز مهارات صناعة القرار

غالباً ما يتخذ الإنسان قراراته اعتماداً على الحدس، الذي يمثل المعرفة القوية غير الواعية المستندة إلى الخبرات والمهارات. يمكن للشركات مساعدة الموظفين على تطوير الحدس من خلال الاعتراف بالتعلم التجريبي وتعزيزه وتشجيع المشاركين في صناعة القرار على طرح أسئلة من قبيل:

  • ماذا كان رد فعلي الأولي أو شعوري الغريزي؟
  • متى أعتمد على الخبرة الفردية ومتى أعتمد على الخبرة الجماعية؟
  • ما هي المصادر التي اعتمدت عليها لاستكمال خبرتي أو تخصصي؟
  • ما هي الاختصارات الذهنية التي أعتمد عليها لتبسيط القرار؟

وهناك مهارة أخرى فريدة من نوعها لدى البشر، وهي القدرة على التخيل؛ القدرة على ابتكار ما لا وجود له بعد ولكنه يمكن أن يوجد. وعلى الرغم من الاعتقاد السائد أن التخيل هو نتيجة ومضات عفوية من العبقرية، فبوسع المؤسسات تسخير هذه القدرة بطريقة منهجية باستخدام أساليب مثل التركيز على الأحداث غير العادية (بدلاً من التركيز على البيانات النموذجية)، والتشكيك في الافتراضات التي كانت سائدة في السابق، وإجراء التجارب.

4. ابتكر بيئة تسمح بازدهار المهارات

قد يصعب اغتنام الحدس والمخيلة في ثقافة تكنوقراطية تهيمن عليها التبريرات العقلانية. ولابتكار بيئة تعزز مهارات صناعة القرار الفريدة، يجب على المؤسسات اتباع ثقافة تركز على الأمان النفسي حيث يمكن للموظفين التعبير عن وجهات نظرهم المتنوعة ومناقشة الأفكار بحرية وتحدي الوضع الراهن.

5. بناء أنظمة صناعة القرار الهجينة

بعد صقل مهارات الموظفين كما ينبغي، يجب على القادة أن يشرعوا في بناء أنظمة صناعة قرار تجمع بين أفضل قدرات البشر وأفضل قدرات الذكاء الاصطناعي.

وقد يتضمن ذلك تقسيم مهام صناعة القرار، مثل معالجة البيانات والتعرف إلى الأنماط وتحسين المعايير القابلة للقياس، إذ تناسب هذه الذكاء الاصطناعي أكثر من تلك التي تتطلب حكماً بشرياً، مثل تحديد الأهداف والنظر في الأخلاق والقيم والسياق.

يمثّل ابتكار مشروب لاتيه توابل اليقطين، أحد أنجح مشروبات ستاربكس، مثالاً على تولي صانعي القرار زمام المبادرة والاستفادة من فهمهم للسياق. في حين أظهرت الاختبارات الأولية أن العملاء يفضلون المنتجات بنكهة الشوكولاتة أو الكراميل، فقد رأى مطورو المنتج أن التميز في المنتجات الموسمية أهم من المذاق، وجمعوا في دراسات لاحقة معلومات حول هذا المعيار فتفوقت نكهة اليقطين.

ستكون هناك أيضا مهام يتقاطع فيها الذكاء البشري ونظيره الآلي ويحدث تعاون بينهما فيصبح لدينا ما يمكن أن نطلق عليه مؤسسة آلية يراجع فيها البشر الحلول التي يولدها الذكاء الاصطناعي لتقييم جدواها، فضلاً عن الآثار الأخلاقية والتنافسية، ولنتأمل شركة نتفليكس، التي تشتهر باتخاذ خيارات الإنتاج استناداً إلى مخزونها الهائل من بيانات المشاهدين، فربما كان قرارها بإنتاج المسلسل الذي تصدَّر قوائم أفضل المسلسلات التلفزيونية "أشياء غريبة" (Stranger Things) مدفوعاً بملاحظة مفادها أن المحتوى الذي يتضمن موضوعات حول الظواهر الخارقة للطبيعة حقق أداء طيباً، أو الشعبية الدائمة لعروض الثمانينيات. ومع ذلك، كان على نتفليكس أيضا أن تخوض عدة مجازفات بناءً على الحدس، مثل توظيف اثنين من المنتجين جدراتهما غير مؤكدة وقد يوجهان العمل وفق رؤيتهما، أو إشراك مجموعة من الممثلين الأطفال العديمي الخبرة.

ومع تزايد قدرة الذكاء الاصطناعي، يتزايد الاعتقاد أو الخوف من أنه قد يحل محل البشر في صناعة القرار. لكن القرارات تنطوي على أكثر من مجرد جمع البيانات وتحليلها، والبشر يتمتعون بمزايا فطرية تتفوق حتى على أقوى أدوات الذكاء الاصطناعي في هذه المجالات. وعلى هذا النحو، فإن انتشار الذكاء الاصطناعي يقدم فرصة لتحسين نقاط قوة البشر وتعزيزها وتأكيدها لإضفاء التميز على عملية صناعة القرار في الشركات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي