ما هو سر براعة أفضل الفرق القيادية الناجحة؟

9 دقيقة
الفرق التنفيذية
مصدر الصورة: توماس بارويك/غيتي إميدجيز

لطالما كانت الفرق التنفيذية محط اهتمام الكثير من الرؤساء التنفيذيين وقادة أقسام الشركات الكبرى لسبب وجيه؛ فقد أثبتت دراسة شملت 1,250 فريقاً تنفيذياً وجود علاقة ترابطية واضحة بين أداء الشركة (من حيث الإيرادات والربحية وعائدات المساهمين) ومستوى أداء الفرق التنفيذية، لكن هذه الدراسة توصلت إلى أن 20% فقط من الفرق التنفيذية تتميز بارتفاع مستوى الأداء.

يدرك كبار القادة بالبديهة أن تميز فرقهم في أداء مهامها تترك أثراً إيجابياً ينتقل من فريق لآخر إلى أن يعمّ المؤسسة بأكملها، وأن ضعفها في العمل التعاوني يترك أثراً سلبياً مماثلاً يؤدي إلى انعدام التوافق وحدوث حالة من الارتباك وانعدام الانسجام على مستوى المؤسسة بأكملها أيضاً.

اتضح أن العوامل التي تتيح لفرق القيادة العليا إحداث أثر هائل في أداء المؤسسة هي نفسها العوامل التي تحد من فعالية هذه الفرق؛ إذ تواجه ضغوطاً خارجية من أصحاب المصلحة ذوي الأهداف المتضاربة، مثل العملاء والمساهمين والأسواق المالية، فضلاً عن اضطرار أفرادها إلى التعامل مع الصراعات الداخلية على الموارد ورؤوس الأموال المتاحة بمقادير محدودة بمقابل الكثير من الأولويات التي تنتظر التمويل، إضافة إلى التضارب بين مهامهم اليومية الضخمة وأدوارهم في الفريق التنفيذي. ولأن كل عضو يمثّل قسمه فضلاً عن اعتباره واجهة للمؤسسة، يصبح سلوك أعضاء الفريق وتفاعلاتهم فيما بينهم نموذجاً يقتدي به بقية العاملين في المؤسسة. علاوة على ذلك، يؤدي تولي الرئيس التنفيذي للشركة قيادة الفريق إلى جعل توزيع السلطة لعبة محصلتها صفر، بمعنى أن أي مكسب يحققه طرف في الفريق تقابله خسارة الطرف الآخر.

نظراً للمسؤوليات الفريدة التي تحملها الفرق التنفيذية على عاتقها، فمن البديهي أن يمتلك أفرادها مهارات وأساليب عمل خاصة لأداء مهامهم بفعالية. ولكن نادراً ما ينجحون في تحقيق هذه الفعالية والحفاظ عليها، فمن الملاحظ على نطاق واسع أن هذه الفرق تعاني أشكالاً مختلفة من الخلل الوظيفي. على سبيل المثال، غالباً ما تتجنب الخلافات، وتعاني المنافسة غير الصحية وجداول العمل غير المنظمة، وتضم عدداً أكبر من اللازم من الأعضاء.

توصلنا بحكم خبرتنا في العمل مع مئات الفرق التنفيذية طيلة العقدين الماضيين إلى 3 أدوار حاسمة ومترابطة جداً يجب أن تؤديها هذه الفرق للتأثير على نحو دائم في أداء الشركة وثقافتها وقدرتها على التكيف مع المستجدات، لكننا لاحظنا أنها غالباً ما تجيد أداء واحد أو اثنين من هذه الأدوار بدرجة معقولة، لكنها تفشل في إجادة أداء الأدوار الثلاثة مجتمعة. وما يدعو للتفاؤل هو أن الفرق التنفيذية المستعدة لبذل جهود دؤوبة تستطيع أن تتعلم كيفية أداء هذه الأدوار الثلاثة فتتميز مقارنة بالكثير من الفرق التي لا تبذل جهداً كافياً.

1. تحديد الوجهة التنافسية وتأمين الموارد اللازمة

ثمة مخاطر تحيط بالدور الذي يضطلع به الفريق التنفيذي في توجيه المؤسسة نحو هدف مستقبلي محدد وحشد الموارد اللازمة لتحقيقه وتركيز جهودها في هذا الاتجاه كي لا تحيد عن المسار الصحيح، حالهم حال مراقبي حركة الملاحة الجوية الذين يوجهون مئات الطائرات للهبوط في المطارات المزدحمة والإقلاع منها. يستلزم أداء هذا الدور التحلي بالانضباط الذي يمكّن الفرق التنفيذية من رفض الفرص مهما بدت مغرية ما دامت تهدد عوائد الاستثمار في المواهب ورؤوس الأموال النادرة، كما يستلزم التحلي بأقصى درجات الصدق مع الذات لتمكين هذه الفرق من تحديد مكانتها التنافسية بأسلوب يساعد المؤسسة على النظر إلى الأمور بواقعية وتوجيه تركيزها إلى الحفاظ على التمايز الحقيقي، لا الضجة المبالغة في الدعاية التسويقية.

ما هي أسباب فشل الفرق التنفيذية في هذا الجانب؟

يفتقر الكثير من الفرق التنفيذية إلى هذه الشجاعة في الصدق مع الذات، فغالباً ما تفشل الشركات في تحديد وجهة واضحة ومركّزة بسبب تحول الفريق التنفيذي إلى كيان يشبه منظمة الأمم المتحدة؛ فبدلاً من امتلاك قادة الشركة جدول عمل مشتركاً إذا بكلٍّ منهم يعمل سفيراً لقسمه أو لمنطقته مكتفياً بتمثيل مصالح مَن يعملون تحت قيادته. وهكذا يتحول الفريق التنفيذي إلى أداة لممارسة الضغط وحشد التأييد من أجل تحقيق المصالح الضيقة، حيث تحل المساومات في الغرف الخلفية محل صناعة القرارات السليمة والمفاضلات الشفافة. يؤدي هذا في كثير من الأحيان إلى وضع خطط استراتيجية معقدة جداً تفتقر إلى الفكر الاستراتيجي الحقيقي، ومُتخَمة بمبادرات باهظة التكلفة تتطلب قدرات تفوق إمكانات المؤسسة وتحتكم إلى مقاييس يتناقض كلٌّ منها مع الآخر إجمالاً.

ما الذي يجب عليها فعله في هذا السياق؟

عملنا مع مؤسسة كان فريقها التنفيذي يفكر في عملية استحواذ كبرى من شأنها أن تضيف نظرياً عروضاً وأسواقاً جديدة إلى محفظتها الاستثمارية، ومارس العديد من أعضاء الفريق ضغوطاً هائلة لإتمام الصفقة، لكن الرئيس التنفيذي كان يأخذ في الاعتبار الآثار والنتائج المستقبلية بعيدة الأمد، فحسم الأمر قائلاً: "لا يصح أن ننشغل بكل فرصة تبدو برّاقة لتحقيق مكاسب فورية وقصيرة الأجل. هل يعتقد أي منكم أننا قادرون على دمج هذه المنتجات وهؤلاء العملاء بنجاح في محفظتنا الاستثمارية الحالية دون زعزعة استقرار أعمالنا الأساسية؟" كان يعلم أن لديهم أعمالاً أساسية أهم يجدر بهم التركيز عليها، ومن ثم رفض السماح لهم بتشتيت أذهانهم فيما أسماه "حلاً سحرياً جديداً" يوهمون أنفسهم بقدرته على علاج المشكلات المعقدة.

حينما كنا نقيّم منظومة العمل بمؤسسة عميل آخر، كشفت المقابلات التي أجريناها عما لا يقل عن 6 إصدارات مختلفة من الأولويات الاستراتيجية للمؤسسة. استغرب أعضاء الفريق عندما اكتشفوا مدى افتقارهم للتوافق وغياب أي فهم مشترك للمنهجية التي على المؤسسة اتباعها لتحقيق النجاح في الأسواق التي تعمل بها. وخلال فترة عملنا معهم، ساعدناهم على صياغة 4 عوامل تمييز تنافسية و5 قدرات تنافسية وإقرارها، بحيث يعطونها الأولوية عند توزيع مخصصات استثماراتهم في رأس المال والمواهب.

أدى هذا الإجراء إلى تقليل الفوضى في جدول أعمالهم إلى حدٍّ بعيد وتركيز محادثاتهم الاستراتيجية على دفع النمو من خلال الأولويات التي حددوها معاً. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهوها في البداية لعدم الخروج عن المسار الذي وضعوه لأنفسهم، استطاعوا في النهاية اكتساب الانضباط اللازم لاحترامه والحفاظ عليه. وعلى مدار الأشهر الثمانية عشر التالية، نمت أرباح المؤسسة بنسبة 11% وارتفعت أسعار أسهمها بنسبة 14% على الرغم من ثباتها في السابق، وهو أمر استثنائي في القطاع الذي تعمل به.

2. إرساء ثقافة إيجابية من خلال توطيد العلاقات وتقديم نموذج يُحتذَى به في الالتزام بالقيم

على أعضاء الفرق التنفيذية ألا يكتفوا بالنظر إلى أنفسهم باعتبارهم "حُراساً" لثقافة المؤسسة ومنظومة قيمها وأن يتحملوا مسؤولية تحديد مجموعة معينة من القواعد السلوكية وتعزيزها فحسب، بل عليهم أيضاً أن يدركوا أنهم يجسّدون هذه الثقافة؛ لأن الأفعال أبلغ من الأقوال عند محاولة تعزيز مجموعة من القواعد الثقافية أو إضعافها. تتبنى الفرق التنفيذية الناجحة فلسفة تشغيلية تتوافق مع استراتيجيتها، لا مجموعة من العبارات المبتذلة غير الواقعية التي تبدو مثالية نظرياً لكنها بعيدة عن واقع العمليات اليومية للمؤسسة.

ويؤمن أعضاؤها بأن استثمارهم في توطيد العلاقات المشتركة فيما بينهم ومع العاملين في المؤسسة كلها يتيح لهم إرساء ثقافة تدعم النجاح؛ لأن العلاقات الصحية القائمة على الثقة المتبادلة بين أعضاء الفريق التنفيذي تخلق جواً من الأمان النفسي على مستوى المؤسسة، ما يتيح الترحيب بالآراء المعارضة ووجهات النظر المختلفة، ما يؤدي بالتالي إلى رؤى أعمق وتحمُّل مسؤولية القرارات بصورة مشتركة. وهم يدركون أن أسلوبهم في التعامل مع الخلافات سيكون نموذجاً يحتذي به بقية العاملين في المؤسسة.

من المؤسف أن الالتزام بتقديم نموذج يُحتذَى به في إرساء ثقافة إيجابية يبدو نادراً؛ إذ توصلت دراسة أجرتها مؤسسة غالوب إلى أن 27% فقط من الموظفين يؤمنون بقيم شركتهم وأن 23% فقط يؤمنون بقدرتهم على تطبيق هذه القيم في وظائفهم، كما توصلت دراسة أجرتها شركة ماكنزي عن حالة مكان العمل إلى أن 25% فقط من الموظفين يرون أن قادتهم نموذجٌ يستمدون منه الحافز لبذل قصارى جهدهم.

تشير هذه الإحصائيات إلى أن الفرق التنفيذية لا تدرك أن خلق حالة من التوافق في المؤسسة يوجب عليها إظهار التماسك فيما بينها. وهذا أمر منطقي نظراً لاعتماد التفاعلات البينية في الكثير من الفرق التنفيذية على نظام المكافآت المستقطَعة من موارد محدودة ومحددة مسبقاً، أو ما يُعرَف بـ"التفاوض الاستقطاعي"، بحيث إذا حصل أحد الأطراف على حصة أكبر، فإن ذلك يأتي على حساب حصة الآخرين، ما يؤدي إلى تقويض أسس الثقة.

يحرص أعضاء الفرق التنفيذية المسؤولة عن تشكيل الثقافة المؤسسية على تقييم قوتها بانتظام، بدءاً بأنفسهم؛ إذ يطلبون الملاحظات حول أساليبهم القيادية على المستويين الفردي والجماعي، ويعتادون طرح السؤال التالي: "كيف كان بوسعي (أو بوسعنا) فعل ذلك على نحو أفضل؟"، ما يضمن لهذه الفرق التنفيذية الحفاظ على الكفاءة والالتزام اللازمين لتجسيد القيم التي تُنادي بها.

عملنا مع فريق تنفيذي تدّعي مؤسسته الاعتزاز بقيمة "الابتكار والقدرة على الإبداع"، لذا تعمد أعضاؤه ذكر عبارات معينة في حواراتهم تنطوي على "أسس معرفية متناقضة" وآراء متضاربة. وبما أنهم كانوا يؤمنون بأن الخلاف في الرأي هو المادة الخام للابتكار، أرادوا تمكين المؤسسة من خلق بيئة آمنة تشجّع الجميع على طرح آرائهم المعارضة دون خوف من إفساد علاقاتهم بالآخرين.

وكان تاريخ ثقافتهم المؤسسية يحفل بتجنُّب الخلافات وانتشار النميمة والمؤامرات بين الموظفين، ما يُنذِر بتدمير أي جهود لتشجيع الابتكار لو لم يستحدث أعضاء الفريق التنفيذي سلوكيات جديدة بأسلوب مقنع. عملنا في الفترة الأخيرة أيضاً مع فريق تنفيذي تغيّر 60% من قادته السابقين بسبب التحولات التي شهدتها السوق وترقية بعض أعضائه وتقاعد البعض آخر. وبعد إعادة تشكيل الفريق مؤخراً، واجه تحدياً كبيراً تمثَّل في ضرورة إحداث تغيير شامل في الأعمال لمواكبة السوق التي شهدت تغيرات جذرية نتيجة دخول منافسين جدد.

لم يكن لدى أعضاء الفريق الجديد الوقت الكافي لبناء الثقة اللازمة للتعامل مع هذه المهمة الضخمة، لذلك ساعدناهم على فهم موقفهم فيما يتعلق بالثقة على نحو دقيق ومفصل: ما الذي يدفعهم لمنحها أو حجبها؟ وما هو مقدار الثقة التي يحتاجون إلى بنائها داخل المؤسسة لمواجهة التحديات المستقبلية؟ وبالعمل معاً، اكتشف كل منهم الحواجز الداخلية التي تحول دون الثقة في الآخرين، وأبدوا انفتاحهم بما يكفي للاعتراف بها، وتعهدوا بالتغلب عليها. شكّل هذا الأساس لإرساء ثقافة يمكنها تبني سلوكيات جديدة؛ لأن المؤسسة رأت القادة يقدّمون نموذجاً يُحتذى به ويخلقون رابطاً قوياً بين القيم التي تنادي بها والإجراءات اللازمة لنجاح عمليات التحول.

3. إنشاء حوكمة منضبطة لمزامنة الأداء

أخيراً على الفرق التنفيذية استخدام المهارات التنظيمية لتحديد إيقاع ووتيرة تسهمان في تعزيز إنتاجية العمل؛ إذ يستفيد القادة من أنظمة الحوكمة القائمة على أسس سليمة لتوجيه تدفق المعلومات وتخصيص الموارد لدعم متطلبات التنسيق التي لا حصر لها عبر المؤسسة. ببساطة، الحوكمة هي عملية الجمع بانتظام بين الأدوار الصحيحة وفقاً لأولويات واضحة وتزويدها بالبيانات والصلاحيات المناسبة لصناعة قرارات مدروسة وتحميل مختلف العاملين بالمؤسسة مسؤولية تنفيذها. في النهاية، تعمل الحوكمة الجيدة على تحقيق حالة من التوافق في المؤسسة، ما يضمن اتساق القرارات المهمة كلها مع الأهداف المعلنة للمؤسسة.

من المؤسف أن فرقاً قيادية عديدة تجد صعوبة في وضع سياسات وإجراءات الحوكمة الكافية للحفاظ على تركيز مؤسساتها على وجهتها والمضي قدماً في تحقيق أهدافها. وعلى الرغم من حسن نواياها، تتورط هذه الفرق في وضع عدد أكبر من اللازم من الأولويات وتفشل في توضيح الأطراف التي يحق لها المشاركة في عملية صناعة القرار، كما تتبع عمليات غير منضبطة لتخصيص الموارد ولا تجيد توثيق النتائج (ومن ثم تفشل في توصيلها).

يتمثل أحد أكثر أوجه القصور شيوعاً في الإصرار على تضخم العضوية. يشير هذا الاتجاه إلى قياس فعالية الفريق بعدد أعضائه، استناداً إلى عدد من المبررات المعتادة، مثل طبيعة التفاعلات المعقدة في القطاع أو تنوع المحفظة الاستثمارية التي يديرها الفريق، لكنه ينكر حقيقة مفادها أن المبالغة في عدد القادة بالفريق تؤدي إلى صعوبة إدارة التفاعلات بسبب ازدياد عدد العلاقات التي تجب إدارتها. على سبيل المثال، يُنشئ الفريق التنفيذي المكوَّن من 15 فرداً أكثر من 100 علاقة مختلفة تجب إدارتها، ما يؤدي إلى إضعاف الثقة المتبادلة التي تمكّن الأفراد ذوي الآراء المتباينة من الدفاع عن آرائهم بقوة مع دعم الاستنتاجات التي يتوصلون إليها جماعياً بعد ذلك.

وعلى الرغم من إمكانية استخدام الحوكمة باعتبارها أداة مفيدة إلى حدٍّ بعيد، غالباً ما تصبح الفرق التنفيذية مصدر فشلها الواسع النطاق الذي يؤثر على العديد من الأفراد والعمليات. يبدو هذا الجانب الأساسي من الحياة المؤسسية شيئاً لا يُطاق في الغالبية العظمى من الشركات، خاصة بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين المتخمة جداول أعمالهم بمواعيد متداخلة ومزدحمة باستمرار.

فقد كشف تقييم أجريناه لصالح شركة عالمية للمنتجات الاستهلاكية عملنا معها عن درجة عالية جداً من الاستياء بشأن الوقت الذي تستغرقه الاجتماعات المتعاقبة بحيث "لا يتسنى لنا الوقت سوى في المساء لأداء العمل المطلوب إنجازه خلال النهار"، حسبما أفاد أحدهم خلال مقابلة معه.

كان كبار قادة الشركة البالغ عددهم 500 قائد يهدرون مجتمعين أكثر من 57,000 ساعة سنوياً في اجتماعات متكررة، أي ما يعادل 6 أعوام ونصف عام! وهكذا تخلى الفريق التنفيذي عن مسؤولياته في الحوكمة دون قصد. وبفضل مؤشرات تقييمنا للموقف، ألغوا مئات الاجتماعات الدائمة غير الضرورية وأعادوا توجيه الآلاف من ساعات العمل نحو أولويات محددة بوضوح.

الجمع بين الأدوار الثلاثة

يوضح الشكل التالي أن مصدر قوة هذه الأدوار الثلاثة يكمن في تضافرها معاً لتحقيق نتائج قوية. فبتقاطع القدرة على إرساء ثقافة إيجابية مع تحديد الوجهة التنافسية وتأمين الموارد اللازمة، تزداد مستويات التماسك في المؤسسة؛ أي إحساس الجميع بوحدة الهدف الذي ينبع من الشعور بالارتباط العميق بمَن نعمل معهم وبأننا جميعاً نسير معاً في الاتجاه نفسه.

يؤدي الجمع بين تحديد الوجهة التنافسية والحوكمة المنضبطة إلى الوضوح التنظيمي، وهي تجربة حيوية ولكنها صعبة المنال في كثير من الأحيان. فبدلاً من حيرة الموظفين بسبب جهلهم بحدود صلاحياتهم وكيفية إسهام التفاصيل الصغيرة في تحقيق الهدف الشامل أو الرؤية العامة للمؤسسة، يشعرون بالثقة اللازمة لاتخاذ القرارات التي يعلمون أنها ترتبط بأهم أولوياتها.

وأخيراً، يؤدي الجمع بين الحوكمة المنضبطة وإرساء ثقافة إيجابية إلى تعزيز قدرة المؤسسة على التنفيذ؛ إذ لا يضطر الموظفون إلى النظر إلى بعضهم باعتبارهم منافسين يسعون لتحقيق أجنداتهم الخاصة، بل حلفاء يسهمون جميعاً في تحقيق نتائج الأداء التي ينشدونها بصفتهم فريقاً واحداً. وتؤدي الأدوار الثلاثة مجتمعة إلى تعزيز ركيزة الثقة، وهي عنصر بالغ الأهمية يحافظ على استمرارية المؤسسة ومضيها قدماً؛ لأن كل فرد فيها يعرف وجهتها والدور المطلوب منه أداؤه للوصول إليها، كما يثق في زملائه الذين يرافقونه خلال هذه الرحلة ويلتزم بدعمهم ومساندتهم.

لا شك في أن متطلبات قيادة المؤسسات مرهقة إلى أبعد الحدود. وتستلزم قيادتها على النحو اللائق أداء 3 أدوار معقدة ومتكاملة تتطلب مجموعة معقدة من القدرات. يمكن تفهّم الرغبة المُلحة لدى الكثيرين في معرفة كيفية زيادة فعالية الفرق التنفيذية بسبب أثرها الهائل على أداء الشركات إلى جانب ضعف أدائها المزمن والمثير للقلق في الوقت ذاته، لكن إذا كنت تريد مؤسسة تنعم بالتوافق والتماسك وقادرة على التنفيذ، بالتوازي مع إرساء ثقافة مفعمة بالثقة، فعليك أن تدفع هذا الثمن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي