الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

الصناعة تقود قاطرة التنويع الاقتصادي في السعودية تحقيقاً لأهداف رؤية 2030 

3 دقيقة
التنويع الاقتصادي
(مصدر الصورة: هارفارد بزنس ريفيو، تصميم: أسامة حرح)

مرّت 8 سنوات منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، ولم تتوقف المملكة العربية السعودية عن السعي الجاد لتحقيق أهدافها الرئيسية في تنويع مصادر الاقتصاد وتقوية القطاع غير النفطي، وقد بدأت هذه الجهود الحثيثة تؤتي ثمارها، ويتجلى ذلك بوضوح في إنجازات عام 2023 البارزة، حيث أصبحت الأنشطة غير النفطية تشكّل الآن نصف إجمالي الناتج المحلي السعودي، ما يؤكد نجاح المملكة في تحقيق تقدم ملموس نحو بناء اقتصاد أكثر استدامة وتنوعاً.

بناء قطاع صناعي متعدد الأبعاد 

وضعت المملكة العربية السعودية 12 برنامجاً طموحاً لتحقيق رؤية 2030، يبرز من بينها برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بوصفه إحدى الركائز الأساسية للرؤية. ويرتكز البرنامج على تطوير 4 قطاعات رئيسية، هي التعدين والطاقة والصناعة والخدمات اللوجستية، وقد نجح البرنامج في بناء أسس متينة لاقتصاد متنوع ومستدام، وجعل من القطاع الصناعي محركاً رئيسياً للاقتصاد السعودي في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

في حين لعبت وزارة الصناعة والثروة المعدنية دوراً محورياً في هذا الصدد، إذ أسهمت مشاريعها الديناميكية ومبادراتها الجارية في تحقيق أهداف المملكة المنشودة، وشهد عام 2023 نشاطاً ملحوظاً في القطاع الصناعي مع وجود 12 ألف منشأة صناعية، مدعومة بأربع مناطق اقتصادية جديدة خاصة في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، إضافة إلى تحويل 4,000 مصنع إلى تقنيات الثورة الصناعية بحلول 2030.

توطين صناعة السيارات الكهربائية

تشكّل صناعة السيارات ركيزة أساسية لأي دولة تسعى إلى بناء قاعدة صناعية قوية، وقد شهدت المملكة في سبتمبر/أيلول 2023 افتتاح منشأة "آمب-2" لإنتاج السيارات الكهربائية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهي ثاني مصنع لمجموعة لوسِد وأولها عالمياً باستثمارات ضخمة، وسوف يعزز هذا المصنع تحوّل 30% من المركبات في السعودية إلى كهربائية بحلول 2030، كما أطلقت المملكة شركة "سير" لتكون أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، بهدف تطوير المنظومة الصناعية وتوفير فرص العمل وجذب الاستثمارات. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقّع صندوق الاستثمارات العامة اتفاقية مع هيونداي موتور لإنشاء مصنع سيارات عالي الأتمتة، يستهدف إنتاج 50 ألف سيارة سنوياً، وتسعى المملكة إلى إنتاج 300 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول 2030. وتعمل على استخلاص الليثيوم، وهو معدن رئيسي لبطاريات السيارات الكهربائية، من المياه المالحة بالتعاون مع أرامكو. وتبحث شركة منارة المعادن عن فرص استثمار في إنتاج الليثيوم في تشيلي.

الصناعات الغذائية وصناعة الأدوية

تولي المملكة أهمية كبيرة لتوطين الصناعات الدوائية، حيث أطلق صندوق الاستثمارات العامة شركة "ليفريا" المتخصصة في هذا المجال، إضافة إلى افتتاح مصنعين جديدين في مدينة سدير للصناعة والأعمال، ويشمل المصنع الأول أدوية الأورام في المملكة، والمصنع العام للأدوية التخصصية.

من جهة أخرى، يشكّل قطاع الصناعات الغذائية ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، حيث يتجاوز حجم الاستثمارات فيه 88 مليار ريال، وقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي 100% من منتجات الألبان، و52% من الأسماك، و68% من الدواجن، كما بلغت صادرات الأغذية قرابة 20 مليار ريال في 2023، وافتتحنا أخيراً مصنع أغذية الخليج للتموين في مدينة سدير لتلبية الطلب المحلي.

قطاع التعدين

يشكّل قطاع التعدين أحد أعمدة الاقتصاد السعودي، وقد بذلت المملكة جهوداً كبيرة لتنميته من خلال مبادرات استكشافية ولوائح وأنظمة جديدة، واستكملت المملكة برنامج المسح الجيولوجي بنسبة 30% من مساحة الدرع العربي، وارتفع تقييم الثروات المعدنية المتوقعة إلى 9.4 تريليونات ريال سعودي، شمل ذلك اكتشافات جديدة في الفوسفات والذهب والمعادن الأرضية النادرة، وفي 2023، حقق القطاع إيرادات تخطت 1.5 مليار ريال، ورفعت المملكة مستهدف مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 70-80 مليار دولار بحلول 2030. وأطلقت الوزارة برنامج حاضنة الاسكتشاف التعديني "نثري" لتمكين رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال التعدين، وقد جذبت الحاضنة أكثر من 400 متقدم واختارت 9 شركات في خدمات متنوعة تشمل الاستكشاف، والحفر، والتنقيب، وتفتيت الصخور.

التقنية والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة

يحتاج القطاع الصناعي إلى خدمات عديدة تقدمها الشركات الصغيرة والمتوسطة، لذا استحدث نظام تمويل جديد لتلبية احتياجات رواد الأعمال، وأطلق ولي العهد شركة "آلات" لجعل المملكة مركزاً عالمياً للصناعات المستدامة المتقدمة، ومن المتوقع أن تستحدث الشركة أكثر من 39 ألف فرصة عمل، وتعمل المملكة على خطة لتصبح رائدة في صناعة الرقائق الإلكترونية، إضافة إلى تأسيس شركة محلية ناشئة في مجال أجهزة مستشعرات الألياف البصرية المدمجة، وإنشاء مناطق صناعية ذكية من خلال تطوير سياسات وتشريعات وبرامج مثل برامج مصانع المستقبل، حيث تهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للصناعات التحويلية 3 مرات بحلول 2030، وتراهن المملكة على التكنولوجيا لتحقيق هذه الأهداف، وقد أطلقت الوزارة بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي - سدايا مركز الذكاء الاصطناعي للتصنيع والتعدين لتعزيز التقدم في هذا المجال.

دعم التصدير

على الرغم من أن جهود تمويل الصادرات كانت موجودة منذ سنوات، فإن بنك التصدير والاستيراد السعودي، يمثّل علامة فارقة في تاريخ المملكة، حيث يقدم خدمات تمويل وتأمين وضمانات للصادرات، ما يتيح للمصنّعين السعوديين التصدير إلى أي مكان في العالم، وقد حقق البنك قفزة نوعية في التسهيلات الائتمانية التي تجاوزت 32 مليار ريال، وأسهمت في تحقيق آثار مباشرة على التصدير بقيمة 51 مليار ريال، ما وسّع نطاق الصادرات السعودية إلى أكثر من 150 سوقاً، ووقّع البنك مذكرات تفاهم مع بنك التنمية البرازيلي وبنك قطر للتنمية لتعزيز التعاون في مجالي التصدير والاستيراد.

دور إقليمي محوري

وفي الختام، تسعى المملكة إلى بناء قاعدة صناعية قوية في المنطقة من خلال التكامل الصناعي مع دول مجلس التعاون الخليجي وتوسيع علاقاتها الصناعية مع فرنسا ودول أوروبية أخرى ومع دول المنطقة، حيث تركز الاستراتيجية الوطنية للصناعة، على قطاعات صناعية نوعية مثل الاستدامة والأمن الغذائي والدوائي والعسكري، بالإضافة إلى صناعات المستقبل مثل الطاقة المتجددة والفضاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي