كيف يتأثر سلوكنا الاستهلاكي بتناول القهوة وتربية الحيوانات الأليفة؟

6 دقيقة
تأثير الكافيين
shutterstock.com/Paul_K

أجرى الباحثون 5 دراسات للتحقق ممّا إذا كان الكافيين يؤثر على أنماط الإنفاق لدى المستهلكين وكيفية تأثرهم به. وأُجريت 3 دراسات ميدانية، تم خلالها تقديم كوب مجاني من القهوة أو مشروب خالٍ من الكافيين لنحو 300 متسوق دخلوا متاجر السلع المنزلية في فرنسا وإسبانيا. وعند الخروج من المتجر، أظهروا للباحثين إيصالات مشترياتهم. وتبيَّن أن أولئك الذين احتسوا القهوة اشتروا كميات أكثر من الآخرين بنسبة 30% تقريباً وأنفقوا أموالاً أكثر من الآخرين بنسبة 50% تقريباً. وأثبتت إحدى الدراسات أيضاً أن المستهلكين الذين يحتسون القهوة يشترون أنواعاً مختلفة من المنتجات، ويميلون إلى شراء المنتجات الترفيهية، مثل العطور والشموع المعطرة، بدلاً من المنتجات الأكثر نفعية. وتوصّلت تجربتان معمليتان لاحقتان بمشاركة طلاب من كليات الأعمال في فرنسا والطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة إلى نتائج مماثلة.

ولاحظ الباحثون أن "استهلاك الكافيين يعزز الإثارة النشطة"، وهي حالة من الشعور باليقظة والإثارة "تؤدي إلى الاندفاع في أثناء رحلة التسوق". وكان التأثير أكبر بين المستهلكين الذين يتناولون عادة كوبين أو أقل من القهوة يومياً، ما يعني أن التأثير يزداد بزيادة جرعة الكافيين قبل الإقدام على الشراء.

وهكذا فمن الواضح أن تجار التجزئة سيستفيدون إذا سمحوا للمتسوقين باحتساء مشروب يحتوي على الكافيين قبل مباشرة عملية التسوق أو في أثنائها، وفي ظل توافر المقاهي أو تقديم عينات مجانية من القهوة في الكثير من أماكن البيع بالتجزئة، فإن بعض التجّار مُهيَّأ فعلياً لأداء هذا الدور. ويمكن لتجار التجزئة أيضاً تعديل مزيجهم من المنتجات الترفيهية والأكثر نفعية وفقاً لما إذا كانوا يقدمون لعملائهم القهوة وغيرها من المشروبات المحفزة. من جانبهم، يجب أن يدرك المستهلكون أن الكافيين قد يوفر لهم تجربة تسوق أكثر متعة وحيوية، ولكن الأمر قد ينتهي بهم إلى شراء منتجات لم يخططوا لشرائها منذ البداية، وقد يندمون عليها لاحقاً.

حول البحث: "تأثير الكافيين على أنماط الإنفاق لدى المستهلكين" (Caffeine’s Effects on Consumer Spending)، ديبايان بيسواس وآخرون. مجلة التسويق (Journal of Marketing)، 2023.

الأستاذ يانغ، دافع عن بحثك العلمي

يانغ: سلوك المستهلك مدفوع جزئياً بنمطين متعارضين في التفكير: التركيز على العرض الترويجي والتركيز على الوقاية. يتسم الأول بالحماسة والمخاطرة ويعطي الأولوية لزيادة المكاسب إلى أقصى حد، بينما يتميز الثاني بالحذر وتفادي المخاطرة ويعطي الأولوية لتقليل الخسائر. نميل إلى ربط الكلاب بنمط التركيز على العرض الترويجي نظراً إلى انفتاحها المعهود وقدرتها على التكيف، بينما نربط القطط بنمط التركيز على الوقاية لأنها عموماً أكثر حذراً وانعزالاً من الكلاب. أعتقد أنا وزملائي أن التعامل مع الكلاب أو القطط يذكّر الأشخاص بهذه السمات النمطية وينشّط أنماط التفكير ذات الصلة، ما يجعلهم إما أكثر ميلاً إلى تفضيل المنتجات التي تنطوي على مخاطر أو التي تم ترويجها على أنها تحقق نتائج إيجابية، وإما أكثر انجذاباً إلى المنتجات المنخفضة المخاطر أو التي قيل إنها تحد من النتائج السلبية.

هارفارد بزنس ريفيو: لماذا يؤثر الارتباط بالحيوانات الأليفة مثل هذا التأثير القوي؟

تساعد المؤثرات الاجتماعية على تشكيل طريقتنا في اتخاذ القرارات والسعي إلى تحقيق الأهداف. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تجمع يسوده التفاؤل مع الأصدقاء إلى تعزيز التركيز على العروض الترويجية، بينما يمكن أن يشجع الإقصاء من مجموعة ما على التفكير بنمط التركيز على الوقاية. ونظراً إلى أن وجود الحيوانات الأليفة في الحياة اليومية أمر شائع في بعض المجتمعات، أصبحت هذه الحيوانات جزءاً مهماً في الحياة الاجتماعية للأفراد هناك وباتت تؤثر في طريقة تفكيرهم وأسلوبهم في اكتساب المعرفة. وينطبق هذا حتى على الأشخاص الذين لا يمتلكون حيوانات أليفة ولكنهم ببساطة لاحظوا الآخرين وهم يتفاعلون معها.

ما هي المنتجات الأخرى التي اختبرت بها هذا التأثير؟

أجرينا 11 دراسة في المجمل، وشملت إحداها معجون أسنان للحيوانات الأليفة. تم اختيار المشاركين عشوائياً للكتابة عن وقت تفاعلوا فيه مع كلب أو قطة، ثم شاهدوا نسختين من إعلان عن معجون أسنان، وذكروا النسخة التي فضّلوها. عرضت إحدى النسختين مزاعم تركز على العرض الترويجي: "منتجنا يمنح كلبك/قطتك نفَسَاً منعشاً ويقوي مينا أسنانه/أسنانها!". وعرضت النسخة الأخرى مزاعم تركز على الوقاية: "منتجنا يقي كلبك/قطتك من التهاب اللثة وتراكم الترسبات!". كان المشاركون الذين كتبوا عن الكلاب أكثر تفضيلاً للإعلان الذي يركز على العرض الترويجي مقارنة بالمشاركين الذين كتبوا عن القطط، والعكس بالعكس. أجرينا أيضاً اختبارات تضمنت عدة أصناف غير مخصصة للحيوانات الأليفة. وكان الأشخاص الذين تم توجيههم للتفكير في الكلاب أكثر رغبة من هؤلاء الذين فكروا في القطط في دفع جزء من أموالهم للحصول على فرصة للفوز باليانصيب، وحددوا أسعاراً أعلى بكثير لجلسة تدليك عندما قيل إن الجلسة تزيد من التمثيل الغذائي وتقوي المناعة مقارنة بالأسعار التي حددوها عندما قيل إنها تخفف حدة التوتر والأوجاع. وبالمثل، عندما عُرض على المشاركين إعلانات عن الأحذية الرياضية مع التركيز على العرض الترويجي، قدَّم الأشخاص الذين تم توجيههم للتفكير في الكلاب عروض أسعار أعلى للأحذية مقارنة بمن تم توجيههم للتفكير في القطط. ولكن عندما ركزت الإعلانات على الوقاية، أدى التفكير في القطط إلى تقديم عروض أسعار أعلى.

كيف دفعتَ الأشخاص إلى التفكير في نوع معين من الحيوانات الأليفة؟

طلبنا من المشاركين في عدة تجارب أن يكتبوا عن تجربة سابقة مع كلب أو قطة، كما في الدراسة على معجون الأسنان المخصص للحيوانات الأليفة. وفي تجارب أخرى، طلبنا منهم إبداء الرأي في رزنامات مواعيد عليها رسومات لكلاب أو لقطط، أو عرضنا عليهم إعلانات مطبوعة أو إعلانات تجارية عبر الفيديو يظهر فيها كلب أو قطة. وقد ظل النمط ثابتاً بشكل ملحوظ بغض النظر عن الطريقة التي استخدمناها.

ولكن لا تنطبق السمات النمطية على جميع الحيوانات الأليفة؛ فبعض الكلاب خجولة وشديدة الخوف، وبعض القطط اجتماعية للغاية لدرجة أن أصحابها يصفونها بأنها تشبه الكلاب، ألن يغير ذلك نتائجكم؟

هذا سؤال وجيه! في الواقع، اختبرنا هذا التأثير في إحدى تجاربنا. إذ قسّمنا المشاركين إلى مجموعة لمالكي الكلاب ومجموعة لمالكي القطط، وجعلناهم يقرؤون نصاً قصيراً يشير إلى أنه على الرغم من أن بعض الحيوانات المنتمية إلى الفصائل المقصودة تظهر سماتها النمطية، إلا أن الجميع لا يفعل ذلك. وطلبنا من نصف الأشخاص في كل مجموعة الكتابة عن تفاعل مع حيوان يحمل السمات النمطية للفصيلة التي ينتمي إليها، وطلبنا من النصف الآخر الكتابة عن حيوان لا يحمل السمات النمطية لفصيلته. ثم سألنا جميع المشاركين عما إذا كانوا يفضلون الاستثمار في الأسهم أم في صناديق الاستثمار المشتركة. كان المشاركون الذين كتبوا عن الكلاب التي تحمل السمات النمطية لفصيلتها أكثر ميلاً بكثير إلى تفضيل الأسهم مقارنة بالمشاركين الذين كتبوا عن القطط التي تحمل السمات النمطية لفصيلتها، بينما فضَّل الأشخاص الذين كتبوا عن القطط التي تحمل السمات النمطية لفصيلتها صناديق الاستثمار المشتركة. ولكن لم يكن هناك اختلاف بين المشاركين الذين كتبوا عن الحيوانات الأليفة التي لا تحمل السمات النمطية لفصائلها.

شملت دراساتكم المستهلكين الأميركيين، فهل تتوقعون النتائج نفسها في الثقافات الأخرى؟

أشعر أننا لن نرى النتائج نفسها في كل الأماكن. ففي العديد من الدول الغربية الأخرى، تُعامَل الحيوانات الأليفة كالأصدقاء أو أفراد العائلة، كما هو الحال في الولايات المتحدة. وغالباً ما تُعامَل في فرنسا على أنها مساوية للبشر. قد نجد تأثيراً مشابهاً في تلك الأماكن، ولكن في بعض البلدان الأخرى (تلك التي تكون هياكلها الاجتماعية أكثر هرمية)، من المرجح أن ينظر الأشخاص إلى الحيوانات الأليفة على أنها ممتلكات، وأعتقد أن خياراتهم الاستهلاكية لن تتأثر بالطريقة نفسها.

كيف ينبغي للمدراء استخدام نتائجكم؟

عندما تكون معظم مزايا المنتج موجهة نحو العرض الترويجي، فيمكن للشركات إظهار كلاب في موادها التسويقية. أما عندما تكون متعلقة بالوقاية بشكل أكبر، فستكون القطط خياراً أفضل. وسيتعين وصف السلوكيات النمطية للحيوانات الأليفة. يمكن للمسوقين أيضاً جمع معلومات حول ملكية المستهلكين للحيوانات الأليفة من عمليات شراء المنتجات، ومشاهدات مقاطع الفيديو التي تحتوي على حيوانات أليفة وما إلى ذلك، وهو أمر يمكن القيام به بسهولة في عصر البيانات الضخمة الذي نعيش فيه. ويمكنهم بعد ذلك اقتراح منتجات وخدمات مختلفة لمالكي نوعي الحيوانات الأليفة وصياغة رسائلهم الإعلانية وفقاً لذلك، على سبيل المثال من خلال إبراز المزايا التي تركز على الترويج عند استهداف مالكي الكلاب.

هل هناك آثار تتجاوز السلوك الاستهلاكي؟

نعم! لم تتطرق إحدى دراساتنا إلى المنتجات الاستهلاكية على الإطلاق، بل شملت الاستجابات لجائحة كوفيد-19 وكشفت عن فرق كبير مماثل بين مالكي الكلاب والقطط.

حسبنا نسبة الأسر المالكة لكلاب وقطط في كل ولاية باستخدام معلومات مأخوذة من الجمعية الأميركية للطب البيطري (American Veterinary Medical Association). ثم فحصنا حالات الإصابة بكوفيد-19 للفرد الواحد على مستوى الولاية من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، بالاعتماد على البيانات المقدمة إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وجدنا من خلال المقارنة بين مجموعتي البيانات، أن الأشخاص في الولايات التي تمتلك غالبية سكانها كلاباً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من سكان الولايات التي تمتلك غالبية سكانها قططاً، حتى بعد أخذ التوجهات السياسية للولايات في الاعتبار. أظهرت دراسة فرعية باستخدام بيانات مستقاة من مؤشرات جوجل (Google Trends) أنه بالمقارنة مع الأشخاص في الولايات التي بها نسبة كبيرة من مالكي القطط، كان الأشخاص في الولايات التي بها نسبة كبيرة من مالكي الكلاب أكثر ميلاً إلى إجراء عمليات بحث باستخدام مصطلحات تتعلق بالجائحة وتركز على العروض الترويجية، مثل "وجبة عشاء في المنزل"، وأقل ميلاً إلى البحث باستخدام مصطلحات تركز على الوقاية مثل "التباعد الاجتماعي". يمكن لواضعي السياسات استخدام هذه النتائج في حالة تفشي أمراض معدية، وتخصيص حملاتهم الإعلامية على مستوى الولاية لتعزيز فعاليتها.

هل تفكرون في إجراء مزيد من الأبحاث التي لها صلة بهذا الموضوع؟

نحن مهتمون بمعرفة ما إن كان امتلاك حيوان أليف يؤثر على الاستهلاك الترفي. ونعتقد أن مالكي الكلاب سيكونون أكثر ميلاً إلى المشاركة في هذا البحث، ما يعكس انفتاح حيواناتهم الأليفة وقدرتها على التعبير عن مشاعرها، بينما قد يفضل مالكو القطط تجنب الأضواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي