ملخص: تشبه ثورة الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي التي يعيشها العالم اليوم ثورة الإنترنت في بداياتها، حيث امتدت مع مرور الوقت إلى جميع مناحي الحياة، وكذلك تطبيقات الواقع الافتراضي التي تتطور ويتسارع انتشارها يوماً بعد يوم. يركز هذا المقال على إبراز الفرق بين 3 تطبيقات بارزة منبثقة من الواقع الافتراضي يقع الكثير من الخلط بينها، مع تسليط الضوء على أمثلة لاستخداماتها في مجال الأعمال: 1. الواقع المختلط، 2. الواقع الممتد، 3. الواقع المعزز.
الواقع المُتخيَّل أو الواقع الافتراضي (Virtual Reality. VR)، هو تكنولوجيا حديثة تتيح محاكاة الواقع باستخدام برمجيات الكمبيوتر وأجهزة أخرى. يمكّن الواقع الافتراضي من انغماس المستخدم داخل التجربة، وذلك عكس واجهات المستخدم "التقليدية" القائمة على شاشات العرض التي تكون موضوعة أمامه، كما تسمح هذه التكنولوجيا بتفاعل المستخدِم مع الآلة في عالم ثلاثي الأبعاد، ويمس هذا التفاعل الحواس البشرية مثل الرؤية والسمع واللمس وحتى الشم.
أكثر أدوات الواقع الافتراضي شهرة هو "شاشة العرض المثبتة على الرأس" (Head Mounted Display. HDM) التي تمكّن المستخدِم من الحصول على عرض عالم افتراضي مرئي بزاوية 360 درجة، ما يجعل الدماغ غير قادر على تمييزه عن العالم الحقيقي. ومن أشهر الأمثلة على تطبيقات الواقع الافتراضي خدمة جوجل، الرائدة في هذا المجال، المتمثلة في تجربة "ستريت فيو" (Street View)، التي تجعل المستخدم يعيش تجربة التجول في أشهر الشوارع والأماكن حول العالم.
في مجال الأعمال، اعتمدت شركات كثيرة هذه التكنولوجيا في العديد من المجالات، خاصة الرعاية الصحية والجراحة الروبوتية، وتعتمدها شركات كبرى في مجال التدريب على استخدام المعدات الضخمة أو الباهظة الثمن، مثل شركة كوماتسو (Komatsu) التي توفر مبالغ ضخمة بسبب ضمان الاستخدام السليم للمعدات في أثناء التدريب، فضلاً عن إتاحته "افتراضياً" لكل عامليها عبر مختلف الأماكن في العالم. ويتفرع من الواقع الافتراضي 3 تطبيقات رئيسية هي:
1. الواقع المختلط (Mixed Reality. MR)
يطلق عليه الخبراء أيضاً "الواقع الهجين"، وهو تكنولوجيا حديثة تتيح دمج الواقع الحقيقي بالواقع الافتراضي، وتمكّن المستخدم من التفاعل مع العناصر الافتراضية المُضافة إلى بيئته الحقيقية في الوقت الحقيقي أو الآني، والتحكم فيها وتحريكها من مكان لآخر، وبذلك فهو يشتمل على ميزات "الواقع المعزز" و"الواقع الافتراضي" في الوقت نفسه. ومن أشهر الأمثلة على هذه التكنولوجيا لعبة "بوكيمون جو" (Pokemon Go) التي ظهرت في عام 2016. يعتمد نظام الواقع المختلط على مسح البيئة المحيطة بالمستخدم بدقة عالية عبر كاميرات ومستشعرات موضوعة في جهاز العرض المثبّت على الرأس، ثم تُنشئ تقنية الواقع المختلط بيئة حقيقية ثلاثية الأبعاد مطابقة لواقع المستخدم، ثم تُسقِط المحتوى الرقمي والأجسام الافتراضية في بيئة المستخدِم، ويجري التحكم بمواقع المحتوى عبر إيماءات العين أو من خلال عناصر تحكّم في اليدين. ومن أشهر المنتجات في هذا المجال نظارة مايكروسوفت "هولو لانس" (Holo Lens) وآبل فيجن برو. أما بالنسبة لتطبيقات الواقع المختلط في مجال الأعمال فهي متعددة وفعالة جداً. وفي عالم الترفيه مثلاً، يمكن أن يجلس المستخدم في المنزل ويشاهد مباراة كرة قدم عالمية أو حفلاً غنائياً أو مسرحية وكأنه جالس في الملعب أو المسرح.
2. الواقع الممتد (Extended Reality. XR)
يطلق عليه المتخصصون أيضاً "الواقع الموسّع"، وهو مصطلح حديث يشمل كلاً من الواقع المعزز (AR)، والواقع المدمج أو المختلط (MR). قدّر الخبراء قيمة سوق تكنولوجيات الواقع الممتد عام 2023 بأكثر من 131 مليار دولار؛ أي 8 أضعاف قيمة هذه السوق مقارنة بعام 2019، ومن المتوقع أن تتجاوز 183 مليار دولار بنهاية العام الجاري 2024. وسوف يكون من الصعب تخيّل طريقة حياتنا بحلول عام 2032 عندما تصل قيمة هذه السوق إلى أكثر من 1.7 تريليون دولار.
تشمل تطبيقات الواقع الممتد مجموعة واسعة من المجالات؛ مثل التسويق، والطب، والتعليم عن بُعد، والمعارض التجارية. وحققت أبحاث الأستاذ بجامعة تورنتو بول ميلجرام إسهامات بارزة في تطوير "التكنولوجيا الغامرة" (Immersive Technology) "التكنولوجيا التفاعلية" (Interactive Technology) خلال تسعينيات القرن الماضي.
3. الواقع المعزّز (Augmented Reality. AR)
تكنولوجيا حديثة تعتمد على المزج بين المعلومات الرقمية والمعلومات المستقاة من البيئة المحيطة، ثم تعرضها معاً عبر صورة مركّبة غنية بالمعلومات؛ وعلى عكس تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR)، فإن تكنولوجيا الواقع المعزز لا تعرض صورة اصطناعية بالكامل، بل تدمج المعلومات الجديدة بالمعلومات المستقاة من الواقع في تجربة مرئية واحدة. أول أنواع الواقع المعزز كان في عام 1966 عندما تم ابتكار نظارات تُسقط الأشكال الثلاثية الأبعاد في البيئة الحقيقية للمستخدِم؛ ومع التطور التكنولوجي الذي استمر بوتيرة متسارعة، أصبح بإمكان المستخدم في الوقت الحالي تجربة الواقع المعزز من خلال عدة أجهزه سواء كانت محمولة كالهاتف الذكي، أو من خلال الأجهزة التي يتم ارتداؤها كالنظارات والعدسات اللاصقة، والهدف من ذلك هو تحسين الإدراك الحسي للعالم الحقيقي الذي يراه المستخدم أو يتفاعل معه من خلال تحفيز مختلف الحواس كالرؤية واللمس والسمع وحتى حاسة الشم؛ أي إنشاء تجربة مرئية لا يمكن فيها تمييز الفرق بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي المُدمج، لذلك تكون الأجسام في البيئة المحيطة متكاملة مع الصورة التي ينظر إليها الشخص. تعتمد تكنولوجيا الواقع المعزز على ربط معالم في الواقع الحقيقي بالعنصر الافتراضي المناسب والمخزن مسبقاً في ذاكرة الجهاز، مثل إحداثيات جغرافية أو بيانات عن المكان أو فيديو تعريفي أو أي بيانات أو معلومات أخرى تعزز الواقع الحقيقي. تعتمد برمجيات الواقع المعزز على استخدام كاميرا الهاتف المحمول أو الكمبيوتر لرؤية الواقع الحقيقي، ثم تحليله تبعاً لما هو مطلوب من البرنامج والعمل على دمج العناصر الافتراضية به. يكثر استخدام تكنولوجيا الواقع المعزز اليوم في مجال الترفيه، والتدريب العسكري، والتصميم الهندسي، والروبوتات، والصناعات التحويلية، وغيرها من الصناعات، كما يجري دمجها في التعليم تدريجياً. ومن أشهر تطبيقات الواقع المعزز الذي تستخدمه الشركات تطبيق أيكيا بلايس (IKEA Place) التابع لشركة أيكيا، والذي يمكّن المتسوقين من وضع صور الأثاث في المكان الذي سيخصصونه له في حالة اقتنائه.