ملخص: أسال موضوع إدارة الوقت الكثير من الحبر، نظراً لتشعب أسباب المماطلة وتضييع الوقت بين الدوافع النفسية والمشتتات التكنولوجية والعادات السلبية، وذكر المختصون الكثير من الحلول المبنية على دراسات علمية، مثل التركيز على إدارة طاقة الإنسان على مدار اليوم بدلاً من التركيز على الوقت نفسه. يسلط هذا المقال الضوء على العودة لأساسيات مفاهيم إدارة الوقت، بحيث يعرّف "المماطلة والتأجيل" مع ذكر خطوات عملية للتغلب عليهما، ويعرض 4 مفاهيم أخرى تساعدك في إدارة وقتك بفعالية أكبر: 1. قانون باركنسون. 2. وقت القلق. 3. تقنية بومودورو لإدارة الوقت. 4. التأطير الزمني.
يعرّف الخبراء إدارة الوقت على أنها عملية التخطيط بهدف تخصيص فترة زمنية محددة لنشاط معين، بما يضمن الاستفادة المثلى من الوقت في إنجاز المهام التي ترتبط بالعمل والحياة والأسرة والعلاقات الاجتماعية والالتزامات وغيرها. وتوفر عملية الإدارة الفعالة للوقت مجموعة من الفوائد منها:
- ضبط الوقت وإنجاز المهام في فترة زمنية أقصر.
- الإسهام في التخفيف من التوتر.
- المساعدة على تحقيق النجاح في الحياة عموماً وكذلك إحراز النجاح الوظيفي.
في الحقيقة لا أحد محصنٌ ضد الميل نحو المماطلة والتأجيل، حيث يميل دماغ الإنسان إلى توفير الطاقة كلما تسنت له الفرصة، لكن تأجيل إنجاز المهام يترك أثراً سلبياً كبيراً على إنتاجيتك وعلى نفسيتك أيضاً، فالمماطلة والتأجيل ليسا أمرين حتميين، وبالتالي عندما تكتشف سبب تأجيلك لإنجاز الأعمال، ثم تتخذ خطوات ملموسة لمنعه سيساعدك ذلك في إنجاز المزيد من المهام وسيمنحك إحساساً مريحاً تجاه نفسك. يمكن التغلب على هذه العادة السلبية باتباع الخطوات الآتية: 1. حدّد المهام التي تميل عادة إلى تأجيل إنجازها، 2. استعمل المهل النهائية المحددة بحيث تكون وسيلة لتحفّزك على إنجاز المهام في إطار زمني معيّن، 3. كافئ نفسك عندما تنجز مهام أساسية 4. لا تطلق على نفسك لقب الشخص المماطل وكأنه جزء من شخصيتك، 5. لا تعمل على إنجاز المهام الشاقة بمفردك بل اطلب المساعدة من الآخرين ليعينوك على إنجازها، 6. لا تعمل على إنجاز المشروع دفعة واحدة، بل حاول تقسيمه إلى أقسام أصغر يمكن إنجازها بسهولة.
ونقدم فيما يلي 4 مفاهيم أساسية تساعدك على فهم ممارسات إدارة الوقت ووضعها حيز التنفيذ بطريقة أفضل:
1. قانون باركنسون (Parkinson’s Law)
في عام 1955، نشر الباحث البريطاني نورثكوت باركنسون مقالاً في مجلة ذي إيكونوميست (The Economist)، وردت فيه العبارة الآتية: "إن العمل يمتد ليملأ الوقت المتاح لإنهائه"، فنالت إعجاب الكثير من القرّاء وأصبحت معروفة فيما بعد باسم "قانون باركنسون"، وفحوى هذا القانون أن الأفراد يستهلكون كل الوقت المتاح لتأدية مهمة معينة، حتى إن كانت تتطلب وقتاً أقل بكثير، وبصيغة أخرى، عندما يكون الوقت المتاح ضيقاً، يعمل الفرد بوتيرة أعلى ويركز على الأمور المهمة ويحاول إنجازها بسرعة، وعندما يتوافر متسع كبير من الوقت لإنجاز عمل ما، فغالباً ما يقع الفرد فريسة للتسويف والتأجيل والاهتمام المفرط بالتفاصيل الفرعية غير المهمة.
تكمن أهمية هذا القانون في تسليط الضوء على ضرورة تحديد فترة زمنية معينة مناسبة لكل مهمة حتى تتمكن من إنجازها في الوقت المحدد، ما يؤدي بدوره إلى خفض درجة تعقيد المهمة نفسها، والنظر إليها من منظور صحيح، كما يساعد هذا القانون في تحسين إنتاجية الفرد، إذ يعمل على أداء المهام الرئيسية وفقاً للأولويات، فعلى سبيل المثال، بدلاً من قراءة كل ما يرد إليك عبر البريد الإلكتروني، يمكنك قراءة الرسائل المهمة فقط وحذف الباقي.
2. وقت القلق (Time to Worry)
مصطلح تعمّقت فيه المدربة التنفيذية ومؤلفة كتاب "ثق بنفسك: توقف عن فرط التفكير ووجّه عواطفك صوب تحقيق النجاح في العمل" (Trust Yourself: Stop Overthinking and Channel Your Emotions for Success at Work) الصادر عام 2021، ميلودي وايلدينغ. وتقصد به الوقت الذي يخصصه الفرد يومياً للتفكير أو "القلق" بشأن مهام غير منجزة أو نتائج قرارات معينة متخذة أو كيفية معالجة مسائل عالقة.
وتنصح الكاتبة بأن تكون مدة القلق بين 15 و20 دقيقة يومياً، وهي ممارسة تحمي الفرد من التفكير المفرط بقية اليوم، وتساعده على تنفيذ المهام بفعالية ودون تشتت.
3. تقنية بومودورو لإدارة الوقت (Pomodoro Technique)
يسميها الخبراء أيضاً "تقنية البندورة" و"تقنية الطماطم"، وهي أسلوب في إدارة الوقت طوّره الإيطالي فرانشيسكو سيريلو في نهاية الثمانينيات، ويعود سبب هذه التسمية إلى أن مبتكر هذا الأسلوب استخدم "جهاز توقيت" (Timer) على شكل حبة طماطم.
يهدف هذا الأسلوب إلى تعزيز إنتاجية الفرد، ويعتمد على تقسيم وقت العمل إلى فترات زمنية مدة الواحدة منها 25 دقيقة، تفصل بينها فترات راحة قصيرة تمتد من 3 إلى 5 دقائق. ويمكن تلخيص مراحل "تقنية البندورة" كالآتي:
- تحديد المهمة التي يتعين عليك القيام بها.
- ضبط جهاز التوقيت على مدة 25 دقيقة.
- أداء المهمة بتركيز عالٍ طوال 25 دقيقة.
- التوقف عن العمل عند إشارة جهاز التوقيت إلى مدة لا تتعدى 5 دقائق.
- بعد 4 جلسات عمل، خذ استراحة تمتد بين 15 و30 دقيقة، ثم عُد للخطوة الأولى وأكمل العمل.
4. التأطير الزمني (Timeboxing)
يطلق عليه الخبراء أيضا "مربع الوقت"، وهو تقنية لإدارة الوقت تُخصص أقصى مدة زمنية ثابتة لمهمة محددة بهدف تحديد مقدار الوقت المخصص لكل نشاط والتحكم فيه، ويمكن استخدام التأطير الزمني أيضاً باعتباره أداةً لتحديد المهام المفتوحة أو الغامضة التي تصعب السيطرة عليها. إن تأطير الوقت سمة شائعة للعديد من منهجيات إدارة المشروع، وذلك للحفاظ على تركيز فرق العمل على إنجاز المهام الحالية، والإسهام في تحفيز فرق العمل عند تنفيذ أعمالها فور الانتهاء من التخطيط. تُظهر نظرية الدافع الزمني أن القيود الزمنية التي نضعها على الأعمال ضرورية لإنجاز العمل بكفاءة، فكلما كانت المهام مقيدة بالزمن، أصبح المرء أكثر إنجازاً.
وقد تمتد مدة مربع الوقت من دقائق معدودة إلى أسابيع وفقاً لطبيعة المهمة التي يجري تنفيذها، فبالنسبة للمشاريع المعقدة التي لا يمكن تقسيمها بسهولة إلى مهام منفصلة، يمكن استخدام مربع الوقت لتحديد المدة التي سيعمل خلالها العامل أو الموظف على بعض المهام المحددة.
يمكن استخدام مربع الوقت أيضاً باعتباره أداةً لتخطيط المشروع، من خلال تقسيم الجدول الزمني إلى عدد من الفترات الزمنية المنفصلة (مربعات زمنية)، بحيث يكون لكل مربع موعد تسليم نهائي وميزانية مالية خاصة. كما هو موضح في الخطوات الآتية:
- تحديد المهمة المراد إنجازها أو المشروع المستهدف.
- إزاحة أكبر عدد ممكن من المؤثرات والمشتتات التي يمكن أن تؤثر في مستوى الإنجاز.
- تحديد أوقات البدء والانتهاء.
- التركيز الكلي على المهمة المحددة حتى ينتهي الوقت المخصص لها.
الوقت مورد محدود؛ أي أنه سلعة يجب إدارتها وليس إهدارها. ومن الضروري اتباع الطرائق المختلفة التي تُستخدم لإدارة الوقت على نحو أكثر كفاءة حتى تحقق من الانضباط والنظام في حياتك.