ما هي الهياكل التنظيمية المسطحة ولماذا تُمثل عقبة أمام توظيف النساء؟

4 دقيقة
الهيكل التنظيمي المسطح

ملخص: يواجه العديد من الشركات صعوبة في جذب مجموعة متنوعة من المواهب والكفاءات، ولا سيما النساء. تسعى الشركات إلى ترويج هيكلها التنظيمي المسطح في إعلانات التوظيف، على افتراض أنه ميزة فريدة ستجذب مجموعة أكثر تنوعاً من الموظفين المحتملين، على الرغم من ذلك، فإن أحد الأبحاث الجديدة يكشف عن نتيجة مفاجئة، وهي أن تسليط الضوء على الهيكل التنظيمي المسطح قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويقلل نسبة النساء في مجموعة المتقدمين للوظائف. تشير النتائج الإضافية إلى أن النساء يعتقدن أنه من الصعب التكيف والاندماج في المؤسسات ذات الهيكل التنظيمي المسطح، وأن العمل فيها يفرض عليهن أعباء عمل أكبر ويقلل فرصهن في التقدم الوظيفي. يشير هذا البحث إلى أنه يجب على الشركات أن تدرس بعناية كيفية عرض هيكلها التنظيمي للباحثين عن الوظائف لتجنب تثبيط عزيمة النساء عن التقدم للوظائف عن غير قصد.

أصبح تحقيق التنوع في مكان العمل هدفاً أساسياً في كثير من الشركات؛ إذ تنفق الشركات الأميركية نحو 8 مليارات دولار سنوياً على جهود تعزيز التنوع. وعلى الرغم من الدراسة الواسعة النطاق لفوائد تنوع الفرق الكثيرة، فقد ثبتت صعوبة جذب بعض الشركات لمجموعة متنوعة من المواهب، ولا تزال نسبة تمثيل النساء وبعض الفئات المهمشة قليلة في القطاعات المختلفة. تكتسب مسألة تحقيق التنوع بين الجنسين أهمية بالغة بالنسبة للشركات الناشئة، التي قد تواجه خطر "عجز التنوع" (Diversity Debt)، الذي يشير إلى تزايد صعوبة ترميم فجوة التنوع التي تظهر في الشركة منذ مراحلها المبكرة وتستمر مع نموها بمرور الوقت.

إلى جانب التركيز على تحقيق التنوع بين الجنسين، تسعى الشركات إلى الاعتماد على الهيكل التنظيمي المسطح، الذي يتميز بمستويات إدارية أقل. تمثل شركتا فالف (Valve) وزابوس (Zappos) نموذجين بارزين على الشركات التي ألغت الأدوار التقليدية القائمة على التسلسل الهرمي، معتمدة الهيكل التنظيمي المسطح، ما أدى إلى زيادة المرونة والمساواة في بيئة العمل. تسلّط الشركات الناشئة الضوء في إعلانات التوظيف غالباً على السمات الفريدة غير المالية التي قد تجذب مجموعات متنوعة من الموظفين المحتملين، مثل الهيكل التنظيمي المسطح، وذلك في إطار تنافسها مع الشركات الراسخة التي يمكن أن تقدم حوافز مالية أكثر جاذبية وأماناً وظيفياً أكبر. وقد دفعنا هذا الأمر إلى التساؤل حول مدى فعالية الإشارة إلى الهيكل التنظيمي المسطح.

كشف بحث جديد نشرته مجلة الإدارة الاستراتيجية (Strategic Management Journal) عن نتيجة مفاجئة، وهي أن ذكر الهيكل التنظيمي المسطح في إعلانات التوظيف يؤدي في الواقع إلى إحجام النساء عن التقدم للوظائف أو تقليل اهتمامهن بها، مقارنة بالرجال.

للوصول إلى هذه النتائج، أجرينا أولاً تجربة ميدانية. تعاونّا مع شركة ناشئة للرعاية الصحية في الولايات المتحدة وعملنا على صياغة رسالتين إلكترونيتين للإعلان عن وظيفتين شاغرتين في الشركة. سلّطت إحدى الرسالتين الضوء على الهيكل التنظيمي المسطح للشركة، في حين لم تذكره الأخرى. أرسلت الشركة الرسالتين إلى 8,167 باحثاً عن عمل في الولايات المتحدة على موقع زيبريكروتر (ZipRecruiter)، الذين كانت ملفاتهم التعريفية تشير إلى أنهم مرشحون مناسبون لهاتين الوظيفتين. على الرغم من أن تسليط الضوء على الهيكل التنظيمي المسطح للشركة الناشئة لم يؤثر كثيراً على عدد المتقدمين للوظائف بين المجموعتين، فإن عدد النساء المتقدمات رداً على الرسالة الإلكترونية التي ركزت على هذا الجانب كان أقل بنسبة 28%. بالإضافة إلى ذلك، أبدت النساء المتقدمات اهتماماً أقل بنسبة 14% بالوظيفة عندما أشارت الرسالة الإلكترونية المتعلقة بفرصة العمل إلى الهيكل التنظيمي المسطح، وذلك استناداً إلى عدد النقرات على رابط تقديم الطلب المرفق في الرسالة.

لفهم الأسباب التي قد تجعل النساء أقل انجذاباً للهيكل التنظيمي المسطح، أجرينا تجربة متابعة واسعة النطاق، واستطلعنا من خلالها آراء 8,498 مشاركاً جديداً في الولايات المتحدة. كشفت نتائجنا عن عدة أسباب محتملة:

  • تبيّن أن النساء يجدن صعوبة أكبر في التأقلم مع الهيكل التنظيمي المسطح مقارنة بالذكور المشاركين في الاستطلاع. أعرب العديد من النساء في استطلاعنا عن بعض المخاوف، من بينها أن الهيكل التنظيمي المسطح يجعل بيئة العمل أشبه بنادٍ مخصص للرجال يصعب على النساء الاندماج فيها.
  • توقعت النساء أيضاً أن تكون أعباء العمل عليهن في المؤسسات ذات الهيكل التنظيمي المسطح أكبر بكثير، وأعرب العديد من المشاركات عن مخاوفهن بشأن أعباء العمل المرهقة أو الهائلة في مثل هذه البيئات.
  • توقعت النساء أيضاً أن تكون فرصهن في التقدم المهني أقل مقارنة بالرجال. تقول إحدى المشاركات: "أعتقد أن الهيكل التنظيمي المسطح قد يؤدي إلى التحيز في مكان العمل، ما يمنع الموظفين المهمشين من الترقي في السلم الوظيفي".

يُظهر بحثنا أن التركيز على الهيكل التنظيمي المسطح في إعلانات التوظيف قد يؤدي بطريقة غير مقصودة إلى عرقلة قدرة الشركات الناشئة على تعزيز التنوع بين الجنسين في قوتها العاملة.

لماذا لا تكفي الإشارة إلى الهيكل التنظيمي المسطح في إعلانات التوظيف؟

على الرغم من أن الهيكل التنظيمي المسطح يعد بثقافة جذابة فيها ميزات مثل تقليل الرقابة الصارمة وزيادة الاستقلالية، فمن الواضح أنها لا تتطابق مع توقعات النساء حولها ولا تعالج مخاوفهن المرتبطة بهذا الهيكل الذي يبدو لهن عقبة في مسيرتهن المهنية.

يقدم بحثنا أفكاراً مهمة وقيّمة للشركات التي تتطلع إلى جذب مجموعة متنوعة من المتقدمين للوظائف.

ادرس الجوانب التي تحظى بتقدير الموظفين

أولاً، تحدث إلى موظفيك ومسؤولي التوظيف حول ما يقدّره العاملون ولا سيما من الفئات التي لا تحظى بتمثيل كافٍ في المؤسسة. ما هي العوامل التي تجعلهم يشعرون بالترحيب والانتماء؟ هل يشعرون بأنهم يواجهون صعوبة في التأقلم مع ثقافة العمل؟ هل يواجهون زيادة في أعباء العمل؟ هل يشتكون من قلة فرص التقدم المهني؟ كيف يمكنك تصميم البنية التنظيمية في شركتك لتعزيز بيئة عمل شاملة وعادلة؟ كيف يمكنك وصف هذه الجهود المبذولة في عملية التوظيف وتوضيحها؟ يمكن أن يساعد ذلك على إرسال إشارة قوية إلى الموظفين المتميزين الآخرين حول مدى اهتمامك بهم وتقديرك لخبراتهم وتجاربهم في العمل وضمان توفير كل ما يلزمهم لتحقيق النجاح.

استكشف الأفكار أو الصور السلبية التي قد تكون مرتبطة بالهياكل التنظيمية أو سياسات العمل

ثانياً، تشير دراستنا إلى ضرورة حرص الشركات على صياغة إعلانات التوظيف وتصميمها بعناية. من المهم أن تنتبه الشركات إلى أن بعض السمات التنظيمية قد ترسم انطباعات سلبية لدى المرشحين المحتملين، ما قد يؤثر على قراراتهم بالانضمام للشركة، لذلك، يجب على مدراء التوظيف تحديد جوانب الهيكل التنظيمي وثقافة العمل التي قد تثني المرشحين المتنوعين عن التقدم للوظائف، والإشارة إلى حرص الشركة على معالجة هذه المخاوف في إعلانات التوظيف.

يجب على الشركات الناشئة إيجاد طرق لتمييز نفسها عن الشركات الراسخة التي يمكنها تقديم حوافز مالية أكثر جاذبية وأماناً وظيفياً أكبر كي تتمكن من جذب مجموعة متنوعة من المتقدمين للوظائف. على الرغم من أن بعض الميزات، مثل الهيكل التنظيمي المسطح، قد تجذب بعض الباحثين عن عمل، فإن بحثنا يشير إلى أن هذه الميزات قد تنطوي على عواقب سلبية غير مقصودة، ولا سيما فيما يتعلق بالقدرة على جذب مجموعة متنوعة من المتقدمين للوظائف من النساء والرجال. يُظهر بحثنا أنه من الضروري أن تعمل الشركات على تقييم استراتيجيات التوظيف بعناية لإنشاء بيئة عمل تتميز بالشمولية والعدالة وتوضيح هذه القيم للمرشحين، وذلك بهدف جذب أفضل المواهب والكفاءات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي