ملخص: يلجأ المدراء أحياناً إلى استخدام أنشطة بناء الفريق لتعزيز العلاقات والتواصل بين الزملاء. لكن ما هي الأنشطة والممارسات التي تناسب فريقك وتساعدك على تحقيق أفضل النتائج؟ وكيف يمكنك تطبيقها على أرض الواقع بطريقة فعالة؟ في هذا المقال، تقدم المؤلفة نصائح وتوصيات من 3 خبيرات في هذا المجال، وتوفر اقتراحات الأنشطة التي يقدمنها أفكاراً يمكنك تعديلها لتناسب حجم فريقك وتطلعاته واهتماماته والظروف المحيطة به. ليس من الضروري أن تكون هذه الأنشطة مكلفة أو شديدة التنظيم والتعقيد، المهم هو أن تكون لديك رغبة حقيقية في بناء الفريق. انتبه لاحتياجات أعضاء فريقك واحرص على إشراك زملائك في التخطيط وأظهر اهتماماً صادقاً وحقيقياً بالتعرف إليهم، بهذه الطريقة ستسهم في بناء ثقافة فريق إيجابية وشاملة تعالج الشعور بالوحدة وتساعد الجميع على تحقيق النجاح معاً.
في عصرنا الذي يتسم بوجود العديد من الفِرق التي تعمل عن بُعد أو من مواقع مختلفة، يواجه المدراء تحدياً رئيسياً يتمثل في تعزيز الروابط والعلاقات بين الموظفين، بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.
لتحقيق ذلك، يلجأ المدراء أحياناً إلى استخدام أنشطة بناء الفريق. بالتأكيد، قد تكون بعض أنشطة بناء الفريق في الشركات مستغربة، مثل حفلات الرقص الافتراضية، فتثير التذمر أو التعليقات الساخرة، بالإضافة إلى أن العديد من الأشخاص يشككون في فعاليتها. لكن تُظهِر الدراسات أن تلبية حاجتنا الإنسانية للانتماء يُحسّن الأداء الوظيفي ويُعزز شعورنا بالرفاهة. فالموظفون الذين يتمتعون بعلاقات قوية في العمل يكونون أكثر قدرة على الإبداع والتعاون؛ بالإضافة إلى أنهم أقل عرضة للإصابة بالاحتراق الوظيفي وتزداد احتمالات بقائهم في مؤسساتهم.
بعبارة أخرى: تشكّل أنشطة بناء الفريق المصممة جيداً أدوات أساسية يمكنها تعزيز العلاقات الهادفة والمفيدة بين الزملاء، ما يؤدي في النهاية إلى زيادة مشاركة الموظفين والتزامهم، ما يسهم في نجاح المؤسسة عموماً.
لكن ما هي الأنشطة والممارسات التي تناسب فريقك وتساعدك على تحقيق أفضل النتائج؟ وكيف يمكنك تطبيقها على أرض الواقع بطريقة فعالة؟ لجأنا إلى 3 خبيرات في هذا المجال للحصول على نصيحتهن، وهنّ: الأستاذة في كلية كويستروم للأعمال (Questrom School of Business) بجامعة بوسطن والمتخصصة في علم النفس التنظيمي، كوني هادلي، والخبيرة الاستراتيجية في مجال مكان العمل ومؤلفة كتاب "خريطة بناء الطقوس: الطريقة الإنسانية لتحويل الروتين اليومي إلى ما يشبه السحر في مكان العمل" (Rituals Roadmap: The Human Way to Transform Everyday Routines into Workplace Magic)، إيريكا كيسوين، والأستاذة في كلية سيمونز للإدارة (Simmons College School of Management) ومؤلفة "دليل هارفارد بزنس ريفيو لقيادة الفرق" (HBR Guide to Leading Teams)، ماري شابيرو.
فيما يلي أنشطة بناء الفريق التي رأينَ أنها أثبتت فعاليتها في الممارسة العملية، بالإضافة إلى توصياتهن حول كيفية تخطيط الأنشطة وتنفيذها لزيادة فرص نجاحها وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها.
أنشطة بناء الفريق بالنسبة للفرق التي تعمل عن بُعد
تقول شابيرو: "يصبح بناء الفريق الفعال أصعب بكثير عند إدارة مجموعة من الموظفين الذين يعملون عن بُعد ولا يجتمعون شخصياً إلا فيما ندر. لذلك، من الضروري تبنّي نهج مدروس لتصميم أنشطة تفاعلية منظمة تعزز الترابط بين الأفراد، حتى في بيئات العمل عن بُعد". وتؤكد أهمية تصميم الأنشطة والتمارين بما يتناسب مع خصائص فريقك من حيث حجمه وتطلعاته واهتماماته والظروف المحيطة به. يمكن أيضاً تعديل العديد من هذه التمارين المصممة للفرق التي تعمل عن بُعد لتناسب الفرق الهجينة والفرق التي تعمل من المكتب.
1. قيادة المحادثات المنظمة.
تشير شابيرو إلى أن تعزيز التفاهم المتبادل بين أعضاء الفريق يسهم في زيادة فعالية العمل الجماعي والتعاون فيما بينهم، لذلك تقترح إجراء محادثات منظمة تركز على أهداف الفريق وثقافة الشركة ونقاط القوة الشخصية لكل من أعضاء الفريق. تقول: "تحدث عن الثقافة التي ترغب في إنشائها داخل الفريق وكيفية تأثير العمل الجماعي على تجربة الأفراد؛ إذ يؤدي ذلك إلى تشجيع الأفراد على التفكير في احتياجاتهم والتعبير عنها وعن توقعاتهم". إذا كنت لا تعرف من أين تبدأ، فجرّب بعض تمارين بناء الفريق المعروفة، مثل:
- تمرين استكشاف أفضل صورة عن الذات لدى الآخرين: هذا التمرين هو أداة لتطوير الذات ابتكرها باحثون في جامعة ميشيغان، وهو يساعد أعضاء الفريق على تحديد نقاط قوتهم ومواهبهم من خلال الحصول على ملاحظات من زملائهم في العمل حول الأوقات التي كانوا فيها في أفضل حالاتهم أو قمة أدائهم. تسمح هذه الملاحظات للأفراد برؤية أثرهم في الآخرين. تقول شابيرو: "يمنح هذا التمرين الأفراد دعماً معنوياً إيجابياً ويعزز ثقتهم بأنفسهم ويسهم في تقوية الروابط بين أعضاء الفريق".
- تمرين التحف الفنية: يتضمن هذا التمرين طلب حضور أعضاء الفريق إلى اجتماع للتحدث عن إنجازاتهم التي يفخرون بها، سواء كانت شخصية أو مهنية، بالإضافة إلى إحضار شيء مادي يمثل إنجازاتهم، مثل صورة أو قلادة أو وسام (يمكن أن يكون ذلك الشيء عادياً ويستخدمه الشخص في حياته اليومية). خلال الاجتماع، يتحدث كل شخص عن إنجازه من خلال عرض تفاعلي تفصيلي وكأنه عرض تقديمي افتراضي حقيقي، ثم يستمع إلى ردود فعل الزملاء وآرائهم حول معارفه ومهاراته وقدراته وإصراره وعزيمته. تقول شابيرو: "يساعد هذا التمرين أعضاء الفريق على معرفة قدرات زملائهم وإنجازاتهم، وبالتالي، يدركون أنهم يعملون مع أشخاص موهوبين ومثيرين للإعجاب".
- تمرين تأثير الأنماط: يتطلب هذا التمرين من أعضاء الفريق إجراء تقييم لشخصيتهم أو أسلوب تواصلهم، مثل تقييم "ديسك" (DiSC)، ثم يشاركون النتائج ويتحدثون عن تفضيلاتهم فيما يتعلق بالقيادة والتواصل والجوانب الأخرى المهمة للعمل الجماعي. تقول شابيرو: "تُذكّر هذه التقييمات الشخصية أعضاء الفريق بأن سلوك كل فرد يخضع لقواعد شخصية وأن تصرفات الناس تكون نابعة في معظم الأحيان من نوايا حسنة".
2. جرّب استخدام بطاقات المحادثة.
يمكن أن يؤدي استخدام بطاقات المحادثة المصممة لمكان العمل إلى تشجيع مشاركة أعضاء الفريق كافة بطريقة فعالة ونشيطة، ويشمل ذلك الموظفين الجدد أو الهادئين والمتحفظين. تحتوي البطاقات عادةً على مجموعة متنوعة من الأسئلة، مثل: "ما هي لعبتك المفضلة ولماذا تفضّلها؟" أو "ما هو الشيء الوحيد الذي تتمنى لو تغيره في طفولتك؟". تقول هادلي: "تذكّر أن هذه الألعاب والأنشطة التفاعلية والنقاشات التي تهدف إلى تسهيل التفاعل بين أعضاء الفريق وكسر الصمت وتلطيف الأجواء تتطلب الثقة والشعور بالأمان النفسي؛ إذ يمكن أن يؤدي إظهار ضعفنا الإنساني والكشف عن جوانب شخصية قد لا نكون مرتاحين لمشاركتها إلى بناء جسور التواصل وتعزيز العلاقات والثقة بين الأفراد".
3. خصص وقتاً للدردشة.
تشير هادلي إلى أن تخصيص أول 5 دقائق تقريباً من كل اجتماع أسبوعي للمحادثات غير الرسمية يسمح للزملاء الذين يعملون عن بُعد بالتعرف بعضهم إلى بعض على المستوى الشخصي ويشجع على بناء الروابط بين أفراد الفريق عبر الإنترنت. إن تخصيص وقت لهذه التفاعلات غير الرسمية وغير المنظمة يُظهر أنك تقدّر روح الألفة والزمالة والمودة بين أفراد الفريق، وهو أيضاً طريقة سهلة وآمنة ومريحة لبناء ثقافة عمل ودية وشاملة. تقول هادلي: "يتطلب إجراء المحادثات عبر الإنترنت جهداً مدروساً، لكن يمكن أن تحقق هذه المحادثات نتائج مماثلة للمحادثات الشخصية المباشرة إذا نفذتها بطريقة صحيحة".
4. الاستفادة من أدوات التواصل الافتراضية.
تقول هادلي إن تشجيع أعضاء الفريق الذين يعملون عن بُعد على الاستفادة من منصات التواصل الإلكتروني والاجتماعات عبر الفيديو يؤدي إلى توفير مساحة للمحادثات الطريفة والدعابات والرموز التعبيرية والصور الساخرة الفكاهية. وتضيف أن هذه التفاعلات غير الرسمية على منصات، مثل سلاك (Slack) أو زووم (Zoom) أو مايكروسوفت تيمز (Microsoft Teams)، يمكن أن تحاكي اللحظات العفوية والمرحة خلال اللقاءات العرضية في ردهة المكتب، التي يفتقدها الموظفون في بيئات العمل عن بُعد. إن المكالمات الافتراضية والاجتماعات عبر الفيديو وسيلة فعالة لتعزيز الروابط والعلاقات بين الموظفين.
5. العب لعبة تحاكي الحياة الواقعية.
تمثل ألعاب بناء الفريق تجارب تفاعلية ممتعة تسهم في تعزيز روح العمل الجماعي والإبداع بين أفراد الفريق. يجب التفكير بعيداً عن ألعاب بناء الفريق التقليدية، مثل لعبة "بينغو" (bingo) وتحديات الحرف اليدوية التي تتطلب من المشاركين صنع أشياء بأنفسهم ومسابقات المعلومات المسلية والألغاز الافتراضية. بدلاً من ذلك، توصي شابيرو باستخدام ألعاب التفكير النقدي التي تحاكي مشكلة غير عادية، مثل البقاء على قيد الحياة بعد حادث تحطم على سطح القمر أو إجراء رحلة استكشافية في القطب الشمالي؛ إذ توفر هذه المواقف فرصة لأعضاء الفريق كافة للعمل معاً والاستفادة من مهاراتهم في التفكير الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكشف المنافسة الصحية عن جوانب مختلفة من شخصيات الموظفين وتعزز العمل الجماعي والإبداعي. تنصح شابيرو أيضاً بقيادة الفريق في جلسة استماع وإحاطة بعد انتهاء اللعبة لتحديد طرق تطبيق مهارات حل المشكلات التي تعلموها على مجالات تعاونهم في العالم الحقيقي.
6. تنظيم أسبوع تفاعلي يحضره أعضاء الفريق شخصياً.
وفقاً لكيسوين، فإن تخصيص فترات زمنية للتجمعات الشخصية المباشرة أمر بالغ الأهمية لتنمية العلاقات والحفاظ عليها في الفرق التي تعمل عن بُعد. من الأمثلة عليها "أسبوع الفريق"، الذي يتضمن تمارين بسيطة لبناء الفريق واجتماعات ثنائية وجلسات عمل تركز على المشاريع، وحتى جلسات جماعية لممارسة تمارين اليوغا إذا كان ذلك يناسب أعضاء فريقك. وتضيف كيسوين أن هذه الفعاليات تسهم في بناء ذكريات إيجابية، وتقول: "بمجرد بناء هذه العلاقات وتشكّل أساس متين من الثقة والتفاهم، يصبح الانخراط في الاجتماعات الافتراضية اللاحقة أكثر سهولة وسلاسة".
أنشطة بناء الفريق بالنسبة للفرق الهجينة
يتطلب ضمان شعور أعضاء الفريق الهجين جميعهم، سواء الذين يعملون داخل المكتب أو الذين يعملون عن بُعد، بالانتماء والتواصل والارتباط إلى مزيد من التخطيط وبذل جهود لوجستية إضافية. تقول كيسوين: "لا يمكننا افتراض حدوث ذلك تلقائياً، بصفتك قائداً للفريق، يجب عليك أن تضع هذا الأمر ضمن أولوياتك". إليك بعض الأفكار للأنشطة والممارسات التي تناسب الفرق الهجينة.
1. إنشاء طقوس ممتعة.
توصي شابيرو ببدء اجتماعات الفريق الهجين بتمارين التفكير الجانبي (Lateral Thinking) والألغاز. يمكن أن يؤدي قضاء 5 أو 10 دقائق فقط في ممارسة هذه الأنشطة إلى مساعدة أعضاء الفريق على التواصل فيما بينهم بطرق جديدة ومختلفة وربما تكوين صداقات جديدة وعلاقات مفيدة وقوية. تشير شابيرو إلى أن هذه الأنشطة تصبح من الممارسات المفضلة لدى الفريق خلال وقت قصير. بالإضافة إلى أنها تشكل طقوساً محببة لأعضاء الفريق تشجعهم على حضور اجتماع الفريق التالي في وقته المحدد لتجنب تفويتها.
2. قدّم لفريقك هدايا تذكارية مصممة خصوصاً للفريق.
تقول هادلي: "يمكن أن تكون الهدايا التي تحمل علامة الفريق التجارية أو شعاره وسيلة بسيطة لكنها فعالة لتعزيز الوحدة والترابط بين أعضاء الفريق وزيادة شعورهم بالانتماء، على سبيل المثال، عندما ترتدي قميصاً يحمل شعار الفريق، فإنك تشعر بأنك جزء من هذا الفريق". بطريقة مماثلة، تسهم العناصر المصممة خصوصاً للفريق، مثل أكواب القهوة، في بناء روابط قوية وملموسة وهوية مشتركة بين أعضاء الفريق تشبه إلى حد كبير رسالة الشركة، بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.
3. شارك قصص البدايات.
تشير كيسوين إلى أن دعوة أعضاء الفريق لمشاركة قصص بداياتهم الشخصية تسهم في تعزيز التفاهم وبناء الروابط القوية بين الزملاء. تتيح هذه القصص للأفراد حرية اختيار المعلومات التي يرغبون في مشاركتها، مثل أسباب انضمامهم إلى المؤسسة أو كيفية اختيارهم لمهنتهم. وتؤكد كيسوين أن عملية مشاركة هذه القصص من خلال العروض التقديمية القصيرة يمكن أن تكشف عن الاهتمامات المشتركة بين الموظفين وتسهم في بناء الروابط والعلاقات فيما بينهم أيضاً. تقول: "إن اكتشاف أوجه التشابه، مثل مسقط الرأس أو الهوايات المشتركة، يمكن أن يؤدي إلى تكوين روابط وعلاقات أعمق".
4. إجراء تقييمات منتظمة لمشاعر الموظفين ومستوى رضاهم عن العمل.
يمكن الاعتماد على برامج التواصل الداخلي أو لوحات متابعة مشاركة الموظفين، وهي أدوات مصممة لتحليل مشاعر الموظفين وأفكارهم حول وظائفهم ومؤسساتهم وفرقهم، بوصفها وسيلة فعالة لقياس مستويات الحماس والطاقة لدى أعضاء الفريق وتقييم شعورهم وآرائهم تجاه ديناميات الفريق. تتضمن هذه الأنظمة غالباً استبيانات قصيرة تحتوي على خيارات للإجابة مثل الرموز التعبيرية (إيموجي) أو الإشارات الضوئية (تشبه إشارات المرور) لتمثيل المشاعر والحالة المزاجية الحالية. يسمح هذا النهج للمدراء بتحديد المشكلات المحتملة واتخاذ الإجراءات اللازمة، ما يؤدي بدوره إلى تعزيز الشعور بالثقة في الفريق. تقول هادلي: "إذا لاحظت وجود عدد كبير من الرموز التعبيرية التي تدل على عدم الرضا، فيجب عليك عقد اجتماع طارئ للفريق". من المهم تحديد جدول زمني ثابت لإجراء هذه الاستطلاعات الدورية لإظهار تقديرك لآراء فريقك. تشير هادلي إلى أهمية عدم جمع البيانات إذا كنت لا تنوي اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
5. حضور أعضاء الفريق للمؤتمرات معاً.
يوفر الذهاب إلى مؤتمر أو ورشة عمل للتطوير المهني فرصة مناسبة لفريقك لخوض تجربة مشتركة. تسهم مثل هذه الفعاليات التي تساعد على بناء الفريق في كسر روتين العمل اليومي، وتشجع على تبادل الأفكار حول المواضيع المتعلقة بمجال العمل، وتعزز العلاقات المهنية بين أعضاء الفريق. تقول هادلي: "يمكنك اكتساب معارف جديدة، بالإضافة إلى بناء علاقات قوية في الوقت نفسه".
أنشطة بناء الفريق بالنسبة للفرق التي تعمل من المكتب
من المهم تعزيز الروابط بين أعضاء الفريق للحفاظ على مشاعر المودة والزمالة والتماسك وروح الفريق، حتى عندما يعمل الزملاء جنباً إلى جنب يومياً، أو في معظم الأيام. فيما يلي بعض الأمثلة على أنشطة بناء الفريق بالنسبة للفرق التي تعمل من المقر المكتبي:
1. دعوة أفراد الفريق لتناول الغداء معاً بانتظام.
تقول هادلي إن تناول الطعام مع الزملاء يسهم في إنشاء نمط تفاعل مختلف ومريح. وتشير إلى أن توفير وجبات الغداء للفريق على أساس شبه منتظم يرسل أيضاً رسالة مهمة من المؤسسة مفادها أننا نريد الاستثمار في هذا الوقت العفوي وغير المخطط له كي تقضوا الوقت معاً وتستمتعوا بصحبة زملائكم.
2. تبادل الخبرات.
تشير هادلي إلى أن برنامج "الغداء والتعلم" المنتظم، الذي يتناوب الزملاء من خلاله على تعليم بعضهم لبعض مواضيع جديدة، يسهم في تعزيز التقدير لمهارات كل عضو في الفريق وخبراته. على سبيل المثال، قد يقدم أحد الزملاء عرضاً تقديمياً حول الذكاء الاصطناعي، في حين يتحدث زميل آخر عن مهارات التواصل الفعال. يضمن التناوب بين المتحدثين توزيع الفرص بالتساوي، ويتيح للجميع فرصة للتألق وإبراز القدرات، ويسمح للأعضاء باكتساب مهارات جديدة.
3. تنظيم تحديات بدنية ممتعة.
تسهم التحديات الجسدية، مثل تسلق الحبال المعلّقة وألعاب البحث عن الكنز وسباقات تخطي الحواجز، في تعزيز الثقة والوحدة بين أعضاء الفريق من خلال تعزيز العمل الجماعي والتواصل وحل المشكلات بطريقة جماعية. تتضمن هذه الأنشطة الخارجية بعض السلبيات المحتملة؛ إذ يمكن أن تكون مكلفة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً وقد لا تكون مناسبة للجميع. تقول شابيرو: "قد يشعر بعض الأشخاص بالخوف من تنفيذ هذه التحديات ويرفضون ذلك، وبالتالي، من الصعب فرضها على أعضاء الفريق وإلزامهم بتنفيذها". لذلك، توصي شابيرو بتوفير أدوار بديلة للأشخاص الذين لا يرغبون في المشاركة مباشرة في هذه التحديات، مثل المراقب أو عضو فرقة التشجيع.
4. مواجهة تحديات إبداعية جديدة معاً.
يساعد بعض الأنشطة، مثل ورش عمل الكوميديا الارتجالية وتحديات حل الألغاز للهروب من الغرفة ودروس الطهو، على رفع معنويات الموظفين، بالإضافة إلى توليد الشعور بالإنجاز بين الزملاء. تقول كيسوين: "حتى الذين يترددون في البداية قد يجدون أنفسهم منجذبين للمشاركة في هذه الأنشطة، لقد مررنا جميعاً بمواقف كنا نتردد فيها بالمشاركة بنشاط ما، لكن بعد أن ننخرط فيه نشعر بالمتعة، ما يؤدي إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين وانخفاض مستويات التوتر لدينا".
5. نفذ مشروعاً لخدمة المجتمع.
تعمل الأنشطة المتعلقة بخدمة المجتمع، مثل تنظيم حملة لتنظيف الحديقة أو التطوع في بنوك الطعام الخيرية المحلية، على تعزيز الشعور بالهدف المشترك بين أعضاء الفريق. تعزز هذه الأنشطة التعاطف والعمل التعاوني بين أعضاء الفريق، وتعمل على تحسين نظرة الموظفين تجاه الشركة.
6. تنظيم فعالية خارج مكان العمل.
يمكن أن يؤدي قضاء الوقت معاً في مكان جديد إلى تقوية العلاقات وتعزيز ديناميات الفريق، حتى بالنسبة للزملاء الذين يرى بعضهم بعضاً طوال الوقت في بيئة المكتب. يؤدي الابتعاد عن روتين العمل اليومي خلال الفعاليات الخارجية إلى توفير استراحة منعشة ومجددة للنشاط ويشجع أعضاء الفريق أيضاً على الاسترخاء والتواصل وبناء علاقات أقوى وأعمق. يمكن أن تجمع هذه اللقاءات الخارجية بين أنشطة بناء الفريق وجلسات العصف الذهني الموجهة، ما يسمح بالعمل واللعب في آن معاً. من الجدير بالذكر أن هذه الفعاليات الخارجية توفر الفرصة لتناول الطعام معاً. تؤكد هادلي أن تناول الطعام معاً يؤدي إلى توفير أجواء مريحة مفعمة بالألفة والتشاركية. تقول: "يتصرف الأفراد بطريقة مختلفة عندما يجتمعون حول المائدة لتناول الطعام معاً".
كيفية التفكير في بناء الفريق
الخبر السار هو أن بناء الفريق الناجح لا يتطلب بالضرورة تنظيم فعاليات مكلفة تستمر مدة أسبوع مثلاً بعيداً عن مكان العمل (على الرغم من ترحيب بعض الزملاء بمثل هذه الأنشطة). تقول هادلي: "حتى الأنشطة والمبادرات الصغيرة يمكن أن تؤتي ثمارها، قد يكون الشعور بالوحدة مشكلة عميقة ومتأصلة، لكن عند النظر إليها من منظور أوسع، فإننا نرى غالباً أن الحلول اللازمة تكون بسيطة وغير مكلفة".
ولكن هذا لا يعني الاكتفاء بالحلول السطحية والسريعة بدلاً من الحلول الجوهرية؛ إذ يتطلب بناء الفريق الناجح تخطيطاً دقيقاً والتزاماً قوياً ورغبة صادقة في التعرف إلى أعضاء فريقك، فهدفك هو بناء ثقافة فريق إيجابية وشاملة.
اتبع نهجاً مدروساً.
تشير كيسوين إلى أهمية التفكير ملياً بكيفية استثمار وقت الفريق والأهداف التي ترغب في تحقيقها، ولا سيما إذا كان لدى بعض الزملاء تحفظات حول فكرة بناء الفريق.
تقول: "قد يرفض بعض الأفراد هذه الأنشطة في البداية ويرون أنها مجرد إجراءات شكلية وسخيفة، لكن بوصفك مديراً، يجب عليك التغلب على هذه التحفظات والاستمرار في تنفيذ هذه الأنشطة، في ظل الظروف الراهنة التي تلت الجائحة، والتي تشهد لقاءات محدودة بين الموظفين، إذ يلتقون شخصياً مرة واحدة فقط في الأسبوع، أو بضع مرات في الشهر، أو حتى في السنة، فقد أصبح من الضروري التركيز على زيادة الوعي بأهمية التخطيط الدقيق للاجتماعات وزيادة فعاليتها".
تنصح كيسوين بتحديد مواعيد الأنشطة خلال ساعات العمل لإظهار احترامك لحياة أفراد فريقك الشخصية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة. يسهم ذلك في ضمان مشاركة الموظفين، الذين تقع على عاتقهم التزامات معينة أو يتحملون مسؤولية رعاية أفراد أُسرهم، في الأنشطة، ما يعزز شعورهم بالانتماء أيضاً.
احرص على تقييم احتياجات فريقك.
يتطلب تحديد الأنشطة الأمثل لفريقك مراعاة حجم الفريق وتوزيع أفراده الجغرافي وميزانية المؤسسة. يعتمد اختيارك لأنشطة بناء الفريق أيضاً على طريقة عمل فريقك، سواء كان يعمل عن بُعد أو يعمل من المكتب أو يعتمد أسلوب العمل الهجين.
يرى الخبراء أنه من الضروري عقد نشاطين شخصيين على الأقل سنوياً للأعضاء الذين يعملون عن بُعد أو يتوزعون في مناطق جغرافية مختلفة لضمان اللقاء الشخصي والمباشر بين الزملاء.
تقول كيسوين: "يجب على المؤسسات، التي توفر المال عن طريق تقليص مساحة المكاتب، إعادة استثمار هذه الأموال في أنشطة بناء الفريق". وتشير إلى الأبحاث التي تُظهر أن التفاعلات الشخصية تساعد على تقوية الروابط والعلاقات بين أعضاء الفريق. تقول: "بمجرد التواصل مع شخص ما شخصياً، يختلف أسلوب تفاعلاتك الافتراضية ومضمونها ويصبح من السهل الاستمرار بالعلاقة".
احرص على إشراك الآخرين في التخطيط.
هل لا تزال غير متأكد من أنشطة بناء الفريق التي ستلقى استحسان الزملاء؟ تقترح شابيرو أن توجه لهم هذا السؤال مباشرة. يؤدي إشراك أعضاء الفريق في عملية التخطيط إلى ضمان مشاركتهم الفعالة ويتيح لك تصميم الأنشطة بحيث تتناسب مع شخصيات أعضاء فريقك واهتماماتهم المختلفة.
تقول: "يمكنك فهم تفضيلات الفريق على نحو أفضل من خلال الاستفادة من آراء الأعضاء ووجهات نظرهم، فبعض الأشخاص يفضلون الأنشطة الترفيهية والتفاعلية التي تتسم بالانفتاح، في حين قد يفضل الآخرون الأنشطة التي تركز على العمل فقط".
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يقدم زملاؤك ملاحظات وخبرات قيّمة. تقول: "قد يكون لدى بعض أعضاء فريقك خبرة في العمل في مؤسسات مختلفة، وبالتالي، قد يمتلكون رؤى حول الممارسات الفعالة بناءً على تجاربهم السابقة".
حدد القواعد الأساسية.
تقول كيسوين: "من المهم وضع إرشادات ومبادئ واضحة لأنشطة بناء الفريق، ما يساعد على إدارة التوقعات ويضمن تجربة منظمة وفعالة للغاية".
يمكن أن تتضمن هذه القواعد والمعايير الجماعية إجراءات بسيطة وواضحة ومباشرة، مثل أخذ فترات راحة منتظمة وضمان حصول الجميع على فرصة للتحدث والتركيز على المشاركة في الأنشطة دون الانشغال بأمور أخرى. الهدف من ذلك هو ممارسة الشمولية والاستماع الفعال والتركيز.
تقترح كيسوين أيضاً تطبيق سياسة عدم استخدام الهواتف الذكية في أثناء أنشطة بناء الفريق، فعملية تكوين العلاقات تتطلب التفاعل والمشاركة الفعالة. تقول: "إذا سمحنا لأنفسنا بالانغماس في استخدام أجهزتنا، فلن نتمكن من التواصل والتفاعل الحقيقي مع الآخرين".
حدد الجو العام للفريق والأسلوب المناسب وطريقة التفاعل.
أخيراً، بصفتك مديراً، يجب عليك إظهار الحماس الحقيقي والالتزام القوي تجاه أنشطة بناء الفريق. كن قدوة، إذ سيتبعك أفراد الفريق ويقلدون سلوكك وأفعالك. تقول هادلي: "انتبه إلى كيفية ظهورك أمام الآخرين والانطباع الذي تتركه وتجنب إعطاء انطباع بأن أنشطة بناء الفريق تشتت الانتباه عن العمل". لا تتنهد بعمق ولا تنتقد أو تصدر أصواتاً تعبّر عن الاستياء أو التذمر وتجنب إظهار أي انطباعات سلبية. إذا كنت تظهر علامات على عدم الصبر مثل النظر إلى ساعتك باستمرار والإدلاء بتعليقات سلبية غير مباشرة، مثل التعبير عن قلقك بشأن صعوبة إنجاز جدول الأعمال، فلن تنجح هذه الأنشطة. بصفتك مديراً، تقع على عاتقك مسؤولية تحديد الجو العام للفريق والأسلوب المناسب وطريقة التفاعل".
نأمل أن تزودك هذه الاقتراحات بأفكار يمكنك تعديلها بما يتناسب مع حجم فريقك وتطلعاته واهتماماته والظروف المحيطة به. تذكّر أنه ليس من الضروري أن تكون هذه الأنشطة مكلفة أو شديدة التنظيم والتعقيد، المهم هو أن تكون لديك رغبة حقيقية في بناء الفريق. انتبه لاحتياجات أعضاء فريقك واحرص على إشراك زملائك في التخطيط وأظهر اهتماماً صادقاً وحقيقياً بالتعرف إليهم، بهذه الطريقة ستسهم في بناء ثقافة فريق إيجابية وشاملة تعالج الشعور بالوحدة وتساعد الجميع على تحقيق النجاح معاً.