ملخص: استخدم مطورو التكنولوجيا على مدى العقدين الماضيين المنهجية المرنة لرفع فعالية العمل، ونظراً لأن فرق المبيعات تعمل تحت ضغط شديد وتواجه مبادرات التغيير والتحولات الاستراتيجية، فاللجوء إلى دورات العمل القصيرة التي انتشرت مع تطبيق منهجية أجايل قد يساعدها في التركيز على الأولويات التي تحقق النتائج؛ ينطوي ذلك على إيقاع متناغم من الاجتماعات الأسبوعية المنظمة بين المدير ومندوب المبيعات.
فرضت الوتيرة المتسارعة لعالمنا الرقمي على شركات المبيعات تخصيص كميات كبيرة من الموارد وبذل جهود أكبر في المبادرات الاستراتيجية، سواء كنا نتحدث عن تغييرات شاملة (مثل إعادة تنظيم فريق المبيعات أو التحول إلى أسلوب التفاعل الهجين مع العملاء، الذي ينطوي على التفاعلين الرقمي والشخصي) أو تغييرات أقل زعزعة (مثل تقديم حصص مبيعات جديدة أو اعتماد تقنيات مبيعات جديدة)، فالعائق الأساسي أمام تحقيق الأثر المنشود هو عدم التميز في التنفيذ.
لكن فرق المبيعات تجد صعوبة في تنفيذ الاستراتيجيات الجديدة لأن مهام إدارة المبيعات متعددة ومتشعبة وتواجه خيارات ومواعيد مختلفة لأدائها. ومندوب المبيعات الذي يتعامل مع إلحاح طلبات العملاء ومدراء المبيعات والتسويق، إضافةً إلى المنبهات التحفيزية الرقمية، يتشتت تركيزه في اتجاهات مختلفة ومتعارضة، عندئذ يختار تنفيذ مهام أسهل، مثل اللجوء إلى العملاء الذين يسهل التعامل معهم ويحققون زيادة متواضعة في الأرباح، أو التركيز على تحقيق مكاسب صغيرة قصيرة المدى بدلاً من ملاحقة فرص مبيعات أكبر على المدى الطويل. كما يفكر مندوب المبيعات مرتين قبل تطبيق أساليب بيع جديدة، خشية أن تزعزع طريقته الناجحة في كسب العملاء. وفي عالم المبيعات، لا تتحقق النتائج، خاصةً في الصفقات الكبيرة، إلا بعد أسابيع وأشهر من عمل مندوب المبيعات على تمهيد السبل إليها.
كان الحل الذي ساعد العديد من فرق المبيعات على سد فجوات تنفيذ البيع هو ما سمي بـ "مراحل البيع القصيرة"؛ وهي فترات زمنية من أسبوع إلى أسبوعين، تتحدد خلال اجتماع مدير المبيعات بمندوب المبيعات، أو بفريق المبيعات الذي يستهدف أحد العملاء. والهدف من تقسيم الاستراتيجيات والأهداف إلى مهام صغيرة تسهل إدارتها هو مساعدة فرق المبيعات على التركيز وتحمل المسؤولية عن عملها. هناك أوجه تشابه بين مراحل البيع القصيرة ومراحل العمل القصيرة في منهجية أجايل بشركات تطوير التكنولوجيا؛ فكلاهما يقسم العمل إلى مهام صغيرة ويجتمع فريق العمل دورياً لرصد التقدم وتعديل المسار إن لزم الأمر ذلك. ولكن على عكس مراحل العمل القصيرة في منهجية أجايل، التي تستخدم للمشاريع ذات البداية والنهاية المحددة مسبقاً، تعد مراحل البيع القصيرة جزءاً من عمل الإدارة المتسق والمتواصل لتحسين عمليات تعزيز القيمة للعملاء وزيادة المبيعات.
ثم أن منهجية مراحل البيع القصيرة تعني مساراً مباشراً للبيع، وهي كذلك فعلاً. ومع ذلك، يتطلب التنفيذ الناجح عملاً جاداً. إضافةً إلى ذلك، فإن فعالية مراحل البيع القصيرة تتحقق عندما تكون جزءاً لا يتجزأ من وتيرة عمل الشركة؛ فلا يمكن تكليف فرق المبيعات بما يفوق طاقتها من الواجبات الإدارية. إن أفضل نموذج لمراحل البيع القصيرة هو الذي تدعم جهوده منصة رقمية مركزية تربطه ببرامج إدارة المبيعات، بما في ذلك التعامل السليم مع فرص المبيعات القائمة وتحديد الأهداف والتوجيه والتدريب والمكافآت. ويجب على مدراء المبيعات التعاون مع بقية مدراء الشركة، للاستفادة من أفكارهم وخبراتهم.
تطبيق عملي لمراحل البيع القصيرة
تمتلك شركة تصنيع الفولاذ والكابلات العالمية، دياسيرو (Deacero)، تشكيلة منتجات متنوعة وتربطها بعملائها علاقات دائمة. ولتحقيق مستهدفات النمو القوي، أرادت الشركة تغيير أسلوب المبيعات التقليدي؛ أي تواصل مندوب المبيعات بالعميل ثم اللجوء لأساليب التفاوض لبيعه منتجاً أو خدمةً، لتركز فرق المبيعات على تلقي طلبات شراء لما هو متاح في المخزون. فقد أدركت الإدارة العليا حاجتها إلى استراتيجية جديدة، ترصد اتجاهات السوق وتحدد أولويات عملائها، ثم توفر لهم ما يطلبون وتزودهم به.
هكذا، أطلقت دياسيرو برنامجاً أسمته "اربح الأسبوع"، يهدف إلى تنفيذ مراحل بيع سريعة ينتج عنها بالتدريج إتاحة قدرات جديدة لفرق المبيعات، مثل إدارة حسابات العملاء الرئيسين، وبيع الحلول، واستحداث أنشطة، مثل تحديد أولويات العملاء والتخطيط لها. فقد أرادت الشركة ضمان تركيز مندوب المبيعات على فرص كل عميل واحتياجاته. وبعد جلسة تدريبية قصيرة، استخدم مدراء المبيعات منهجية مراحل العمل القصيرة لتوجيه مندوبي المبيعات لتحديد مجموعة الدفعات المقدمة التي يسددها العملاء وإكمالها لزيادة قيمة فرص المبيعات القائمة مع عملاء محتملين.
من ثم، جدول المدير اجتماعات أسبوعية مع كل مندوب مبيعات، عادةً ما كانت تعقد في نهاية كل أسبوع عمل، على مدار 50 دقيقة، لمناقشة ثلاثة أسئلة:
- ما الذي حدث؟ مثلاً، كيف كانت نتيجة الخطوات المخطط لها في الأسبوع الماضي؟ ما مدى تقدمنا في تحقيق فرص المبيعات القائمة ومجالات النتائج الأساسية؟ ما الذي تعلمناه عن العملاء والسوق؟
- ما الخطوة المقبلة؟ على سبيل المثال، من هم العملاء، المحتملين والحاليين، الذين ينبغي لنا التركيز عليهم خلال الأسبوع المقبل؟ ما الخطوات اللازم اتخاذها؟ ما العروض والقيمة التي علينا تقديمها لهم؟ ما هي الدفعات المقدمة التي علينا تحصيلها من العملاء أو التقدم الذي نسعى إليه معهم؟
- ما دور المدير؟ مثلاً، ما الذي بمقدور المدير تنفيذه دعماً للجهود المخطط لها في الأسبوع المقبل؟ ما الدعم المطلوب من بقية إدارات الشركة؟
لجأ مدراء المبيعات إلى إجراء مباحثات سريعة مع مندوبي المبيعات لمساعدتهم على تقسيم استراتيجيات المبيعات الأكبر والأشد تعقيداً، مثل زيادة مبيعات مجموعة المنتجات، إلى أنشطة أبسط وأكثر قابلية للإدارة وأشد تركيزاً على اغتنام الفرص، مثل حل البيع (أ) في السوق الرأسي (ب) للعميل (ج)، بالاجتماع مع صانع القرار (د)، والاستفادة من عرض القيمة (هـ). وحرص المدراء على أن يكون موضوع الاجتماعات الأسبوعية الأساسي هو استعراض حسابات العملاء التي أظهرت أعلى إمكانات نمو. كما ركزت مناقشات التخطيط على الطريقة التي تلبي بها مجموعة منتجات دياسيرو احتياجات حسابات العملاء الرئيسة على أكمل وجه.
شجع نجاح فريق المبيعات في تنفيذ مراحل العمل القصيرة الشركة على تطبيقه مع المزيد من الفرق وعبر مستوياتها التنظيمية. وتعاون المسؤولون التنفيذيون في إدارات المبيعات والتسويق والتصنيع عبر اجتماعات نصف شهرية سريعة في توجيه الشركة إلى اغتنام فرص بعينها في السوق. عقب ذلك، تعاون تنفيذيو المبيعات مع مدرائهم لتقسيم التوقعات ربع السنوية إلى مؤشرات أداء رئيسة أساسها مندوب المبيعات.
ودعمت دياسيرو منهجية مراحل العمل القصيرة بمنصة كفؤة لإدارة علاقات العملاء. لقد أحدثت الشركة تحولاً في العقلية والعمليات حتى تنتج ما يحتاج إليه السوق، لا أن تبيعه ما أنتجته فعلاً.
وكانت النتائج ممتازة؛ فبزيادة التركيز على تحصيل دفعات مقدمة من العملاء، باع مندوبو المبيعات ما متوسطه 8% زيادة في فئات المنتجات لكل عميل. خلال الأشهر الستة الأولى التي أعقبت تطبيق الاستراتيجية الجديدة، حقق مندوبو المبيعات في الشركة أهداف المبيعات وتجاوزوها، بعد أن ظنوا في البداية أنها بعيدة المنال، فارتفعت الإيرادات بنسبة 16%.
أسباب فعالية مراحل البيع القصيرة
هذه آراء مندوبي المبيعات ومدراء المبيعات حول تحقيق النتائج بفضل المنهجية.
- انتقل من صياغة الاستراتيجية إلى تنفيذها: "كانت خططنا الربع السنوية أقرب إلى تسديد خانات وحسب. لم أكن أراجعها بعد وضعها أبداً، لأن منهجية مراحل البيع القصيرة أكسبت الخطط ديناميكية وقابلية التنفيذ".
- تعاون مع جميع إدارات الشركة: "لم يسبق لي خوض مثل هذا النقاش. تشارك فرق المبيعات والتسويق في اجتماعات عصف ذهني لتخرج بأفكار مثمرة للغاية".
- اربط الرؤى بالإجراءات: "كان نهجنا السابق عاماً للغاية وبعيداً عن واقع السوق. في المقابل، تساعدنا منهجية دورات البيع القصيرة على مواكبة متطلبات السوق واحتياجاته، والتركيز على الإجراءات ذات الأولوية في تحقيق أهداف مبيعاتنا".
- ركّز على العميل: "يساعدني التخطيط الأسبوعي الذي يضعه صناع القرار لعميل بعينه، حيث أركز على أبرز نقاط كل مناقشة في هذا الصدد، فلا يخرج أي شيء من الحسبان.
تستفيد الشركات في شتى القطاعات، مثل التصنيع والتكنولوجيا والرعاية الصحية والخدمات المهنية، في سعيها إلى تحقيق معدلات نمو أعلى في عالم رقمي سريع التغير، من منهجية مراحل البيع القصيرة في الربط بين وضع استراتيجياتها المتغيرة دوماً وتنفيذها. ولا يقف طموحها عند هذا الحد، فهي تعمل على تسريع وتيرة نجاح منهجيتها هذه بدعمها، انطلاقاً من تضافر جهود إدارات الشركة، وتنفيذ خطط مكافآت محفزة تواكب استراتيجيات النمو، وبذل الجهد في رصد الكيفية التي تدار بها علاقات العملاء والتحكم فيها وقياسها لتحديد أوجه القصور في مسارات المبيعات. هكذا تربط منهجية مراحل البيع القصيرة بين وضع استراتيجية الشركة وتنفيذها، من ثم تحقق القيمة لعملائها، حتى تحقق أرباحاً مع نهاية كل أسبوع، وكل فصل، وكل عام.