ملخص: تناولت إحدى الدراسات عادات نحو 5,000 محترف مبيعات يعتمد مصدر رزقهم على قدرتهم على إعداد عروض تقديمية مقنعة وإلقائها. وكشفت النتائج عن 12 خطأً شائعاً أبلغ عنها المشاركون في الدراسة ذاتياً باستمرار. ونستعرض فيما يلي أهم 3 أخطاء يجب تجنُّبها عند إلقاء عروض تقديمية بمجال المبيعات: الإفراط في تقديم المعلومات على حساب الإقناع، والفشل في إتمام عملية البيع، و"الارتجال".
ما من مهارة تجارية أهم من التواصل الفعَّال عند العمل بمجال المبيعات، خاصة فيما يتعلق بإلقاء العروض التقديمية، سواء كنت تلقي عرضاً تقديمياً وجهاً لوجه أو عبر الهاتف أو عبر إحدى منصات مؤتمرات الفيديو؛ فالدخول في صلب الموضوع والانسجام مع الآخرين بسرعة وإلقاء خطاب ترويجي قوي يصنع الفارق بين المضي قدماً في إتمام عملية تجارية أو خسارة فرصة كانت سانحة.
لا بد من التجربة والخطأ لإتقان فن إلقاء عروض تقديمية رائعة؛ إذ يرغب معظم الناس في تحسين عروضهم التقديمية، لكنهم لا يعرفون من أين يبدؤون، ويكمن التحدي في أن المرء لا يستطيع تحسين ما لا يعتبره مشكلة.
وقد تناولنا في دراسة مكوَّنة من 3 مراحل واستمرت أعواماً عدة عادات نحو 5,000 مختص بمجال المبيعات يعتمد مصدر رزقهم على قدرتهم على إعداد عروض تقديمية مقنعة وإلقائها. استقصينا آراء كلٍّ من المختصين المبتدئين والمتمرسين وحددنا 12 خطأً شائعاً أبلغ عنها المشاركون في الاستقصاء ذاتياً باستمرار. وإذا أردت تحسين نتائج عروضك التقديمية، فلا بد من الوعي بأهم 3 من هذه الأخطاء لمساعدتك على التعرف إليها وتجنبها كلها في النهاية.
الخطأ الأول: الإفراط في تقديم المعلومات
هل شعرت يوماً بأن العملاء المحتملين يُبدون فضولاً بشأن ما تبيعه، وربما يثنون عليك عند إلقاء عرض تقديمي غني بالمعلومات، لكنهم قلما يوافقون على الشراء أو يتخذون خطوة تعكس مضيهم قدماً في إتمام الصفقة؟ لست وحدك مَن يتعرض لهذا الموقف، وربما يرجع السبب إلى ارتكابك خطأ الإفراط في تقديم المعلومات.
يطلق الباحثون على هذا الخطأ أيضاً اسم "الإغراق بالبيانات"، وهو أحد أبرز الأخطاء في دراستنا. يحدث الإغراق بالبيانات عندما يحشو المتحدث عرضه التقديمي بكمٍّ مُبَالَغ فيه من المعلومات، غالباً دون سياق أو تفسير مناسب. ومن أمثلته ما يلي:
- تمتد خبرتنا في هذا المجال أكثر من 100 عام.
- لدينا مجموعة واسعة من الخيارات.
- لدينا فريق على أعلى مستويات الخبرة من المختصين.
- لدينا خدمة عملاء رائعة.
على الرغم من أن معرفة هذه النقاط قد تكون مفيدة، فإنها لا تسهم بفعالية في صناعة القرار أو تحويل عميل محتمل إلى مشترٍ. وقد اعترف العديد من محترفي المبيعات الذين شملهم الاستقصاء بأن هذا الخطأ قد تسبب في خسارتهم ربحاً أو صفقة أو فرصة.
ما يجب فعله بدلاً من ذلك
تقتضي طبيعة دور محترف المبيعات امتلاك معلومات وافرة إلى جانب القدرة على الإقناع والترويج لتصورات أو منتجات أو خدمات أو قضايا أو طرق تفكير معيّنة. ومن هنا تتطلب وظيفتك بحكم طبيعتها صياغة رواية مقنعة تلهم المستمعين للعمل معك ومع مؤسستك وقبول ما تقدمه لهم. ولتحقيق هذه الغاية عليك ربط المعلومات الدامغة بالحجج المقنعة.
عند صياغة رسالتك، اسأل نفسك: لماذا يحتاج المستمع إلى ما تقدمه؟ ثم اكتب قائمة بأبرز نقاط الحديث التي تُظهر للمستمع كيف ستلبي هذه الاحتياجات.
على سبيل المثال، لنفترض أنك تبيع منتجاً أو خدمة يمكن أن توفر وقت عميلك المرتقب. توفير الوقت هو السبب هنا. وإذا ركزت على كيفية توفير قدر كبير من الوقت في مؤسسته، ثم دعمت هذا الادعاء بتقديم أدلة تثبت كيف يسهم منتجك أو خدمتك في رفع مستوى الكفاءة، فستكون رسالتك أكثر إقناعاً بمراحل.
سيساعدك هذا التعديل البسيط على تقديم حجج أقوى وأكثر ارتباطاً بما يلبي احتياجات مستمعيك.
الخطأ الثاني: الفشل في إتمام عملية البيع
هل أنت من النوع الذي يُنهي عرضه التقديمي بتقديم خاتمة أم بالدعوة إلى إتمام عملية البيع؟ الخاتمة أشبه بملخص عام للعرض التقديمي، أما الدعوة إلى إتمام عملية البيع فهي دعوة محددة لاتخاذ إجراء: ما الذي تريد من المستمع فعله استجابةً للرسالة التي وجّهتها إليه تواً؟
على الرغم من أن محترفي بيع كثيرين يخشون أن ينظر إليهم المستمعون على أنهم من محبي "الترويج الشرس"، فمن نحو 5,000 مشارك في الدراسة، ذكر 2,336 مشاركاً أنهم "قدموا خاتمة دون أن يدعوا إلى إتمام عملية البيع"، ما يعني أنهم يهملون مطالبة مستمعيهم باتخاذ إجراء من نوع ما في نهاية عروضهم التقديمية. وعندما تحين اللحظة المناسبة، يرتكبون مجموعة واسعة من الأخطاء التي تشمل التحدث إلى المحيطين بهم أو التحدث كثيراً أو الاكتفاء بشكر المستمعين على وقتهم وقول شيء على غرار: "إذا كانت لديكم أي أسئلة أو تريدون المضي قدماً، فاتصلوا بي".
لكن عبارة "اتصلوا بي" ليست دعوة لإتمام عملية البيع.
ما يجب فعله بدلاً من ذلك
يرفض بعض مندوبي المبيعات فكرة "الدعوة لإتمام عملية البيع"؛ لأنهم يرون أن مطالبة المستمع باتخاذ إجراء مثل هذا في نهاية العرض التقديمي سلوكٌ أخرق أو محرج، ويخشون أن ينظر إليهم المستمع على أنهم انتهازيون، لذلك ينأون بأنفسهم عن هذا المطلب تماماً، لكن الدعوة لإتمام عملية البيع لا تقع ضمن أيٍّ من هذه الفئات بالضرورة.
إن أردت الدعوة لإتمام عملية البيع بأمان، فعليك أولاً أن تعترف بأن مطالبة عميلك المرتقب بفعل شيء ما هو جزء من وظيفتك. قد يكون الأمر بسيطاً، كأن تقول: "هل ترغب في المضي قدماً في ____؟" ثم استعرض الخطوة التالية في العملية، سواء كانت تحديد موعد فيما بعد أو توقيع اتفاقية أو طلب تعارف أو أي شيء ضروري للحفاظ على تطوير العلاقة.
الخطأ الثالث: الارتجال
الارتجال هو إلقاء عرض تقديمي عموماً دون إعداد مسبّق. وقد أثبتت نتائج دراستنا أن محترفي المبيعات الذين ارتكبوا خطأ "الارتجال" فشلوا باستمرار في فعل 3 أشياء: الاستعداد والممارسة والدخول في الحالة المزاجية المناسبة مسبّقاً. ونتيجة لذلك، بدوا غير منظمين وبعيدين عن صلب الموضوع وغير مستعدين أمام العملاء الذين كانوا يهدفون إلى التواصل معهم وإقناعهم.
يرتكب معظمنا خطأ الارتجال في مرحلة ما. يحدث هذا غالباً عند التسويف ونفاد الوقت، أو ربما ينبع من الثقة المفرطة، مثلما يحدث حينما تشعر بأنك لا تحتاج إلى التدرُّب أو الاستعداد. وقلّما يؤدي الارتجال إلى نتائج مثالية أياً كانت أسبابه.
ما يجب فعله بدلاً من ذلك
يبدأ الإعداد قبل أن يحين موعد إلقاء العرض التقديمي بوقت طويل. ادرس الفرصة التي أتيحت لك جيداً وحدِّد هدفك أو نيتك. ومثلما أشرنا في النقطة الأولى، عليك أن تخصص بعض الوقت للتركيز على كيفية ربط احتياجات عملائك بأفضل العروض المتاحة لديك، واستخدم هذه المعلومات لإعداد مخطط تمهيدي لعرض تقديمي مقنع.
الممارسة عنصر ضروري لإلقاء عرض تقديمي ناجح. ومثلما يُجري الممثلون المسرحيون بروفاتهم على خشبة المسرح، خصِّص أنت أيضاً وقتاً للمراجعة والتدريب العملي. قد يعني ذلك اختيار الملابس التي تخطط لارتدائها في أثناء إلقاء العرض التقديمي والتدرُّب على إلقاء النسخة الكاملة بغرض المراجعة والتنقيح.
قبل دخول الغرفة في يوم الحدث، من المفيد أيضاً أن تصفّي ذهنك وتوجّه تركيزك كله لموضوع العرض التقديمي. لا تدخل فجأة مصطنعاً الثقة بالنفس، بل تريث قليلاً إلى أن تستجمع تركيزك، ودعك من أي شيء يشتت انتباهك.
على سبيل المثال، إذا كنت تواجه مشكلات شخصية أو تخشى إهدار الفرصة أو تهاب الشخص الذي ستلتقيه، فخذ نفساً عميقاً، وتصور أنك حققت نتيجة جيدة، وركز طاقتك وجهدك على المهمة التي بين يديك. وتذكّر مقولة "إن تشتيت ذهنك هو عدوك، وتركيزك هو سلاحك".
تصنع هذه الخطوة الصغيرة فارقاً كبيراً في تحسين النتائج.
تحقيق نتائج أفضل
سواء كنت مبتدئاً أو محترفاً متمرساً، فإن التعلم بطريقة غير مباشرة من خلال الآخرين يساعدك على تقييم المشكلات التي تكتنف عروضك التقديمية بسرعة وإجراء تصحيحات بسيطة يمكنها توسيع نطاق تأثيرك وتحقيق نتائج أفضل. نمر جميعاً بأيام جيدة وأخرى سيئة، ولا بأس بذلك. لست مطالباً بالمثالية كي تكون فعالاً. الرسالة التي أريد توصيلها هنا هي أن تستعد جيداً قبل إلقاء العروض التقديمية.