أرسل دوغلاس كونانت خلال فترة عمله رئيساً تنفيذياً لشركة "كامبل" (Campbell) أكثر من 30 ألف ملاحظة شكر مكتوبة بخط يده إلى موظفيه، لأنه كان يعتقد أن رسائل الشُكر تحسّن الروح المعنوية والإنتاجية. الأبحاث الحديثة بيّنت أنه كان على حق، إذ قاد خبير علم النفس التنظيمي آدم غرانت تجربة عبّر فيها الطّلاب عن امتنانهم لمن ساعدهم مالياً خلال مسيرتهم الجامعية، والنتيجة كانت جمع أموال أكبر بنسبة %171 مقارنة بمن لم يتلقوا أي شُكر، وفي دراسة أخرى وردت في هذا العدد، اندمج الموظفون الجدد في بيئة العمل التي يبدي فيها القادة الشكر والامتنان بنسبة %70 مقارنة بالمؤسسات التي لا يشكر فيها المدراء الموظفين (%27).
طبعاً الامتنان والشكر لا تقتصر ممارسته من الرئيس نحو المرؤوسين، بل إن الشركات الناجحة تحرص على ترسيخه كعادة بين الزملاء على كل المستويات الوظيفية. والباحثون من جامعة كارولينا لخّصوا كيفية التعبير عن الامتنان في طريقيتيْن رئيسيتين: الأولى التقدير والثناء على الشخص الذي ساعدك (مدح الآخر)، والثانية هي وصف كيف أفادتك المساعدة (المنفعة الذاتية). الباحثة، فرانشيسكا جينو، قادت دراسة توصلت إثرها إلى أنه "عندما لا تشكر الآخرين على مساعدتهم لك، ستقلل استعدادهم لمساعدتك إلى النصف"، وقد تؤدي بيئة العمل التي يشّح فيها الشعور بالتقدير إلى ظهور أعراض خطيرة مثل الاحتراق الوظيفي والاستقالة الصامتة.
من زاوية علم النفس، فإن أستاذ علم النفس من جامعة كاليفورنيا روبرت إيمونز يؤكد أن ستة حروف (شكراً لك) يمكن أن تغيّر حياتنا، حيث أثبت علمياً أنّ من يتسّم بثقافة الشُكر والامتنان للآخرين يتمتع بصحة أفضل، لأنه يميل للاعتناء بنفسه أكثر، وجودة نومه أفضل، ويمرض أقل من غيره.
يقول الكاتب المصري طه حسين في كتابه "جنّة الشوك": "إنّ الصنيعة لا تزال محتفظة بقيمتها ما دام شُكرها يسيراً، فإذا جلت عن الشكر جُوزيت بالكفر والجحود".