ماذا تفعل عندما يفاجئك موظف جيد بطلب الاستقالة؟

7 دقيقة
الاستقالات غير المتوقعة
shutterstock.com/Leremy

بينما أنت في مكتبك ظهيرة آخر يوم عمل قبل عطلة نهائية الأسبوع، إذا بموظفة لديك تدخل إلى المكتب وتطلب مناقشتك في أمر خاص. وسرعان ما تخبرك بأنها وجدت وظيفة أخرى وستغادر الشركة. فماذا سيكون ردك، بعد أن تتغلب على الصدمة؟ كيف تغطي مسؤولياتها في العمل؟ وكيف تضمن ألا يتحمل بقية الفريق أعباء العمل عند مغادرتها؟

رأي الخبراء

تفرض الاستقالات غير المتوقعة تحديات كبيرة أمام القادة، ولا سيّما الذين لم يعتادوا التعامل معها. تقول رئيسة شركة كارير استراتيجيز (Career Strategies) الاستشارية الأميركية، بريسيلا كلامان، التي أسهمت في وضع "دليل هارفارد بزنس ريفيو للحصول على الوظيفة المناسبة" (HBR Guide to Getting the Right Job): "من المحتمل أن يكون هذا إحباطاً لم تواجهه منذ مدة طويلة، وإذا كنت مديراً جديداً نسبياً، فربما لم تختبر هذا الأمر من قبل". فرحيل الموظفين المفاجئ تجربة صعبة على النفس. وتقول الأستاذة الإكلينيكية المشاركة في الإدارة والتنظيم بجامعة نيويورك ستيرن، أنات ليشنر، إنك إذا اعتدت الاعتماد على ذلك الموظف، "فقد تشعر بأنه تخلى عنك فأصبحت وحيداً. لم يعد بجانبك الشخص الذي كنت تعول عليه، نفسياً وعملياً". لذلك، أقدّم لك فيما يلي نصائح تساعدك في إدارة هذه المرحلة الانتقالية المفاجئة بسلاسة قدر الإمكان.

اعرف الإجراءات المتبعة

أول ما يلزمك هو فهم الإجراءات التي تتبعها إدارة الموارد البشرية في شركتك في هذه المواقف. تقول كلامان: "تتبع بعض الشركات سياسة تقضي بأنه بمجرد استقالة الموظف، يقص قسم الموارد البشرية بطاقته التعريفية إلى نصفين، ثم يتصل بأمن الشركة لمرافقته إلى خارج مقر الشركة". وتطلب شركات أخرى من الموظف تحديد مدة إشعار قبل سريان الاستقالة، وعادة ما تكون أسبوعين، كما هو منصوص عليه في عقد العمل. ترى كلامان أن مدة الأسبوعين هي الشائعة، ولكن إذا كان الموظف يغادر منصبه لمنصب داخلي، "فهناك مرونة للتفاوض حول مهلة أطول". وتقول إنه من الجيد أن تطلب من الموظف البقاء في منصبه مدة أطول، "لكن لا تتوقع مرونة من جانبه. ربما اتفق في الشركة الأخرى فعلاً على تاريخ محدد لبدء العمل". وتضيف: "قد يدفعك الموظف الذي يفاجئك بالاستقالة إلى التساؤل عما إذا كنت تريد هذا الشخص في الشركة بعد الآن".

لا تفصح عن مشاعرك

تنصحك كالامان بكبح جماح مشاعرك عندما تسمع الخبر، فلا تسأل: ماذا؟ ما هو السبب؟ لماذا لم تخبرني مسبّقاً؟ وتقول إن عليك بدلاً من ذلك أن "تلتقط أنفاسك بهدوء، وتتجاهل استياءك، وتبذل قصارى جهدك للتحدث إليه بود وتفّهم حول خططه المستقبلية". وتشرح كالامان أن بيئة العمل المعاصرة "اعتادت مشهد رحيل الموظفين وتعاقبهم وتدويرهم مراراً وتكراراً، لذا من المهم الحفاظ على سلامة العلاقات". أما ليشنر إنك فتقول إذا وجدت صعوبة في تفاعلاتك مع الموظف واستشعرت جفاءً وتعجلاً في الرحيل، "فعليك إنهاء الموقف بأقل الخسائر". وتوصيك بأن تقول له عبارة مثل: "أقدّر ما قدمت من جهد بنّاء وأتفهم أنك مررت بوقت عصيب هنا. لذا، علينا تسوية الأمر بكل احترام، حفاظاً على سمعتك وسمعتي". وتضيف ليشنر: "تعامل مع الموقف على نحو صحيح، فلا تبقى بينكما ضغينة".

اطلب تفسيراً منطقياً

تؤكد ليشنر أن الإحاطة بأسباب قرار الموظف ضرورية. وتقول: "إنك لن تتمكن من إقناعه بالتراجع عن قراره غالباً". في بعض الأحيان، يمتلك الموظف عرض عمل أفضل، وقد حسم قراره فعلاً. ولكن، قد تضع يدك في أحيان أخرى على معلومات جديدة، من شأنها أن "تساعدك على حل المعضلة". فعلى سبيل المثال، قد تعلم أن موظفة تستقيل لأسباب شخصية: انتقل زوجها إلى مدينة جديدة لظروف عمله، أو أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت لرعاية أمها العجوز أو أبيها المسن. عندئذ، تظهر أمامك خيارات وحلول لموقف كهذا. فربما يمكنها العمل عن بُعد، أو أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر. تقول ليشنر: "يمكنك أن تطرح عليها اقتراحاتك، لأنها ربما لم تفكر فيها من قبل".

فكّر في أن تقدم عرضاً مضاداً، أو أن تتجاهل ذلك

تقول ليشنر إن مسألة تقديم عرض مضاد تعتمد على "قدر أهمية هذا الموظف لك ومدى اختلال العمل نتيجة غيابه". لكن الخبيرتين تحذران من أن العروض المضادة غالباً ما تؤدي إلى نتائج عكسية. تقول كلامان: "الموقف أشبه بزوجين كانا على وشك الطلاق لكنهما تصالحا. لكن من الصعب أن يثق المرء مجدداً بشخص فكّر في الرحيل". وتضيف أن الاستراتيجية الأفضل هي "الحفاظ على علاقة" مع الموظف المغادر ثم "إعادة توظيفه في غضون عام". "قل: "لقد اشتقنا إليك. ونود أن نرحب بك بيننا من جديد".

تعاون وتواصل

لا سيطرة لك على طريقة تفاعل بقية الموظفين مع الخبر، لكن يمكنك التحكم في طريقة تعريفهم بالخبر. وتقترح كلامان التحدث إلى الموظف المستقيل حول أفضل طريقة للإعلان عن خبر استقالته. "اطلب منه مناقشة ما سيتحدث عنه كلاكما أمام الموظفين". هل يفضل الموظف إبلاغ الآخرين وجهاً لوجه؟ هل ترغب، بصفتك المدير، في إعلان الخبر في اجتماع مشترك بين الإدارات؟ هل ينبغي تعميم الخبر في رسالة عبر البريد الإلكتروني؟ تقول ليشنر إن عليك أن تكون صادقاً صريحاً عند إبلاغ بقية الأطراف المعنية بخبر الاستقالة. اشرح ظروف الاستقالة بعبارات واضحة، وأكد لهم "أنكم تعملون بجد لإيجاد بديل مناسب وتبذلون قصارى جهدكم لجعل الانتقال سلساً قدر الإمكان".

انقل المعرفة

الآن لديك بعض القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها حول كيفية تقسيم المسؤوليات إلى حين تعيين بديل عن الموظف المستقيل. تقول كلامان إن عليك ألا تتجاهل حقيقة أن فريقك سيواجه "مشكلة عبء العمل" لبعض الوقت وسيشعر على الأرجح "بالإرهاق"، ولكن اغتنم كذلك فرصة الاستقالة هذه "لتحدث الموظفين عن فرص تطوير مساراتهم المهنية". "قل لهم: "سيغادرنا فرانك. وأريد أن أتحدث عما يعنيه ذلك بالنسبة لكم. هل هناك مهمة ينفذها فرانك ولديكم اهتمام بتعلمها أو تجربتها؟". وتنصحك ليشنر بأن تعمل بعد ذلك، خلال مدة إشعار الموظف المستقيل، على إعداد "آلية تغطية مهام واسعة النطاق" حتى يتمكن أولئك الذين يتولون مسؤولياته من استيعاب ما يحتاجون إليه. وتضيف أن التحدي الأكبر هو نقل "المعرفة الراسخة؛ أي ما يعرفه الموظف نتيجة تجارب وخبرات عملية غير نظرية". لهذا، عليك إقناع الموظف بالتواصل المستمر "حتى تستفيد من معارفه، إما عن طريق البريد الإلكتروني وإما الهاتف كلما استجد جديد".

ضع خطة توظيف

توصيك كلامان بالتنسيق في أقرب وقت ممكن مع إدارة الموارد البشرية للإعلان رسمياً عن وجود وظيفة شاغرة. تقول: "أنت بذلك ترسل رسالة ضمنية إلى أفراد فريقك، مفادها بأنكم تمرون بظروف مؤقتة". واطلب رأي الموظفين في المهارات والخبرات والصفات التي يرغبون في أن يتحلى بها الموظف الجديد. فربما يعرفون أفراداً، من داخل الشركة أو خارجها، مؤهلين لشغل هذه الوظيفة. أو قد تكون ترقية داخلية هي الأنسب، على حد تعبير كلامان: "قد تكون هذه فرصة تطور مهني سانحة لأحد أفراد الفريق". كما توصيك ليشنر بإعادة النظر في تكوين فريقك. وتقول: "من الناحية المثالية، يجب أن تعمل بمستوى معين من القدرة الزائدة، بحيث لا تضطرب أمور الفريق عندما يفقد أحد أفراده. وينبغي ألا تكبدك قوة العمل الفائضة عن الحاجة هذه تكلفة إضافية؛ فكر فيما إذا كان بمقدورك توظيف فردين بدوام جزئي بدلاً من موظف واحد بدوام كامل".

احتفِ بالموظف المستقيل

تقول كلامان من الضروري أن تجمع فريقك، في آخر يوم عمل للموظف المستقيل، للاحتفاء به "وشكره على ما قدمه مع تمنيات صادقة بالتوفيق". ولا داعي لتنظيم حفل كبير، "يكفي أن يكون تجمعاً لتناول القهوة ومأكولات خفيفة في قاعة الاجتماعات". فأجواء الاحتفال والحفاوة هي الأساس. وتضيف كلامان: "الأمر لا يتعلق فقط بالشخص الذي يغادر، بل يتجاوز ذلك ليشمل جميع الموظفين الموجودين. أنت تكافئ الفريق الذي يوشك أن يعاني كثيراً في أسابيع صعبة مقبلة". وتضيف ليشنر أن عدم الاحتفاء بالموظف المستقيل وتكريم جهوده يبعث رسالة سلبية إلى فريقك. "مضمونها أن الموظفين مجرد أدوات نافعة"، إنهم هنا اليوم، وفي مكان آخر غداً. وتتابع: "إضفاء الطابع الإنساني على علاقة العمل ضرورة".

ثم فكر ملياً

ترى كلامان أن المدير الكفؤ لن يتفاجأ أبداً بتلقي طلب استقالة من موظفة أو موظف لديه. وتقول: "بصفتك مديراً يجب أن تكون على دراية باهتمامات موظفيك واحتياجاتهم. وينبغي أن تقرأ أفكارهم حيال العمل. وأن تدرك إذا ما كان هذا الموظف قد سئم من وظيفته، أو تقدم به العمر، أو فقد الاهتمام بعمله، أو هناك صعوبات ومتغيرات في حياته؛ مثل انتقاله أو نقل الزوج، ما يجعل احتمالات الاستقالة قائمة". أما إذا كانت الاستقالة قد فاجأتك فعلاً، "فعليك المسارعة بتعزيز تواصلك مع أفراد فريقك حتى تعرف ما يريدونه لمستقبلهم" فيمكنك استباق مثل هذه المواقف بالتصرف السليم مستقبلاً.

التزم بالمبادئ الآتية:

ما يجب فعله

  • وضع خطة توظيف على الفور لاستبدال الموظف
  • انظر للاستقالة على أنها فرصة لأعضاء الفريق المتبقين، لتحمل مسؤوليات جديدة وتعلم أشياء مختلفة
  • الإقرار علناً برحيل الموظف وتقدير إسهاماته في الفريق

ما عليك تجنبه

  • أن تأخذ الاستقالة على محمل شخصي. بدلاً من ذلك، احتفظ بعلاقتك بالموظف عبر حوار ودي حول خططه للمستقبل
  • محاولة تقديم عرض مضاد، ما لم يكن ذلك ضرورياً للغاية؛ سيكون نجاحك أكبر إذا انتظرت لعام ثم حاولت إعادة توظيفه
  • أن تتفاجأ مرة أخرى. بذل الجهد في التحدث مع فريقك حول اهتماماته واحتياجاته المهنية

دراسة حالة رقم 1: كن مبدعاً ومتكيفاً بشأن نقل المعرفة

أصيب الرئيس التنفيذي لشركة مستر ريكي لوكسميث المصنعة لأقفال الوحدات السكنية والتجارية، كينيث جينينغز، بصدمة كبيرة عندما اكتشف أن المديرة المالية للشركة، لنطلق عليها اسم "لويز"، قبلت عرض وظيفة جديدة. يقول جينينغز: "تولي موظفيك ثقة كبيرة، لذلك تصاب بصدمة عندما يستقيلون دون سابق إنذار".

وقد هدأت أعصاب كينيث بعد أن تلاشى أثر المفاجأة. يقول: "عليك أن تتذكر في هذه المواقف أنك تتعامل مع بشر. أريد أن يكون الموظفون سعداء، ويجدون فرص الارتقاء في حياتهم".

لقد هنّأ لويز بكل الدفء والود على وظيفتها الجديدة وسألها عما دفعها إلى تفضيل إلى الشركة الجديدة. يقول: "بحثت نوعاً ما عما تقدمه الشركة الجديدة لها ولا يمكننا نحن تقديمه. كانت الجلسة معها أشبه بمقابلة ترك العمل؛ واكتسبت منها رؤى ثاقبة حول ما عليّ فعه لاستبقاء الموظفين".

تعرضت لويز لضغط حتى تنتقل إلى شركتها الجديدة في أقرب وقت ممكن، لكن كينيث أوضح لها حاجته إليها في أثناء تلك المرحلة الانتقالية. وتمثل الحل الوسط في أن تعمل بدوام جزئي في الشركتين مدة أسبوعين، مع ترحيبها بالإجابة عن أي تساؤلات تخص عملها بعد تركها الشركة.

وأرسل كينيث تعميماً إلى إدارات الشركة حول استقالة لويز. يشرح كينيث، قائلاً: "أردت فتح خطوط تواصل في التوقيت المناسب، حتى يتساءل الموظفون كافة: ما الذي أحتاج إليه في عملي من هذه الموظفة قبل رحيلها؟".

كما شرع على الفور في البحث عن بديل. وسأل لويز، أمام أفراد فريقه، عما إذا كانت تعرف أي شخص مؤهل يمكنه أن يتولى المنصب. ويوضح قائلاً: "أردت أن يعرفوا أن البحث عن بديل هو مهمة الجميع".

دراسة حالة رقم 2: الحفاظ على العلاقات المهنية حتى بعد مدة طويلة من الاستقالة

كانت مفاجأة صادمة للرئيسة التنفيذية والمؤسِّسة المشاركة لشركة تشارلي برافو أفييشن، رينيه بانغلسدورف، عندما قدمت مساعدتها التنفيذية استقالتها من منصبها الذي شغلته لستة أشهر فقط في الشركة الكائنة في أوستن، حيث تشتري الطائرات الخاصة والمروحيات وتبيعها.

أخبرت جولي* رينيه بأنها ستغادر الشركة من أجل وظيفة أحلامها في قطاع الأزياء. تقبّلت رينيه الاستقالة بصدر رحب، أو هذا ما أبدته لها. تقول: "لم أشأ التجاوب مع تصرفها على نحو سلبي. أخبرتها بأنني سعيدة من أجلها وسألتها عن آخر يوم عمل لها". لكن الاستقالة كانت ضربة موجعة للرئيسة التنفيذية. كانت جولي تتولى كل شيء، من جدولة السفريات إلى إعداد تقارير السوق للشركة المكونة من 8 موظفين فقط. تقول رينيه: "تعني مغادرتها أنني سأتحمل وحدي كل هذا العمل".

كانت تطلب في السابق ممن يستقيل المغادرة على الفور، حتى لا يؤثر سلباً على معنويات بقية الموظفين، لكنها طلبت من جولي العمل خلال مدة الإشعار، التي تبلغ أسبوعين، لأنها "كانت بحاجة إليها لمواصلة تنفيذ مهامها المعتادة"، على حد تعبير رينيه. في أثناء ذلك، تواصلت رينيه مع موظفة سابقة في شركة تشارلي برافو، اسمها ماري*، التي تركت العمل في الشركة قبل بضع سنوات، ولكنها حافظت على علاقة ممتازة مع موظفيها. لم ينقطع التواصل بينهما عبر فيسبوك، والتقتا وجهاً لوجه مؤخراً. عرفت رينيه أن ماري تبحث عن وظيفة جديدة.

تقول رينيه: "كانت تعرف شركتنا وتستوعب ثقافتنا".  وهكذا، تولت ماري المنصب، في اليوم التالي لرحيل جولي عنه. تقول رينيه: "نجح الأمر على نحو مدهش. كنت آخذ استقالة الموظفين على محمل شخصي، عندما كنت أصغر سناً. ولكنني لم أعد أفعل ذلك. فالحفاظ على العلاقات مهم جداً، مهنياً على الأقل، لأنك قد تحتاج إلى خدمات ذلك الشخص مستقبلاً".

*هذه الأسماء مستعارة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي