أصبح العمل التعاوني مصطلحاً رناناً هذه الأيام. فالقادة يسعون إلى تعزيز روح العمل الجماعي بين الموظفين بصفتهم جزءاً من شركة واحدة، لكن المدراء في الأقسام أو وحدات العمل المختلفة يبدون مترددين إلى حد كبير في التعاون فيما بينهم، ويبدو أن الغيرة وسوء الفهم والعداوة أكثر شيوعاً من التعاون للأسف.
ما هي الأسباب الكامنة وراء فشل الأشخاص في التعاون؟ ثمة العديد من الأجوبة. قد يستغرق التعاون وقتاً طويلاً، ويخلق مخاطر للمشاركين. كما يصعب التوفيق بين الأهداف المتعارضة. لكن المشكلة الأكبر برأيي تكمن في أن الأشخاص غالباً ما يخلطون بين العمل التعاوني والعمل الجماعي.
لفهم الفرق بينهما، دعونا نتأمل ماهية الفريق. تتشكل الفِرق عندما يحتاج المدراء إلى العمل معاً على نحو وثيق لتحقيق هدف مشترك. وتكون إجراءاتهم مترابطة، لكنهم ملتزمون تماماً بنتيجة واحدة. ويحتاجون إلى اتخاذ قرارات مشتركة حول العديد من جوانب عملهم، وسيكونون حذرين بشأن اتخاذ إجراءات منفردة دون أن يستشير بعضهم بعضاً لتجنب العواقب السلبية.
إذا توافر لدى الفريق قائد يتمتع بالصلاحيات لحل النزاعات وضمان اتخاذ إجراءات متسقة والتخلص من الأعضاء المزعزعين أو غير الأكفاء، فسينجح الفريق. قد يتنافر أعضاء الفريق، وقد يختلفون حول قضايا مهمة، وقد يتجادلون بحدّة. مع ذلك، يمكن للفريق أن يحقق الأهداف المرجوة والأداء الأمثل بقيادة ناجحة.
يواجه المتعاونون تحديات مختلفة. بالطبع، لديهم بعض الأهداف المشتركة، ولكن غالباً ما يكون لديهم أيضاً أهداف متعارضة. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما يكون تحقيق الهدف المشترك جزءاً صغيراً فقط من مسؤولياتهم، وعلى عكس الفريق، لا يمكن للمتعاونين الاعتماد على قائد لحل الخلافات. كما لا يمكن أن ينفصل بعضهم عن بعض عندما يختلفون، مثلما هي الحال في علاقة المورّد والعميل.
لذلك تصبح العلاقة التعاونية ضرورية إذا لم يكن العمل الجماعي أو علاقة المورد والعميل خياراً متاحاً. إنها من أشكال العلاقة بين العميل والمورّد حيث يواجهان صعوبات في التعاقد فيما بينهما دون أن يكون لدى أي منهما خيار الانسحاب إذا كانت طلبات الآخر غير معقولة أو تصرفاته غير مبالية.
لهذه الأسباب، أنصح بتجنب الاعتماد على علاقة تعاونية باستثناء حالات نادرة يكون فيها هدف الشركة مهماً بما يكفي لتبرير بعض الإجراءات التعاونية، ولكن ليس مهماً بما يكفي لتشكيل فريق مخصص. على سبيل المثال، قد تفكر بالاعتماد على العمل التعاوني إذا كنت بحاجة إلى جعل وحدات العمل الجغرافية تعمل مع فريق تطوير منتجات مركزي أو عندما تتشارك وحدات العمل في فرق المبيعات أو العلامة التجارية.
في هذه الحالات، يتوقف النجاح على عدة عوامل:
- التزام المشاركين بالعمل معاً، حيث يتطلب العمل التعاوني مشاركة عاطفية.
- احترام المشاركين كفاءة الجميع في موضوع التعاون، أو يجب أن يكون هناك قائد بين المشاركين اعتماداً على المعرفة الفنية أو الخبرة.
- يحتاج المشاركون إلى المهارات والإذن للتفاوض على نحو خلّاق فيما بينهم بشأن التكاليف والفوائد.
- قبل إقامة علاقة تعاونية، قيّم ضرورتها الفعلية وإن كان من الممكن خلق الظروف اللازمة لنجاحها، ولا تعتبرها حلاً دائماً. يجب أن تسعى إلى الانتقال إلى شكل أبسط من أشكال التفاعل، مثل فريق عمل أو علاقة المورد والعميل، حيث توجد آليات واضحة لحل الخلافات.