ما هي المتاجر متعدّدة القنوات؟ وهل تشكل تهديداً على أمازون؟

4 دقيقة
المتاجر المتعدّدة القنوات
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/تانيا إيفانوفا/غيتي إيميدجيز

مخلص: أظهر بحث المؤلفين أنه بفضل تزويد المستهلكين بمعلومات حول التأثير البيئي والاجتماعي لعمليات التوصيل إلى المنازل، يمكن لمتاجر التجزئة المتعددة القنوات الاستيلاء على جزء من حصة شركة أمازون السوقية تبلغ قيمته 100 مليار دولار، كما يسمح لها هذا التأثير بزيادة هوامش أرباحها وتعزيز فرص استمراريتها.

لا ينكر أحد جاذبية التسوق عبر الإنترنت، وكما أثبتت أمازون عملياً يمكن للمستهلك استلام أي منتج تقريباً بنقرة ماوس أو لمسة على شاشة. ليس من المستغرب أن تزداد مبيعات التجارة الإلكترونية بمقدار الضعف خلال السنوات الخمس الماضية، وما يزال النمو مستمراً.

ولكن لخدمة التوصيل إلى المنازل تكلفة استدامة خفية لا يكاد المستهلكون يعرفون عنها شيئاً، وربما يكون إدراكهم هذه الآثار الضارة سبباً في تقليص الجاذبية الكبيرة نحو قناة تجارة التجزئة هذه. يشير بحثنا، الذي تراجعه دورية أكاديمية تمهيداً لنشره، إلى أن المتاجر المتعددة القنوات يمكنها الاستفادة من هذا الوضع لزيادة هوامش أرباحها، وبناء أعمال بفرص استمرارية أكبر، والاستيلاء على جزء من حصة شركة أمازون السوقية.

وجدنا أن كثيراً من المستهلكين ملتزمون بالخيارات الأكثر استدامة، ولكن أكثر من 80% منهم لا يدركون أو لا يفهمون ما ينجم عن شحن مشترياتهم عبر الإنترنت إلى منازلهم مباشرة من آثار سلبية على الاستدامة. ومع تركيزهم على خصائص الاستدامة في المنتج، فهم لا يدركون غالباً نفايات التغليف الإضافية أو حجم استهلاك الطاقة أو التكدس المروري أو مشكلات السلامة الناتجة عن خدمة التوصيل إلى المنازل.

نظراً إلى الميل المتزايد نحو الاستهلاك الواعي اجتماعياً والمراعي للبيئة، تساءلنا عما قد يحدث إذا أعلمنا المستهلكين صراحةً أو ذكّرناهم بعواقب قراراتهم بالشراء من قنوات البيع بالتجزئة على الاستدامة البيئية والاجتماعية. هل تتغير سلوكياتهم في التسوق عندما يعرفون التأثير السلبي لتوصيل طلباتهم إلى المنازل على الاستدامة؟

للإجابة، أجرينا تجربة طلبنا فيها من المتسوقين عبر الإنترنت الاختيار بين التوصيل المجاني للمنازل أو قنوات التسلم المجانية من المتجر، وتألفت عيّنة التجربة من 200 مشارك بسمات ديموغرافية متنوعة (العمر والنوع والتعليم والدخل وما إلى ذلك) من أماكن مختلفة (مدن، وضواحٍ، وريف) لضمان تمثيل واسع لخصائص المتسوقين.

شاهد المشاركون في مجموعة الضبط موقعاً نموذجياً لمتجر تجزئة ولم يحصلوا على أي معلومات عن الاستدامة، في هذه الظروف العادية اختار نحو ثلاثة من كل أربعة مشاركين الخيار المريح، وهو التوصيل إلى المنزل.

أما في مجموعة العلاج فتضمن موقع المتجر الإلكتروني إفصاحات بشأن الاستدامة البيئية والاجتماعية، وتبين للمشاركين أن الاستلام من المتجر يقلل من نفايات التغليف والانبعاثات والتكدس المروري وحوادث المركبات ذات الصلة بالتوصيل إلى المنازل. عند تزويد المشاركين بهذه المعلومات الإضافية أصبح الاستلام من المتجر القناة المختارة لنحو 60% منهم، فقد كان إدراج بيانات الاستدامة في الموقع الإلكتروني كافياً لزيادة اختيار الاستلام من المتجر بأكثر من الضعف وانخفاض عمليات التوصيل إلى المنازل بنسبة 43%، كما تحققت هذه النتائج مع الحفاظ على رضا المشاركين عن تجارب التسوق.

لهذه النتائج آثار تنافسية ومالية فورية على متاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع، إذ تشير تقديراتنا المتحفظة إلى أن متاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع تستطيع الاستحواذ على جزء تبلغ قيمته 100 مليار دولار من حصة شركة أمازون السوقية.

كما يمكنها خفض تكلفة التشغيل إلى حد بعيد؛ فالتوصيل إلى المنزل هو القناة الأغلى في تجارة التجزئة، إذ تبلغ تكلفة متطلبات المناولة والحركة الإضافية لهذه الطلبات من 10 دولارات إلى 20 دولاراً لكل عملية تسليم ويمكن أن تمثل نحو 50% من تكلفة الخدمات اللوجستية للبيع بالتجزئة.

يظهر بحثنا أن توفير معلومات الاستدامة وتحويل جزء كبير من حجم التوصيل إلى المنازل إلى قناة الاستلام من المتجر، أتاح لمتاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع تحسين هوامش الربح على المبيعات نفسها (من حيث الحجم والتنوع). ووفق حساباتنا، يمكن لوول مارت أن تستعيد من مليار إلى ملياري دولار من الأرباح السنوية، ويمكن لتارغت أن تستعيد من 200 مليون إلى 400 مليون دولار؛ تمثل هذه المكاسب زيادة نسبتها من 5% إلى 14% في إجمالي ربحية الشركة (تستند تقديراتنا إلى تراجع نسبته 43% في عمليات التوصيل إلى المنازل مضروباً في عدد عمليات التوصيل إلى المنازل سنوياً ومتوسط نطاق التكلفة لكل شحنة).

لا يتطلب تحقيق هذه الفوائد استثمارات كبيرة في المعدات أو التقنيات الجديدة ولا تغييرات كبيرة في العملية، كل ما على متاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع فعله هو تزويد المستهلكين بمعلومات الاستدامة.

إذا أقنعت متاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع المستهلكين بالتخلي عن بعض عمليات التوصيل إلى المنازل فستتمكن من تحسين أدائها البيئي؛ إذ تنتج التجارة الإلكترونية الأميركية نحو 227 مليون كيلوغرام إضافية من نفايات التغليف البلاستيكية سنوياً، وتؤدي إلى خسارة مليار شجرة إضافية لإنتاج الورق المقوى، وتمثل 30% من حمولة مكب نفايات. إضافة إلى ذلك، تولد الشحنات الفردية 4.4 ملايين طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.

وإذا تمكنت متاجر التجزئة من تحقيق التغيير في قناة التوصيل إلى المنازل بنصف الحجم المتوقع على الأقل، فستقلل كمية البلاستيك بمقدار نحو 45 مليون كيلوغرام وعدد الأشجار المستخدمة بمقدار 200 مليون شجرة وحجم حمولة النفايات بنسبة 6%. وفي حين يمكن للمتاجر تحقيق وفورات في الانبعاثات تبلغ 880 ألف طن، توازن بعض هذه المكاسب رحلات المستهلكين الإضافية إلى المتاجر التقليدية في مناطقهم. وفي المقابل، تقدّر مؤسسة نيلسن آي كيو (NielsenIQ) أن 99% من المستهلكين يتسوقون في المتاجر فعلاً؛ أي من المرجح أن تكون الانبعاثات أقل بكثير.

لا تقتصر التحديات الاجتماعية على المخاوف البيئية، بل تشمل التجارة الإلكترونية أيضاً، فطبيعة الحركة المتذبذبة لعمليات التوصيل إلى المنازل تؤدي إلى تأخير حركة المرور وتلوث ضوضائي ومشاكل تتعلق بسلامة مركبات السكان المحليين؛ إذ تشير التقديرات إلى أن شاحنات التوصيل تزيد من تكدس الطرق بنسبة 21% وتضيف 11 دقيقة إلى زمن التنقل. وفق خدمة البريد الأميركية، يتعرض 29 ألفاً من مركباتها لحوادث سنوياً، ووفقاً لدراسة نشرها مركز التنظيم الاستراتيجي، وهو من المؤسسات النقابية، في العام 2022، يتعرض نحو 20% من سائقي شركة أمازون لإصابات في أثناء تسليم الطرود. ومن شأن تقليل عمليات توصيل مشتريات الإنترنت إلى المنازل أن يخفف هذه المشاكل حتى عند وضع رحلات المستهلكين الإضافية إلى المتاجر في الحسبان.

هكذا، تمتلك متاجر التجزئة المتعدّدة قنوات البيع، بمتاجرها التقليدية وإتاحة خيارات الاستلام، ميزة استراتيجية غير مستثمرة تتفوق بها على شركة أمازون، وإذا عملت المتاجر على تثقيف مستهلكيها وتوعيتهم بالتكلفة البيئية والاجتماعية للتوصيل إلى المنازل، فستعزز مبيعاتها الأكثر ربحية وتزيد حصصها السوقية وتحقق مكاسب ملموسة في أداء الاستدامة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي