دخول السوق مبكراً يضمن الصدارة لبعض الوقت، ولكن يبقى رهان الاستمرار على الابتكار واستدامة جودة الخدمة والتكيّف مع ثقافة المجتمع وتلبية احتياجات السّوق المتنامية. هذه الاستراتيجية التي اتبعتها شركة هنقرستيشن (HungerStation)، والتي كانت أول التطبيقات التي افتتحت قطاع وسوق طلب الطعام وتوصيله ، ووضعت قواعده الرئيسية، وشكّلت ثقافة طلب الطعام والمواد الغذائية عبر التطبيقات الرقمية في المملكة، ثم سرعان ما رسّخت حضورها، وبدأت بتوسيع خدماتها ووصولها إلى عملائها بشكل متنامٍ، لتصل خدماتها اليوم إلى أكثر من 102 مدينة حول المملكة، ويصل عدد تحميل تطبيقها إلى أكثر من 40 مليون تحميل، ويتجاوز عدد الطلبات التي نفّذتها أكثر من 500 مليون طلب، واستطاعت كسب ثقة ملايين العملاء، لتتصدر قائمة تطبيقات التوصيل في المنطقة.
كما أن الشركة أطلقت عملياتها التشغيلية لخدمات توصيل الطعام داخل "نيوم" السعودية، لتكون بذلك أول خدمة توصيل محلية داخل المنطقة، بما يلبي احتياجات السكان والعاملين داخل "نيوم" من حيث سرعة توصيل المنتجات المنزلية والمواد الغذائية.
وستعتمد "هنقرستيشن" على أسطول من المركبات الكهربائية والهجينة، لضمان تحقيق صافي انبعاثات صفرية خلال عمليات التوصيل، بما يتماشى مع رؤية "نيوم" بالحفاظ على البيئة.
فما قصة شركة هنقرستيشن، وكيف نجحت في الوصول إلى هذه المكانة؟
أُسست شركة هنقرستيشن في مارس/آذار عام 2012، لتكون أول تطبيق رقمي لتوصيل الطعام في المملكة العربية السعودية، إذ لم يكن القطاع واضح المعالم كما هو الآن من حيث التكنولوجيا والتشريعات وحتى وعي أصحاب المصلحة الآخرين سواء كانوا مطاعم أو مستهلكين. لذلك لم تكن البداية سهلة ولكن عن طريق الابتكار وإصرار القادة على إحداث تأثير حقيقي وتغيير تجربة المستخدم السعودي، استطاعت الشركة أن تضع أُسساً لهذا القطاع ليصبح من أكثر القطاعات الاقتصادية الناشئة أهمية في المملكة، لا سيما وأنها أسهمت في إرساء ثقافة استهلاكية جديدة قائمة على خدمات راقية تلبيّ أذواق المستهلكين على اختلافهم وتنوعهم.
على مدار 12 عاماً، استطاعت هنقرستيشن توسيع نطاق وصول خدماتها لتغطي اليوم معظم مناطق المملكة، ونجحت في عقد شراكات مثمرة مع أكثر من 55 ألف شريك بين مطاعم ومتاجر بقالة وصيدليات ومخابز ومحال بيع الورود، وغيرها، والتعاون مع نحو 65% من مطاعم المملكة ما يجعلها وجهة مثالية للعملاء الذين يودون رؤية كل شيء في مكان واحد.
ركّزت هنقرستيشن على تقديم تجربة طلب متكاملة عبر تعزيز مزايا التطبيق لتسريع خدمة الطلب والتوصيل بأسرع وقت مُمكن، وتحسين خدمة العملاء باستمرار، وتوسيع خيارات المنتجات على التطبيق، كما طبّقت معايير نجاح منصات التوصيل العالمية؛ وذلك عندما تبنّتْ واجهة سهلة الاستخدام، ونظّمت قوائم المطاعم بشكل جذاب وبسيط، وأتاحت محركات البحث القائمة على أسس ذكية لتساعد المستخدم في العثور على طلباته المحددة بكفاءة أكثر، ووفرت خيارات دفع آمنة ومتعددة، مع إمكانية التقييم والمراجعة، وتحديث العروض الترويجية والخصومات بانتظام لجذب العملاء والاحتفاظ بهم، وتوفير خدمة ما بعد البيع عالية الاحترافية.
كانت هنقرستيشن أيضاً من أوائل شركات القطاع التي تبنّت البقالة السحابية أو ما تعرف بـ (Dark store)، وهو متجر على الإنترنت، أي لا يمتلك واجهة تقليدية، والذي جذبت من خلاله عدد أكبر من العملاء في مناطق جغرافية أوسع، حيث يجمع بين سهولة التسوّق في متجر محلي والتنوع والأسعار التي يوفرها متجر البقالة، ولكن مع أوقات توصيل أقصر. وقد حققت هنقرستيشن أرقاماً قياسية فيما يتعلق بأزمنة توصيل الطلبات، وهي أحد نقاط القوة التي تميزها عن شركات توصيل كثيرة، إذ بلغ أقل معدل توصيل للطلب إلى أقل من 10 دقائق.
وبوصفها رائد قطاع توصيل طلبات الطعام في المملكة، واكبت هنقرستيشن تطلعات ومستهدفات رؤية السعودية 2030 منذ انطلاقتها، فعزّزت من السياسات والإجراءات التي تضمن تقديم خدمات ذات جودة عالية ووفق أفضل الممارسات العالمية، واستثمرت بكفاءة الممكّنات التي وفرتها الجهات الحكومية للقطاع، واعتمدت سياسات أساسية مكّنتها من مواكبة تطلعات الرؤية، مثل تعزيز الابتكار، والسعي إلى التميز المؤسّسي، واستقطاب الكوادر الوطنية وتأهيلها، وتعزيز مسؤوليتها المجتمعية.
ففي جانب تعزيز الابتكار، قدمت الشركة تجربة فريدة وهي تجربة "الطلب اللاواعي"، وهي ميزة ذكية تتيح للمستخدمين طلب الطعام عبر الإنترنت من خلال تسخير قوة عقلهم الباطن لمساعدتهم في تحديد الطعام الذي يرغبون في تناوله أكثر من غيره، لتجنب إرهاق اتخاذ القرار الذي نعرفه جميعاً عند محاولة اختيار الطعام، إذ يقضي الشخص البالغ في المتوسط نحو 132 ساعة سنوياً في النظر إلى قوائم الطعام عبر الإنترنت . وقد نالت الشركة بسبب هذه الميزة أول جائزة كبرى على الإطلاق للمملكة العربية السعودية في مهرجان كان ليونز للإبداع (Cannes Lions Grand Prix) في عام 2023.
كما حصدت هنقرستيشن عدة جوائز أخرى في مجال الابتكار، مثل الجائزة البرونزية للابتكار الصادرة عن جوائز كابلز (Caples Awards)، والجائزة الكبرى للإبداع القائم على الهاتف المحمول من الجهة نفسها، والجائزة الفضية عن فيلم هنقرستيشن (Blast to the Past) الصادرة عن الجهة نفسها أيضاً، وقد رّشح هذا الفيلم لقائمة أفضل 15 إعلاناً سينمائياً الصادرة عن حملات الشرق الأوسط (Campaign Middle East).
عبر مسيرتها ركزت هنقرستيشن أيضاً على العنصر البشري لديها بوصفه رأسمالها الأهم، فانتهجت منذ انطلاقتها سياسات استقطاب الكوادر الوطنية الشابة وتأهيلها، وأبرمت عدداً من الاتفاقيات مع جهات وطنية لتمكين الشاب والشابة السعودية من العمل في مكاتبها، ووصلت نسبة التوطين فيها إلى 80% وبلغت نسبة الإناث منها 46%، كما حرصت الشركة على استقطاب مندوبي توصيل سعوديين (ذيبان) وقدمت في هذا المجال عدداً من المبادرات المتنوعة بالشراكة والتعاون مع جهات حكومية مختصة، ووفّرت فرص عمل مرنة، وحوافز مادية ومعنوية مختلفة، تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في دعم وتمكين الكوادر الوطنية.
تدرك هنقرستيشن أنه كلما نجحت الشركة وعلَت مكانتها، زادت مسؤوليتها الاجتماعية، لذلك حرصت على تطبيق برنامج متنوع في مجال مسؤوليتها الاجتماعية، امتد من رعاية الفعاليات الوطنية والتنموية كموسم الرياض 2021، فورمولا إي الدرعية، واليوم الوطني للتطوع ورعاية المنتخب السعودي الأول، إلى الفعاليات الثقافية والتراثية، وصولاً إلى دعم الجمعيات الخيرية المختلفة، انتهاءً بتمكين عملائها من التبرع لعدد من الجهات عبر تطبيقها حيث تجاوزت تبرعاتهم أكثر من 50 مليون ريال.
هذه السياسات التي تتبعها هنقرستيشن منذ تأسيسها ساعدتها على التميّز، حتى إنها سجلت اسمها في موسوعة غينيس 4 مرات حتى الآن. وختاماً، رسمت هنقرستيشن طريقاً في قطاع لم يكن موجوداً، ووضعت ممكّنات النجاح، لتكون بمثابة منارة لكل من اختار العمل في القطاع لاحقاً.