هل تبدو لك ساعات اليوم غير كافية لإنجاز مهامك؟ في ظل كثرة الطلبات التي تشغل وقتك بإمكانك أن تتعلّم ما يساعدك على رفع إنتاجيتك. في هذا الإطار نشرت مجلة هارفارد بزنس ريفيو مؤخراً سلسلة مقالات تعالج كيفية التمكّن من إنجاز المزيد من العمل. فيما يلي ملخّص النصائح وأفضل الممارسات التي قدّمها خبراؤنا في هذه السلسلة:
أولاً، ليس هناك نهج يناسب الجميع، لذا عليك أن تكتشف أسلوبك الإنتاجي الشخصي. جرّب هذا التقييم كي تعرف كيفية مواءمة استراتيجيات عملك مع أسلوبك المعرفي. ربما كنت تفعل ذلك لا شعورياً، لكن من المفيد لك أن تفكّر فيه: هل يميل أسلوبك إلى التخطيط أم التنظيم أم التصور؟
ثانياً، نظّم أمورك. لا يمكنك أن تنجز عملك إذا كانت حياتك عبارة عن فوضى. ابدأ ببيئة عملك المباشرة مثل مكتبك. تُظهر الأبحاث أن مساحة العمل التي تعمّها الفوضى يمكن أن تقوّض مثابرتك وتجعلك أقل كفاءة وأكثر إحباطاً وإرهاقاً. ثم نظّم جدول مواعيدك وأعمالك. لدينا جميعاً كثير من المشاكل المهنية والمنزلية والأسرية والشخصية التي تتطلب انتباهنا لكنها ليست على الدرجة نفسها من الأهمية. فكر في عرض أولوياتك المتزاحمة كلها باستخدام لوحة كانبان لتحديد القضايا التي ستركز عليها أكثر. التذكير المرئي الدائم بأولوياتك ومهامك سيمكّنك من الحفاظ على النهج الصحيح، وقد يساعدك على تحقيق الأهم، وهو كشف مكامن التعثر التي قد تواجهك.
إذا كنت تعمل باستقلالية أو عن بُعد أو افتراضياً فمن المهم للغاية أن تستمر في تركيزك أكثر على العمل. إليك قائمة بالمواد والأشياء التي عليك شراؤها أو تحميلها أو فعلها للتأكد من توفير البنية التحتية اللازمة لتحسين إنتاجيتك في مثل هذه الظروف. إذا كنت مديراً وتتردد في السماح لموظفيك بالعمل من البيت بسبب خوفك من تراجع إنتاجيتهم، فاعلم أن الأبحاث تُظهر أن أصحاب الأداء العالي يمكن أن يصبحوا أكثر إنتاجية في العمل من البيت مقارنة بالعمل في المكتب.
إذا نظّمتَ بيئة عملك وأولوياتك ففكر في كيفية إدارة وقتك من خلال التحكم فيه بالدرجة الأولى. ضع قواعد وحدوداً واضحة حتّى لا تضطر إلى تحمّل أعباء كثيرة من الآخرين. على سبيل المثال، خذ معك قائمة المشاريع إلى الاجتماعات حتى تستطيع تقييم أهمية أيّ مشروع جديد مقترح مقارنة بالتزاماتك الأخرى، واقتراح مناقشة الأولويات إذا اتّضح لك أن الوقت لن يكفي لإنجازها كلها. وإذا كنت تدير موظفين يتأخرون في تسليم أعمالهم ويقدّمونها مليئة بالأخطاء، فعليك أن تنبههم على ضرورة احترام مواعيد التسليم النهائية. سيتيح لك ذلك فرصة إعادة هذه الأعمال إليهم لإدخال التصحيحات المطلوبة بدلاً من أن تفعل ذلك بنفسك بسبب ضغط هذه المواعيد.
تعوّد على قول الكلمة المهمّة الآتية: "لا". ثمة أساليب عديدة للرد على الآخرين دون دفعهم إلى النفور منك. انتقِ الاجتماعات والفعاليات التي ستحضرها، والمشاريع والمهام التي ستقبلها، وحتى العملاء الذين ستعمل معهم. (على الرغم من أنك قد تكره رفض العمل عليك أن تدرك أن من المنطقي أحياناً طرد أحد العملاء المثيرين للمشاكل).
اِغتنم أقصى ما يمكن من وقتك الثمين. ضع في اعتبارك أن بعض الفعاليات المرموقة المخصصة لبناء العلاقات قد يكون أيضاً مضيعة حقيقية للوقت. بإمكانك إتمام الكثير من العمل أيضاً خلال مدة نصف الساعة الفاصلة بين الاجتماعات (إنهاء بعض التقارير كتقرير المصروفات أو العرض التقديمي التالي على سبيل المثال) وخلال تنقلاتك (إجراء مكالمات هاتفية دون استخدام اليدين أو الاستماع إلى بعض الكتب أو المدونات الصوتية المرتبطة بمجال عملك).
عليك أن تدرك أخيراً أنك لن تكون في أفضل حالاتك طوال اليوم، لذا حاول أن توائم أهم أعمالك مع فترات ذروة طاقتك. تُظهر الأبحاث أن الأفراد يكونون أكثر انتباهاً في فترة الظهر والسادسة مساء تقريباً. خصّص الفترات التي تكون فيها أقل انتباهاً مثل الصباح المبكر وعند الثالثة بعد الظهر وساعات الليل المتأخرة للمهام الأقل أهمية. واحرص على القسط الكافي من النوم وأخذ قيلولة عند الحاجة للحفاظ على مستويات عالية من الطاقة.
ينصح بعض الخبراء أيضاً بالتركيز على مهمّة واحدة بدلاً من تعدد المهام الذي قد يترك العديد من الأعمال غير المكتملة ويشعرك ويشعر الآخرين بعدم تحقيق أي تقدّم. فكر فقط في مدى روعة الشعور الذي ينتابك عند شطب مهمّة من القائمة والمضي قدماً. للحفاظ على تركيزك عليك أيضاً أن تتعلّم ضبط عواطفك. تؤكد الأبحاث أن التأمل ولو بضع دقائق في اليوم أو قضاء ساعة واحدة أسبوعياً وسط الطبيعة أو تدوين بعض الملاحظات التأملية في المساء قد يؤثر على نحو ملحوظ في رفاهتك وانتباهك. في المقابل لا تستهن بتأثير مواقف "تشتيت الانتباه" في قدرتك على التركيز، فأجهزتك الإلكترونية مثلاً كلها مصممة لشد انتباهك وإعلامك ببعض الضرورات المُلحة من خلال إشعاراتها وأضوائها وإشاراتها المتنوعة التي تقاطعك أحياناً. لكن كم مرة تكون هذه المقاطعة ضرورة ملحّة فعلاً؟ في أغلب الأحيان لا تكون كذلك. لذا عندما تكون منهمكاً في إنجاز عمل ما أغلق هذه الأجهزة. لزيادة فرص تحقيق أهدافك حددها بمعيّة شريك حياتك، فقد أظهرت الأبحاث أن من السهل تحقيق هذه الأهداف بالتعاون مع الآخرين.
حتى إن كانت لديك أفضل الخطط فقد ينقصك ببساطة في أوقات كثيرة الحافز أو الطاقة اللازمة لإنجاز عملك. يمكنك خلال هذه الفترات التحايل على نفسك لإنجاز المهام التي تخشاها. ضع نظام مكافآت مُرضياً لك. يمكنك على سبيل المثال أن تحدد موعداً لتناول وجبة الغداء مع أحد الأصدقاء لتحفيز نفسك على إنجاز العمل المطلوب منك بسرعة. أنجز المهام التي لا تتطلّب جهداً فكرياً خلال مشاهدة برنامجك التلفزيوني المفضل. دلّل نفسك بحضور حفل فني أو الاستمتاع بجلسة تدليك بعد إنجاز كبير. مهما كانت المكافآت التي ستختارها فإنك ستتأكد من نجاحها عندما ستتضمّن قائمة مهامك أعمالاً كنت تتجنبها منذ أسابيع.
لا توبّخ نفسك إذا وجدت صعوبة في بلوغ التحفيز أو الحفاظ عليه. تُظهر الأبحاث أن الأسلوب الذي تحدّث به نفسك مهم أيضاً للغاية، وأنك إذا استخدمت ضمير المخاطب أو الغائب فقد تساعد نفسك أكثر. إذا استخدمت عبارات من قبيل: "أنت تستطيع فعل هذا أو ذاك" أو "لقد حققتَ هذا أو ذاك" فقد يساعدك ذلك ذهنياً على تأمل مشكلاتك بموضوعية كبيرة وهذا ما سيحفزك على تحقيق نتائج مذهلة.
باعتبارك مديراً لا يكفي أن تحافظ على تركيزك وحدك. عليك أيضاً أن تحافظ على إنتاجية فريقك أيضاً. تذكّر أن موظفيك عرضة أيضاً إلى تشتت التركيز بسهولة مثلك لكنك المسؤول عن ضبط إيقاع العمل وتقديم المؤشرات التي تساعدهم على بلورة وجهات نظرهم حول القضايا ذات الأهمية. الأمر متروك لك إذاً لخلق مناخ يعبّر فيه الموظفون جميعاً عن ذواتهم ويقدّمون أفضل ما لديهم.
ضع في اعتبارك أن الابتعاد عن المكتب قد يؤدي أحياناً إلى زيادة الإنتاجية على الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو منافياً للمنطق. يمكنك في كثير من الأحيان إنجاز المزيد من العمل من خلال تقليل تركيزك عليه والتزامك بالقليل منه. لذا خذ قسطاً من الراحة واستجمع قواك ثم عُد بطاقة وتركيز متجدّدَين. إذا فعلت ذلك فستخلق دورة محمودة تكون خلالها أكثر إنتاجية في العمل كي تتمكن أيضاً من تخصيص المزيد من الوقت لما هو مهم حقاً: حياتك.