ملخص: يعتبر استخدام البريد الإلكتروني، بوصفه أداة من أدوات الأعمال، أساسياً ومزعجاً للغاية في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع الاستغناء عنه، فإن معظمنا لا يستخدمونه بالطريقة الصحيحة، بل إن الأغلبية الساحقة منّا يرسلون رسائل بالبريد الإلكتروني أكثر مما ينبغي بكثير، ما يؤدي إلى عوامل تشتيت لا طائل منها، ويمكن أن تكلفنا ما يصل إلى 27 دقيقة من الوقت المخصص للعمل.
- في كل مرة نرسل فيها رسالة بالبريد الإلكتروني، نفترض أن المتلقي سيفسر كلماتنا ونبرتنا ونوايانا على نحو صحيح. وننسى أن الناس يقرؤون المعلومات بصورة مختلفة، وأننا يمكن أن نتسبب لهم بالمشكلات والارتباك دون أدنى ضرورة.
- وحتى نميز الحالات التي يجب أن نستخدم فيها البريد الإلكتروني، والحالات التي يجب أن نستخدم فيها وسائل تواصل أخرى، علينا أن ندرك أولاً أن رسائل البريد الإلكتروني تحقق أكبر فائدة عندما تتضمن رسالة واضحة وخالية تماماً من الغموض.
- وقبل أن تقرر ما إذا كان من الضروري إرسال رسالتك بالبريد الإلكتروني، أو أي وسيلة أخرى للتواصل، يجب أن تسأل نفسك بعض الأسئلة، مثل: هل أنت في حاجة إلى الرد على هذه الرسالة خلال الدقائق الثلاثين المقبلة؟ هل تتضمن هذه الرسالة تأكيداً لتوقعات فريقك بعد خوض نقاش مباشر؟ هل لديك تساؤل سريع (وغير حساس) ويمكن لأي شخص من الفريق أن يجيب عنه؟
هل سبق أن انتظرت يوماً كاملاً للحصول على رد بالبريد الإلكتروني من مديرتك؟ وبعد هذا الانتظار كله، وعندما كنت على وشك الاستسلام وإرسال رسالة ثانية لمتابعة الرسالة الأولى، صادفتها في القاعة -أو على تطبيق زوم (Zoom)، كما يحدث في هذه الأيام- وقالت لك: "أنا آسفة، فأنا أتلقى الكثير من الرسائل بالبريد الإلكتروني. وإذا أردت الحصول على إجابة فورية مني، فتطبيق سلاك (Slack) هو الوسيلة الأمثل".
يعتبر البريد الإلكتروني، بوصفه أداة من أدوات الأعمال، أساسياً ومزعجاً للغاية في الوقت نفسه. ومع أننا لا نستطيع الاستغناء عنه، فإن معظمنا لا يستخدمونه بالطريقة الصحيحة، بل إن الأغلبية الساحقة منّا يرسلون رسائل بالبريد الإلكتروني أكثر مما ينبغي بكثير، ما يؤدي إلى عوامل تشتيت لا طائل منها، ويمكن أن تكلفنا ما يصل إلى 27 دقيقة من الوقت المخصص للعمل. نحن نتحقق من رسائل البريد الوارد لدينا في المتوسط 15 مرة يومياً، وهو ما يؤدي إلى عوامل تشتيت لا طائل منها وتبديد 27 دقيقة من وقت العمل بلا فائدة.
في الواقع، تكمن المفارقة هنا في أن البريد الإلكتروني لا يمثل أفضل طريقة للتواصل بشأن معظم الأشياء. في كل مرة نرسل فيها رسالة بالبريد الإلكتروني، نفترض أن المتلقي سيفسر كلماتنا ونبرتنا ونوايانا على نحو صحيح. وننسى أن الناس يقرؤون المعلومات على نحو مختلف، وأنها يمكن أن تتسبب لهم في نهاية المطاف، بمواجهة مشكلات وحالات ارتباك لا داعي لها أكثر مما تساعد على التنسيق والاتساق في العمل، على الرغم من أننا نمتلك في الواقع الكثير من طرق التواصل الأخرى.
وعلى سبيل المثال: عند محاولة طرح حجة مقنعة، فإن التواصل بالفيديو أو الاجتماع الشخصي يمثلان الأسلوب الأفضل. كما أن برامج التراسل الفوري، مثل سلاك أو هيبتشات (Hipchat)، سهلة الاستخدام ومناسبة للغاية لعمليات التحقق السريعة. أما في حالات الحوارات التوضيحية، فمن الأسهل عادة الاعتماد على المكالمات الصوتية.
وببساطة، فإن رسائل البريد الإلكتروني غير مناسبة لجميع الأغراض، وعند استخدامها على نحو خاطئ، من الممكن أن تبطئ عملنا.
إذاً، لماذا أصبح البريد الإلكتروني وسيلة التواصل الافتراضية؟
خلال سنوات خبرتي الثلاثين موظفاً ومستشار أعمال، لاحظت أن البريد الإلكتروني هو وسيلة التواصل المفضلة في معظم الشركات. لماذا؟
هذه فرضيتي حول هذا الموضوع: في مرحلة ما، بين اختراع الإنترنت، ونهضة مزودي الخدمات الذائعي الصيت في التسعينيات أيه أو إل (AOL)، ومايكروسوفت أوتلوك (Microsoft Outlook)، وديلفي (Delphi))، وعرض الفيلم الرومانسي الكوميدي الكلاسيكي "لقد وصلتك رسالة بالبريد الإلكتروني" (You’ve Got Mail) من بطولة توم هانكس وميغ رايان، بدأت المؤسسات باستخدام البريد الإلكتروني لمشاركة المعلومات. وأصبح البريد الإلكتروني المعيار السائد، ولم نُعِد النظر بهذا المعيار منذ ذلك الحين.
وعلى الرغم من توافر تكنولوجيات أحدث وأكثر تطوراً، فيبدو أننا علقنا في حلقة مفرغة من التقليد: إذا كان أقراني يستخدمون البريد الإلكتروني كثيراً، فهذا ما يجب أن أقوم به أيضاً. إنه أمر منطقي. فالمحاكاة والتقليد سلوك بشري طبيعي، ومع انتقال الأجيال الجديدة إلى مكان العمل، يواجه المستجدون ضغطاً غير معلن لاتباع "أفضل الممارسات" التي رسخها سابقوهم. وفي مقال في هارفارد بزنس ريفيو، ناقش المؤلف إريك بونابو عدة أسباب:
- الأمان: نحن نتبع ما يقوم به الجميع كي لا نغرد خارج السرب. (ليس من مصلحتك أن تكون الشخص الوحيد الذي يعمل بطريقة أخرى).
- الانسجام مع الآخرين: الأمان لا يكفي وحده. فنحن نرغب في أن نكون مقبولين من قبل الجميع، ولهذا، نعتمد الممارسات السائدة حولنا، خاصة فيما يتعلق بالثقافة.
وقد رأينا هذا الأمر كثيراً: حيث يرسل رب العمل رسالة بالبريد الإلكتروني إلى 10 أشخاص، ويرسل نسخاً منها إلى 20 شخصاً آخر. ويقوم هؤلاء بإرسال الرد إلى الجميع، بدلاً من التفكير بمن يتعين عليهم رؤية هذا الرد فعلياً. وعلى نحو مماثل، إذا كنت جديداً في الفريق، ورأيت أفراد الفريق يستخدمون البريد الإلكتروني لإرسال معلومات بسيطة يمكن إرسالها في رسالة سلاك (مثل: لم أكن متأكداً إن كنا سنعتمد تنظيم أماكن الجلوس في اللقاء وفق نظام المسارح. هل يستطيع أحد أن يؤكد لي هذا الأمر؟)، فمن المحتمل أن تحذو حذوهم رغبةً منك في أن تكون "متوافقاً" مع ما يبدو أنه الممارسة الأفضل.
متى يجب أن نستخدم البريد الإلكتروني فعلاً؟
يتطلب التواصل اللجوء إلى أساليب مختلفة لضمان وصول الرسالة إلى العديد من الأشخاص المختلفين الذين يحملون اهتمامات مختلفة، وضمان فهمهم لفحواها بوضوح ومعرفتهم للإجراء الذي يجب اتخاذه -في حال وجوده- استجابة لهذه الرسالة.
إذاً، متى يكون البريد الإلكتروني هو الخيار الأكثر فعالية، وكيف يجب أن نستخدمه فعلاً؟
بناءً على خبرتي، أنصح باستخدام البريد الإلكتروني في أربع حالات:
- لنشر القرارات بصورة رسمية
- لتأكيد المواعيد أو تحديد جداولها الزمنية
- لتوثيق الحوارات المهمة
- لإرسال إعلانات على مستوى الشركة، بحيث يكون من الضروري أن تصل إلى جميع الموظفين في الوقت نفسه.
وباختصار، فإن البريد الإلكتروني يمثل وسيلة رائعة لوضع مجموعة شاملة من المعلومات في مكان واحد، خاصة إذا كان من المزمع مشاركة هذه المعلومات بين مجموعة من الأشخاص. فعند استخدام هذه الطريقة، لا يبقى مجال للارتباك، ويمكن ضمان تلقي الجميع الرسالة نفسها، مرة واحدة، دون الحاجة إلى المزيد من التوضيح.
تحقق رسائل البريد الإلكتروني أكبر فائدة عندما تتضمن رسالة واضحة خالية تماماً من الغموض.
وعلى سبيل المثال، يجب ألا ترسل تذكيراً مهماً لشخص ما على سلاك، حيث يمكن تفويته أو التغاضي عنه بسهولة.
"هذا مجرد تذكير بحاجتي إلى التقرير الشهري اليوم قبل الساعة الخامسة مساءً. يرجى إعلامي في حال الحاجة إلى أي مساعدة!"
استخدم البريد الإلكتروني عندما ترغب بتوضيح ما تتوقعه، ووفق أي طريقة. ففي صيغة البريد الإلكتروني، يمكن أن تتحول الرسالة السابقة بصيغة سلاك نفسها إلى الشكل التالي:
"هلا قدمت لي التقرير الشهري بحلول الساعة الخامسة من يوم الخميس؟ يجب ألا يحتوي كل جزء على أكثر من فقرة قصيرة واحدة بطول 4-5 أسطر لشرح الإجراءات التي نتخذها في كل مجال بوضوح. إذا احتجت إلى مساعدتي، فلا تتردد في الاتصال بي على الفور".
ومن الآن فصاعداً، وقبل أن تقرر ما إذا كانت رسالتك مناسبة للبريد الإلكتروني أو أي وسيلة تواصل أخرى، يجب أن توجه إلى نفسك بعض الأسئلة:
الموقف | ما الذي يجب فعله |
---|---|
هل يتعين عليّ تنفيذ هذا الأمر خلال الدقائق الثلاثين المقبلة؟ | اتصل بالهاتف |
هل أنا في حاجة إلى مشاركة فكرة حول مهمة بدأ تنفيذها في وقت سابق؟ | سلاك/ آي إم |
هل أنا في حاجة إلى تحويل رسالة تلقيتها من الإدارة العليا إلى عدة أشخاص ضمن الفريق؟ | البريد الإلكتروني |
هل تتطلب إجابتي شرحاً موسعاً؟ | اتصل بالهاتف |
هل أنا في حاجة إلى جمع الفريق لوضع خطة العمل المُتَوَقّعة للأسبوع، وفهم المشكلات التي يمكن أن تقف في طريق أعضاء الفريق؟ | عقد اجتماع مباشر |
هل أنا في حاجة إلى تأكيد توقعات فريقي بعد خوض نقاش مباشر؟ | البريد الإلكتروني |
هل لدي تساؤل سريع (وغير حساس) ويمكن لأي شخص من الفريق أن يجيب عنه؟ | سلاك/ آي إم |
هل ستكون المشاعر جزءاً مهماً من الرسالة؟ وهل تتضمن الرسالة تحديد المشاعر إزاء موضوع أو مسألة يمكن أن يسيء الآخرون فهمها؟ | عقد اجتماع مباشر |
هل أنا في حاجة إلى أن أرسل إلى فريقي بعض "المعلومات الإضافية" بعد اجتماع لإطلاق المشروع (أو حدث مشابه)؟ | سلاك/ آي إم |
هل هو حوار حول مشكلات تتعلق بالأداء أو السلوك؟ | عقد اجتماع مباشر |
هل سأشارك معلومات سرية أو وثائق رسمية أو سأعطي موافقتي على خطة ما؟ | البريد الإلكتروني |
هل سأشارك مستنداً أو رابطاً تشعبياً بشكل يستوجب مساهمة أفراد الفريق الآخرين في العمل؟ | سلاك/ آي إم |
هل سأقوم بتوضيح الخطوات التي يتعين على أحد أعضاء الفريق اتباعها إثر حالة تستوجب التدخل لإدارة الأداء؟ | البريد الإلكتروني |
هل ستفضي هذه المسألة إلى نقاش مضنٍ؟ | عقد اجتماع مباشر |
والآن، بعد أن عرفت نوعية الحوارات التي تستوجب استخدام البريد الإلكتروني، يجب أن تسعى إلى تطبيق بعض التعديلات البسيطة للقضاء على عادة "الاستخدام الافتراضي للبريد الإلكتروني"، والتخفيف من ضجيج التواصل، والإسهام في ثقافة مكان العمل بصورة إيجابية.