3 عناصر ضرورية لخلق طقوس تجعل بيئة العمل جذابة

5 دقائق
الطقوس
فيوز/غيتي إميدجيز

ملخصيعتقد الموظفون أن من حقهم حمل مشاعرهم الكبيرة أو الصغيرة إلى مكان العمل. تُعد الطقوس إحدى الطرق المهمة لتقديم الدعم للموظفين. يعرّف المؤلف الطقوس في مكان العمل من خلال معيارين رئيسيين مهمين. أولاً، تتجاوز الطقوس هدفها العملي وتساعد المشاركين على إيجاد معنى يتجاوز حدود العمل اليومي. على سبيل المثال، إن إضاءة شمعة عند انطفاء الأنوار لا يُعدّ طقساً، ولكن إطفاء الأنوار وإضاءة شمعة عند غروب الشمس هو طقس. ثانياً، تُفتقد الطقوس بشدة عندما تغيب لسبب أو لآخر. يقدم المؤلف دراسة حالة عن شركة قامت بمخاطرة في الوقت الحقيقي وطورت استجابة ناجحة لإحدى المآسي الاجتماعية، وأصبحت مع مرور الوقت طقساً معتاداً. إليك كيف فعلت ذلك، وكيف يمكن للقادة فهم طقوسهم بشكل أفضل، سواء الحالية أو تلك التي لم تظهر بعد.

 

يتعرض القادة لضغط هائل لمعالجة القضايا المجتمعية والحفاظ على استراتيجية نشطة تنطوي على التنوع والمساواة والشمول بالإضافة إلى الحفاظ على ارتباط الموظفين ببعضهم وبرسالة الشركة. وبما أن الموظفين يتوقعون أن من حقهم حمل مشاعرهم الكبيرة أو الصغيرة إلى العمل، يتعين على أي قائد دعمهم في أثناء الصدمات والصراعات الثقافية. ليس من الواضح دائماً كيفية معالجة هذه القضايا في مكان العمل، خاصة إذا لم يكن القادة مدربين بالضرورة على التعامل مع مثل هذه المواضيع الحساسة والعاطفية أو على دراية بها. في هذا الصدد، يمكن أن تكون الطقوس إحدى الطرق المهمة لتقديم الدعم الذي يتوقعه الموظفون.

لقد درست تأثير الممارسات الروتينية (الطقوس) في مكان العمل على الأفراد والفرق لسنوات عديدة، ووضعت خلاصة نتائجي في كتابي "خريطة طريق الطقوس" (Rituals Roadmap). ساعدني هذا البحث على تعريف الطقوس استناداً إلى معيارين رئيسيين مهمين؛ أولاً، تتجاوز الطقوس هدفها العملي وتساعد المشاركين على إيجاد معنى يتجاوز حدود العمل اليومي. على سبيل المثال، إن إضاءة شمعة عند انطفاء الأنوار لا يُعتبر طقساً، ولكن إطفاء الأنوار وإضاءة شمعة عند غروب الشمس هو طقس. ثانياً، تُفتقد الطقوس بشدة عندما تغيب لسبب أو لآخر.

فيما يلي دراسة حالة عن شركة قامت بمخاطرة في الوقت الحقيقي وطورت استجابة ناجحة لإحدى المآسي الاجتماعية، وأصبحت مع مرور الوقت طقساً معتاداً. إليك كيف فعلت ذلك وكيف يمكن للطقوس أن تعزز الأمان النفسي والغاية والأداء في النهاية.

"حان وقت التواصل" (Time to Connect)

في عام 2022، قابلت نائبة الرئيس التنفيذي للتنوع العالمي والمساواة والشمول في شركة الاتصالات العالمية ويبر شاندويك، جوديث هاريسون. بعد مقتل جورج فلويد، خصصت هاريسون للموظفين وقتاً يجتمعون فيه للتعبير عن مشاعرهم وحزنهم بحرية. ومنذ ذلك الحين، كانت الشركة تعقد هذا الاجتماع مرة واحدة في الشهر، وفي بعض الأحيان استجابة للأحداث الصادمة. تدعو هاريسون هذه الحلقة البسيطة "حان وقت التواصل".

تُعدّ دائرة "حان وقت التواصل" طقساً لسببين؛ أولاً، لا ترتبط الاجتماعات ارتباطاً مباشراً برسالة الشركة المعلنة، أي عملها في مجال الاتصالات المهنية. قالت لي هاريسون عندما سألتها ما الذي ألهمها للدعوة إلى تجمع الناس معاً: "أعتقد أنه من المنطقي أن تكون هناك فرصة للحديث عن هذه الأحداث التي تؤثر على الصحة العقلية للكثيرين".

ثانياً، يقول نائب الرئيس التنفيذي لتأثير العلامة التجارية للشركة، لويس وليامز: "أنا معجب بتجمّع "حان وقت التواصل"، وأعتقد أنه سيستمر حتى لو عدنا إلى العمل في المكتب. لقد بات هناك عالم جديد فيما يخص العلاقة مع الموظفين وما نتوقع من أصحاب العمل، خاصة مع دخول المزيد من الموظفين الشباب إلى سوق العمل". بكلامٍ آخر، بات موظفو شركة ويبر شاندويك يتطلعون إلى هذه التجمعات المنتظمة وسوف يفتقدونها إذا توقفت.

العناصر الثلاثة للطقوس الداعمة لبيئة العمل

من خلال بحثي، اكتشفت أيضاً لماذا تعني الطقوس الكثير بالنسبة لنا. عندما لم يكن من الواضح لي سبب تصميم مجموعة أو فريق على الحفاظ على سلوك مشترك بينهم مرة تلو الأخرى، اكتشفت أن الطقوس تدعم الأمان النفسي والغرض، الأمر الذي من شأنه تعزيز الأداء. أصف هذه الصيغة البسيطة بعناصر الطقوس الثلاثة.

من خلال تطبيق العناصر الثلاثة على طقس "حان وقت التواصل"، يمكن للقادة فهم طقوسهم الخاصة بشكل أفضل، سواء الحالية أو تلك التي لم تظهر بعد.

الأمان النفسي

عندما يجتمع الموظفون في حدث "حان وقت التواصل"، تبدأ هاريسون ببعض التعليقات المُعدّة مسبقاً حول الحدث العالمي، ثم تسأل في كل مرة السؤال ذاته: "ما رأيكم أنتم إذاً؟".

تفتح هاريسون النقاش بتقديم منظورها الخاص حول الموضوع المطروح لمنح الموظفين الأمان النفسي والإجابة عن هذا السؤال بصدق. يوفر المثال القدوة للناس فرصةً للتعبير عن أنفسهم بصدق. ونتيجة لذلك، يشعر الموظفون بالأمان عند مشاركتهم في النقاش بالطريقة التي يرتاحون إليها، إما مباشرةً أو عبر الدردشات والبريد الإلكتروني بعد انتهاء الحدث.

على سبيل المثال، بعد حادث إطلاق النار في هايلاند بارك في إلينوي، في وقت سابق من هذا العام، تمثّلَ رد فعل نائبة الرئيس الأول للعلاقات الإعلامية، أنجيلا ساليرنو روبن، بقولها: "لست بخير".

قالت روبن: "في هذه الاجتماعات، يمكننا أن ندعم بعضنا بعضاً ونتحدث في فضاء آمن. كان الاجتماع هذه المرة مختلفاً، لقد كنت أنا من يحتاج إلى الدعم شخصياً. هايلاند بارك هي موطني. لقد انتقلنا من شيكاغو مع عائلتي إلى هنا من أجل منح أطفالنا مكاناً "أكثر أماناً" لينشؤوا فيه. من الصعب أن تصف الكلمات ما أشعر به، لكن يمكنني القول إننا كعائلة أو مجتمع وحتى كأمة، لسنا بخير".

يبكي المشاركون أحياناً أو يعبرون عن غضبهم بالهتافات الصاخبة أو عبر وظيفة الدردشة أو بأي طريقة يجدونها مناسبة. لا يبدو أنهم يشعرون فقط بالأمان النفسي الكافي للقيام بذلك فحسب، ولكن مشاركتهم الأولية تخلق مزيداً من الأمان النفسي للآخرين.

يقول رئيس الموظفين، جيل تانينباوم، في هذا الصدد: "لم أكن أتوقع أن أتأثر بهذه الاجتماع، لكنني تأثرت كثيراً بما احتواه من إنسانية وانفتاح".

عندما تتم مناقشة موضوع ما بمثل هذه العواطف الجياشة والنقد خارج مكاتبنا، نشعر بالأمان داخلها، ما يسمح لنا بإجراء محادثات في بيئة داعمة وودية دائماً.

في النهاية، يبدأ إنشاء الأمان النفسي باستعداد القادة ليكونوا قدوةً في هذا الصدد.

الغاية

مساعدة الموظفين على إيجاد غاية في المؤسسة أمر بالغ الأهمية للمشاركة والابتكار. تتمثل إحدى طرق القيام بذلك في الحرص على أن تكون قيم الشركة واضحة وقابلة للتنفيذ ومشتركة على نطاق واسع. والطريقة المثلى لدمج الغاية في التجارب المشتركة للموظفين هي ربط هذه القيم بالطقوس الرئيسية.

تصلح قيم شركة ويبر شاندويك، لا سيّما الشجاعة وحب الاستطلاع والشمول والتأثير، لإنشاء هذه الرابطة. يُعتبر طقس "حان وقت التواصل" طريقة مثالية لدمج الغاية الشخصية والمهنية معاً في تجربة مشتركة قوية جداً تستند إلى قيم الشركة. يشير إنشاء هذه الطقوس وتنفيذها إلى شجاعة وفضول الموظفين وقيادة الشركة. الجرأة الكافية للقيام بهذه الخطوة غير معروفة النتائج وإجراء تلك المحادثات الصعبة هو تجسيد للشجاعة. وإنشاء مكانٍ يستمع الناس فيه بعضهم إلى بعض هو تعبير عن حب الاستطلاع.

لقد عبر موظفو الشركة عن امتنانهم لأن حدث "حان وقت التواصل" خلق مساحة آمنة شاملة للجميع للمشاركة، وليس فقط لأولئك الذين تأثروا مباشرة بالأحداث التي تمت مناقشتها.

الأداء

عندما سألت هاريسون عن نتائج "حان وقت التواصل"، قالت لي: "استناداً إلى تعليقات الناس حول مدى حماستهم بشأن هذه التجمعات وحول كم تجعلهم يشعرون بالراحة، أعتقد أن التأثير يتمثل في الارتباط، حيث الانتماء والثقة فرعان من هذه الفئة". بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أن الإبداع المجتمعي المشترك والشعور بالرعاية الصادقة والتضامن مرتبطة جميعها بشكل وثيق باستبقاء الموظفين.

الأرقام تتحدث عن نفسها. في كل شهر يأتي أكثر من 200 شخص، ويستمرون في القدوم، حاملين معهم اهتماماتهم وأحلامهم وآمالهم إلى العمل. كانت داريل درابينسكي، نائبة الرئيس التنفيذي للصحة الرقمية في شركة ويبر شاندويك بأميركا الشمالية، متحمسة للغاية لدرجة أنها أنشأت تجمع "حان وقت التواصل للساحل الغربي" من أجل الموظفين في الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية بعد أن ألغت المحكمة العليا في الولايات المتحدة قانون "رو ضد وايد" الذي يحظر الإجهاض.

يُعد طقس "حان وقت التواصل" مثالاً قوياً يُحتذى به لطريقة بسيطة يمكن للقادة من خلالها توفير نوع من الاستجابة والدعم الذي يتوقعه الموظفون من شركاتهم. تساعد الطقوس المنتظمة القادة على التخفيف من أثر صدمات واضطرابات معينة على موظفيهم وفي الوقت ذاته مواءمة قوة العمل مع قيمهم وتعزيز الأمان النفسي والانتماء بينهم. عندما تتجاوز الدعوة إلى المصداقية أي تعبير طنان أو ترويج للعلامة التجارية، تصبح الطقوس مفيدة للناس والأعمال أيضاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي