للمحافظة على الموظفين الجدد، عليكم قضاء المزيد من الوقت في إعدادهم

4 دقائق

بلغت معدلات البطالة في الولايات المتحدة هذا العام أدنى مستوياتها منذ 49 عاماً لتصل إلى 3.7% في الوقت الذي زادت فيه محاولات الشركات للاحتفاظ بكفاءاتها إلى أقصى حد، حيث يشير أحد التقارير أن الاحتفاظ بالموظفين أصبح المشكلة الأولى التي تؤرق مضجع الرؤساء التنفيذيين اليوم حول العالم، وليس فقط في الولايات المتحدة. إلا أنه وفي الوقت نفسه، تنفق الشركات في كثير من الأحيان وقتاً قليلاً جداً على إعداد الموظفين الجدد، على الرغم من أهمية هذه العملية نظراً إلى أن ما يقرب الـ 20% من معدل استقالة الموظفين يحدث خلال أول 45 يوماً من بدء عملهم الجديد.

ومن خلال خبرتي كمستشار لشركات ضمن قائمة "فورتشن 500"، وجدت أن أكثر المؤسسات نجاحاً هي تلك التي تعد الموظفين الجدد خلال عامهم الأول في المؤسسة، إذ تعتبر هذه الفترة هي أكثر فترات الموظفين الجدد ضعفاً. ويركز الإعداد على 3 أبعاد رئيسة: البعد التنظيمي، والبعد الفني، والبعد الاجتماعي. وتتمكن الشركات من خلال استخدام هذا النهج المتكامل من المحافظة على موظفيها وإيقاظ مكامن الإبداع فيهم.

إعداد الموظفين الجدد تنظيمياً

علّمهم كيف تجري الأمور. يعتبر تعليم الموظفين الجدد المعلومات التي يحتاجونها لأداء أعمالهم ومهامهم اليومية الجزء الأول والأكثر شيوعاً من عملية الإعداد، حيث يتضمن أموراً مثل أين يجب ركن سياراتهم، ومن أين يمكنهم الحصول على بطاقة الهوية، وكيف يمكنهم التنقل في المبنى والتسجيل في المزايا الصحية وتثقيف أنفسهم حيال اللوائح والسياسات. ومن المهم أيضاً إضافة إلى ما سبق تعليمهم "لغة" مكان العمل، إذ تستخدم معظم الشركات مجموعة من المختصرات المبهمة في العمليات أو الأدوار الرئيسة تشكّل محاولة فك طلاسمها تحدياً مؤلماً للموظفين الجدد. وكلما زاد عدد المرات التي يقول فيها الموظف الجديد، "أنا آسف، إنني موظف جديد... ماذا يعني مصطلح SSRP؟"، زاد شعوره بعدم الانتماء. إن الأمور البسيطة كتعليمهم تلك المصطلحات يُعتبر أمراً ذا أهمية لا توصف.

ساعدهم على الاستيعاب. يجب أن تتأكد المؤسسات من أنها تساعد الموظفين الجدد على التكيف مع القيم والمعايير التنظيمية، خاصة خلال عامهم الأول، إذ يجب على مدراء التوظيف إشراك الموظفين رسمياً في المحادثات المتصلة بتاريخ المؤسسة وعلامتها التجارية، وكيفية قياس الأداء ومكافأته، وكيفية نشوء فرص النمو، وذلك ضمن فترات زمنية محددة: ثلاثة وستة وتسعة أشهر. كما يجب عليك أيضاً حث "الأبطال" التنظيميين، أو الأشخاص الذين يُعتبرون قدوة، للتواصل مع الموظفين الجدد ومشاركتهم القصص الشخصية التي تُظهر سلوكاً يتم تقديره.

إعداد الموظفين الجدد فنياً

عرّفهم بما يُنظر إليه على أنه "جيد". لا يعني مجرد تعيين شخص ما لإمكانياته وخبراته أنه يعرف كيفية تطبيق ذلك ضمن شركتك، إذ قد يمكن للموظفين المعيّنين حديثاً من ذوي الخبرات الواسعة الشعور أيضاً بعدم الأمان عندما يحسّون بأنهم كالمبتدئين، بل وقد يلجؤون إلى الاستشهاد بنجاحاتهم السابقة كوسيلة لإثبات كفاءتهم، ما يمكن أن يعزلهم أكثر وينفّر منهم زملائهم الذي سيشعرون بالملل قطعاً من سماع العضو الجديد في الفريق يبدأ كل جملة بعبارة "في وظيفتي الأخيرة". ولحل هذه المسألة، تواصل بوضوح منذ اليوم الأول، وزوّد الموظف الجديد لديك بوصف وظيفي يتضمن مسؤوليات محددة بدقة، والحدود المتصلة بسلطته، والموارد المتاحة له، وباقي الأمور التي يجب أن يكون على دراية بها. تحتاج أيضاً إلى تحديد القرارات التي يمكنه اتخاذها بوضوح لمساعدته على فهم استقلاليته. ومن المفيد أيضاً جدولة جلسات تدريب أسبوعية للتحقق من ذلك والتأكد من أن لديه فرصاً لتقديم مساهمات مهمة في أقرب وقت ممكن.

إعداد انتصارات مبكرة. يمثل تزويد الموظفين الجدد بأهداف واضحة استراتيجية ناجعة أخرى لأنها تتيح لك مشاركة توقعات واقعية معهم، إذ ذكرت نسبة مذهلة من الشركات وصلت إلى 60% أنها لا تحدد أهدافاً قصيرة الأجل للموظفين الجدد. وتتمثل إحدى طرق البدء الجيدة في تعيين مهام مع توقع إكمالها خلال ثلاثة وستة وتسعة أشهر. ابدأ بأهداف تكون على ثقة بقدرة موظفيك الجدد على تحقيقها، وفي حال سارت الأمور على ما يرام، زد تدريجياً مستوى المسؤولية المرتبطة بكل مهمة. وسيساعد هذا الأمر على بناء الثقة وسيظهر لهم أنك تهتم بهم، كما يمكنك الاستفادة من تلك العملية في مناقشة الثغرات الموجودة في مجموعة مهاراتهم بشكل منفتح والعمل على سدها. ويجب عليك تشجيعهم على التحدث عن مجالات نموهم بصدق ودون "ادعاء" خلال اجتماعاتك الدورية معهم. وسيكتسب الموظفون الجدد الثقة والولاء بشكل أسرع عندما يشعرون بأنهم يقدمون مساهمات مميزة ويدركون كيف تتناسب تلك المساهمة ضمن المؤسسة.

إعداد الموظفين اجتماعياً

عزز شعور الانتماء إلى مجتمع. وفقاً لأحدث الأبحاث، ذكر 40% من البالغين أنهم يشعرون بالوحدة. ويتضخم هذا الشعور بالعزلة أكثر مع الموظفين الجدد والذين غالباً ما يشعرون وكأنهم غرباء في أرض غريبة، ما قد يزيد من احتمالات تركهم للعمل.

ويمكن أن يساعد بناء العلاقات خلال السنة الأولى الموظفين الجدد على الشعور بعزلة أقل وثقة أكبر. وينبغي على الموظفين الجدد، بالشراكة مع مدرائهم، تحديد ما بين 7 إلى 10 أشخاص من رؤساء وأقران ومرؤوسين وعملاء في الداخل والخارج يرغبون في المساهمة في نجاحهم أو الحصول على مساعدة منهم للنجاح. ويجب على الموظف الجديد وضع خطط للتواصل مع كل صاحب مصلحة على حدة خلال عامه الأول والذي قد يكون اجتماعاً قصيراً خلال استراحة القهوة أو الغداء وهو ما يمثل فرصة للتعلم وطلب التوجيه. وبالإضافة إلى التواصل مع أصحاب المصلحة، فإن بناء رأس المال الاجتماعي مع الزملاء يساعد على بناء الصداقة الحميمة والثقة. فعندما يشعر الموظفون الجدد بأنه مرحب بهم ومقبولون اجتماعياً، من غير المرجح أن يشعروا بالانعزال أو الغربة.

إذا كنت ترغب في الاحتفاظ بالموهبة التي أنفقت عليها الكثير لاستقطابها، فتأكد من أن السنة الأولى للموظف الجديد إيجابية ومثمرة. وتتمتع المؤسسات التي لديها عملية إعداد موظفين جدد معيارية بإنتاجية توظيف تزيد بنسبة 62% عن أقرانها وزيادة نسبة احتفاظ بالموظفين الجدد تصل إلى 50%. وتجني تلك الشركات التي تستثمر الوقت والجهد في موظفيها الجدد فوائد كثيرة. وإذا كنت تريد أن تكون صاحب العمل المفضل لأفضل المواهب، فتأكد من أنك تعمل على تلبية الاحتياجات التنظيمية والفنية والاجتماعية لهم بشكل جيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي