لماذا انتقلت مايكروسوفت من قياس اندماج الموظف إلى قياس ازدهاره؟

6 دقائق
الازدهار في العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: مع استمرار الجائحة وعمل العديد من الموظفين وفق جداول عمل هجينة، أدرك الباحثون في قسم تحليل بيانات الأشخاص في مايكروسوفت أنهم بحاجة إلى الانتقال من قياس اندماج الموظف إلى قياس ازدهاره. تُعرّف المؤلفتان الازدهار: “أن تكون مفعماً بالنشاط ولديك القدرة على القيام بعمل ذي معنى”، وتشرحان كيف تغيرت طريقة تفكيرهما حول موضوع الازدهار في العمل وما اكتشفتاه بين موظفيهما، وما يمكن لمؤسستك أن تتعلمه من بحوثهما. 

 

ثمة أمر واضح: لا أحد منا هو الشخص نفسه الذي كان عليه قبل عام 2020. لذلك، نظراً إلى تغير موظفينا، يجب أن تتغير أيضاً الطرق التي يمكننا تمكينهم من خلالها.

في مايكروسوفت، حيث نعمل في فريق تحليل بيانات الأشخاص، يعني ذلك التعلم مما يمكن أن تخبرنا به البيانات حول كيفية تطلُّع موظفينا إلى عيش حياة ذات معنى. على وجه التحديد، توصلنا إلى طريقة جديدة لقياس الازدهار في العمل، في كل من العمل وخارجه، الذي يتجاوز حدود الاندماج.

ونشارك في هذه المقالة كيفية وسبب توصلنا إلى هذه الطريقة في القياس، وكيف يمكن أن تستفيد شركتك من تجاربنا.

لماذا يُعد قياس الازدهار هو البوصلة الجديدة؟

أجرينا قبل هذا العام استطلاعاً سنوياً مطولاً لتتبع مستوى اندماج الموظفين. غالباً ما كان يستغرق تحليل النتائج والتخطيط للإجراءات شهوراً. وقد كنا نواجه باستمرار تحديات في صياغة تعريف مشترك للاندماج عبر الشركة. وكثيراً ما كان يتبين بوضوح أن الموظفين يواجهون صعوبات عندما نتعمق في تحليل الردود، على الرغم من أن درجات اندماج الموظفين كانت تشير على ما يبدو إلى أن الأمور تسير على ما يرام. بالنسبة إلينا، كان هذا يدل على أننا لم نضع بعد معايير عالية بما يكفي لتجربة الموظف، وقد حفزنا على تحسين أدائنا فيما يتعلق بقياس الأشياء المهمة.

لذلك بدأنا بسؤال الموظفين عن آرائهم من خلال إجراء استطلاع أقصر ولكنه أكثر تركيزاً كل 6 أشهر، وتعاونا فيه مع منصة نجاح الموظفين غلينت (Glint). إذ يساعدنا هذا النهج الجديد في التعرف على آراء الموظفين من كثب واتخاذ إجراءات أكثر وضوحاً وإلحاحاً استجابة لها.

سعينا أيضاً إلى وضع معايير جديدة أعلى تتجاوز حدود اندماج الموظفين، مع استمداد الإلهام من مصادر عديدة؛ أحدها كان ما تسميه رئيسة قسم شؤون الموظفين لدينا، كاثلين هوغان: “هرم المكونات الخمسة لرضا الموظف”، على غرار هرم ماسلو (Maslow’s Hierarchy)، وهو يقسّم رضا الموظف إلى 5 مكونات رئيسية متتالية: الراتب والامتيازات والأشخاص والفخر والهدف. في هذا الوقت الذي دفع الكثيرين إلى التفكير في دور العمل والوظيفة في حياتهم، بدا أنه من الضروري ضبط نُظمنا الخاصة بالاستماع إلى الموظفين لقياس التقدم الذي أحرزناه نحو هذا الهدف النهائي: خلق شعور بالهدف. ما ألهمنا أيضاً كان بحث أجرته غريتشن سبريتزر في كلية روس لإدارة الأعمال وزملاؤها حول الازدهار بوصفه ترياقاً لفتور الهمة. ومع تجاوز حدود اندماج الموظفين، قررنا التركيز على نسختنا الخاصة من ازدهار الموظفين.

تعريفنا للازدهار في مايكروسوفت هو: “أن تكون مفعماً بالنشاط ولديك القدرة على القيام بعمل ذي معنى“. هذا هو تطلعنا الأساسي الجديد تجاه موظفينا، وهو يدعونا إلى بذل قصارى جهدنا كل يوم حتى يتولد لدى كل موظف هذا الشعور بالهدف. ولا يتعلق تركيزنا على الازدهار في العمل بالتعافي من تأثير الجائحة أو مضاهاة درجات مشاعر الموظفين قبل كوفيد فقط، بل يتعلق بالخروج من الأزمة سالمين وتحقيق نتائج أفضل.

كيف يبدو الازدهار؟

عندما وردت البيانات المستقاة من أول استطلاع لآراء الموظفين في وقت سابق من هذا العام، بدأنا قياس ازدهارنا لأول مرة. لم ننظر فقط إلى عدد الموظفين الذين ذكروا أنهم مزدهرون، وإنما حسبنا أيضاً القيم المتوسطة على مستوى الشركة بناءً على الردود وفق مقياس مكون من 5 نقاط: إذا اختار الموظف “أختلف بشدة” فهذا يعادل درجة مقدارها صفر و”أوافق بشدة” ستعادل 100. وقد ضمن ذلك أن نستخلص رؤى مراعية لجميع المشاعر الإيجابية والسلبية والحيادية.

بعد تحليل النتائج، وجدنا أن متوسط الازدهار بلغ 77 درجة عبر الشركة، وهو رقم نرى أنه كبير ولكن لا يزال بإمكاننا العمل على تحسينه. عندما قسمنا الازدهار إلى مكوناته الثلاثة، وجدنا أن العمل ذا المعنى (79 درجة) والتمكين (79 درجة) حصلا على درجات أعلى فيما بين الموظفين مقارنة بالنشاط (73 درجة).

ولفهم تجارب الموظفين التي أدت إلى هذه الأرقام، حللنا الردود على أسئلة الاستطلاع المفتوحة. وقد برزت 3 موضوعات رئيسية.

الثقافة مهمة

ما رأيناه هو أن الموظفين المزدهرين ومَن ليسوا كذلك تحدثوا عن الثقافة، ولكن بطرق مختلفة تماماً.

تحدث الموظفون المزدهرون عن البيئة التعاونية والعمل الجماعي مع زملائهم، والثقافة القائمة على الشمول مع توفير الاستقلالية والمرونة، ودعم الرفاهة. وأشارت هذه التعليقات إلى أمثلة مثل القدرة على إجراء محادثات صريحة حول الموضوعات الشائكة دون انتقاد، مع التركيز على إيجاد حلول.

تحدث الموظفون غير المزدهرين عن معاناتهم من العزلة والبيروقراطية وغياب التعاون. وقد سمعنا في هذه التعليقات ما يشير إلى افتقارهم إلى السلطة والشعور أنهم مجرد ترس في آلة. بعبارة أخرى، ذكر هؤلاء الموظفون ما هو على النقيض التام من التمكين والتحفيز للقيام بعمل ذي معنى.

تحقيق الازدهار في العمل يتطلب مشاركة الجميع

من خلال تحليل الأرقام بشكل أعمق، أصبح من الواضح أن كل شخص لديه دور يجب أن يؤديه. درسنا في مايكروسوفت لفترة طويلة أهمية المدراء، ونعلم أن دورهم كان أكثر أهمية من أي وقت مضى لأنهم ساعدوا فرقهم على تجاوز حالة عدم اليقين. ومن المشجع أن نرى مدراءنا يتألقون خلال هذا الوقت العصيب. حصلت عبارة “يعاملني مديري بكرامة واحترام” على 93 درجة، ما يعني أن جميع الموظفين تقريباً اختاروا “أوافق بشدة”، ولكن هذا يعني أيضاً أننا ما زلنا بحاجة إلى التأكد من أن هذه هي التجربة التي مرّ بها كل موظف. وشهدنا أيضاً درجات عالية في الثقة بفعالية المدير (87 درجة) ودعم المدراء للمسارات الوظيفية (85 درجة)، ما يشير بقوة إلى أن المدراء يساعدون فِرقهم على النجاح في الشركة.

على الرغم من أننا نرى هذه الدرجات كمواطن قوة، فإنها تمثل مواطن قوة يجب الاستمرار في بنائها لضمان أن يعيش جميع الموظفين تجربة إيجابية.

الازدهار وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية شيئان مختلفان

عندما نفكر في كيفية دعم الازدهار في العمل، من المهم تمييزه عن تحقيق التوازن بين العمل والحياة والشخصية. يركز الازدهار على أن تكون مفعماً بالنشاط ولديك القدرة على القيام بعمل ذي معنى في دورك، ويعكس التوازن بين العمل والحياة الشخصية ما يحدث في حياة الموظفين الشخصية أيضاً. قيَّم الموظفون رضاهم عن التوازن بين العمل والحياة الشخصية وحصل على 71 درجة، وفي حين أنه من المشجع أن نرى تحسناً في التوازن بين العمل والحياة الشخصية، فإنه لم يتعافَ تماماً بعد ليصل إلى المستويات التي كان عليها قبل كوفيد. وفي بعض الأوقات قد يتحرك الازدهار والتوازن بين العمل والحياة الشخصية في اتجاهات مختلفة.

على سبيل المثال، قد يتمتع الموظف الذي في بداية حياته المهنية ويشعر أنه عاطل جزئياً بتوازن كبير بين عمله وحياته الشخصية من منظور الساعات وحجم العمل، ولكنه لا يشعر أنه مفعم بالنشاط في أثناء وجوده في العمل أو أنه متحمس تجاه المغزى من عمله وتأثيره. من ناحية أخرى، هناك أوقات يمكن أن يشعر الموظفون فيها بالازدهار والرضا التام عن العمل الشاق اللازم لإحراز تقدم في مشروع كبير لدرجة أنه يمكنهم التضحية لفترة قصيرة بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية.

نعرف أن التوازن بين العمل والحياة الشخصية قد يتغير باستمرار، لكننا أردنا الاستفادة من الموظفين الذين أعطوا تقييمات مرتفعة للتوازن بين العمل والحياة الشخصية وقالوا إنهم كانوا مزدهرين في هذا الجزء من حياتهم الذي يركز على العمل. لذلك قارنا بين الـ 56% من موظفينا الذين قالوا إنهم يشعرون بالازدهار وأفادوا بأنهم يحققون التوازن بين العمل والحياة الشخصية بدرجة كبيرة والـ 16% الذين كانوا يشعرون بالازدهار ولكنهم حصلوا على درجات أقل فيما يتعلق بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية.

من خلال دمج البيانات المتعلقة بالمشاعر مع البيانات الوصفية المتعلقة بجداول المواعيد والبريد الإلكتروني التي أزيلت منها هوية الموظفين، وجدنا أن هؤلاء الذين لديهم أفضل ما في العالمين كانت ساعات عملهم الأسبوعية أقل بمقدار 5 ساعات، وكانت الساعات التي يقضونها في التعاون أقل بمقدار 5 ساعات أيضاً، وكانت الساعات التي يقضونها في العمل بتركيز أكثر بمقدار 3 ساعات، وكان لديهم عدد موظفين أقل في شبكتهم الداخلية بمقدار 17 موظفاً. وهذا يؤكد ما عرفناه من بحث سابق حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية ومن تحليل حجم شبكة الموظف، ما أظهر لنا أن زيادة التعاون توثر تأثيراً سلبياً في تصور الموظفين للتوازن بين العمل والحياة الشخصية. كما يؤكد أيضاً أن التعاون ليس سيئاً في جوهره، فبالنسبة إلى العديد من الموظفين، يمكن للأوقات التي يقضونها في العمل الجماعي من كثب وسعيهم إلى تحقيق هدف مشترك أن تعزز الازدهار. ومع ذلك، من المهم الانتباه إلى الكيفية التي يمكن بها أن يؤثر التعاون المكثف في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وينبغي للقادة والموظفين على حدٍ سواء الاحتراس من أن يصبح هذا التعاون المكثف مستمراً على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

التحديات القائمة أمام تحقيق الازدهار في المستقبل

نظراً إلى تزايد عدد الشركات التي تفكر ملياً في كيفية الاستماع إلى موظفيها ومساعدتهم، فمن المهم قضاء بعض الوقت في تحديد بوصلتك، والتأكد من ارتباطها بالنتائج التي تحاول تحقيقها. لن يكون هذا العصر الجديد من العمل الهجين في صالح الموظفين إذا كنت لا تستمع إليهم، أو إذا لم تتطور لمواكبة ما يحدث في حياتهم والكيفية التي يؤدون بها وظائفهم بناءً على ما سمعته. لا يوجد حل واحد مناسب لجميع الحالات، ولكن إيلاء اهتمام شديد لكيفية ازدهار موظفيك يُعد سبيلاً للمضي قدماً.

نعلم أن هذه هي بداية رحلتنا لفهم هذا الأمر في مؤسستنا. والنظر بصورة شاملة إلى الردود المكتوبة الواردة من هؤلاء الذين لم يكونوا مزدهرين يقدم المزيد من الأدلة حول الجوانب الأخرى التي يمكننا تحسينها لموظفينا. على سبيل المثال، على الرغم من أن عبارة “أشعر أنني جزء من فريقي” حصلت على درجة عالية تبلغ 86، كان الشعور الأكثر شيوعاً بفارق كبير فيما بين هؤلاء الذين لم يكونوا مزدهرين هو الاستبعاد، نظراً إلى غياب التعاون والشعور أنهم مستبعدون من عملية صنع القرارات والمعاناة من السياسات والبيروقراطية. سنواصل التركيز على ضمان شعور الموظفين بالشمول كجزء من ثقافتنا على نطاق جميع الفِرق والأقسام.

وأخيراً، كل درجة سواء كانت عالية أو منخفضة هي منطلق لمواصلة الاستماع إلى الموظفين والتعلم والتحسين والتكيف مع التغييرات الجديدة التي تنتظرنا من دون شك. ومع دخولنا عصر العمل الهجين، نحن متحمسون حيال الاستمرار في دراسة الأرقام بشكل أعمق لفهم كيف يمكن تحقيق الازدهار على نطاق مختلف عبر مواقع العمل والمهن وطرق العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .