كيف توازن بين استقلالية الموظفين عن بُعد وتنظيم عملهم؟

9 دقائق
استقلالية الموظفين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يرغب الموظفون بالحصول على استقلالية تامة في اختيار مكان العمل ومواعيده، وتوضح بيانات التقرير العالمي لطرق العمل الهجينة الذي أصدرته شركة “جابرا” في عام 2022 أن هذه الاستقلالية المتزايدة تسهم في تحسين تجربة العمل التي يعيشها الموظف، إذ تعزز عوامل مثل الدافعية والإنتاجية والثقة والصحة النفسية. بيد أن القادة عبروا عن أحد المخاوف المهمة التي تتمثل في عدم قدرتهم على صنع قرارات مهمة حول احتياجات المؤسسة المستقبلية فيما يتعلق بالمساحة والتكنولوجيا بسبب عدم قدرتهم على معرفة المكان الذي سيعمل منه موظفوهم ومواعيد عملهم. لحسن الحظ، توصلت بيانات شركة “جابرا” أيضاً إلى أن الموظفين يتوقون لاستعادة الإحساس بالاستقرار في حياتهم بعد عامين تميزا بالغموض الشديد. يقدم المؤلفون خريطة طريق تساعد القادة على إتاحة استقلالية الموظيفن بصفة متزايدة مع الاهتمام في نفس الوقت باحتياجات الشركة الملموسة بدرجة أكبر.

 

مع بدء شركات كبرى مثل “جوجل” و“آبل” بفرض العودة إلى المقار المكتبية على جميع موظفيها لعدد محدد من أيام أسبوع العمل، نرى أن النقاش حول المرونة والاستقلالية يستمر بالتطور. يتزايد عدد الشركات التي تتخذ مواقف حازمة حول شعورها تجاه المكان الذي يجب أن يعمل موظفوها منه، ما يسلط الضوء مجدداً على مسألة مقدار الحرية التي يمكن أن يتمتع بها الموظفون في تحديد ترتيبات عملهم، سواء كان على الشركة السماح للموظفين بتحديد مكان عملهم ومواعيده أو تحديد هذه الترتيبات نيابة عنهم.

تختلف الآراء حول أفضل نهج يمكن للقادة اتباعه حتى من قبل أن تبدأ نقاشات العودة إلى المقار المكتبية بعد الجائحة، وأدى ذلك إلى تنوع الآراء الرئيسة ما بين “اسمح للموظفين باختيار مكان عملهم ومواعيده وطرقه” و”لا تسمح للموظفين باختيار الأيام التي يمكنهم العمل من المنزل فيها“. في هذا النقاش الواسع النطاق، يُعدّ من يناصرون تحكم القيادة بترتيبات عمل الموظفين غير مكترثين باحتياجات الموظفين، وبالمثل، يُعدّ من يناصرون تحكم الموظفين بترتيبات عملهم بالكامل غافلين عن احتياجات الشركة. ولكن في كثير من الحالات يكون كلا الرأيين خطأ. عند اتباع النهج الصحيح للسماح للموظفين باختيار مكان عملهم ومواعيده فسيكون بالإمكان تعزيز تجربتهم في العمل ومنح القادة التنظيم والقدرة على التنبؤ اللذين يتيحان لهم صنع القرارات الاستراتيجية الأهم في مؤسساتهم.

في هذا المقال نقدم خريطة طريق توضح الطريقة التي يمكن للقادة اتباعها للاستفادة من مساحات المقار المكتبية والتكنولوجيا لمساعدة الموظفين كي يتمكنوا من تنظيم ترتيبات عملهم حتى وإن تمتعوا بالاستقلالية التامة في اختيار مكان العمل ومواعيده.

يرغب الموظفون في اختيار مكان العمل ومواعيده

يبين التقرير العالمي الجديد لطرق العمل الهجينة الذي أصدرته شركة “جابرا” (Jabra) في عام 2022 أن الموظفين الذين يتمتعون بالاستقلالية التامة لاختيار مكان عملهم ومواعيده يقولون جميعهم إنهم يتمتعون بتجربة عمل أفضل مقارنة بمن يتمتعون باستقلالية محدودة أو ضئيلة. حددنا فيما يلي هذه الفئات المختلفة:

  • استقلالية كبيرة: “أتمتع بالاستقلالية التامة لاختيار مكان عملي ومواعيده مع القدرة على الحضور إلى المقر المكتبي إن رغبت في ذلك”.
  • استقلالية محدودة: “أنا مطالب بالعمل عن بعد بدوام كامل ويمكنني اختيار مكان العمل بعيداً عن المقر المكتبي”،
    “أنا مطالب بحد أدنى من أيام العمل ضمن المقر المكتبي، ولكن يمكنني اختيار الأيام”.
  • استقلالية ضئيلة: “أنا ملزم بالعمل ضمن المقر المكتبي بدوام كامل”، “أعمل من المنزل والمقر المكتبي، ولكني لا أختار الأيام (مثلاً، ملزم بالحضور إلى المكتب في أيام الثلاثاء والخميس، والعمل من المنزل في بقية أيام العمل)”.

في دراستنا عرّفنا تجربة العمل على أنها مجموع 8 مقاييس مختلفة: شعور الانتماء والدافعية والإنتاجية والثقة بالفريق والثقة بالقادة والتأثير والتوازن بين الحياة والعمل والصحة النفسية. وعندما سألنا الموظفين عن تأثير ترتيبات العمل في الجوانب المختلفة من تجربة العمل، أبلغ الموظفون الذين يتمتعون باستقلالية كبيرة عن أعلى مستويات الشعور بالانتماء والدافعية والإنتاجية والثقة بالفريق والثقة بالقادة والتوازن بين الحياة والعمل والصحة النفسية. في بعض الحالات كانت درجاتهم في هذه المقاييس أعلى بنسبة 20% من الموظفين الذين تمتعوا باستقلالية ضئيلة. والمثير للاهتمام هو أن شعور الموظفين بتأثيرهم في مؤسساتهم لم يختلف كثيراً بين هذه الفئات. في المستقبل سوف يتعين على القادة والمدراء التوصل إلى طرق بديلة لتعزيز شعور الموظفين بتأثيرهم في المؤسسة، مثل زيادة المكافآت والتقدير.

في الحرب على المواهب التي نشهدها اليوم أصبحت تجربة الموظف نقطة تركيز محورية بالنسبة لكثير من القادة، إذ يمكن أن يشكل منح الموظف إمكانية اختيار مكان عمله ومواعيده أكبر محفز لتجربة عمل أفضل.

ستستمر أهمية المرونة في اختيار مكان العمل بالتزايد على اعتبارها أولوية

منحت التغييرات التي شهدناها في العامين الماضيين الموظفين سبباً وجيهاً لإعادة ترتيب الأولويات في حياتهم ليتمكنوا من التركيز بدرجة أكبر على صحتهم ورفاهتهم. وفي الحقيقة، توصلنا في بحثنا الذي أجريناه العام الماضي إلى أن غالبية الموظفين أصبحوا يولون المرونة قيمة أكبر مقارنة بالراتب والامتيازات الأخرى. منحتهم هذه المرونة فرصة التوصل إلى طرق أحدث وأفضل لأداء أعمالهم من أي مكان وبشروطهم الخاصة.

يؤمن الموظفون أن هذه الطرق الأحدث والأفضل في العمل ستبقى مدة طويلة، وفي الواقع تبين بياناتنا الأخيرة أن 64% من أبناء الجيل زد و63% من أبناء جيل الألفية يعتبرون أن الحيز المكتبي الذي يعملون منه هو مجرد جهاز كمبيوتر محمول (لابتوب) وسماعات وأي مكان يتيح لهم اتصالاً قوياً بشبكة الإنترنت، مقارنة بنسبة 48% من أبناء جيل إكس و43% من أبناء جيل طفرة المواليد. من الواضح أن مستقبل العمل الذي يشكله أبناء الأجيال الأصغر بصورة رئيسية سيمنح الأولوية للتمتع بحرية العمل من أي مكان.

يتخوف القادة من السماح للموظفين باختيار مكان العمل

على الرغم من الفوائد المهمة التي يشهدها كل من الدافعية والإنتاجية والرفاهة نتيجة لزيادة استقلالية الموظفين، فكثير من القادة يعتبرون أن التخلي للموظفين عن كامل السلطة في قرارات تحديد مكان العمل فكرة مثيرة للقلق، فالقائد هو من يجب أن يتخذ القرارات المهمة حول مصير البنية التحتية المادية للمؤسسة. أصدرت شركة “سي بي آر إي” (CBRE) الرائدة عالمياً في مجال العقارات التجارية تقريراً في عام 2021 يشير إلى أن “أخصائيي العقارات في الشركات مكلفون بتطوير استراتيجيات أكثر مرونة في مواجهة محافظ استثمارية مقيدة بالالتزامات التعاقدية وجداول الإهلاك والقواعد الثقافية”.

هذا الرأي نفسه يدفع الكثير من قادة الشركات لطرح أسئلة مهمة عن مستقبل مؤسساتهم في عالم العمل الهجين: هل يتعين علينا بيع بعض عقاراتنا؟ ماذا سنفعل بأثاث المكاتب وغرف الاجتماعات؟ كيف ألبي الاحتياجات التكنولوجية في الشركة إن لم يكن بإمكاني توقع عدد الموظفين الذين سيعملون ضمن المقر المكتبي؟ إن كان على القادة صنع قرارات بناءً على المعلومات في هذه المسائل الحاسمة التي تؤثر على استثمارات مكان العمل والنفقات العامة، فمن الضروري أن يحصلوا على صورة ثابتة قابلة للتوقع عن الطرق التي يخطط موظفوهم لاتباعها في العمل، ويجب أن يفهموا الطرق التي يمكن اتباعها لاستخدام المباني والمساحات والتكنولوجيا.

يرغب الموظفون في العادات والتنظيم والقدرة على التنبؤ في العمل

البشر مجبولون على العادات الروتينية. نسعى في كثير مما نفعله لتحقيق التوازن والتنظيم، لا سيما بين الحياة الشخصية والعمل، والقدرة على التنبؤ هذه هي ما يمنحنا يقيناً أكبر ويتيح لنا تحقيق أقصى فائدة من حياتنا. وقدرة الموظفين على اختيار مكان عملهم ومواعيده لا تعني أنهم سيتجاوزون هذه الميول البشرية الفطرية، بل سيحاولون إنشاء نظام وعادات في حياتهم اليومية ليتمكنوا من تحسين الطرق التي ينفقون بها أوقاتهم.

فلنأخذ مثالاً من مكان العمل. في بحثنا، قال 69% من الموظفين الذين تمتعوا باستقلالية كبيرة إنهم لم يملكوا مكتباً دائماً أو غرفة مكتب في مقر العمل، ومع ذلك كانوا يحاولون الجلوس والعمل في نفس المكان كل يوم. هذه النسبة مماثلة لنسبة الموظفين الذين تمتعوا باستقلالية ضئيلة وأقل بنقطتين مئويتين من الموظفين الذين تمتعوا باستقلالية محدودة في اختيار مكان عملهم. تتفوق القدرة على التنبؤ بغض النظر عن حجم الاستقلالية التي تمنح لك في العمل. وبالمثل، فإن معرفة ما سيبدو عليه يوم العمل ستشكل حافزاً كبيراً للحضور إلى المقر المكتبي، وستزداد احتمالات أن يحضر الموظفون بالفعل إذا عرفوا ما يتوقعونه.

لاحظنا تزايداً في حجم الوقت الذي ينفقه موظف معين في الاجتماعات، كما ازداد تفضيله لحيز العمل في المنزل على حيز العمل في المقرّ المكتبي. ومع عقد 80% من الاجتماعات اليوم في بيئة افتراضية أو هجينة، لم تعد المساحات المخصصة للاجتماعات ضمن المقار المكتبية مستخدمة بنفس قدر استخدامها في السابق. ومع الانتقال إلى العمل من المنزل على إثر الجائحة، أعاد 42% من الموظفين ترتيب مساحات العمل ضمن منازلهم لتتناسب مع عالم العمل الافتراضي (وترتفع هذه النسبة إلى 68% من الموظفين الذين يقضون أكثر من نصف وقتهم في الاجتماعات). وبالتالي فإن الكثير من الموظفين اليوم معدون بدرجة أفضل لنماذج العمل من المنزل الافتراضية، وتقدم لنا موثوقية تجربتهم في العمل التعاوني من المنزل والقدرة على التنبؤ بها قدراً أكبر من اليقين فيما يتعلق بمسار يوم العمل مقارنة باحتمالات العودة إلى المقر المكتبي الذي لم يخضع للتحسينات التي تجعله ملائماً لنموذج العمل الافتراضي.

وهنا يجد القادة أنفسهم في معضلة؛ فمن جهة يتردد الكثيرون في إعادة ترتيب المقار المكتبية من دون فرض استخدامها على الموظفين، ومن الجهة الأخرى لا يمكنهم توقع أن يرغب الموظفون بالعودة إلى المقار المكتبية في حين أصبحت منازلهم معدة على نحو أفضل للعمل الافتراضي والعمل التعاوني. إن تمكّن القادة من تحسين الحيز المكتبي في مقرات شركاتهم لتضاهي قدرات مواقع العمل عن بعد التي أعدها كثير من الموظفين فسيصبح من الأسهل التنبؤ بعادات استخدام هذه المقار المكتبية.

3 خطوات لقيادة المؤسسات الهجينة التي تتيح استقلالية كبيرة لموظفيها

يمكن للقادة باتباع الاستراتيجية المناسبة الاستفادة من الثقة والرفاهة اللتين سيتمتع الموظف بهما إن تمكن من اختيار موقع العمل؛ إذ تسهمان في رفع الإنتاجية، مع الحفاظ في نفس الوقت على قدرتهم على صنع قرارات الشركة الحاسمة حول مصير بنيتها التحتية المادية.

الخطوة الأولى: إنشاء المساحات التي تلبي متطلبات عالم العمل الذي يضع العمل الافتراضي في المقام الأول.

توضح بياناتنا أن الموظفين يدركون قيمة إمكانية الوصول إلى عدة أماكن في العمل فيما يتعلق بتعظيم الإنتاجية والشعور بالانتماء في المؤسسة على حد سواء. وأهم سببين لرغبة الموظفين في الحضور إلى المقر المكتبي هما التركيز والعمل التعاوني، وهما مهمتان تعتبران متضاربتين عادة، ولكن حالة المقار المكتبية الحالية تضع الموظفين ضمن بيئة دون المستوى المطلوب لإتمام هذا النوع من المهام بفعالية.

مثلاً، بيّن تقرير صدر حديثاً عن شركة “بلومبرغ” أن “أحد أهم العوامل التي تسبب الإزعاج لإحدى الموظفات هو الصدى الذي تسمعه عندما تجلس بجوار زميل يحضر نفس الاجتماع الافتراضي الذي تحضره”، ويقول مؤلف التقرير إنها “في بعض الأحيان، لا تستطيع فهم ما يدور في الاجتماع بسبب هذا الصدى”. بما أن مساحات العمل في المقار المكتبية ليست مصممة على نحو مدروس، يجد الموظفون أنفسهم مرغمين على خلط العالمين المادي والافتراضي بطريقة تقلص قيمة كل منهما.

في حين أنه كي يتمكن الموظفون من أداء المهمات التي تستدعي تركيزاً فردياً أو عملاً تعاونياً يجب أن تتوفر لهم مساحات عمل تخفض هذا النوع من عوامل الإزعاج وتعظّم فائدة الأدوات الرقمية، وإحدى الطرق لتوفيرها هي التفكير في الخصوصية السمعية والبصرية التي يوفرها أي حيز مكاني. توضح بياناتنا أن الموظفين يفضلون الأماكن التي تضمن الخصوصية السمعية (61%) أكثر من الخصوصية البصرية (39%)، أي إنهم يفضلون العمل ضمن مكان يحجب الأصوات الداخلية والخارجية بدرجة أكبر مقارنة بمكان يحجب الرؤية من الداخل والخارج. وهذا منطقي، فالخصوصية السمعية ملائمة جداً للعمل الذي يحتاج إلى تركيز كبير ولبيئة العمل التعاوني حيث تشكل جودة الصوت في أغلب الأحيان مشكلة كبيرة بالنسبة للكثيرين.

أحد أسباب العجز عن إنجاز العمل التعاوني ضمن المقار المكتبية هو تفوق تجربة العمل التعاوني عن بُعد باستخدام التكنولوجيا الأكثر ملاءمة للبيئة التي تستخدم ضمنها. سيؤدي إنشاء مساحات عمل ضمن المقار المكتبية تتيح للموظفين الوصول إلى البيئة الافتراضية بسهولة أكبر إلى جعل حياتهم أسهل وبالتالي ستتيح لهم إنشاء عادات عمل ونماذج استخدام للمساحات تتسم بإمكانية التوقع.

الخطوة الثانية: عوّض تضاؤل شعور الموظفين بالانتماء ضمن المقار المكتبية بزيادة شعورهم بالانتماء ضمن المساحات الافتراضية.

اعتاد كثير من الموظفين منذ زمن طويل العمل على مكتب خاص أو ضمن غرفة مكتب خاصة في مكان العمل، وفي كثير من الأحيان كانت هذه المساحات أمراً يتباهى به الموظفون حيث يمكنهم وضع فنجان القهوة المفضل وعرض صور أطفالهم بفخر. ومع تنامي ظاهرة المكاتب المشتركة التي مثلت قراراً ضرورياً في كثير من الشركات التي تنتقل إلى نموذج عمل هجين، نعلم أن كثيراً من الشركات تلغي مساحات العمل المخصصة في المقار المكتبية بسرعة كبيرة. وبالمثل، يقاوم الموظفون فكرة عدم امتلاك مكان خاص بهم: يقول 4 من كل 10 موظفين إن ولاءهم لشركتهم والتزامهم معها سيضعفان إن لم يحصلوا على مساحة عمل ثابتة ودائمة ضمن المقر المكتبي. ما الذي يمنع شعورهم هذا؟ لقد سُلب شعور كثير من الموظفين بالانتماء لمساحات عملهم الشخصية والسيطرة عليها، ولم يحصلوا على ما يعوضه.

ومع النظر إلى حضورنا في المؤسسة على أنه افتراضي بصورة أساسية، يجب استبدال شعور الانتماء الذي كان لدى الموظفين ضمن المقر المكتبي بشعور بالانتماء ضمن الفضاء الافتراضي. وهذا ينطبق تماماً على المؤسسات التي تواصل العمل وفق ترتيبات المكاتب المشتركة؛ يجب استبدال التحفة الشخصية التي سلبت من الموظفين، أي طاولة المكتب أو غرفة المكتب، بالتكنولوجيا الشخصية الخاصة بهم التي تمنحهم الإحساس بالسيطرة والانتماء في عالم العمل الافتراضي الجديد.

يثير هذا الأمر عادة السؤال عن التكنولوجيا الأفضل لمنح هذا الشعور الأكبر بالانتماء والشمول. توصلت بياناتنا إلى أن مستخدمي الأجهزة السمعية الاحترافية أبلغوا عن شعور بالاندماج في الاجتماعات الافتراضية أكبر منه لدى الذين يستخدمون الأجهزة السمعية الاستهلاكية أو أجهزة المايكروفون ومكبرات الصوت المدمجة في أجهزة الكمبيوتر المحمولة. في الحقيقة، كان شعور الموظفين الذين استخدموا السماعات الاحترافية بأنهم مستبعدون من الحوار في الاجتماعات الافتراضية أقلّ بنسبة 11% من الذين استخدموا الأجهزة السمعية الاستهلاكية أو المدمجة في اللابتوب. وبالمثل، كانت احتمالات أن يبلغ الموظفون الذين استخدموا السماعات الاحترافية عن عدم قدرتهم على سماع الحديث في الاجتماع أقلّ بنسبة 14% من الذين استخدموا الأجهزة المدمجة في اللابتوب وبنسبة 12% من الذين استخدموا الأجهزة السمعية الاستهلاكية. كي يشعر الموظفون بالانتماء في البيئات المهنية الافتراضية هذه، يجب أن يستخدموا الأدوات والتكنولوجيات الاحترافية المصممة خصيصاً لتلائم هذه البيئات.

الخطوة الثالثة: أتح للموظفين تحقيق التوازن الذي يتوافق مع إيقاع الحياة الجديد.

الآن بعد أن تم إعداد الخلفية المعمارية والتكنولوجية، أصبح بإمكان القادة التركيز على بناء ثقافة عمل مزدهرة يتمتع الموظفون فيها باستقلالية كبيرة. ففي هذه الشروط يملك الموظفون جميع العناصر التي يحتاجون إليها لبناء عادات العمل التي تناسبهم. ومع مرور الوقت ستبدأ في الظهور صورة لمتوسط معدلات إشغال مكان العمل في المؤسسة، وحينئذ سيتمكن القادة من استخدامها في تحديد ذلك التوازن وصنع قرارات استراتيجية اعتماداً على المعلومات الوافية فيما يتعلق بمستقبل احتياجات الشركة العقارية والتكنولوجية.

حين يمنح القادة موظفيهم حرية اختيار مكان العمل ومواعيده فسيفهم الموظفون أن القادة يثقون بأنهم يؤدون العمل الذي تم توظيفهم لأجله، وتوضح البيانات أن هذه الثقة تعود على القادة والفرق بفائدة كبيرة جداً وتسهم في بناء ثقافة متماسكة تتميز بالشمول والانتماء. ومع استخدام الشركات للمساحات والتكنولوجيات المناسبة ستتيح للموظف تنظيم طرق عمله وبالتالي ستتحسن تجربته في العمل. وباتباع الخطوات المقترحة، سيؤدي نهج الاستقلالية الكبيرة في العمل إلى جعل الموظفين أكثر سعادة وأفضل صحة وأعلى أداء، ومنحهم القدرة على تحقيق التوازن الذي يعود بالفائدة عليهم وعلى مؤسساتهم في آن معاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .