تعد كفاءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الرقمي أداة تواصل مهمة بالنسبة للأكاديميين؛ سواء كنت تسعى لحث الطلاب على التفاعل أو زيادة الوعي بأبحاثك أو الحصول على تغطية إعلامية لقسمك، فالمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي ستمنحك ميزة تنافسية.
فيما يلي دراسة حالة توضح هذه النقطة. لجأت أستاذة الهندسة المدنية بجامعة "تورنتو"، ماريان هاتزوبولو، إلى منصة "تويتر" عندما أرادت ترويج الدراسة التي أجرتها على راكبي الدراجات. كانت تجري بحثاً حول تأثير تلوث الهواء على سلوك راكبي الدراجات، فنشرت بعض التغريدات التي تحث المتابعين على ملء استبيان خاص بهذا البحث. بدا الترويج على منصة "تويتر" محبطاً في البداية، لا سيما أن متابعيها لا يصل عددهم إلى 100، ولكنها مع ذلك استمرت في نشر التغريدات وشجعت أفراد فريقها على نشر التغريدات أيضاً.
لفت نشاط هاتزوبولو على منصة "تويتر" انتباه مجلة إلكترونية متخصصة بركوب الدراجات ونشرت مقالاً عن دراستها، فرأى مراسل في صحيفة "مترو تورنتو" (Metro Toronto) المحلية المقال وتواصل مع الباحثة للحصول على مزيد من المعلومات، وأدت محادثتهما الهاتفية التي استغرقت ساعة واحدة إلى نشر قصة حول مخاطر تلوث الهواء على الصفحة الأولى من المجلة في اليوم التالي. لفتت هذه التغطية الإعلامية انتباه شبكة تلفزيونية كبرى، "غلوبال تي في" (Global TV)، وانتباه القائمين على برنامج إذاعي مع الإذاعة الوطنية الكندية "سي بي سي" (CBC) كانوا يبحثون عن قصص متعلقة بالبيئة مع اقتراب يوم الأرض. انهالت طلبات وسائل الإعلام على هاتزوبولو، وكانت الدعاية التي حصلت لدراستها حلم كل باحث.
قالت هاتزوبولو: "كل شيء بدأ بتغريدة، الانتشار الذي حققناه لا يصدق". منح النشاط الإعلامي الذي بدأ على "تويتر" هاتزوبولو وفريقها قوة دفع كبيرة مع استعدادهم لأخذ الدراسة إلى مدينتَي نيويورك ومونتريال.
مبادئ توجيهية لزيادة تأثيرك في شبكة الإنترنت
ولكن كيف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية للحصول على ميزة تنافسية؟ فيما يلي بعض المبادئ التوجيهية لمساعدتك في زيادة تأثيرك عبر الإنترنت.
ابن ملفاً تعريفياً موجهاً لجمهور معين
من هو جمهورك المستهدف الذي تحاول التحدث إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ ماذا تريد أن تخبره؟ ستساعدك الإجابة عن هذين السؤالين في تحديد جمهورك والمحتوى الذي ستقدمه له والنبرة التي ستخاطبه بها. سيؤدي إنشاء محتوى موجه إلى جذب جمهورك المستهدف، احرص على إبراز قدراتك وما يمكنك تقديمه في ملفك التعريفي على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل منصتي "لينكد إن" و"تويتر". لنفترض أنك عالم تسعى لإتاحة العلوم وجعلها ممتعة، مثل إيموجن كو (Imogen Coe)، عالمة الأحياء الخلوية وعميدة قسم العلوم بجامعة "رايرسن" (Ryerson University) في مدينة تورنتو، إذ وضعت عبارة "أحاول تبسيط العلوم وجعلها ممتعة" في خانة التعريف بنفسها على موقع "تويتر" فأصبحت مؤشراً واضحاً للمحتوى الذي تنوي مشاركته. وساعدها تركيزها على القضايا التي تعشقها في العلوم على بناء شبكة كبيرة من العلماء في جميع أنحاء العالم، من كندا والولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة ونيوزيلندا.
احرص على إشراك جمهورك في محادثات هادفة
سيساعد التحدث عن القضايا التي تهمك أنت وجمهورك على جعلك رائداً فكرياً في مجالك. هذا ينطبق على إيموجن كو التي قامت في عام 2012 بجعل منصة "تويتر" منبراً للتعبير عن آرائها حول قصة خلقت الكثير من الضجة في مجتمع العلوم، إذ كانت ترد على العمود المتخصص بالشؤون المهنية في مجلة "ساينس" (Science) الذي نصح باحثة بمرحلة ما بعد الدكتوراة بأن تتجاهل المشرف الذي قام بسلوك مسيء تجاهها، كانت النصيحة التي وردت في ذلك العمود صادمة لإيموجن كو، فأرسلت بريداً إلكترونياً لمجلة "ساينس" أوردت فيه نصائح بديلة عن كيفية التعامل مع التحرش، ثم شاركت صورة لرسالتها على منصة "تويتر" وقام علماء من جميع أنحاء العالم بإعادة مشاركتها ودعمها بسرعة.
فرأت مراسلة في صحيفة "واشنطن بوست" المنشور واتصلت بها للتعرف على رأيها حول تلك القصة، ونشرت تعليقات إيموجن كو في الصحيفة في اليوم التالي. أدى تفاعل العميدة الاجتماعي إلى تعزيز رسالتها ومساعدتها على جذب اهتمام وسائل الإعلام على اعتبارها مصدراً محترماً في مجال عملها. والأهم من ذلك، أن صوتها وصوت الآخرين أدى إلى إزالة النصيحة الأولى من عمود الشؤون المهنية واستبدالها بنصائح تم جمعها من الجمهور، شملت ما أضافته إيموجن كو، لمساعدة من يتعرض للتحرش.
اجعل التواصل الاجتماعي عادة
ادمج الوسائل الاجتماعية مع أعمالك اليومية الروتينية كي تتمكن من مواكبة ما يتحدث عنه أصحاب المصلحة والزملاء، فالنشاط ومتابعة المستجدات على منصة "تويتر" لمدة 5 دقائق يومياً أفضل من قضاء ساعة كاملة كل أسبوعين. ابق متصلاً بالإنترنت، واستجب للآخرين وأشرك جمهورك في محادثات تهمهم.
قال رئيس جامعة سينسيناتي، سانتا أونو: "لا تأخذ وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الوقت في الحقيقة، وأنا أستخدمها غالباً في المساء قبل النوم وفي وقت الاستراحة بين الاجتماعات". لدى أونو أكثر من 69 ألف متابع على "تويتر" وحده، وهو أحد أكثر الإداريين ذكاءً في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الأوساط الأكاديمية، ووسمه المميز هو (#HottestCollegeinAmerica)، الذي أطلقه بهدف ترويج المحادثات حول جامعته، واستخدمه بانتظام على منصة "تويتر".
فكر قبل النشر
في حين أن التفاعل مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو بالتأكيد أداة فعالة لجذب انتباه وسائل الإعلام وتحسين الصورة الشخصية، فقد يأتي بنتائج عكسية. على سبيل المثال، عندما شارك أونو منذ بضع سنوات صورة لنفسه مع رئيس سابق للجامعة تعرض لانتقادات بسبب إجباره مدرب كرة سلة على الاستقالة، سرعان ما تلقت تغريدته رد فعل عنيف وانهالت عليه التعليقات السلبية. فحذف الصورة بعد 5 دقائق من نشرها. ما هي القاعدة الرئيسة لدى أونو؟ قال أونو لمجلة "كرونيكل" إنه قبل أن يضغط على زر "إرسال"، يسأل نفسه كيف ستبدو التغريدات على الصفحة الأولى من صحيفة "يو إس أيه توداي".
تعرّف إلى سياسة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الجامعة التي تعمل فيها واحرص على توافق مشاركاتك مع الإرشادات التوجيهية، لأنك تمثل الجهة التي تعمل لديها على وسائل التواصل الاجتماعي بغض النظر عن عبارات إخلاء المسؤولية التي قد تضعها في الخانة التعريفية تحت اسمك، مثل "أعبر عن وجهات نظري الخاصة". على سبيل المثال، كانت إيموجن كو عميدة إحدى الكليات في مدينة تورنتو التي تلقت تغطية إعلامية عندما عبرت عن رأيها على منصة "تويتر"، تنشر تعليقات تمثل السياسة الجامعية النموذجية بشأن التحرش، بما في ذلك جامعتها، وهي تعترف بأن نشر تغريدات حول القضايا المثيرة للجدل بما يخالف سياسة الكلية قد يسبب لها بعض المشكلات.
ليس مهماً إن كان عدد متابعيك قليلاً في البداية. يمكن أن يساعدك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بذكاء على تحويل أبحاثك إلى تأثير واقعي.