كيف تُحرز تقدماً مدروساً في أهدافك المهنية طويلة المدى؟

4 دقائق
تحقيق أهدافك المهنية
ريتشارد دروري/غيتي إميدجيز

ملخص: يفضل معظمنا التفكير على المدى الطويل في حياتنا المهنية، بدلاً من الانحراف عن مسارنا بطريقة عشوائية لاقتناص الفرص المتصورة وتفادي المزالق. ولكن كيف يمكنك التفكير بطريقة استراتيجية إذا لم تكن متأكداً تماماً من وجهتك؟ تقدم المؤلفة في هذه المقالة 4 استراتيجيات لمساعدتك في "تحقيق أهدافك المهنية": 1) ابدأ باكتشاف ما لا تريده. 2) اختر اتجاهاً واحداً باعتباره "فرضيتك المؤقتة" لما تريده في حياتك المهنية. 3) ركّز على اكتساب المهارات والمعارف الأساسية التي ستجعلك أفضل، بغض النظر عن الاتجاه الذي ستقرر السير فيه في النهاية. 4) قيِّم مشاعرك وطاقتك الذهنية. أحد أهم عناصر التفكير بطريقة استراتيجية في حياتنا المهنية هو فهم أن حياتنا تسير في دوائر، وعلينا أن ندرك مكاننا في هذه العملية.

 

لا يعني ذلك أنه من السهل تحقيق أهدافنا المهنية طويلة الأجل، ولكن إذا كنت تعرف ما تطمح إليه، فسيكون لديك على الأقل فكرة عن العملية: ابدأ وقد وضعت هدفك النهائي نصب عينيك، واعمل جاهداً لتحقيقه.

لكن بالنسبة إلى جميعنا تقريباً، غيّر العامان الماضيان المسارات التي كنا نسير فيها. فقد تغيرت العناصر الأساسية تغييراً جذرياً، على صعيد طريقة عملنا (التحول الواسع النطاق إلى ترتيبات العمل عن بُعد والعمل الهجين) وعلى الصعيد الجغرافي (غيّر 11% من الأميركيين أماكن سكنهم خلال العام الأول من الجائحة وحده) وعلى صعيد أماكن عملنا (قبل انتعاش سوق العمل، قدرت "منظمة العمل الدولية" أن 114 مليون شخص فقدوا وظائفهم في عام 2020). وهذا لم يغير النقطة التي ننطلق منها للتخطيط لحياتنا المهنية فحسب، بل في حالات كثيرة غيّر أيضاً فهمنا لما هو ممكن وما نريده بالفعل.

بالنسبة إلى البعض، أضفى ذلك المزيد من الوضوح على مسار حياتهم: أريد أن أعيش بالقرب من عائلتي أو أريد فقط وظيفة تتيح لي العمل عن بُعد أو حان الوقت لتأسيس شركتي الخاصة. لكن بالنسبة إلى آخرين، كانت الحقيقة المربكة هي أنهم لم يكونوا متأكدين مما يريدون تحقيقه. يفضل معظمنا التفكير على المدى الطويل في حياتنا المهنية، بدلاً من الانحراف عن مسارنا بطريقة عشوائية لاقتناص الفرص المتصورة وتفادي المزالق. ولكن كيف يمكنك التفكير بطريقة استراتيجية إذا لم تكن متأكداً تماماً من وجهتك؟ فيما يلي 4 استراتيجيات اكتشفتها في بحثي، وهي يمكن أن تكون مفيدة في السعي إلى تحقيق أهدافك طويلة المدى، أياً كانت.

حدد ما لا تريده

غالباً ما نضغط على أنفسنا بشدة لتحديد وجهتنا المستقبلية. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البشر مجبولون على كره عدم التيقن، وفي بعض الأحيان يحدث ذلك لأننا نخشى فقدان مكانتنا في نظر الآخرين إذا بدا أننا لا نعرف ما سنفعله. لكن هذا الضغط يمكن أن يقودنا إلى اتخاذ قرار سابق لأوانه واختيار مسار قد لا يكون مناسباً لنا. بدلاً من ذلك، أنصح عملائي باتباع النهج المعاكس: كن واضحاً بشأن المسار الذي لا تريده، ثم اتخذ خطوات لتجنب السير فيه. إذ من الأسهل بكثير تحديد الأشياء التي تعرف أنك لا تحبها، بدلاً من التفكير في مستقبل افتراضي.

على سبيل المثال، قد تقرر أنك لن تعمل مرة أخرى مع مدير يتبع أسلوب الإدارة التفصيلية، أو أنك لا تريد الاستمرار في مجال عملك الحالي أو أنك لم تعد ترغب في أداء مهمات عملية وتريد فقط الاضطلاع بأدوار استشارية. من خلال هذه المعلومات المفيدة للغاية يمكنك تكوين صورة أكثر واقعية لما تريده، عن طريق طرح هذا السؤال: كيف يمكنني التأكد من تجنب هذه الأشياء في المستقبل؟ ومن المرجح أن تقودك هذه القرارات إلى الاتجاه الذي تريد أن تسلكه.

ضع فرضيات مؤقتة

نعلم جميعاً أنه من المستحيل القيام بكل شيء في وقت واحد، ولكن في الوقت ذاته من الصعب مقاومة إغراء وضع عدد كبير للغاية من الأهداف. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى ضبط أنفسنا وتضييق نطاق تركيزنا. كانت إليزابيث، الموظفة التي ذكرتها في كتابي "كيف تعيد اكتشاف نفسك؟" (Reinventing You)، مهتمة بالعمل في 6 وظائف. وكان من الممكن أن يصبح استكشافها جميعاً مضيعة هائلة للوقت، ما سيشغلها عن إحراز تقدم حقيقي في أي منها. لكنها بدلاً من ذلك، اتبعت نهجاً منظّماً حيث جمعت معلومات حول كل وظيفة (على سبيل المثال، من خلال إجراء مقابلات وقراءة التحليلات التي أجريت عن القطاع) لإيجاد أسباب تدعوها إلى استبعاد كل وظيفة (على سبيل المثال، وجدت أن الوظيفة التي تتطلب العمل لعدد ساعات معين خلال عطلة نهاية الأسبوع لن تكون مناسبة لها).

سمحت لها هذه العملية بتشديد تركيزها على عدد صغير من المسارات الواعدة. لذا، فكر في كيفية تضييق نطاق خياراتك (ربما من خلال التركيز على ما لا تريده، كما أوضحت أعلاه) ثم اختر اتجاهاً واحداً باعتباره "فرضيتك المؤقتة" حول ما تريده في حياتك المهنية. يمكنك دائماً تغيير رأيك لاحقاً، لكنك بذلك اتخذت قراراً مدروساً وستعمل بشكل استراتيجي لتحقيق هدف منطقي.

أحرِز تقدماً في الأساسيات

في مجال العلوم، يركز "البحث الأساسي" على زيادة فهمنا للظواهر الأساسية، مثل كيفية عمل الدماغ أو مبادئ الفيزياء، بينما يترجم "البحث التطبيقي" هذه الاستنتاجات إلى استخدامات عملية واقعية. من الرائع بالطبع أن نفكر بطريقة عملية في حياتنا المهنية، ولكن فقط إذا كنا متأكدين من الاتجاه الذي نريد أن نسير فيه. بالنسبة إلى الكثيرين منا، يؤدي العدد الهائل من القرارات المهنية التي قد نتخذها إلى شل عملية صنع القرار وعدم اتخاذ أي إجراء على الإطلاق. وبالتأكيد لن يكون البقاء في حالة ثبات استراتيجية مهنية رائعة.

لذلك في حياتك المهنية من الأفضل بكثير التركيز على ما يعادل "البحث الأساسي" واكتساب المهارات والمعارف الأساسية التي ستجعلك أفضل، بغض النظر عن الاتجاه الذي ستقرر السير فيه في النهاية. على سبيل المثال، قد لا يكون تعلُّم البرمجة بلغة برمجة معينة مفيداً إذا قررت ترك مجال الهندسة، ولكن صقل مهاراتك في التحدث أمام الجمهور أو مهاراتك في إدارة الوقت سيكون مفيداً في جميع المهن تقريباً.

قيِّم مشاعرك وطاقتك الذهنية

استنزف العامان الماضيان طاقة الجميع، لكن كل منا تأثر على نحو مختلف حسب ظروفه (فهناك مَن كان يعمل عن بُعد ويعيش بمفرده، وهناك مَن لم يستطع التركيز بسبب الأصوات العالية لأطفاله). لذا فإن أحد أهم عناصر التفكير بطريقة استراتيجية في حياتك المهنية هو فهم أن حياتنا تسير في دوائر، وعلينا أن ندرك مكاننا في هذه العملية.

ربما عانيت من فتور الهمة في أثناء الجائحة، لكنك الآن تشعر بالاستعداد لنفض غبار الخمول عن نفسك والانخراط في مشاريع جديدة بحماس. أو ربما أمضيت العامين الماضيين في العمل فوق طاقتك محاولاً التماسك والسيطرة على الأمور. إذا كان هذا هو الحال، فربما لا يكون هذا هو الوقت المناسب للمخاطرة في حياتك المهنية. بدلاً من ذلك، قد تحتاج إلى إدارة طاقتك وإدراك أن أفضل شيء يمكنك القيام به لتحقيق النجاح في حياتك المهنية على المدى الطويل هو أخذ استراحة تستحقها عن جدارة، سواء بقضاء إجازة أكثر اتساماً بالطابع الرسمي أو ببساطة بأن تدرك أنه لا بأس من التوقف مؤقتاً عن وضع أهداف طموحة جديدة لنفسك في الوقت الحالي، وتجنب لوم نفسك على هذا القرار.

دائماً ما تؤثر الضغوط القصيرة الأجل في تخطيطنا لحياتنا المهنية على المدى الطويل، وينطبق هذا بصورة خاصة عند المرور بأزمة جماعية. حتى إن لم نكن متأكدين تماماً من الوجهة التي نرغب في الوصول إليها، فمن خلال اتباع هذه الاستراتيجيات، يمكننا التأكد من أننا نتخذ الخطوات الصحيحة للابتعاد عما لا يناسبنا أو يصلح لنا والاتجاه نحو مستقبل يبدو مفعماً بالأمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي