ما إن ينتهي روّاد الأعمال من تأسيس شركاتهم الناشئة، سرعان ما ينتقل تفكيرهم إلى المستقبل لرسم ملامح تطور تلك الشركة والمحافظة على استمراريتها ونمائها، وتبدأ التساؤلات: ما النقاط الرئيسية التي تميّزنا عن منافسينا؟ كيف نخدم عملاءنا بطريقة مختلفة؟ ما هو أفضل مصدر مستدام للتمويل؟ هل تمثل القروض التقليدية أفضل طريقة للتمويل أم أن هناك خيارات أفضل مثل طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام؟ عندما يحصل أصحاب المشاريع الريادية على إجابات واضحة ومقنعة عن هذه الأسئلة، فهذا يعني أن شركاتهم تتبع النهج المناسب لتوسيع وتنويع أعمالها. تبادرت هذه الأسئلة وغيرها من النقاط المحورية إلى ذهن مؤسسي "شركة جاهز الدولية لتقنية نظم المعلومات"، مالكة تطبيق "جاهز"؛ المنصة التقنية السعودية الرائدة في مجال خدمات توصيل طلبات المطاعم والخدمات عند الطلب. فما هي الإجابات والحلول المبتكرة التي توصلت إليها؟ وكيف استطاعت إثبات نفسها بين المنافسين؟ وماذا عن طرح أسهم مجموعة "جاهز" للاكتتاب العام؟
رحلة المليون الأول
بالعودة إلى الماضي القريب، وتحديداً إلى عام 2016، نجد أن السوق السعودية كانت حاضنة لعدة تطبيقات متخصصة بخدمات التوصيل، وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك جهة متخصصة تربط بشكل متكامل ومتناسق بين العناصر الأساسية لإنجاز عملية التوصيل وهي: المطعم، مندوب التوصيل، العميل، ومن هنا انطلقت فكرة تطبيق "جاهز" القائم على عملية ربط تقني متطور لجميع تلك الأطراف، بما يضمن إتمام رحلة توصيل طلب العميل بنجاح.
لقد كانت هذه "الثغرة" باب دخول المجموعة "الواسع" إلى السوق؛ فبعد حوالي عامٍ واحد فقط على إطلاقه، تمكن تطبيق "جاهز" من إتمام مليون طلب توصيل، وقد نجحت "جاهز" حتى الآن وخلال خمس سنوات في توصيل أكثر من 68 مليون طلب في جميع أنحاء المملكة.
كان العام 2020 عام التحديات الكبرى التي أظهرت من هم أصحاب التفكير المرن، ومن هم الأشخاص القادرون على التكيّف مع الأزمات وتسخير التقدم التقني لإيجاد حلول مناسبة، وهذا ما تميّز به عموماً قطاع خدمات التوصيل في المملكة الذي واكب التطوّرات التي فرضتها الجائحة وأخذ بالتوسع والاستفادة من المعطيات الجديدة في السوق. فقد أثرت جائحة "كورونا" في سلوك المستهلك وإقباله المتزايد على استعمال تطبيقات التوصيل كسبيل للراحة التي أصبحت من مستلزمات الحياة السائدة اليوم حتى بعد تخفيف الإجراءات والقيود التي فُرضت جراء الجائحة وعودة المطاعم لنشاطها العادي. فقد كشفت "هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات" في المملكة عن تجاوز المتوسط الشهري لعدد الطلبات 9.5 مليون طلب خلال الربع الثاني من عام 2021، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 37%. كما ارتفع المتوسط الشهري لقيمة الطلبات خلال ذات الفترة بنسبة 49% ليصل إلى 1.1 مليار ريال، وارتفع المتوسط الشهري لعمليات الدفع الإلكتروني 135% ليصل إلى 8.3 مليون عملية. كما أكد تقرير الاستثمار الجريء (المغامر) في المملكة العربية السعودية الصادر عن منصة "ماغنيت" (MAGNiTT)، أن النصف الأول من عام 2021 شهد أفضل أداء من حيث عدد الصفقات في ثلاثة قطاعات هي: قطاعات التقنية المالية بنمو قدره (15%)، والأغذية والمشروبات (8%)، والتوصيل والخدمات اللوجستية (6%). أما من حيث قيمة الاستثمار الجريء (المغامر)، فقد حلّ قطاع الأغذية والمشروبات ثانياً بنمو قدره (17%).
طرح أسهم مجموعة "جاهز" للاكتتاب العام في تداول السعودية
النمو الذي شهده القطاع والذي استفادت منه "جاهز" كان كفيلاً بتطور ونمو المجموعة وتجهيزها لطرح أسهمها للاكتتاب العام، ويعتبر هذا الأمر تحولاً يستحق الوقوف عنده. فالمشاريع والمؤسسات الناشئة لا تبدي عادة اهتماماً بطرح أسهمها في أسواق المال، بل تبحث غالباً عن استثمارات أجنبية خارجية لتوسيع أعمالها، أو تلجأ إلى القروض "التقليدية"، أو يتوجه مؤسسوها إلى خيارات بيع مشاريعهم عن طريق صفقة استحواذ لصالح شركة أكبر تبحث عن أفكار إبداعية. وقد اختارت "جاهز" الاستعداد لإدراج أسهمها في "تداول السعودية"، وقامت بتكليف شركة "آتش إس بي سي العربية السعودية" (HSBC Saudi Arabia) كمستشار مالي ومنسق عالمي لعملية الطرح، وقد حصلت الشركة مؤخراً على موافقة هيئة السوق المالية لطرح (%13) من أسهمها في السوق الموازية (نمو). ويخضع هذا الطرح العام الأولي لظروف السوق والحصول على جميع الموافقات التنظيمية المطلوبة.
إن حداثة عهد مجموعة "جاهز" لم تمنعها من بناء بيئة عمل متميزة ومتكاملة خلال فترة قصيرة، الأمر الذي ساعدها على كسب ثقة عملائها، وتحقيق قاعدة كبيرة من المستهلكين، فهي كما في 31 مارس/آذار 2021، تقدم خدماتها لأكثر من 1.3 مليون عميل من خلال شبكة تضم 12 ألف فرع للمتاجر، وأكثر من 34 ألف مندوب توصيل في 47 مدينة في جميع أنحاء المملكة، وقد حققت نمواً كبيراً منذ تأسيسها، واستحوذت على حصة سوقية ضخمة جعلتها المنصة الرائدة في المملكة لخدمات توصيل الطلبات. لقد وصل إجمالي عدد الطلبات المُسجلة عبر تطبيق "جاهز" في عام 2020 إلى 19.5 مليون طلب، مما أتاح لهذا التطبيق أن يتبوأ المرتبة الأولى كأكبر صفقة استثمار جريء (مغامر) شهدتها المملكة في النصف الأول من العام ذاته، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن منصة "ماغنيت" و"الشركة السعودية للاستثمار الجريء"، وتواصلت نجاحات تطبيق "جاهز"؛ حيث ارتفع إجمالي عدد الطلبات المُسجّلة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 إلى أكثر من 36 مليون طلب، بقيمة طلبات إجمالية وصلت إلى نحو 2.4 مليار ريال (غير شاملة للضريبة)، الأمر الذي عزز من مكانة التطبيق بين منصات التوصيل العاملة في السعودية.
بناء تجربة العميل من الألف إلى الياء
تمضي مجموعة "جاهز" قدماً نحو الاكتتاب العام واثقة بنظام عملها القائم على مواكبة رحلة العميل من الألف إلى الياء، وذلك منذ لحظة اختياره لطعامه المفضل مروراً بمرحلة الطلب والتجهيز وحتى وصول الطلب إلى باب بيته، ويقوم هذا النظام على إنشاء منظومة متكاملة تلبي جميع احتياجات العملاء على اختلاف مراحل الطلب، ومن أمثلة الشركات الأخرى التي تعمل تحت مظلة مجموعة "جاهز":
- منصة بك (PIK): هي منصة "تجارة سريعة" (Quick commerce) تهدف إلى ربط العملاء بعلاماتهم التجارية المفضلة من خلال التوصيل السريع من المتاجر الكبرى ومحلات التموينات الغذائية والصيدليات ومتاجر التجزئة المحلية مباشرة.
- شركة "كوكيتشنز": استحوذت المجموعة عام 2020 على حصة نسبتها 60% من شركة "كوكيتشنز"، وهي شركة تركّز على إنشاء مطابخ سحابية في جميع أنحاء المملكة.
- شركة "لوجي": قامت المجموعة بإنشاء شركة "لوجي" عام 2021، لتكون عامل تمكين لقطاع التجارة الإلكترونية والتوصيل بصفة عامة، من خلال تقديم الحلول اللوجستية.
- "شركة اللون الأحمر": أنشأت المجموعة "شركة اللون الأحمر" لتكون ذراعها الاستثمارية من أجل تحقيق أهدافها التوسعية.
وفي ختام الحديث عن طرح أسهم مجموعة "جاهز" للاكتتاب العام، لم تعد خدمة توصيل طلبات الطعام إلى العملاء مجرد رفاهية كما يعتقد البعض، بل أصبحت ضرورة أساسية مع متطلبات العصر الرقمي الحديث والتقدم التقني المتسارع، ولهذا تطمح مجموعة "جاهز" إلى أن تصبح المنصة الأكثر محبة والأوسع حضوراً في منطقة الشرق الأوسط من خلال تقديم تجربة سلسة تتمحور حول تلبية احتياجات وتطلعات العملاء باعتماد تقنيات مبتكرة ترسم مستقبل الاقتصاد الجديد الذي يترجم التحولات التي تمر فيها المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030، وبهدف تحويل رؤيتها إلى واقع عملي وجّهت مجموعة "جاهز" أنظارها نحو السوق المزدهرة للأسهم، باعتبارها أحد مقاييس النشاط الاقتصادي الذي تتعامل معه الدول الكبرى على أنه علامة مميزة لاحتضان مشاريع ريادية ناجحة، ولا سيما في حالة شركة تقنية تواكب التحول الرقمي الذي أصبح صفة سائدة في عالمنا الحديث.