ما أفضل طريقة لتغيير عرضك في المفاوضات؟

5 دقائق
تغيير العرض في المفاوضات

ملخص: ما المقدار الذي يمكن أن تغير به عرضك في كل جولة من المفاوضات؟ وهل لديك القدرة على تغيير العرض في المفاوضات بشكل دائم؟ يمكن أن تكون المخاطر كبيرة؛ فالتنازل عن الكثير سيقلل من قيمة عرضك، والتنازل عن القليل للغاية يخاطر بوصول المفاوضات إلى طريق مسدودة. يُظهر البحث الأخير الذي أجراه المؤلفون أن اتباع نهج محدد إزاء تقديم التنازلات، وهو تقليل المقدار الذي تقلل به سعر عرضك في كل جولة، يمكن أن يحقق أكبر قيمة لأنه يرسل إشارة واضحة حول عرضك النهائي.

 

في التفاوض الصفري، مثل التفاوض بشأن سعر منتج أو إيجار شقة أو سعر قطعة أثرية، يتمثل التحدي الرئيس في معرفة المقدار الذي يجب أن تغير به عرضك في كل جولة من المفاوضات. فالتنازل عن الكثير سيقلل من قيمة عرضك، والتنازل عن القليل للغاية يخاطر بوصول المفاوضات إلى طريق مسدودة. الموقف معقد نظراً إلى التفسيرات العديدة التي يمكن أن يدل عليها مقدار هذه التنازلات: أن المفاوض يريد التسوية بسرعة أو أنه يفتقر إلى الطموح أو يريد تشجيع مبدأ التبادلية.

كيفية تغيير العرض في المفاوضات

كان الهدف من بحثنا الذي أجريناه مؤخراً هو فهم كيفية استجابة المفاوضين لهذه الإشارات، وبالتالي التوصل إلى النهج الأكثر فائدة لتقديم التنازلات.

عادة ما يقدم المفاوضون تنازلات عن طريق خفض سعرهم بالمقدار نفسه عبر الجولات؛ 50 دولاراً في كل مرة، على سبيل المثال. لكن 6% من المفاوضين ذوي الخبرة المشاركين في استطلاعنا اتبعوا نهجاً بديلاً لتقليل تنازلاتهم تدريجياً؛ بمعنى آخر، جعل مقدار التنازل أقل في كل جولة: 100 دولار في الجولة الأولى ثم 60 دولاراً ثم 30 دولاراً، وهكذا. أظهر بحثنا في النهاية أن هذا النهج الدقيق يمكن أن يساعد المفاوضين على استخلاص قيمة أكبر.

تقليل التنازلات تدريجياً استراتيجية ناجحة

لتحديد فوائد تقليل التنازلات تدريجياً، أجرينا دراسة أخبرنا فيها المشاركين، وهم طلاب ماجستير في إدارة الأعمال من جنسيات مختلفة، أنهم يريدون استئجار شقة بغرفة نوم واحدة في وسط المدينة وأن الإيجار الشهري للشقق المماثلة في الضواحي المجاورة يتراوح من 700 دولار إلى ألف دولار. وطلبنا منهم التفاوض بشأن إيجار شقة مناسبة أعلن عنها المالك بسعر 1,500 دولار.

حاكينا المالك بروبوت قدم تنازلات بمقدار ثابت أو متناقص على مدار 3 جولات تفاوض. تلقى نصف الطلاب عروضاً مضادة أقل سعراً بمقدار 100 دولار في كل مرة (1,400 دولار ثم 1,300 دولار ثم 1,200 دولار). وتلقى النصف الآخر عروضاً مضادة بنمط متناقص تدريجياً (1,300 دولار ثم 1,225 دولار ثم 1,200 دولار). انتهى التفاوض تلقائياً عندما وافق المشاركون على العرض أو عندما قدموا عرضاً أعلى من العرض المضاد للمالك.

في كل حالة، كان العرض الأخير للمالك هو 1,200 دولار، لكننا وجدنا أن متوسط العرض الأخير للمشاركين الذين قُدمَت لهم تنازلات بمقدار ثابت كان أقل من متوسط عرض المشاركين الذين قُدمت لهم تنازلات متناقصة تدريجياً؛ 879 دولاراً مقابل 811 دولاراً. ما يمكن استنتاجه هو أنه من خلال تقليل حجم التنازلات التي يقدمها المفاوضون، يمكنهم عقد صفقات أكثر جاذبية لأن نظراءهم على استعداد لدفع المزيد.

تقديم تنازل واحد، استراتيجية لا تنجح كثيراً

لتحديد ما إذا كان تقليل مقدار التنازل عدة مرات تدريجياً أكثر فاعلية من تقليله لمرة واحدة فقط، أجرينا دراسة أخرى طلبنا فيها من طلاب ماجستير إدارة الأعمال التنفيذي، وكانوا من جنسيات مختلفة أيضاً، التفاوض عبر البريد الإلكتروني على مكافأة التوقيع على عرض عمل متفق عليه. أدى المشاركون إما دور المسؤول عن التوظيف وإما دور المرشح، وتفاوضوا مع بعضهم البعض للتوصل إلى اتفاق. طُلب من جميع مسؤولي التوظيف تقديم العرض الأول نفسه بقيمة 20 ألف دولار. ثم طُلب من نصف مسؤولي التوظيف زيادة هذا العرض بمقدار 2,000 دولار ثم 750 دولاراً ثم 250 دولاراً، ما أدى إلى عرض نهائي بقيمة 23 ألف دولار. وقدَّم النصف الآخر من مسؤولي التوظيف تنازلاً واحداً فقط، ما أدى على الفور إلى زيادة العرض إلى 23 ألف دولار.

وهنا مرة أخرى وجدنا فرقاً كبيراً في متوسط العروض النهائية للنظراء. وافق المرشحون الذين قُدمَت لهم زيادات متدرجة على الاستقرار عند 23,650 دولاراً في المتوسط، في المقابل كان المرشحون الذين لم يتلقوا مثل هذه الزيادات المتدرجة أكثر طموحاً إزاء عرض مضاد نهائي بقيمة 28,161 دولاراً. بعبارة أخرى، انتهى الأمر بمسؤولي التوظيف الذين قللوا تنازلاتهم تدريجياً في المتوسط إلى إنفاق مبلغ أقل بحوالي 4,500 دولار لتوظيف المرشح مقارنة بمسؤولي التوظيف الذين قدموا تنازلاً واحداً.

كم يجب أن يكون الفرق كبيراً عند تغيير العرض في المفاوضات تحديداً؟

أجرينا دراسة ثالثة للحصول على فكرة أكثر دقة عن المعدل الأكثر فاعلية الذي ينبغي للمفاوض تقليل تنازلاته به. ووجدنا أن تأثير التقليل التدريجي كان أكثر فعالية عند تطبيقه بوتيرة معتدلة. لاختبار ذلك، تفاوض المشاركون على شراء كمبيوتر محمول مستعمل بسعر 1,500 دولار مع بائع وهمي. تلقى بعض المفاوضين 3 تنازلات متساوية في المقدار من البائع. وتلقى المفاوضون الآخرون 3 تنازلات متناقصة، ولكن بوتيرة مختلفة.

قدم المشاركون أعلى متوسط عرض (975 دولاراً) عندما قدم البائع تنازلات متناقصة بوتيرة معتدلة، على عكس تقليل التنازلات ببطء (957 دولاراً) أو تقديم تنازل أول كبير جداً متبوعاً بسلسلة من التنازلات الصغيرة (937 دولاراً). أدى الحفاظ على حجم التنازل ثابتاً في كل جولة إلى أسوأ نتيجة للبائع، فقد بلغ عرض المشترين النهائي 909 دولارات فقط في المتوسط.

هذا يعني أن المفاوضين يحتاجون إلى تقليل التنازلات بشكل كبير بما يكفي في كل جولة إلى أن يلاحظ الطرف الآخر ذلك، إذ يحتاج نظيرك إلى إدراك أن تنازلاتك تتضاءل من جولة إلى أخرى، ولكن ليس كثيراً لدرجة تجعل سعرك الأصلي يبدو وكأنه ضربة حظ تليها تنازلات صغيرة خادعة. كما يجب على المفاوضين الذين ينوون تقليص تنازلاتهم تدريجياً إجراء بحوث حول أسواقهم لفهم شكل التنازلات "الكبيرة" أو "الصغيرة".

اذكر الحد النهائي

لماذا ينجح نهج تقليل التنازلات تدريجياً؟ تُظهر دراساتنا أنه من خلال تقليص حجم كل تنازل جديد، فإن المفاوضين بذلك ينبهون نظراءهم إلى أنهم وصلوا إلى الحد الأدنى (سواء كان هذا الحد الأدنى حقيقياً أم لا). نظراً إلى أن النظراء يتكيفون مع هذه الإشارات، فإنها تجبرهم على تقليل طموحهم والاستسلام لكي لا يصل التفاوض إلى طريق مسدودة.

وجدنا أيضاً أن هذا النهج يأتي بنتائج أفضل عندما تخبر الطرف الآخر صراحة أنك وصلت إلى حدك الأدنى. في دراسة منفصلة، أثبتنا وجود هذا التأثير في مفاوضات حول الإيجار حيث تمت محاكاة المالك مرة أخرى بروبوت. عندما قلل المالك تنازلاته تدريجياً وذكر أنه وصل إلى الحد الأدنى، قدم المشاركون عرضاً متوسطاً أعلى مما قدموه عندما اكتفى المالك بتقليل تنازلاته. هذا يعني أنه يمكن للمفاوضين تحقيق نتائج أفضل عندما تكون تنازلاتهم مقترنة بتصريح مثل "وصلت إلى الحد الأدنى".

على الرغم من أن المفاوضين يمكن أن يحصلوا على قيمة أكبر عندما يقللون تنازلاتهم بصورة متعاقبة، فإننا نحذر المفاوضين من فعل ذلك على حساب التضحية بالحلول المحتملة المربحة للطرفين التي يمكن الوصول إليها غالباً في المفاوضات التي تنطوي على جوانب متعددة، ويمكن إضافة جوانب أخرى إليها، أو عندما تكون هناك علاقة مستمرة بين الطرفين. قد تؤدي الإشارة إلى حدك النهائي عن طريق تقليل التنازلات تدريجياً إلى صرف تركيز المفاوضين عن الوصول إلى حلول تعود بالنفع على الطرفين. وبالمثل، فإننا لا ننصح المفاوضين باتباع هذا النهج عندما تتسم السوق بالشفافية نسبياً وعندما يكون تقدير الحد الأدنى للأطراف أسهل بناءً على بحوث السوق.

يذهب العديد من المفاوضين إلى غرفة المفاوضات دون وجود خطة من أجل تغيير العرض في المفاوضات أو للكيفية التي سيقدمون بها التنازلات. لكن الفعالية النسبية لتقليل مقدار تنازلاتك على مدار عدة جولات هي دليل على أنه ينبغي لك التخطيط دائماً لتنازلاتك قبل التفاوض.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي