كيف تتحول من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات؟

9 دقائق
من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات

إذا كنت في صدد التحول من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات، فلا بد من توافر مهارات مختلفة والتركيز على جوانب مختلفة.

عندما تم تعيين ساتيا ناديلا رئيساً تنفيذياً لشركة "مايكروسوفت" عام 2014، كانت الشركة تستخدم نموذج مبيعات مجرّباً وموثوقاً أسهم في جعلها واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم. إذ كانت المبالغ التي تفرضها "مايكروسوفت" على المؤسسات مقابل منتجاتها تعتمد بصورة أساسية على عدد الموظفين. فكان لا بد من حصول كل موظف يستخدم الكمبيوتر على ترخيص، وكان مندوبو المبيعات في "مايكروسوفت" يبرمون العقود (عادة لمدة ثلاث سنوات) بضرب عدد الموظفين في التكلفة السنوية للبرمجيات. وما إن يتم إبرام الصفقة، حتى يحصّل مندوب المبيعات عمولة الشركة ثم ينتقل إلى العميل التالي. ويستخدم الكثير من شركات التكنولوجيا المتخصصة في التعامل التجاري بين الشركات نموذجاً مشابهاً، والذي يصفه البعض بأنه يوصّل للعميل رسالة مفادها: "شكراً لكم! وإلى اللقاء بعد ثلاث سنوات" لأن مندوبي المبيعات ليس لديهم ما يدعوهم إلى الاتصال بالعميل مرة أخرى قبل أن يحين موعد تجديد الحساب.

وأراد ناديلا، بصفته الرئيس التنفيذي الجديد، تغيير الأعمال الأساسية لشركة "مايكروسوفت" وطريقة تسعير منتجاتها وبيعها. وبدلاً من بيع التراخيص والاعتماد على استراتيجية "ويندوز أولاً" التقليدية لشركة "مايكروسوفت"، وضع تصوراً لنموذج "السحابة أولاً" الذي من شأنه تحويل الكثير من منتجات الشركة إلى نموذج "البرمجيات كخدمة" (SaaS) الذي شاع انتشاره في الآونة الأخيرة. يفرض نموذج "البرمجيات كخدمة" رسوماً على أساس الاستهلاك، على غرار الطريقة التي تفرض بها شركات المرافق رسوماً على المنازل مقابل الكميات المستهلكة من المياه أو الكهرباء، وكلما زاد استخدام العميل، ارتفعت قيمة الفاتورة. أدرك ناديلا أن هذا التحوّل لن يتطلب تغيير الاستراتيجية فحسب، بل يستلزم أيضاً عقلية جديدة تماماً حول وظيفة المبيعات.

وكثيراً ما أقول لطلابي إن معظم استراتيجيات المبيعات وقرارات الإدارة تتمحور حول ثلاث قضايا رئيسية: المادة المباعة وأسلوب البيع ونوعية العميل. ويجب على القادة عند التحول من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات أن يعيدوا النظر ليس فقط في المادة المبيعة (الخدمات بدلاً من المنتجات) ولكن أيضاً في نوعية العميل (نوعية العملاء الذين تلاحقهم فِرق المبيعات) وأسلوب البيع (الطريقة التي يتعامل بها مندوبو المبيعات مع العملاء قبل البيع وبعده، والمهارات الجديدة اللازمة للوظيفة، وطريقة تدريبهم وتعويضهم). وهذا أمر في غاية التعقيد، حتى إن الكثير من شركات التكنولوجيا شهد موجات متعاقبة من إعادة هيكلة فرق المبيعات وتقليص أحجامها بينما تكافح لتحقيقه.

وقد استطعت تحديد الخطوات التي يجب على الشركات اتخاذها للانتقال بنجاح إلى نموذج يقوم على الاستهلاك، استناداً إلى بحثي حول التفاعلات مع خبراء القطاع المتمرسين الذين يحضرون دورات تعليم المهارات التنفيذية التي أتولى تدريسها، وإلى دراسة حالة متعمقة أجريتها مع "مايكروسوفت". ورغم أنني استقيت أبرز الأمثلة من شركات التكنولوجيا، فإن الإرشادات تنطبق على أي مؤسسة تحاول تحقيق هذه القفزة. حيث تتحول شركة "دايملر تركس" (Daimler Trucks)، على سبيل المثال، من تأجير مركباتها إلى كبرى الشركات، مثل "يو بي إس" (UPS)، لفترات زمنية محددة إلى تحديد الرسوم مقابل الأميال المقطوعة. كما أن الوصفات التي تتضمن إعادة تقسيم قاعدة العملاء وإعادة النظر في الهيكل التنظيمي للمبيعات وتغيير طريقة تفاعل مندوبي المبيعات مع العملاء والمستهدفات اليومية تمكّن الشركات من تحويل فرق مبيعاتها لدعم الاستراتيجية الجديدة بصورة أكثر فاعلية.

الخطوة الأولى:

إعادة النظر في طريقة تقسيم العملاء

يجري تنظيم فرق المبيعات استناداً إلى حجم العملاء وإمكاناتهم باعتبارها الطريقة الأكثر شيوعاً بين كبرى المؤسسات المتخصصة في التعامل التجاري بين الشركات. وعادةً ما تمثل حسابات المؤسسات الكبرى كل العملاء الذين يمتلكون أكبر عدد من الأفراد (وأكبر عدد من التراخيص)، وبالتالي تعتبر أولوية قصوى ويتم إسنادها إلى أفضل مندوبي المبيعات. وغالباً ما يُنظر إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها أهدافاً أقل جاذبية، وبالتالي تُخصّص لها أقل الموارد، حتى إن مؤسسات المبيعات قد تكلّف مندوب مبيعات واحداً للتعامل مع الكثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، على سبيل المثال، أو تسند هذه الحسابات إلى مندوبي المبيعات الداخليين (الذين يعملون عبر الهاتف وعبر الإنترنت بدلاً من زيارة مقراتها بصفة شخصية).

وقد يسفر التحول إلى نظام "البرمجيات كخدمة" عن قلب هذا المنطق رأساً على عقب. انظر مثلاً إلى شركة "نتفليكس"، حيث يعمل لدى الشركة 8,600 موظف، وهو ما يعتبر عدداً ضئيلاً قياساً إلى عدد العاملين في المؤسسات الكبيرة بالمعايير التقليدية، وهو ما يعني أن "نتفليكس" كانت ستُعتبر عميلاً أقل جاذبية بالمفهوم التقليدي للتعامل التجاري بين الشركات. لكن تخيل أنك تبيع خدمات السحابة الإلكترونية التي يتم تسعيرها وفقاً لاستخدام البيانات. إذ يتطلب تخزين آلاف الأفلام وبثها إلى ملايين العملاء كماً هائلاً من البيانات، وكمثال على ذلك فقد استحوذت "نتفليكس" خلال النصف الأول من عام 2019 على 12.6% من إجمالي حركة المرور على الإنترنت. وتعتبر "نتفليكس" شركة عملاقة بمقياس استهلاك الخدمات السحابية، على الرغم من عدد أفرادها المتواضع نسبياً.

ويجب على مندوبي المبيعات ومدرائهم، إذا ما أرادوا التحول بفاعلية إلى بيع الخدمات، إعادة النظر في المقاييس التي تحدد أهمية العميل المحتمل من بين حسابات المؤسسات الكبرى، إلا أن هذا العمل أصعب مما قد يبدو. فمن السهل إلى حد ما الحكم على حجم الشركة من خلال المقاييس التقليدية، أما تقييم كيفية استخدام الموظفين للخدمات مثل التخزين السحابي والبرمجيات (أو إقناعهم باستخدامها) فليست كذلك. لكن المقاييس الجديدة للبرمجيات كخدمة آخذة في الظهور: فبعض الشركات، على سبيل المثال، تهتم بعدد مهندسي السحابة الإلكترونية الذين يوظفهم العميل المستهدف (والذي يمكن تقديره باستخدام موارد مثل "لينكد إن")، فيما تركز شركات أخرى على الاستخدام السحابي المحتمل للعملاء النهائيين للعميل المستهدف.

الخطوة الثانية:

إعادة هيكلة منظومة المبيعات

تركز إعادة النظر في تقسيم العملاء على السؤال التالي: مَنْ عملاء الشركة المستهدفون؟ وبمجرد أن تنتهي منظومة المبيعات من تحديد العملاء المستهدفين، يجب أن توجّه تركيزها إلى كيفية البيع لهم. وعادةً ما تتضمن عملية المبيعات التقليدية توليد عملاء محتملين وتأهيل العملاء المرتقبين وعرض المنتجات وإبرام الصفقة. وقد ظل الكثير من مندوبي المبيعات يتعلمون هذا الروتين ويطبقونه لعقود من الزمان. ويتطلب النموذج القائم على الاستهلاك عملية مختلفة. حيث يصبح "إبرام الصفقة" خطوة مؤقتة لأن العقد لن يحقق إيرادات كبيرة إلا إذا استخدم العميل الخدمة لاحقاً بكميات كبيرة. ويُستخدم مصطلح "نجاح العميل" للتعبير عن هذه الخطوة بعبارة أكثر رقة، وقد بدأ يهيمن على طريقة تفكير الشركات في البيع. وهو ما أوضحته الرئيسة التنفيذية للشؤون المالية بشركة "مايكروسوفت"، إيمي هود، حينما قالت: "إن نجاح العميل هو ما يهمنا أولاً وأخيراً في الشركات القائمة على الاستهلاك لأن نجاح العميل يتراكم بمرور الوقت".

ويستلزم تحقيق هذا النجاح (أي زيادة معدلات استخدام العملاء) أن يظل مندوبو المبيعات على تواصل بالعميل بعد توقيع العقد. فقد أصبحوا أشبه بمستشارين لعملائهم يساعدونهم على تطوير مهارتهم في استخدام التكنولوجيا المبيعة لهم (وإيجاد طرق جديدة لاستخدامها). ومن هنا، فإن النهج الجديد يوجب على مندوبي المبيعات امتلاك خبرة تقنية أكبر بكثير إلى جانب البراعة في بناء العلاقات. وقد لجأ الكثير من الشركات، بما في ذلك "مايكروسوفت"، إلى تدعيم البراعة التقنية لفرق المبيعات لديها من خلال إنشاء "فرق نجاح العملاء" و"فرق المبيعات التقنية" لتعزيز العمل الاستشاري بعد توقيع العميل على العقد. وتقدم الشركات دائماً خدمة ما بعد البيع باعتبارها جزءاً من تكلفة إتمام العمل التجاري، وتوضح هذه الوظائف الجديدة إلى أي مدى أصبحت هذه المهمة غير الجذابة جزءاً حيوياً من توليد الإيرادات.

غير أن زيادة الإيرادات ليست هي الفائدة الوحيدة لوجود مهندسين متخصصين في السحابة الإلكترونية وذوي مهارات عالية ضمن منظومة المبيعات. وتتمثل إحدى نتائج التحول من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات في توطيد أواصر العلاقة مع العملاء واستمراريتها. يمنح ذلك فرق المبيعات رؤى أعمق وأكثر غزارة حول نقاط ضعف العملاء، والخصائص التي يمكن إضافتها للمنتج بحيث تضيف ميزات إضافية، والطرق الجديدة لاستخدام المنتجات. وتعتبر هذه الملاحظات ميزة كبيرة يمكن للشركات استغلالها لتحفيز الابتكار باعتبارها مصدراً للمعلومات نادراً ما كان يتم استغلاله في النموذج القديم الذي كان يوصّل للعميل رسالة مفادها: "إلى اللقاء بعد ثلاث سنوات".

ومن هنا، فإن النهج الجديد يوجب على مندوبي المبيعات امتلاك خبرة تقنية أكبر بكثير إلى جانب البراعة في بناء العلاقات.

الخطوة الثالثة:

استخدم أدوات إدارة فرق المبيعات لتمكين السلوك الصحيح

يعد وضع استراتيجية وتقسيم قاعدة العملاء وإنشاء الهيكل التنظيمي الصحيح من المتطلبات الضرورية لإنجاح عملية تحوّل وظيفة المبيعات. ويجب على مدراء المبيعات استخدام مجموعة الأدوات التي أسميها "أدوات إدارة فريق المبيعات" للتأثير على كيفية تفاعل مندوبي المبيعات مع العملاء والمستهدفات بصورة يومية، وذلك من خلال تعيين الأشخاص المناسبين وتدريبهم وإدارة أدائهم بشكل فاعل، وتعويضهم بطريقة تحقق التوافق بين حوافزهم من جهة واستراتيجية الشركة من جهة أخرى. كما يجب على المدراء أيضاً ترسيخ ثقافة الأداء والتعاون التي تعكس التغيير في الاستراتيجية.

التعيين

كانت الهندسة وظيفة داخلية في ظل النماذج القديمة، لكن نظراً لأن مهندسي السحابة أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من نجاح العملاء وفرق المبيعات التقنية، فيجب على مدراء التوظيف تحديد المتقدمين الذين يمتلكون المهارات التقنية والذكاء العاطفي للنجاح في وظيفة توجب عليهم التعامل مع العملاء وجهاً لوجه. يتطلب هذا أحياناً تجديد استراتيجية المواهب المطبقة في الشركة وتغييرها بصورة جذرية. وكانت شركة "كوالتريكس" (Qualtrics) المتخصصة في توفير أدوات استقصاء الآراء عبر الإنترنت، ومقرها في ولاية يوتا، قد لجأت إلى توظيف خريجين حديثي التخرج في جامعة بريغام يونغ القريبة وإلحاقهم ببرنامج تدريبي على المبيعات. وعندما تحولت إلى نموذج "البرمجيات كخدمة" وبدأت في بيع حلول أكثر تطوراً لعملائها من المؤسسات الكبرى، اضطرت إلى توظيف مندوبي مبيعات متمرسين يملكون مزيجاً مناسباً من المهارات.

وعادة ما تتخوف الشركات من عدم قدرة موظفيها المتخصصين في الشؤون التقنية على التكيف بما يكفي للتعامل المباشر مع العملاء. لكن المشكلة الأساسية تكمن في مندوبي المبيعات الذين يكافحون غالباً لإتقان المتطلبات المتزايدة لوظيفتهم التقنية. يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة "مايكروسوفت": "بات من الضروري والحتمي فصل الموظفين الذين لا يستطيعون تطبيق نموذج المبيعات الجديد أو لا يرغبون في تطبيقه. إنه قرار قيادي".

التعويضات

تنفق الشركات حوالي 200 مليار دولار سنوياً على بند التعويضات في أقسام المبيعات (وهو ما يوازي المبلغ نفسه الذي تنفقه على الإعلانات) لسبب بسيط، وهو أن خطط التعويضات حسنة التصميم تؤدي إلى تحسين سلوك مندوبي المبيعات بشكل كبير. ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المبالغ في نماذج الخدمات، يجب على الشركات ربط الحصص بالفائدة المتحققة، كاستهلاك المواد المتاحة على السحابة الإلكترونية، مثلاً. وعلى هذا الأساس، يجب أن تكون خطط الدفع أكثر تمايزاً لأن أدوار المبيعات باتت متمايزة هي الأخرى. ففي "مايكروسوفت"، على سبيل المثال، يرتبط نجاح العميل وقيمة حوافز مندوبي المبيعات التقنيين ارتباطاً وثيقاً بالاستهلاك، بينما لا يزال مندوبو المبيعات الميدانيون التقليديون يتلقون حوافزهم على أساس عدد الصفقات المبرمة. ولا يزال أيضاً تحديد عدد مرات إعادة تعيين الحصص وإيجاد النسبة الصحيحة بين الأجور الثابتة والمتغيرة من القضايا التي يجب على المدراء أخذها في الاعتبار. (للتعرف على أفضل الممارسات في هذا السياق، راجع مقالتي في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" لعام 2015 "كيفية تحفيز مندوبي المبيعات بالطريقة السليمة" (How to Really Motivate Salespeople)).

لا يحب معظمنا التغيير، ومندوبو المبيعات ليسوا استثناءً من هذه القاعدة، وسيفضلون الوضع الراهن ما لم توفر لهم مزايا مغرية تحببهم في التغيير. لذا، يجب على الشركة تحسين نموذج التعويضات المطبَّق فيها لمنح مندوبي المبيعات الحافز لتغيير سلوكهم بحيث يتماشى مع استراتيجية المبيعات الجديدة للشركة. أما الشركات التي تعجز عن إعادة صياغة خطط الأجور والمكافآت بصورة ملائمة خلال تحولها إلى بيع الخدمات فستشهد تراجعاً ملموساً في حافز فرق المبيعات والجهد المبذول من أفرادها.

التدريب وإدارة الأداء

أثبت البحث الذي أجراه توماس ستينبرغ ومايكل أهيرن أن معظم الدورات التدريبية على المبيعات تركز في الأساس على العروض التقديمية للمنتج ولا تهتم بدرجة كافية بتقديم الاستشارات وحل المشاكل وإجراء دراسات الحالة حول نجاح العملاء الآخرين في استخدام المنتج. تزداد أهمية هذه الجوانب التدريبية في نماذج المبيعات القائمة على الاستهلاك لأن الواجهة الخلفية لعملية المبيعات (بعد إتمامها) تسهم بنصيب الأسد في الإيرادات. ويجب أن يمتلك مندوبو المبيعات كل المهارات اللازمة لتحديد إمكانات استخدام السحابة وإطلاع العملاء على كيفية تحقيق قيمة مضافة باستخدام الخدمة. وتعتبر هذه النوعية من التدريبات أكثر تعقيداً من تدريب مندوبي المبيعات على كيفية مواجهة الاعتراضات أو إتمام عمليات البيع.

وأستطيع أن أقول من واقع خبرتي في تقديم المشورة لمؤسسات المبيعات إن المشكلة الأكثر شيوعاً في كل البرامج التدريبية التي شهدتها هي أن المدراء المثقلين بالواجبات الإدارية لا يقضون وقتاً كافياً مع مندوبي المبيعات في الميدان لمراقبة أدائهم. ويجب على المدراء أن يدركوا أن مطالبة مندوبي المبيعات بتحمل مسؤولية استخدام العميل لمنتجات الشركة بعد إتمام الصفقة يتطلب تحولاً جذرياً في أسلوب أدائهم لمهمات وظائفهم. ومن شأن وجود المدير بجانب المدرب وتقديم الملاحظات في خضم هذا التغيير أن يزيد من احتمالات النجاح بكل تأكيد.

الثقافة

هناك مقولة متداولة في أوساط قطاع الأعمال تنص على ما يلي: "الثقافة تأكل الاستراتيجية على الإفطار". ويجب على القادة أن يتذكروا أن الثقافة تعمل عادةً ضد أي تحول في استراتيجية الإدارة لأن الإنسان يميل بطبعه إلى النفور من التغيير. وهو ما ينطبق بكل تأكيد على أي محاولات قد تُقدِم عليها الشركات للانتقال من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات. فمن الصعوبة بمكان تغيير القواعد المستقرة والمستخدمة في توجيه السلوك اليومي، وبالإضافة إلى استخدام أدوات التوظيف والتعويضات والتدريب، يجب على المدراء بذل قصارى جهدهم لتغيير العقلية الأساسية للموظفين.

وقد شدّد ناديلا في شركة "مايكروسوفت" على عقلية النمو المستوحاة من كتاب كارول دويك بعنوان "العقلية: علم النفس الجديد للنجاح" (Mindset: The New Psychology of Success). وركزت عملية التحوّل على خلق بيئة تعليمية ديناميكية، بيئة تحول فيها فريق المبيعات من ثقافة "ادعاء المعرفة" إلى ثقافة "الترحيب بتعلم كل جديد" بمساعدة الآخرين. كما تم التوصل إلى تصور يقتضي وضع صيغة جديدة لرسالة الشركة تعكس الثقافة الجديدة. فقد ظل هدف "مايكروسوفت" لعقود من الزمن هو وضع "جهاز كمبيوتر في كل مكتب وفي كل منزل". وتحول تركيز الشركة تحت إدارة ناديلا من المنتج نفسه إلى مساعدة الناس على استخدامه، وصولاً إلى: "تمكين كل شخص وكل مؤسسة على هذا الكوكب من تحقيق المزيد من النجاحات".

عند طرح عروض جديدة، يجب أن تحدّد الشركة أولاً معاناة العملاء المحتملين. عندها فقط يمكنها تقرير ما إذا كانت معاناة العملاء كافية لجعل عرض القيمة المطروح من قِبَل الشركة ذا جدوى اقتصادية. هذه الحسابات مهمة، لكنها ليست كافية لتحقيق ربح مستدام، إذ يجب على الشركة أيضاً أن تجد استراتيجية المبيعات الملائمة للابتكار بطريقة تلفت انتباه العملاء.

ومع ازدياد إقبال المؤسسات على تغيير استراتيجية مبيعاتها والاعتماد على التسعير المستند إلى الاستهلاك ونماذج البرمجيات كخدمة، يجب أن تدرك مدى تعقيد التحوّل من بيع المنتجات إلى بيع الخدمات. ويجب أن تعلم أنها بهذه الخطوة ستبدّل كل المتغيرات في صيغة "المادة المبيعة وأسلوب البيع ونوعية العميل". ولزيادة احتمالات نجاحها، يجب أن تكون الشركات مستعدة لإعادة النظر في إدارة مبيعاتها واستراتيجيتها بالطريقة نفسها التي تعيد بها هندسة منتجاتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي