رصد الاتجاه العام لاستخدام الأجهزة الشخصية في العمل

4 دقائق
استخدام الأجهزة الشخصية في العمل

على مدى السنوات الخمس الماضية تقريباً، كانت إحدى النقاشات الرئيسية في عالم تقنية معلومات الشركات حول استخدام الأجهزة الشخصية في العمل (أو ما يسمى بحركة "إحضار الأجهزة الشخصية"، التي يرمز لها اختصاراً "بي واي أو" (BYO)). ولقد بحثتُ شخصياً في حركة "بي واي أو" للاطلاع على السياسات الرسمية والممارسات الواقعية الخاصة بـ "بي واي أو دي" (BYOD)، التي تعني (إحضار هاتفك الشخصي)، و"بي واي أو بي سي" (BYOPC)، التي تعني (إحضار كمبيوترك الشخصي)، و"بي واي أو أي" (BYOA)، التي تعني (إحضار تطبيقك الخاص، بما في ذلك استخدام الخدمات السحابية العامة). واكتشفت أنه على الرغم من الركود الذي أصاب حركة "بي واي أو" بشكل عام، فقد تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في الاتجاه نحو هذه الحركة لدى جزء واحد من القوى العاملة، وهم الموظفون المتعاملون مع العملاء. علاوة على أنها ازدادت انتشاراً بين الموظفين ذوي الأداء الأفضل في هذه الفئة.

مبادرة "بي واي أو دي"

إذاً دعونا أولاً نلقِ نظرةً على المشهد العام لحركة "بي واي أو". فكما أوضحت في التقريرين الصادرين عن عامي (2014 و2015)، أنه قد لوحظ وجود مبادرة إحضار الهواتف الشخصية "بي واي أو دي" في أكثر من نصف الشركات التي شملتها الدراسة والبالغ عددها 300 شركة: سمحت 35% من المؤسسات رسمياً بهذه المبادرة، واكتفت 20% من المؤسسات بالاعتراف بوجودها دون السماح بها رسمياً. وفي الفترة نفسها، كانت مبادرة إحضار الكمبيوتر الشخصي "بي واي أو بي سي" حاضرةً في ثلث شركات العينة المدروسة رغم أنها الأقل شيوعاً، فقد سمحت 15% من الشركات بها رسمياً.

أما بالنسبة لمبادرة إحضار تطبيقك الخاص "بي واي أو أي" فقد أشارت إلى نمط مختلف. إذ لوحظ وجودها لدى أكثر من نصف الشركات في عام 2013، كما سمحت بها 20% من الشركات رسمياً، ولكن هذين الرقمين انخفضا بعد عام واحد، فبحلول عام 2014 كانت نسبة الشركات التي أقرت بوجود هذه المبادرة الثلث فقط، كما لم تسمح بها رسمياً سوى 7% من الشركات. وعلى هذا، فإن الشركات تبدو على استعداد متزايد للسماح للموظفين باستخدام أجهزتهم الخاصة، ولكنها بدأت تقاوم استخدامهم التطبيقات غير التابعة للشركات إضافة إلى الخدمات السحابية المتاحة للعموم. ويعود جزء من هذا التحول إلى توفر حلول التخزين السحابية البديلة لدى الشركة.

ولكن أظهرت الدراسات الاستقصائية أن الظروف كانت مختلفة بالنسبة للموظفين المتعاملين مع العملاء في المؤسسة. فغالباً ما يشعر العديد من الموظفين المتعاملين مع العملاء بأنهم أقرب إلى العملاء من مؤسستهم الخاصة؛ فهم يقضون معظم يومهم معهم وخدمتهم هي الرسالة التي يعملون على تحقيقها. إضافة إلى تعرضهم لضغوط شديدة بغية تقديم خدمة جيدة وفعالة للعملاء. فعليهم أن يكونوا بالسرعة والكفاءة المطلوبة، لذا تجدهم على استعداد لاستخدام أي معلومة أو مورد متاح بين أيديهم. فإذا وجدوا أي طريق مختصر يتيح لهم الالتفاف حول السياسة الرسمية ليتمكنوا من تقديم أفضل الخدمات، فلن يترددوا باختياره.

علاوة على ذلك، نجد بعض الموظفين المتعاملين مع العملاء يلجؤون إلى مبادرة "بي واي أو" أكثر من غيرهم. فقد صرحت 4% فقط من المؤسسات بأنه كان من "السهل للغاية" على الموظفين المتعاملين مع العملاء العثور على المعلومات التي يحتاجونها، وتقديم الخدمات السريعة، إضافة إلى التعاون مع عملائهم وزملائهم، والحصول على تجربة عمل سلسة وفعالة بشكل عام. وهنا كانت ممارسات "بي واي أو" مرتفعةً للغاية في أوساط هذه المجموعة خلال السنتين الماضيتين.

ولكن من المثير للاهتمام انخفاض معدلات الاستخدام "المسموح به رسمياً"، حيث تعتبر الزيادة في الاستخدام غير الرسمي هي المسؤولة عن ارتفاع المعدل الإجمالي لهذه الحركة:

  • ارتفعت النسبة المسجلة لمبادرة "بي واي أو دي" من 80% إلى 90% في المجمل، على الرغم من هبوط نسبة الاستخدام "المسموح به رسمياً" نحو 18 نقطة مئوية.
  • كما شهدنا انفجاراً فعلياً في معدل استخدام "بي واي أو بي سي"، حيث تضاعف تقريباً، فقد ارتفعت النسبة من 44% إلى 80% وذلك بين عامي 2013 و2014، وكان لهذه القفزة في الاستخدام غير الرسمي الفضل في إحداث هذا الفرق الكبير.
  • في حين انخفض معدل استخدام "بي واي أو أي" من 70% إلى 60% بشكل عام، وهنا نلاحظ أن الاستخدام غير الرسمي قد احتل أغلب تلك النسبة تقريباً، وتعد هذه قفزة كبيرة، فقد حاز الاستخدام غير الرسمي جزءاً يسيراً من النسبة المسجلة لهذه الفئة في العام السابق.

النتائج

إذا ما لاحظت الفرق الشاسع بين الأرقام الإجمالية العامة والأرقام الخاصة بأهم الموظفين المتعاملين مع العملاء، فقد تتساءل عما إذا كان هؤلاء الموظفون يعملون في مؤسسات صغيرة نسبياً، تلك التي تنتمي إلى القطاعات غير المنظمة، حيث يتاح للموظفين حرية اختيار أسلوب عملهم. ولكن ذلك غير صحيح. إذ تتراوح أعمار الشركات في هذه الفئة بين 5 و100 سنة، علماً أن حجم القوى العاملة لديها يتراوح من 500 إلى 100,000 شخص، كما تقع المقرات الرئيسية لتلك الشركات في أستراليا، والدنمارك، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ونيوزيلندا. إضافة إلى ذلك، تعمل تلك الشركات في قطاعات مختلفة، بما في ذلك المصارف، وقطاع البناء أو الهندسة، والقطاع الاستهلاكي أو التجزئة، والقطاع الحكومي، وقطاع الخدمات المهنية، وقطاع المعدات العلمية والتقنية، وقطاع (التكنولوجيا والإعلام والاتصالات).

ولكن ثمة ميزة مشتركة بين جميع تلك المؤسسات ألا وهي سلوكها تجاه التعاون والتواصل الاجتماعي، داخل الشركة وخارجها على حد سواء. حيث تتميز النخبة التي تشكل 4% من تلك المؤسسات بتعاونها الواسع النطاق، حتى مع العملاء، كما تمتاز بأريحية التعامل على الشبكات الاجتماعية على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وفي المقابل، تبدو الهوة سحيقة بين هذه النخبة وبقية أفراد العينة موضوع الدراسة الاستقصائية، حتى إنني قررت النظر في مجموعة وسيطة، وهي الشركات التي قالت إن العمل مع العملاء كان "سهلاً" بدلاً من "سهلاً للغاية". وبالفعل لمست ارتفاعاً في درجة التعاون والاندماج الاجتماعي المسجلة لدى الشركات في هذه المجموعة الوسيطة عن المعدل المتوسط المسجل في الدراسة، ولكن لا تزال تلك النسبة منخفضة جداً مقارنةً بمجموعة النخبة.

فقد أفاد 30% من المجموعة العليا بأن التعاون "جزء لا يتجزأ من طريقتنا في العمل" (مقابل %15 من المجموعة الثانية). ويمتد هذا الاختلاف ليشمل نوعاً آخر من التعاون ألا وهو التعاون مع العملاء: فلقد تشاطر 90% من المجموعة الأولى مساحات تعاون مشتركة مع العملاء (مقابل %60 من المجموعة الثانية). وينطبق هذا أيضاً على سلوك الشركة عبر شبكات التواصل الاجتماعية الخارجية: أفادت 50% من شركات المجموعة الأولى (مقابل %30 من شركات المجموعة الثانية) بأنها تشجع الموظفين على استخدام علاقاتهم لتحفيز العلاقات التجارية المحتملة، كما أفادت 60% من شركات المجموعة الأولى (مقابل %40 من شركات المجموعة الثانية) بأنها تشجع الموظفين على المشاركة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي العامة.

إن العلاقة الترابطية بين أعلى مستويات التعاون والتواصل الاجتماعي من جهة، والنسبة المرتفعة لممارسات حركة "بي واي أو" التي شاهدناها لدى أفضل مجموعات الموظفين المتعاملين مع العملاء، ليست مفاجئة خاصةً بالنسبة لمبادرة إحضار تطبيقك الخاص "بي واي أو أي"، التي عادةً ما تمارس كفريق أو ضمن مجتمع، حتى لو أنها بدأت مع شخص واحد فقط. ذلك لأنه سرعان ما سينضم الآخرون لهذا السلوك بناءً على نفس السبب الذي دفع الشخص الأول إلى اللجوء لهذه المبادرة، وهو الحاجة إلى العمل مع الآخرين بطريقة سلسة، سواء كان ذلك داخل جدار الحماية الذي تفرضه الشركة على بياناتها أو خارجه. وفي نهاية المطاف حول موضوع استخدام الأجهزة الشخصية في العمل سوف يأتي اليوم الذي تصبح فيه هذا الممارسة متاحةً أمام الجميع، وكلما تحقق ذلك بصورة أسرع كان ذلك أفضل بالنسبة للشركات والعملاء على حد سواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي