ملخص: غالباً ما توظف الشركات النوع نفسه من الموظفين مراراً وتكراراً. فالتفكير السائد هو أنه إذا كان الموظف "س" يعمل بشكل رائع وينسجم الجميع معه، فإن الشيء الذكي الذي يجب فعله هو توظيف المزيد من الأشخاص المماثلين لهذا الموظف تماماً. ولكن هل هذا التفكير صائب أم أن بناء فرق متنوعة هو الأفضل لفرق العمل؟ تؤدي طريقة التفكير هذه إلى بحث مدراء التوظيف عن مرشحين مماثلين تماماً لقوتهم العاملة الحالية. تجدهم يبحثون عن مرشحين يمتلكون الخلفية التعليمية ومجموعات المهارات نفسها، وسيحصلون عليهم من القائمة المحدودة نفسها من الشركات، وسيبحثون عن سمات شخصية مماثلة في أثناء المقابلات. ودون أن تشعر سينتهي بك الأمر بتوظيف طاقم كامل متماثل تقريباً في مظهره وتفكيره، وإلى حد ما، في تصرفاته أيضاً. وهذا لا يؤدي فقط إلى الحد من التنوع في الفكر (من بين جوانب أخرى من التنوع)، ولكنه يمكن أيضاً أن يمنع الشركة من إدراك إمكاناتها الحقيقية. فوجهات النظر الجديدة ضرورية لطرح أفكار جديدة وجريئة، وتحدي التفكير الداخلي القائم منذ أمد طويل، وتوفير تمثيل داخلي أكثر شمولاً لقاعدة العملاء.
إذا حقق شيء ما النتائج التي نرجوها ولو مرة واحدة، سنميل بطبيعتنا البشرية إلى فعل الشيء نفسه مرة أخرى. فنحن نحب الروتين بشكل عام. فكر في عدد المرات التي ذهبت فيها إلى المقهى القريب منك وطلبت المشروب نفسه في كل مرة. فبمجرد عثورك على مزيج المكونات الذي تستمتع بمذاقه في فمك، ستختار التمسك به.
أهمية تنوع الفكر
في مجال الأعمال، غالباً ما تعني عقلية "التمسك بما تعرفه" أن توظف الشركات النوع نفسه من الموظفين مراراً وتكراراً. فغالباً ما يكون التفكير السائد هو أنه إذا كان الموظف "س" يعمل بشكل رائع وينسجم الجميع معه، فإن الشيء الذكي الذي يجب فعله هو توظيف المزيد من الأشخاص المماثلين لهذا الموظف الحالي تماماً. ولكن تؤدي طريقة التفكير هذه إلى بحث مدراء التوظيف عن مرشحين مماثلين تماماً لقوتهم العاملة الحالية. تجدهم يبحثون عن مرشحين يمتلكون الخلفية التعليمية ومجموعات المهارات نفسها، وسيحصلون عليهم من القائمة المحدودة نفسها من الشركات، وسيبحثون عن سمات شخصية مماثلة في أثناء المقابلات. ودون أن تشعر سينتهي بك الأمر بتوظيف طاقم كامل متماثل تقريباً في مظهره وتفكيره، وإلى حد ما، في تصرفاته أيضاً.
وهذا لا يؤدي فقط إلى الحد من التنوع في الفكر (من بين جوانب أخرى من التنوع)، ولكنه يمكن أيضاً أن يمنع الشركة من إدراك إمكاناتها الحقيقية. فوجهات النظر الجديدة ضرورية لطرح أفكار جديدة وجريئة، وتحدي التفكير الداخلي القائم منذ أمد طويل، وتوفير تمثيل داخلي أكثر شمولاً لقاعدة العملاء. ذكر الصحفي ريك باورز في مقالته "أهمية تنوع الفكر"، أن الأفكار العظيمة تأتي من وجهات نظر فريدة. فالتفكير الآمن لن يغير العالم، لكن التفكير المتنوع يمكنه ذلك. فكر في تأثير اختراعات مثل "آي بود" (iPod) أو الهاتف الذكي. فقد نشأت مثل هذه الأفكار الرائعة من فِرق على استعداد لتحدي الوضع الراهن، وتجربة أشياء غير مجربة، وربما حتى الفشل قبل تحقيق نجاح كبير. تقول معظم الشركات إنها تريد أن يكون موظفوها مفكرين نشطين وأن يزودوا الشركة بأفكار جديدة وعظيمة. وما لا تدركه معظم الشركات هو أنه لكي يحدث هذا في الواقع، فهي بحاجة إلى مشاركة مجموعة متنوعة من الأشخاص في المحادثة.
هناك العديد من الجوانب المختلفة للتنوع. كما ذكرت أعلاه، يُعد تنوع الفكر عاملاً رئيسياً في بناء فِرق ناجحة. كما يجب أيضاً أن يكون التنوع العِرقي والجنساني والجغرافي وغيره من أنواع التنوع، متضمناً في ممارسات التوظيف في الشركات. ذكرت آنا باورز في مقالة نشرت في مجلة "فوربس" (Forbes) عام 2018 أن دراسة أجرتها "بوسطن كونسلتينغ جروب" (BCG) أظهرت أن التنوع يزيد الربح الإجمالي للشركات. وأظهرت الدراسة أيضاً أن "زيادة التنوع في فِرق القيادة يؤدي إلى ابتكارات أكثر وأفضل وتحسين الأداء المالي". عادة ما تفتقر الشركات، لاسيما ضمن المناصب الإدارية، إلى التنوع العِرقي الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحقيق نتائج مالية أفضل، وفريق قيادة أكثر تمثيلاً لموظفيه المبتدئين والمجتمعات التي يخدمها، وزيادة التفكير الاستراتيجي الإبداعي.
أعلنت شركات عديدة في عام 2020 التزامها بتوظيف عدد أكبر من الأشخاص من خلفيات عرقية متنوعة. على سبيل المثال، وعدت شركة "أديداس" (Adidas) أنه خلال السنوات الخمس المقبلة سيتم شغل 30% على الأقل من جميع المناصب الشاغرة بمرشحين متنوعين. وبالمثل، وعدت شركة "جوجل" أنه بحلول عام 2025 سيتم شغل 30% من المناصب القيادية بأشخاص ينتمون إلى الفئات غير الممثلة تمثيلاً كاملاً. بالإضافة إلى ذلك، في أغسطس/آب الماضي تعهدت أكثر من 25 شركة، مثل "جيه بي مورغان تشيس" (JP Morgan Chase) و"أمازون"، بتوظيف 100 ألف شخص من مجتمعات مختلفة من محدودي الدخل بحلول عام 2030. هذه التعهدات رائعة، ولكن طال انتظارها. لذا، هناك حاجة إلى التزامات أوسع نطاقاً لزيادة التنوع العِرقي في الشركات.
دروس مستقاة من بناء الفرق المتنوعة
قضيت 20 عاماً من مسيرتي المهنية في بناء فِرق متنوعة في شركات مثل "كابيتال وان" (Capital One) و"سكوير" (Square). ويُعد فريق القيادة العليا الذي ساعدت في بنائه في شركة "سكوير" متنوعاً بنسبة تزيد على 50%، وفي "كابيتال وان" 80% من الموظفين ذوي البشرة غير البيضاء والنساء. لدي تأثير كبير في شركة "سكوير"، حيث أقود الجهود الرامية إلى تحقيق التنوع بالتعاون مع فريق الشمول والتنوع. فيما يلي بعض الدروس التي تعلمتها في أثناء عملي في بناء فِرق متنوعة:
1- اعلم أن الأمر يبدأ من المناصب العليا. قد يكون من الصعب، وليس من المستحيل، أن تكتسب مبادرات التنوع زخماً دون إعراب أصحاب المناصب التنفيذية العليا عن التزامهم بها. فإذا كان كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة ما لا ينظرون إلى افتقارهم إلى التنوع على أنه مشكلة كأي مشكلة أخرى في العمل، ولا يطالبون الجهات الفاعلة الرئيسية بالتركيز على حل هذه المشكلة، فمن غير المرجح أن يتم اتخاذ الكثير من الإجراءات على مستوى المؤسسة. خلاصة القول هي أن ما يعلن رئيسك التنفيذي أنه مهم هو ما سيركز عليه الآخرون.
2- أعلن عن معايير أو أهداف طموحة. لا يمكنك الاكتفاء بتمني أن تتحسن الأرقام المتعلقة بمستوى التنوع في الشركة. إذ يجب أن يلتزم مدراء التوظيف وفِرق التوظيف بمعايير أو أهداف طموحة محددة من شأنها أن تساعد في تحقيق النتائج المرجوة. على سبيل المثال، فكر في اشتراط أن تُجرى نسبة مئوية معينة من جميع مقابلات التوظيف مع مرشحين مؤهلين ينتمون إلى فئات غير ممثلة تمثيلاً كاملاً.
3- اجعل الفريق المسؤول عن إجراء المقابلات متنوعاً. أشارت بعض الدراسات إلى أن مدراء التوظيف يميلون إلى توظيف أشخاص يشبهونهم. إذ إن عقلنا الباطن يجعلنا نرغب في أن نكون محاطين بأشخاص يمكننا التعرف عليهم بسهولة. وبالإضافة إلى اشتراط أن يُكمل كل شخص لديه سلطة متعلقة بالتوظيف التدريب المتعلق بالانحياز اللا إرادي، ينبغي لك أيضاً التأكد من أن الفريق المختص بإجراء المقابلات متنوع، بهدف الحد من التوظيف المتحيز لفئة معينة.
4- راجع المتطلبات التي تدرجها في التوصيف الوظيفي. إعادة التفكير في بعض المتطلبات التي تصنفها على أنها إلزامية، والتخفيف منها في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي إلى وجود مجموعة أكبر من المرشحين المؤهلين من خلفيات متنوعة. على سبيل المثال، فكر في إعادة تقييم ما إذا كانت الشهادة الجامعية ضرورية حقاً لأدوار وظيفية معينة. إذا كان بإمكانك قبول النتائج المبهرة في تقييمات التفكير النقدي بوصفها بديلاً عن عدد سنوات الخبرة المطلوبة في العمل، وإذا كانت برامج إعداد الموظفين الجدد والتدريب عالية الجودة، فسيتيح لك ذلك استثمار قوتك العاملة وتنمية مهاراتها بمرور الوقت.
تحتاج الشركات التي ترغب في النجاح والازدهار في المستقبل إلى بناء فرق متنوعة وبناء قوة عمل للمستقبل، وليس مجرد نسخة من قوة العمل التي كانت لديها في الماضي.