ملخص: الكيفية التي تصوغ بها مشكلتك يمكن أن تؤثر على كيفية حلها. ولذلك فإن الكلمات التي تختارها لوصف المشكلة مهمة للغاية. في الواقع، إذا كنت تكافح لإيجاد حلول فعالة، فربما تحتاج إلى إعادة صياغة المشكلة. على وجه التحديد، اسأل نفسك سؤالين: أولاً، ما هو الموضوع؟ فبيان المشكلة الذي يركز على الموظفين سيؤدي إلى التوصل إلى حلول مختلفة عن البيان الذي يركز على المشاريع أو الدولارات. ثانياً، كيف تقيس المشكلة؟ سيكون للمقياس الذي تستخدمه لتعريف النجاح أو الفشل تأثير كبير على الحلول التي تتوصل إليها. لذلك في المرة القادمة التي تواجه فيها مشكلة ولا تجد لها حلاً، حاول إعادة كتابة البيان. فمن المحتمل أن يؤدي التغيير البسيط في الكلمات إلى تغيير كبير في نظرتك للأمور.
يؤكد الخبراء في حل المشكلات على أهمية فهم المشكلة بعمق قبل تطبيق تدابير مضادة. ويستشهد الكثيرون بمبدأ المخترع تشارلز كيترينغ القائل بأن "صياغة المشكلة بشكل جيد يجعلها مشكلة نصف محلولة". ولكن ما هي المشكلة "جيدة الصياغة" على وجه التحديد؟ كتبت من قبل عن بعض الأخطاء الواضحة التي يجب تجنبها، مثل صياغة حل في شكل مشكلة والاعتماد على العموميات بدلاً من التفاصيل.
إذا كنت لا تزال تكافح من أجل إيجاد حلول فعالة، فربما تحتاج إلى تغيير طريقة صياغتك للمشكلة. فاختيار الكلمات مهم. وعلى وجه التحديد، يجب أن تنتبه جيداً إلى كيفية صياغة موضوع بيان المشكلة، والطريقة التي تقيس بها المشكلة.
بصفتي أستاذاً جامعياً متخصصاً في اللغة الإنجليزية ومدرساً سابقاً للغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية، فأنا أميل إلى التركيز على قوة اللغة. لكن هذا الأمر ليس متعلقاً بالجدال حول علم دلالة الألفاظ. سيحدد هذان الاعتباران مسار الطريقة التي ستحل بها المشكلة. إذ يمكن أن يؤدي إجراء تغيير بسيط في الموضوع أو طريقة القياس إلى مجموعة مختلفة تماماً من التدابير المضادة، تماماً كما يمكن أن يؤدي إجراء تغيير بسيط في الزاوية إلى إرسال قمر صناعي إلى الفضاء الخارجي بدلاً من المدار المحدد له.
ما هو الموضوع؟
كان القادة في إحدى الشركات التي عملت معها يشعرون بالإحباط منذ فترة طويلة بسبب عدم إحراز تقدم في خلق ثقافة التحسين المستمر. يشارك العديد من الموظفين في برنامج الحزام الأخضر ضمن منهجية "6 سيغما" (Six Sigma) بالشركة، وينجزون مشروعاً واحداً، لكن حوالي 1% منهم فقط ينفذون مشروعاً آخر للحصول على شهادة الحزام الأصفر.
إذاً، كيف ينبغي لقادة الشركة صياغة المشكلة؟ انظر في هذه البيانات الثلاثة للمشكلة:
- %1 فقط من الحاصلين على شهادة الحزام الأخضر ينجزون مشروعاً آخر.
- لا يعزز المدراء ثقافة التحسين المستمر.
- تكمل شركتنا 10 مشاريع فقط للحصول على الحزام الأصفر أو الأسود كل عام.
تعبر البيانات الثلاثة عن المشكلة الأساسية نفسها التي تؤثر على الشركة؛ فهي لا تنطوي على العديد من مشاريع التحسين كما يريد فريق القيادة، ولكن صياغة كل منها تحدث فرقاً مهماً في كيفية تعاملك مع المشكلة.
يركز بيان المشكلة الأول على الموظفين الحاصلين على شهادة الحزام الأخضر، فنحن نتناول دوافعهم وخياراتهم. ويركز بيان المشكلة الثاني على المدراء، ما يدفعنا إلى النظر في الكيفية التي يتخذ بها المدراء قرارات بشأن ما يجب فعله في أقسامهم. أما البيان الثالث فيركز على الشركة ككل؛ الأشياء التي مُنحت درجة عالية من الأولوية، وكيفية تخصيص الموارد، ونوع العمل الذي يتم تقديره والمكافأة عليه.
يؤدي التحول في التركيز إلى اتخاذ أنواع مختلفة من التدابير المضادة. فإذا ركزت على الموظفين، على سبيل المثال، قد تغير نُظم تقييم الأداء والتعويضات لتشجيعهم على تولي المزيد من المشاريع. وإذا ركزت على المدراء فيمكنك تدريبهم على توفير وقت لفريقهم للاضطلاع بعمل إضافي لا يرتبط مباشرة بمسؤولياتهم الأساسية. أما إذا كنت تركز على الشركة، فمن المحتمل أن نجعل الرئيسة التنفيذية تعيد النظر في مقدار الوقت الذي تتوقع أن يقضيه الموظفون في التحسين ووضع مؤشر رئيسي للأداء لدعم إكمال المشاريع وتسليط الضوء على المشاريع التي أُنجزت بنجاح والإشادة بها.
كيف تقيس المشكلة؟
لنفترض أن المشكلة التي تتعامل معها مشابهة للمثال أعلاه: شركتك لا تبتكر بما فيه الكفاية. فيما يلي 3 طرق يمكن من خلالها توضيح المشكلة:
- لسنا مبتكرين مثل منافسينا.
- نطرح منتجاً أو خدمة واحدة جديدة فقط في السوق كل عام.
- 5% فقط من إيراداتنا تأتي من المنتجات التي تم تطويرها في السنوات الثلاث الماضية.
بيان المشكلة الأول غامض وغير محدد بوضوح. ومع ذلك فهو يدفعك إلى التحقق من طريقة إجراء القياس. كيف تقيس الابتكار؟ وكيف يقيسه منافسوك؟ هل تقيس عدد المنتجات والخدمات الجديدة أو قيمتها أو عائداتها؟ إذا كنت تطرح منتجاً جديداً واحداً فقط في السوق كل عام، ولكنه دائماً ما يحقق نجاحاً، فهل لهذا أهمية؟ هل الجودة أهم من الكمية؟ وما هي المقاييس التي يستخدمها منافسوك؟
يدفعك بيان المشكلة الثاني إلى فحص العملية التي يتم من خلالها طرح الابتكارات في السوق بالإضافة إلى الثقافة المحيطة بالابتكار. كم عدد الأفكار الجديدة التي نظرت فيها اللجنة ثم رفضتها؟ ما هي المعايير المستخدمة لتحديد ما إذا كان يمكن، أو لا يمكن، طرح شيء جديد في السوق؟ هل يخشى الموظفون الفشل أم أن لديك بيئة تكافئ على المخاطرة؟ هل يحصل الموظفون على التقدير مقابل الابتكار (أو محاولة الابتكار)، أم أن الموظفين الأعلى مرتبة هم عادة الذين ينالون التقدير؟
أما البيان الثالث فيدفعك إلى التفكير في تسعير المنتجات والخدمات الجديدة والترويج لها والوضع الخاص بها. قد يكون محرك الابتكار في شركتك يعمل جيداً، لكن وظيفة المبيعات والتسويق تفتقر إلى المهارات والخبرة اللازمة للخروج بأي شيء جديد. كان فريق المبيعات في إحدى الشركات التي عملت معها غير قادر على الخروج بتصميمات جديدة. فقد كان يعتمد بشكل كبير على المنتجات القديمة التي يشعر براحة أكبر في بيعها، ونتيجة لذلك فإنه لا يمنح المنتجات الجديدة فرصة عادلة لإثبات وجودها في السوق.
لتوضيح الأمر، لا يوجد عيب في أي من طرق صياغة هذه المشكلات؛ فجميعها تخدم هدفاً، ولكن من المهم إدراك أن الكلمات التي تختارها في صياغة المشكلة لها تأثير كبير على كل من مسار الجهود التي تبذلها لحل المشكلات والتدابير المضادة التي تتخذها. لذلك في المرة القادمة التي تواجه فيها مشكلة وتجد صعوبة في إيجاد حل لها، حاول إعادة كتابة بيان المشكلة إما عن طريق تغيير الموضوع أو تغيير طريقة قياس المشكلة؛ فمن المحتمل أن يؤدي هذا التغيير البسيط في الكلمات إلى تغيير كبير في نظرتك للأمور.